اتهامات للحوثيين بتسخير «الاتصالات» للتجسس على معارضين والتلاعب بالقطاع

TT

اتهامات للحوثيين بتسخير «الاتصالات» للتجسس على معارضين والتلاعب بالقطاع

وسط تصاعد الدعوات في الشارع اليمني لتحرير قطاع الاتصالات من قبضة الميليشيات الحوثية، واصلت الجماعة المدعومة من إيران تلاعبها بالخدمات، بالتزامن مع تسخير العائدات للمجهود الحربي والإنفاق على قادتها.
وفي حين يشكو اليمنيون من ضعف خدمة الاتصالات والإنترنت الخاضعة للميليشيات، كشف مسؤول سابق بوزارة الاتصالات في العاصمة المختطفة صنعاء عن استمرار الجماعة عبر ما يسمى جهاز الأمن الوقائي التابع لها بالتلاعب بجودة الخدمة.
وأرجع المصدر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أسباب التردي الحاصل حالياً في أهم قطاع يمني حيوي بأنه ناتج عن استمرار مسلسل العبث والتدمير الحوثي المنظم بحق قطاع الاتصالات والمؤسسات التابعة له كافة. وأشار المصدر، الذي ضاق ذرعاً من فساد الميليشيات، إلى أن مواصلة الفريق الهندسي والتقني الذي يشرف عليه مباشرة جهاز أمن الميليشيات الوقائي إحكام قبضته على شركات الاتصالات الحكومية والخاصة يعد من ضمن الأسباب التي تقف وراء ذلك التدهور.
في السياق نفسه، كشف عاملون في مؤسسة الاتصالات بصنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الخدمة شهدت تردياً ملحوظاً طيلة الأشهر الماضية وتزداد رداءة عند اشتداد المعارك، أو اعتزام الجماعة تنفيذ عمليات عسكرية في جبهة ما.
وقالوا إن الفريق الهندسي والتقني الذي يضم مهندسين حوثيين وخبراء إيرانيين مختصون في إدارة «IT» وتنصيب أجهزة التنصت والتجسس، ما يزالون يتحكمون في جودة خدمة الإنترنت والاتصالات عبر شركتي «يمن نت» و«يمن موبايل» بعد أن صادرت الميليشيات جميع صلاحيات إدارة الشركتين.
ويأتي ذلك التراجع الذي يعانيه أهم قطاع حيوي يمني في وقت شكا فيه مواطنون في صنعاء ومدن أخرى، لـ«الشرق الأوسط»، من استمرار تردي خدمة الاتصالات والإنترنت، مشيرين إلى أن ذلك البطء تصاعد أكثر خلال الأيام والأسابيع القليلة المنصرمة.
وكانت مصادر عاملة في شركة الاتصالات بصنعاء كشفت في وقت سابق عن قيام الجماعة منتصف العام الماضي بإدخال أجهزة تنصت في ذلك القطاع الخاضع لسيطرتها بهدف التجسس على قيادات في الشرعية ومعارضين للجماعة، بالإضافة إلى موالین لها مشكوك في ولائهم.
وأكدت المصادر حينها أن الجماعة عمدت بعد ذلك مباشرة إلى ربط منظومة الاتصالات العامة بجهاز ما يسمى الأمن والمخابرات التابع لها بأوامر من زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، كما أضافوا أنظمة أخرى جديدة للشبكة خاصة بالتنصت يتم تشغيلها بإشراف من مهندس تابع لميليشيا «حزب الله» بلبنان.
وفي حين حمّل المواطنون من أسموهم بـ«لصوص الاتصالات» مسؤولية تردي الخدمة كون الجماعة هي الجهة التي تحكم قبضتها على الاتصالات وخدمة الإنترنت، أطلق ناشطون يمنيون قبل يومين حملة إلكترونية واسعة للمطالبة بتحرير قطاع الاتصالات باعتبار ذلك مطلباً وطنياً.
ووفقاً لما تحدث به بعض الناشطين، فإن الحملة تسعى لمطالبة الحكومة الشرعية بالإسراع في تحرير قطاع الاتصالات والإنترنت من قبضة الميليشيات حيث تستغله للعام السابع في حربها على اليمنيين عسكرياً ومالياً واقتصادياً، وتجني من إيراداته مبالغ ضخمة تفوق عائدات النفط وغيرها.
وأوضحوا أن الميليشيات الحوثية تستغل هذا القطاع الحيوي منذ بداية الحرب، خاصة في عملياتها العسكرية بمراقبة المكالمات والتجسس ورصد الإحداثيات لاستهداف المدنيين بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة ذات المنشأ الإيراني.
وذكر ناشطون أن الجماعة تتعمد قطع الإنترنت خلال هجماتها العسكرية. لافتين بذات الوقت إلى أن خير مثال على ذلك هو ما حصل مؤخراً في جبهة الزاهر بالبيضاء، بالإضافة إلى قيام الميليشيات بقطع الخدمة نهائياً في بعض المحافظات المحررة مثل مأرب وشبوة.
وطالب منظمو الحملة وزير الاتصالات بالحكومة اليمنية بالوفاء بوعوده التي أعلن عنها عقب أسبوع من تعيينه، بتحرير قطاع الاتصالات وتحقيق نقلة نوعية.
وأهابوا بجميع الإعلاميين والحقوقيين بالتفاعل مع الحملة للمساهمة في تحرير قطاع الاتصالات والإنترنت من قبضة الانقلابيين حتى لا يبقى الدعم المالي والاقتصادي والتجسس في أيديهم كونهم يستهدفون الجميع دون استثناء.
وعلى مدى الأعوام الماضية من عمر الانقلاب، تحول قطاع الاتصالات بشكل عام وشركات الهاتف النقال والجهات التابعة لها على وجه الخصوص، إلى موارد مالية رئيسية لتمويل حرب الجماعة ضد اليمنيين.
وتقدر تقارير اقتصادية أن حجم الثروة التي جمعتها الميليشيات من موارد القطاع العام خلال السنوات الماضية بما فيها الاتصالات بلغت نحو 14 مليار دولار، منها ما يستثمر في الخارج، وأخرى أصول عقارية، وشركات تجارية حلت محل القطاع الخاص التقليدي.
وأشارت تقديرات أخرى لعاملين في قطاع الاتصالات بصنعاء كانوا قد تحدثوا بوقت سابق لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن عوائد الجماعة من قطاع الاتصالات بلغت خلال عام 2018 فقط نحو 280 مليون دولار، ما يساوي 162.4 مليار ريال، مسجلة زيادة على السنوات السابقة بعد إضافة الميليشيات ضرائب جديدة؛ منها معلنة وأخرى سرية.
وقال العاملون في الاتصالات إن الإيرادات التي حققتها الجماعة من قطاع الاتصالات، تمثلت بمبيعات خدمة الإنترنت وخدمة الاتصالات وضرائب الأرباح على شركات الاتصالات العامة والخاصة، إضافة إلى الضرائب الجديدة على مبيعات فواتير وكروت الشحن وغيرها.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».