الادعاءات القضائية في انفجار مرفأ بيروت تعيد تشكيل الاصطفافات السياسية

«القوات» يلتقي مع «التيار الوطني» و«الكتائب»... و«المستقبل» مع «أمل» و«حزب الله»

TT

الادعاءات القضائية في انفجار مرفأ بيروت تعيد تشكيل الاصطفافات السياسية

خلط انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس (آب) 2020، المشهد السياسي القائم، وأنتج اصطفافات سياسية جديدة، للمرة الأولى منذ العام 2005 على أقل تقدير، حيث تقاطع الأفرقاء المسيحيون بمعظمهم حول موقف شبه موحد مرتبط بالموافقة على رفع الحصانات البرلمانية عن نواب ادعى عليهم المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، فيما التقى الأفرقاء المسلمون على موقف داعٍ لرفع الحصانات عن الجميع وليس عن المُدّعى عليهم فقط، وهو ما تنفيه الأطراف، مؤكدة أن التقاطع الذي اتخذ هذا الشكل هو محض صدفة.
وأدت عوامل كثيرة إلى هذا الاصطفاف، وتتصدرها نتائج الانفجار الذي دمر قسماً كبيراً من المنطقة التي تسكنها أغلبية مسيحية في بيروت، رغم أن الضحايا ينقسمون بين مسلمين ومسيحيين، فضلاً عن أن الاصطفاف جاء في لحظة كباش سياسي بين الرئاسة اللبنانية ورئاسة الحكومة التي آزرتها رئاسة مجلس النواب في مواقفها خلال فترة النقاشات لتشكيل الحكومة.
وغذت تلك العوامل، إلى جانب توقيت الاستحقاقات هذا الطابع من الاصطفافات السياسية. فالاصطفاف السياسي يأتي قبيل أشهر من موعد الانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في ربيع العام 2022، ووسط مطالب أهالي ضحايا الانفجار ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب الوليدة بعد انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، بمحاسبة المسؤولين عن دخول المواد المتفجرة إلى لبنان قبل سنوات، وبقائها في المرفأ، وصولاً إلى الانفجار.
وتنفي الأطراف بأكملها أن يكون الاصطفاف طائفياً، قائلة إن تقاطع القوى السياسية من طوائف محددة حول موقف واحد، هو «محض صدفة». ويقول عضو كتلة «الجمهورية القوية» (القوات اللبنانية) النائب جوزيف إسحاق إن هناك إصراراً لدى البعض على تصوير الاصطفاف طائفياً، لكنه في الواقع ليس كذلك، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن ضحايا انفجار المرفأ «يمثلون جميع الطوائف، كذلك بالنسبة للموقوفين في الملف لدى القضاء اللبناني، بالتالي فإن تصوير التقاطع بالمواقف السياسية على أنه طائفي، ليس صحيحاً»، لافتاً إلى أن هناك من يعمل على تصوير الأمر بالمنظور الطائفي «لتحقيق مصالح شخصية».
ويؤكد إسحاق أن موقف «القوات اللبنانية» حاسم لجهة «ضرورة رفع الحصانات عن جميع المطلوبين والمدعى عليهم من قبل القضاء، وعن كل من سيطلبه القضاء في المستقبل»، مشدداً على أنه «لا حصانة لأحد في هذا الملف مهما كانت طائفته».
وتؤكد مصادر نيابية في «حركة أمل» على موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري القاضي بالاستعداد لرفع الحصانات «من دون استثناء أحد بما في ذلك عن القضاء الذي وضع يده على قضية النيترات منذ لحظة رسو الباخرة إلى لحظة حدوث الانفجار».
ولم يأخذ الاصطفاف هذا الشكل بعد انفجار المرفأ قبل الادعاءات القضائية، حيث انقسمت في العام الماضي الأطراف الداخلية بين مطالبين بلجنة تحقيق دولية ورافضين لها. ففي أغسطس 2020، انقسم لبنان بين فريقين، الأول يطالب بهذه اللجنة ويمثله «تيار المستقبل» و«حزب القوات اللبنانية» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» و«الكتائب»، فيما عارضه الفريق الآخر المتمثل بـ«التيار الوطني الحر» و«حزب الله».
وبرر الرئيس ميشال عون لرفضه إجراء تحقيق دولي في تفجير المرفأ، بالقول إن المطالبة بالتحقيق الدولي «الهدف منها تضييع الحقيقة».
أول الاختبارات كان في ديسمبر (كانون الأول) 2020، حين ادعى المحقق العدلي الأول في قضية المرفأ فادي صوان على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وعلى وزير المال السابق علي حسن خليل ووزيري الأشغال العامة السابقين غازي زعيتر ويوسف فنيانوس، بجرم «الإهمال والتقصير والتسبب في وفاة وإيذاء مئات الأشخاص». ورد دياب بالقول إن «الاستهداف يتجاوز الشخص إلى الموقع، وحسان دياب لن يسمح باستهداف موقع رئاسة الحكومة من أي جهة كانت». واتهم المحقق بالاستنسابية، وذلك بحسب ما قال سياسيون قريبون من 8 آذار، لأنه لم يستدع وزراء العدل، علما بأن وزير المال مثلاً عندما تبلغ من الجمارك، خاطب وزير العدل ليخاطب القضاء، فتم الادعاء على وزير المال دون وزراء العدل، وهما الكل من موقعه، ينفذ المهمة نفسها. كسر هذا الادعاء والاتهامات بـ«الاستنسابية» التقاطعات السياسية القائمة، وبدأت مرحلة جديدة، تبلورت بعد ادعاء القاضي طارق البيطار على أربعة وزراء، بينهم ثلاثة نواب، هم إضافة إلى الوزير السابق (ليس نائباً) يوسف فنيانوس، النواب علي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق.
وخرجت قضية الحصانات النيابية إلى السطح، وتقاطع «التيار الوطني الحر» مع «القوات اللبنانية» و«الكتائب» والقوى المدنية والأحزاب الوليدة، على ضرورة رفع الحصانات النيابية. وفي المقابل، التقى «المستقبل» مع «حركة أمل» و«حزب الله» بشكل أساسي على ضرورة رفع الحصانات عن الجميع، وتمثل ذلك في عريضة نيابية وقعها نواب من القوى الثلاث الإسلامية، كما تمثل في موافقة «أمل» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري على اقتراح «المستقبل» القاضي بتعليق بعض المواد الدستورية المتعلقة بحصانات النواب أو الامتيازات القضائية لكل الرؤساء والوزراء، وتعليق كل الامتيازات القضائية الممنوحة للقضاة والموظفين والمحامين والأمنيين فيما يتعلق بالأذونات بملاحقتهم.



بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
TT

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، اليوم الاثنين، إن هناك خطة لتوسيع الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان لتشمل دولاً أخرى.

وفي كلمة، خلال افتتاح مؤتمر سفراء العراق الثامن حول العالم في بغداد، أكد الوزير أنه يجب تكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي تهديد أو عدوان محتمل» على العراق.

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قد قال، الأسبوع الماضي، إنه بعث رسالة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي حثَّ فيها على اتخاذ إجراء فوري للتصدي لأنشطة الجماعات المسلَّحة المُوالية لإيران في العراق، قائلاً إن الحكومة العراقية مسؤولة عن أي أعمال تحدث داخل أراضيها أو انطلاقاً منها.

كما ذكرت تقارير إعلامية أميركية، في وقت سابق من هذا الشهر، أن إدارة الرئيس جو بايدن حذرت الحكومة العراقية من أنها إذا لم تمنع وقوع هجوم إيراني من أراضيها على إسرائيل، فقد تواجه هجوماً إسرائيلياً.

وشنت إسرائيل هجوماً على منشآت وبنى تحتية عسكرية إيرانية، الشهر الماضي؛ رداً على هجوم صاروخي إيراني على إسرائيل، وذلك بعد أن قتلت إسرائيل الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية المتحالفة مع إيران، حسن نصر الله، في سبتمبر (أيلول) الماضي.