خليل زاد يحذر «طالبان» من السيطرة بالقوة على السلطة في أفغانستان

المبعوث الأميركي الخاص لأفغانستان زلماي خليل زاد (وسط) يأمل خلال حديثه مع مسؤولين دوليين في الدوحة أمس بإقناع قادة «طالبان» بالعودة إلى محادثات السلام (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي الخاص لأفغانستان زلماي خليل زاد (وسط) يأمل خلال حديثه مع مسؤولين دوليين في الدوحة أمس بإقناع قادة «طالبان» بالعودة إلى محادثات السلام (أ.ف.ب)
TT

خليل زاد يحذر «طالبان» من السيطرة بالقوة على السلطة في أفغانستان

المبعوث الأميركي الخاص لأفغانستان زلماي خليل زاد (وسط) يأمل خلال حديثه مع مسؤولين دوليين في الدوحة أمس بإقناع قادة «طالبان» بالعودة إلى محادثات السلام (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي الخاص لأفغانستان زلماي خليل زاد (وسط) يأمل خلال حديثه مع مسؤولين دوليين في الدوحة أمس بإقناع قادة «طالبان» بالعودة إلى محادثات السلام (أ.ف.ب)

حذر المبعوث الأميركي الخاص لأفغانستان زلماي خليل زاد، حركة «طالبان»، من أن أي حكومة تصل من خلال القوة إلى السلطة في كابول لن يجري الاعتراف بها دولياً. وتوجه المبعوث الأميركي إلى الدوحة، حيث تحتفظ «طالبان» بمكتب سياسي، لإبلاغ الحركة أن لا جدوى من السعي إلى تحقيق النصر في ساحة المعركة، لأن الاستيلاء العسكري على كابول سيضمن أنهم سيكونون منبوذين عالمياً. ويأمل خليل زاد هو وآخرون في إقناع قادة «طالبان» بالعودة إلى محادثات السلام مع الحكومة الأفغانية، بينما تنهي القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) انسحابها من البلاد. وتتمثل مهمة خليل زاد بقطر في «المساعدة في صياغة استجابة دولية مشتركة للوضع المتدهور بسرعة في أفغانستان»، وفقاً لبيان أصدرته وزارة الخارجية الأميركية، التي أوضحت أن خليل زاد يعتزم «الضغط على (طالبان) لوقف هجومها العسكري، والتفاوض على تسوية سياسية، وهي السبيل الوحيد للاستقرار والتنمية في أفغانستان». ووصفت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، المعركة، بأنها معركة يمكن للقادة السياسيين والعسكريين الأفغان أن يفوزوا بها أو يخسروا، ولم تظهر أي علامة على تصعيد الضربات الجوية على رغم مكاسب «طالبان» المتسارعة. وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون، جون كيربي، «عندما ننظر إلى الوراء، فإن الأمر يتعلق بالقيادة وما هي القيادة التي أظهرها الأفغان أم لا». وأضاف: «إنها بلادهم للدفاع الآن. إنه كفاحهم». يأتي هذا الكلام بعد السقوط السريع لعدد من المدن في أيدي الحركة. واستولت «طالبان» على خمسة من أصل 34 عاصمة إقليمية في البلاد في أقل من أسبوع. ويقاتل أعضاؤها الآن القوات الحكومية المدعومة من الغرب للسيطرة على العديد من المناطق الأخرى، بما في ذلك عسكر جاه في هلمند وقندهار وفرح في مقاطعات تحمل الأسماء نفسها. وبعد مهمة عسكرية غربية استمرت 20 عاماً وإنفاق مليارات الدولارات على التدريب ودعم القوات الأفغانية، يختلف كثيرون في تفسير سبب انهيار القوات النظامية، وهروب المئات من المعركة أحياناً. وتركز القتال إلى حد كبير على مجموعات صغيرة من قوات النخبة والقوات الجوية الأفغانية. وزاد نجاح هجوم «طالبان» الخاطف من إلحاح الحاجة إلى استئناف المحادثات المتوقفة منذ فترة طويلة، والتي يمكن أن تنهي القتال وتحرك أفغانستان، نحو إدارة انتقالية شاملة. وتأتي الضغوط الجديدة من خليل زاد في أعقاب إدانات من المجتمع الدولي وتحذير مماثل من الأمم المتحدة بأن حكومة «طالبان» التي يمكن أن تتولى السلطة بالقوة لن يتم الاعتراف بها. ويرفض المتمردون حتى الآن العودة إلى طاولة المفاوضات. في غضون ذلك، نشر الناطق باسم «طالبان» في الدوحة محمد نعيم، تسجيلاً على «تويتر» للقائد العسكري للحركة محمد يعقوب، يأمر فيها مقاتليه بعدم إلحاق الأذى بالقوات الأفغانية والمسؤولين الحكوميين في الأراضي التي يسيطرون عليها. وطلب يعقوب، وهو نجل زعيم «طالبان» الراحل الملا محمد عمر، من المقاتلين البقاء بعيداً عن منازل المسؤولين الحكوميين والأمنيين الذين فروا، وترك الأسواق مفتوحة وحماية أماكن العمل، بما في ذلك المصارف.
ولم يتضح على الفور ما إذا كان مقاتلو «طالبان» على الأرض سيستجيبون لتعليمات يعقوب. كانت هناك تقارير من المدنيين الذين فروا من «طالبان» تقدمت في المعاملة القاسية من قبل المتمردين، مثل إحراق المدارس وفرض قيود قمعية على النساء. كما وردت تقارير عن عمليات قتل انتقامية في المناطق التي سيطرت عليها «طالبان». وأعلن المتمردون مسؤوليتهم عن قتل ممثل كوميدي في جنوب قندهار، واغتيال المسؤول الإعلامي للحكومة في كابل، وتفجير استهدف القائم بأعمال وزير الدفاع بسم الله خان محمدي، وقتل ثمانية وجرح أكثر، علماً بأن الوزير لم يصب بأذى في الهجوم. كما أدى احتدام الحرب إلى زيادة عدد الضحايا المدنيين. وأفادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بأن موظفيها عالجوا أكثر من 4000 أفغاني هذا الشهر في 15 منشأة في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك في هلمند وقندهار، حيث تحاول الغارات الجوية الأفغانية والأميركية كبح جماح هجوم «طالبان». وقال رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في أفغانستان إيلوي فيليون، في بيان، «نرى منازل مدمرة، والطواقم الطبية والمرضى معرضون لخطر جسيم، والمستشفيات والبنية التحتية للكهرباء والمياه متضررة». وأضاف أن «استخدام الأسلحة المتفجرة في المدن له تأثير عشوائي على السكان». ليس أمام العديد من العائلات خيار سوى الفرار بحثاً عن مكان أكثر أماناً. هذا يجب أن يتوقف. بدأ تصاعد هجمات «طالبان» في أبريل (نيسان)، عندما أعلنت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي أنهما سينهيان وجودهما العسكري وإعادة آخر قواتهما إلى الوطن. وحددت القيادة المركزية الأميركية موعد 31 أغسطس (آب) الحالي كموعد نهائي للانسحاب، لكنها أكدت أن الانسحاب اكتمل بالفعل بنسبة 95 في المائة.



الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)

أطلق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، الأربعاء، نداء لجمع أكثر من 47 مليار دولار، لتوفير المساعدات الضرورية لنحو 190 مليون شخص خلال عام 2025، في وقتٍ تتنامى فيه الحاجات بسبب النزاعات والتغير المناخي.

وقال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، توم فليتشر، مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة عن العمل الإنساني لعام 2025»، إن الفئات الأكثر ضعفاً، بما في ذلك الأطفال والنساء والأشخاص ذوو الإعاقة والفقراء، يدفعون الثمن الأعلى «في عالم مشتعل».

سودانيون فارُّون من المعارك بمنطقة الجزيرة في مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)

وفي ظل النزاعات الدامية التي تشهدها مناطق عدة في العالم؛ خصوصاً غزة والسودان وأوكرانيا، والكلفة المتزايدة للتغير المناخي وظروف الطقس الحادة، تُقدِّر الأمم المتحدة أن 305 ملايين شخص في العالم سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية، العام المقبل.

أطفال يحملون أواني معدنية ويتزاحمون للحصول على الطعام من مطبخ يتبع الأعمال الخيرية في خان يونس بقطاع غزة (إ.ب.أ)

وأوضح «أوتشا»، في تقريره، أن التمويل المطلوب سيساعد الأمم المتحدة وشركاءها على دعم الناس في 33 دولة و9 مناطق تستضيف اللاجئين.

وقال فليتشر: «نتعامل حالياً مع أزمات متعددة... والفئات الأكثر ضعفاً في العالم هم الذين يدفعون الثمن»، مشيراً إلى أن اتساع الهوة على صعيد المساواة، إضافة إلى تداعيات النزاعات والتغير المناخي، كل ذلك أسهم في تشكُّل «عاصفة متكاملة» من الحاجات.

