هادي يرفض استنساخ التجربة الإيرانية ويدعو لاستكمال «اتفاق الرياض»

تشديد حوثي على الاستمرار في حشد المجندين و«تطهير» المؤسسات

الرئيس هادي خلال اجتماعه أمس مع اًعضاء مجلس الدفاع الوطني (سبأ نت)
الرئيس هادي خلال اجتماعه أمس مع اًعضاء مجلس الدفاع الوطني (سبأ نت)
TT
20

هادي يرفض استنساخ التجربة الإيرانية ويدعو لاستكمال «اتفاق الرياض»

الرئيس هادي خلال اجتماعه أمس مع اًعضاء مجلس الدفاع الوطني (سبأ نت)
الرئيس هادي خلال اجتماعه أمس مع اًعضاء مجلس الدفاع الوطني (سبأ نت)

جدد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي رفضه استنساخ التجربة الإيرانية في بلاده عبر الميليشيات الحوثية، مشدداً في الوقت نفسه على توحيد صف القوى الوطنية واستكمال تنفيذ «اتفاق الرياض» إلى جانب اتخاذ التدابير اللازمة لإنقاذ الاقتصاد المتهاوي.
تصريحات هادي التي نقلتها المصادر الرسمية جاءت أثناء ترؤسه في الرياض اجتماعاً لمجلس الدفاع الوطني ضم نائبه علي محسن الأحمر، ورئيس مجلس النواب سلطان البركاني، ورئيس مجلس الوزراء معين عبد الملك، ورئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر.
يأتي ذلك في وقت تواصل فيه الميليشيات الحوثية هجماتها المكثفة باتجاه مدينة مأرب حيث ترفض دعوات التهدئة الأممية ومقترحات السلام، بالتوازي مع استمرار الخلاف مع المجلس الانتقالي الجنوبي وتعثر عودة الحكومة إلى العاصمة المؤقتة عدن لجهة المخاوف الأمنية المرتبطة بعدم تنفيذ الشق الأمني والعسكري من «اتفاق الرياض».
وفي حين يأمل المجتمع الدولي أن ينجح المبعوث الأممي الجديد في التوصل إلى تسوية للأزمة اليمنية، جدد زعيم الجماعة الحوثية أمس تمسك جماعته بشروطها لوقف النار، مشدداً على الاستمرار في حشد المقاتلين وتطهير المؤسسات الحكومية من المعارضين لحكم الانقلاب المدعوم من إيران.
وذكرت المصادر الرسمية أن هادي استعرض خلال الاجتماع «مستجدات الأوضاع على الساحة الوطنية بجوانبها السياسية والاقتصادية والميدانية والمعيشية وفرص السلام والمساعي الإقليمية والدولية، وجدد رغبة الحكومة الشرعية الدائمة نحو السلام ومواقفها الواضحة والصريحة في هذا الصدد وتجاوبها وتفاعلها الدائم مع كل مبادرات السلام الرامية لحقن الدماء وإنهاء انقلاب الميليشيات الحوثية الإيرانية وتبعاتها الكارثية على اليمن والمنطقة بصورة عامة».
وعلى وقع بدء الميليشيات الحوثية وضع العراقيل أمام مهمة المبعوث الأممي الجديد هانز غروندبيرغ، ذكرت المصادر أن هادي رحب بتعيين الأخير وأكد على الحكومة ضرورة التعاون معه وتسهيل مهامه لتعزيز فرص السلام المبنية على المرجعيات الثلاث المتعارف عليها والمدعومة محلياً وإقليمياً ودولياً.
وإزاء استمرار الخلاف داخل أروقة القوى اليمنية المناهضة للمشروع الحوثي، أفادت وكالة «سبأ» بأن هادي «أكد على وحدة الموقف والهدف لمختلف مؤسسات الدولة في الحفاظ على وحدة الوطن وسيادته وأمنه واستقراره والانتصار لخيارات وإرادة الشعب في وطن آمنٍ وعادلٍ ومستقر».
كما أكد الرئيس اليمني على ثبات الشرعية وقواها الوطنية والمجتمعية وتماسكها قيادة وحكومة وشعباً في مواجهة كل التحديات والظروف للمضي قدماً نحو الأهداف الوطنية بصورة أكثر قوة ورسوخاً على الأرض بفعل ثبات وجدارة الجيش والمقاومة الشعبية ودفاعهما المشرف عن النظام الجمهوري والوحدة الوطنية والمرجعيات الثابتة».
وجدد هادي رفض استنساخ التجربة الإيرانية في بلاده، وقال إن الشعب اليمني لا يقبل بها مطلقاً، مشيراً إلى الموقف السعودي القومي المدافع عن الشرعية ونظامها الوطني.
وذكرت المصادر أن الرئيس اليمني وجّه إلى الاهتمام بعناصر الجيش وتوفير متطلباتهم الضرورية والملحة في الجوانب التموينية واللوجيستية، وانتظام صرف المستحقات والرواتب، كما أكد على الاهتمام الخاص بملف الجرحى وتوحيد عمل اللجان المختلفة في هذا الإطار لتوحيد الجهود وتوفير الوقت والإمكانات.
وبحسب ما أفادت به المصادر الرسمية تناول اجتماع مجلس الدفاع الوطني الأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي يمر بها الشعب، وأكد على «ضرورة استكمال تنفيذ بنود اتفاق الرياض ليسهم في توحيد الجهود والإمكانات لمعافاة الاقتصاد وتعزيز الاستقرار السياسي والأمني والنهوض بالتنمية وتعزيز الموارد وتوحيد أوعيتها لمواجهة الالتزامات الملحة تجاه متطلبات الفرد والمجتمع».
وفي حين أفادت المصادر بأن الاجتماع اليمني «اتخذ ما يلزم من قرارات» بخصوص جملة من القضايا المطروحة على جدول أعماله، شكك - من جهته - زعيم الميليشيات الحوثية عبد الملك الحوثي في أحدث خطبه أمس (الاثنين) في جدية الولايات المتحدة لإحلال السلام، دون أن يشير إلى استعداد جماعته للتعاطي الإيجابي مع المبعوث الأممي الجديد.
وكرس الحوثي خطابه لمهاجمة الشرعية، زاعماً أن هناك حرباً اقتصادية تستهدف جماعته، مجدداً التأكيد على ولائه لإيران وحزب الله اللبناني وما يسمى «محور المقاومة».
كما أكد زعيم الجماعة الانقلابية التمسك بشروط جماعته لوقف النار، المتمثلة بفتح مطار صنعاء وإنهاء الرقابة على المنافذ الخاضعة للجماعة، وإطلاق الأسرى، إلى جانب تخلي تحالف دعم الشرعية عن مساندة الحكومة المعترف بها دولياً، وهي كلها شروط يرى المراقبون أنها تعني تسليم اليمن لحكم الميليشيات.
إلى ذلك دعا الحوثي أتباعه إلى الاستمرار في حشد المجندين للقتال كما دعاهم إلى تشديد القبضة الأمنية على السكان، وإلى الاستمرار فيما وصفه بـ«تطهير» المؤسسات الحكومية ممن وصمهم بـ«الخونة والعملاء».
وقلل زعيم الميليشيات من أثر الدعوات المناهضة لإرهاب جماعته للسكان وانتهاك حرياتهم، وشدد على أهمية الاستمرار في سياق ما سماه «المعركة الثقافية» التي يعني بها محاولة فرض نمط معين من الحياة على اليمنيين بما في ذلك نوعية الملابس وحتى قصات الشعر ونوعية التعليم، وتحريم الموسيقى.



