الموت يتخفى في «سيدة الفجر»

تعرض حالياً في «الطليعة» وسط القاهرة

العرض المصري يبرز الموت في صورة بشرية (الصفحة الرسمية لمسرح الطليعة على فيسبوك)
العرض المصري يبرز الموت في صورة بشرية (الصفحة الرسمية لمسرح الطليعة على فيسبوك)
TT

الموت يتخفى في «سيدة الفجر»

العرض المصري يبرز الموت في صورة بشرية (الصفحة الرسمية لمسرح الطليعة على فيسبوك)
العرض المصري يبرز الموت في صورة بشرية (الصفحة الرسمية لمسرح الطليعة على فيسبوك)

يرتبط الموت في أذهان البشر بالدموع والخوف والرهبة، فهو مصيبة المصائب وقمة الأحزان، لكن ماذا لو كان الأمر غير ذلك؟ ماذا لو كان الموت نفسه كائناً يحمل شيئاً من المشاعر الإنسانية؟
العرض المسرحي «سيدة الفجر» الذي يقام حالياً على مسرح الطليعة بالعتبة (وسط القاهرة)، يسعى لاقتحام مثل هذه الأسئلة المحيرة التي تشغل بال الجميع منذ الأزل عبر نص مدهش مليء بالتشويق كتبه الإسباني أليخاندرو رودريغز ألفاريز المعروف بـأليخاندروا كاسونا (1903 - 1965) وأعدّه وأخرجه أسامة رؤوف.
ففي حين يتوافد المتفرجون إلى قاعة العرض، يفاجأون بأنّه لا توجد خشبة عرض، فالمكان هنا ينتمي إلى ما يعرف بـ«مسرح الغرفة»، حيث يتحطم الحاجز الوهمي بين الجمهور والممثلين ويوجد الطرفان في غرفة واحدة بلا فواصل أو حواجز، لم يبدأ العرض بعد، ومع ذلك ثمة موسيقى ذات إيقاعات جنائزية تصدح بقوة فيما تقف سيدة في منتصف العمر «جسدت شخصيتها نشوى إسماعيل» تتشح بالسواد وتدفن رأسها بين قدميها... يبدأ العرض فإذا بصوت ينادي بهمس: أماه، فترد الأم المكلومة: أنجلا... أين أنت يا أنجلا؟ يسمعها أبو الأم «مجدي شكري»، فيهرع إليها ويقول بصوت يعتصره الألم: «لقد فقدناها يا بنيتي، فلتحاولي النسيان لأنّ الحياة يجب أن تستمر».
تتوالى الأحداث لنعرف أنّ الأم الحزينة تشعر بالقهر ليس فقط لرحيل ابنتها، بل لأنّها لم تجد جثتها حيث غرقت في مياه النهر بتلك القرية، كان ذلك في اليوم الثالث من زواج «أنجيلا» الجميلة بـمارتن «مصطفى عبد الفتاح» الشاب الوسيم الشهير بقدراته في الفروسية وترويض الخيول. يحاول أحد الخدم في بيت تلك العائلة التخفيف عن صاحبة المنزل مذكراً إياها بأنّها إذا كانت قد فقدت ابنة فهو فقد سبعة أبناء، لا يلين قلب الأم فتقاطعه معترضة وتؤكد أنه فقد أبناءه في حادث بشع لكنّه يعرف على الأقل أين المقبرة التي تجمعهم، كما يعرف أنّهم تحت الأرض حيث ينبت الزهر والنبات، أما هي فقد فقدت ابنتها تحت الماء حيث لا يمكن أن تُدفن أو يُعثر عليها.
وقبيل الفجر، يشتد نباح الكلب في الحديقة الأمامية للبيت فجأة على نحو يؤكد أنّه رأى غريباً أو عابر سبيل. تظهر سيدة ترتدي قلنسوة بيضاء ومعطفاً أبيض. تعرض عليها صاحبة البيت العشاء والماء لكنّها ترفض شاكرة، مؤكدة أنّها لا تحتاج سوى الدفء الذي تلتمس شيئاً منه وهي تقف أمام نار المدفأة. حينها يدور حوار مطول بين الجد والزائرة الغامضة، يتذكر أنّها سبق له أن رآها عند وقوع بعض الحوادث المشؤومة مثل حادثة انفجار المنجم وحادثة التساقط الكثيف للثلوج على نحو غير مسبوق. هنا يدرك أنّ السيدة ليست سوى الموت نفسه متجسداً في هيئة أنثى، استناداً إلى فكرة أنّ لفظة «الموت» في اللغة الإسبانية مؤنثة وليست مذكرة. يفاجأ الجد بأنّ السيدة تشكو الوحدة والبرودة وأنّها كثيراً ما ضبطت نفسها وهي تكاد تتورط في المشاعر الإنسانية إلا أنّها تعود لأصلها في اللحظة الأخيرة! يسأل الجد: ما الذي أتى بك؟ تجيبه: مجرد إطلالة عابرة ولأخبرك أني سأعود بعد سبعة أقمار!
بعدها يعود «مارتن» وفي يده فتاة أنقذها من محاولة الانتحار غرقاً في مياه النهر، يعتني بها أهل البيت لتتحول بالتدريج وكأنّها بديل لأنجيلا. إنّها أديلا «راندا جمال» الفتاة الرقيقة التي توهب غرفة أنجيلا وفساتينها وقصات شعرها، يحبها «مارتن»، وحين ترفض مشاعره باعتبارها تخص «أنجيلا» يصارحها بأنّ الأخيرة خانته وهربت مع حبيبها في اليوم الثالث من الزواج، وليس صحيحاً أنّها غرقت في النهر، وعند اكتمال القمر السابع، أي بعد مرور سبعة أشهر، تعود أنجيلا للبيت وقد مر أربع سنوات على فرارها عانت في أثنائها كثيراً وتعرضت للإذلال على يد حبيبها المزعوم. لا تجد أحداً في المنزل، فالجميع ذهب للحفل الكبير في القرية، ولا يوجد سوى «سيدة الفجر»، التي تزف نبأ فقد الحياة لأنجيلا وكأنه بشارة ومناسبة سعيدة لينتهي العرض هنا.
العرض شديد التكثيف، يخلو من الترهل، يستولي على المتفرج بالكامل، وقد نجحت الممثلة «نشوى إسماعيل» في تجسيد شخصيتي أم أنجيلا وأنجيلا نفسها، كما أبدعت كل من وفاء عبده وبدور زاد ومي رضا وآية عبد الرحمن في تجسيد شخصيات زائرة الفجر ورفيقاتها اللواتي يتولين نقل من حان أجله إلى الضفة الأخرى من الوجود، كما ظهرت «راندا جمال» باعتبارها صانعة البهجة وسط جو قاتم يخيم عليه شبح الرحيل!
من جهته، يؤكد المخرج أسامه رؤوف، أنّ العمل يحمل رسالة مهمة تتمثل في أنّ الموت ليس بالضرورة نهاية كل شيء، فقد يكون بداية لأشياء أخرى جميلة، وليس معنى أنّه مجهول بالنسبة لنا أن يكون منطوياً على ما هو سيئ ومخيف. ويضيف لـ«الشرق الأوسط»، أنّه حاول إعطاء العرض نكهة تشويقية من خلال الإيقاع السريع والغموض والتوظيف المختلفين لمساحات الإظلام والإضاءة، فضلاً عن إبراز التحولات المفاجئة في الحبكة حتى لا يتسرب أدنى شعور بالملل إلى نفس المتفرج.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.