ويتعلق النداء بطلب جمع 47.4 مليار دولار لوكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية لسنة 2025، وهو أقل بقليل من نداء عام 2024.

وأقر المسؤول الأممي، الذي تولى منصبه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الأمم المتحدة وشركاءها لن يكون في مقدورهم توفير الدعم لكل المحتاجين.

أم أوكرانية تعانق ابنها بعد عودته من روسيا... الصورة في كييف يوم 8 أبريل 2023 (رويترز)

وأوضح: «ثمة 115 مليون شخص لن نتمكن من الوصول إليهم»، وفق هذه الخطة، مؤكداً أنه يشعر «بالعار والخوف والأمل» مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة»، للمرة الأولى من توليه منصبه.

وعَدَّ أن كل رقم في التقرير «يمثل حياة محطمة» بسبب النزاعات والمناخ «وتفكك أنظمتنا للتضامن الدولي».

وخفضت الأمم المتحدة مناشدتها لعام 2024 إلى 46 مليار دولار، من 56 ملياراً في العام السابق، مع تراجع إقبال المانحين على تقديم الأموال، لكنها لم تجمع إلا 43 في المائة من المبلغ المطلوب، وهي واحدة من أسوأ المعدلات في التاريخ. وقدمت واشنطن أكثر من 10 مليارات دولار؛ أي نحو نصف الأموال التي تلقتها. وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن عمال الإغاثة اضطروا لاتخاذ خيارات صعبة، فخفّضوا المساعدات الغذائية 80 في المائة في سوريا، وخدمات المياه في اليمن المعرَّض للكوليرا. والمساعدات ليست سوى جزء واحد من إجمالي إنفاق الأمم المتحدة، التي لم تفلح لسنوات في تلبية احتياجات ميزانيتها الأساسية بسبب عدم سداد الدول مستحقاتها. وعلى الرغم من وقف الرئيس المنتخب دونالد ترمب بعض الإنفاق في إطار الأمم المتحدة، خلال ولايته الرئاسية الأولى، فإنه ترك ميزانيات المساعدات في الأمم المتحدة بلا تخفيض. لكن مسؤولين ودبلوماسيين يتوقعون تقليل الإنفاق في ولايته الجديدة، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

من جانبه، قال يان إيغلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين: «الولايات المتحدة علامة استفهام كبيرة... أخشى أننا ربما نتعرض لخيبة أمل مريرة؛ لأن المزاج العام العالمي والتطورات السياسية داخل الدول ليست في مصلحتنا». وكان إيغلاند قد تولّى منصب فليتشر نفسه من 2003 إلى 2006. والمشروع 2025، وهو مجموعة من المقترحات المثيرة للجدل التي وضعها بعض مستشاري ترمب، يستهدف «الزيادات المسرفة في الموازنة» من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. ولم تردَّ الإدارة التي يشكلها ترامب على طلب للتعليق. وأشار فليتشر إلى «انحلال أنظمتنا للتضامن الدولي»، ودعا إلى توسيع قاعدة المانحين. وعند سؤال فليتشر عن تأثير ترمب، أجاب: «لا أعتقد أنه لا توجد شفقة لدى هذه الحكومات المنتخبة». ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن أحد التحديات هو استمرار الأزمات لفترة أطول تبلغ عشر سنوات في المتوسط. وقال مايك رايان، المدير التنفيذي لبرنامج منظمة الصحة العالمية للطوارئ الصحية، إن بعض الدول تدخل في «حالة أزمة دائمة». وحلّت المفوضية الأوروبية، الهيئة التنفيذية في الاتحاد الأوروبي، وألمانيا في المركزين الثاني والثالث لأكبر المانحين لميزانيات الأمم المتحدة للمساعدات، هذا العام. وقالت شارلوت سلينتي، الأمين العام لمجلس اللاجئين الدنماركي، إن إسهامات أوروبا محل شك أيضاً في ظل تحويل التمويل إلى الدفاع. وأضافت: «إنه عالم أكثر هشاشة وعدم قابلية على التنبؤ (مما كان عليه في ولاية ترمب الأولى)، مع وجود أزمات أكثر، وإذا كانت إدارة الولايات المتحدة ستُخفض تمويلها الإنساني، فقد يكون سد فجوة الاحتياجات المتنامية أكثر تعقيداً».