{حماس} تحذر بعد تراجع إسرائيل عن تسهيلات لغزة

أشتية: الخصم يضعنا في موقف مالي صعب

وصول قوافل إغاثية أرسلتها مصر يونيو (حزيران) الماضي إلى غزة (أ.ف.ب)
وصول قوافل إغاثية أرسلتها مصر يونيو (حزيران) الماضي إلى غزة (أ.ف.ب)
TT

{حماس} تحذر بعد تراجع إسرائيل عن تسهيلات لغزة

وصول قوافل إغاثية أرسلتها مصر يونيو (حزيران) الماضي إلى غزة (أ.ف.ب)
وصول قوافل إغاثية أرسلتها مصر يونيو (حزيران) الماضي إلى غزة (أ.ف.ب)

قالت حركة حماس، أمس الثلاثاء، إن إسرائيل تراجعت عن تسهيلات أعلنتها مؤخراً لصالح قطاع غزة، محذرة من أن يقود ذلك للتصعيد، فيما اعتبر رئيس الوزراء الفلسطيني، أن خصم إسرائيل من أموال الضرائب، يضع السلطة في موقف مالي صعب.
وصرح الناطق باسم حماس، حازم قاسم، للصحافيين في غزة، بأن «تراجع إسرائيل عن التسهيلات وإعاقة عملية إعادة إعمار قطاع غزة، بمثابة عوامل توتر حقيقية وصواعق تفجير يمكن أن تنفجر في أي وقت»، مشيراً إلى أن «هناك تواصلاً مع الوسطاء من أجل الضغط على إسرائيل لتخفيف الحصار على القطاع»، بحسب وكالة الأنباء الألمانية.
وكانت اللجنة الرئاسية لتنسيق إدخال البضائع إلى غزة التابعة للسلطة الفلسطينية، قد أعلنت مساء الاثنين، أن إسرائيل تراجعت عن السماح باستيراد وتصدير سلع أعلنت عن السماح بها الخميس الماضي. وأوضحت اللجنة أن من بين السلع التي تم العودة عن السماح بإدخالها إلى قطاع غزة، أجهزة كهربائية وأجهزة حاسوب ومتعلقات بها وألعاب أطفال كهربائية وكاميرات مراقبة وغيرها.
وتوسطت مصر في 21 مايو (أيار) الماضي، بشأن اتفاق لوقف إطلاق النار لإنهاء جولة تصعيد عسكري عنيفة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، استمرت 11 يوماً وخلفت مقتل أكثر من 250 فلسطينياً و13 شخصاً في إسرائيل، فضلاً عن تدمير واسع في المنازل والبني التحتية في القطاع. وسمحت إسرائيل عقب ذلك، بفتح جزئي، لمعابر قطاع غزة وإدخال الاحتياجات الإنسانية الأساسية، مع إبقاء قيود واسعة على الواردات وعمليات التصدير بما في ذلك رفض إدخال منحة مالية قطرية، بحسب مصادر فلسطينية.
في الأثناء، قال محمد أشتية، رئيس الوزراء الفلسطيني، أمس، إن خصم إسرائيل لجزء من أموال الضرائب التي تجمعها نيابة عن السلطة الفلسطينية، يضع الحكومة في موقف مالي صعب.
وأضاف خلال الجلسة الأسبوعية للحكومة في رام الله، أن إسرائيل قامت لهذا الشهر بخصم مبلغ مائة مليون شيقل من الأموال المستحقة للسلطة من الضرائب تحت حجة أنها تدفع لأسر الشهداء والأسرى.
ونقلت «رويترز» عنه قوله: «إن هذا الإجراء غير شرعي وغير قانوني، وعليه نطالب بكامل مستحقاتنا المالية بما فيها الاقتطاعات وحقوقنا المالية من ضريبة المعابر والضرائب الأخرى المستحقة».
وتجمع إسرائيل ضرائب عن البضائع التي تدخل إلى السوق الفلسطينية عبرها، مقابل عمولة ثلاثة في المائة حسب الاتفاقيات
الموقعة بين الجانبين. وتعاني السلطة الفلسطينية من وضع مالي صعب مع توقف المساعدات الخارجية التي تساهم في سد العجز في موازنتها، سواء كانت من الدول العربية أو الأجنبية. وبحسب ما تظهر بيانات وزارة المالية، فإنها لم تتلق أي دعم خارجي منذ بداية العام.
وفي ظل تشكك بقدرة السلطة الفلسطينية على الوفاء بالتزاماتها المالية، تمكنت اليوم من سداد رواتب موظفيها عن الشهر الماضي.
ولجأت الحكومة خلال الأشهر الماضية إلى الاقتراض من البنوك كي تتمكن من الوفاء بالتزاماتها المالية. وزادت الأوضاع المالية صعوبة بسبب قرار الحكومة الإسرائيلية، هذا الشهر، بخصم 597 مليون شيقل على دفعات من أموال الضرائب التي تجبيها لصالح السلطة الفلسطينية. وقالت إسرائيل إن هذه الأموال تدفعها السلطة الفلسطينية للمعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، أو لعائلات من قُتلوا في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وقال أشتية إن «استمرار هذا الوضع وهذه الخصومات الشهرية يعتبر تعدياً صارخاً يضعنا في موقف مالي صعب، «ويضعف قدرتنا على مواجهة احتياجاتنا المالية ومسؤولياتنا تجاه شعبنا».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.