خدمة التوصيل تزدهر في صنعاء رغم تردي المعيشة

بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)
بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)
TT
20

خدمة التوصيل تزدهر في صنعاء رغم تردي المعيشة

بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)
بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)

برغم فشل غالبية مشاريع خدمة التوصيل في العاصمة اليمنية صنعاء بسبب غلاء المعيشة، فإن الطلب عليها لم يتوقف، ويستمر مئات الشباب في تقديمها خصوصاً في شهر رمضان، وتشهد الشوارع المزدحمة قبيل مغرب كل يوم سباقاً مع الوقت يخوضه الشباب العاملون في هذه الخدمة، معرضين حياتهم للخطر.

وغالباً ما تتسبب الدراجات النارية بالكثير من الحوادث المرورية في شوارع صنعاء، ويرفع العاملون في خدمة التوصيل منسوب هذه الحوادث نتيجة رغبتهم في توصيل أكبر عدد من الطلبات لزيادة مداخيلهم، والاستجابة لإلحاح زبائنهم المطالبين بسرعة وصول الوجبات من المطاعم ومستلزمات الوجبات المنزلية من الأسواق.

ويذكر عمار سعيد، وهو عامل توصيل على دراجة هوائية، أن عمله في هذه المهنة يتطلب هدوء أعصاب وتركيزاً شديداً وقدرة على الصبر والتحمل.

ويبين سعيد لـ«الشرق الأوسط» أن غالبية زبائنه يطلبون وصول الطعام بأقصى سرعة، ويستعجلونه خلال تنقلاته بإلحاح شديد وتذمر، ما قد يفقده التركيز أثناء قيادة دراجته، وكثيراً ما يكون مضطراً لتوصيل أكثر من طلب في الوقت نفسه في اتجاهات مختلفة.

عمال في شركة توصيل في صنعاء خلال حفل تكريم لهم (فيسبوك)
عمال في شركة توصيل في صنعاء خلال حفل تكريم لهم (فيسبوك)

وكانت خدمة التوصيل في العاصمة صنعاء ومدن أخرى قد شهدت ازدهاراً كبيراً منذ 5 أعوام بسبب حائجة كورونا (كوفيد 19) وما تسببت به من عزوف عن الاختلاط والخروج من المنازل، وهو ما دفع بعدد من المستثمرين إلى إنشاء شركات توصيل تستخدم تطبيقات على الهواتف المحمولة.

ويكشف مقيمون في العاصمة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أنه، وبرغم إيقاف العديد من شركات التوصيل نشاطها وتسريح العاملين فيها خلال الأعوام الماضية، فإن الخدمة ذاتها لم تتوقف، بل تشهد تزايداً نسبياً من خلال طلب العائلات والأفراد لها من شبان يتعاملون معهم باستمرار، إلى جانب توظيف المطاعم الكبيرة لعمال توصيل.

ثراء غير متوقع

يستغرب الكثير من المتابعين للوضع في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة الجماعة الحوثية من ظهور وانتشار خدمة التوصيل، في حين يعاني غالبية السكان من أوضاع معيشية صعبة ومعقدة، ولا يملكون القدرة على شراء الطعام من المطاعم، ناهيك عن دفع المزيد من الأموال مقابل خدمة توصيله.

المطاعم والكافتيريات الشعبية تنتشر في غالبية شوارع وأحياء العاصمة صنعاء (خرائط جوجل)
المطاعم والكافتيريات الشعبية تنتشر في غالبية شوارع وأحياء العاصمة صنعاء (خرائط جوجل)

وبحسب هؤلاء، فإن العاصمة صنعاء تشهد اتساع رقعة البطالة وإغلاق العديد من الشركات التجارية وهروب أصحاب الأموال والاستثمارات، ولم يتبقَّ فيها إلا من لا يستطيع المغادرة لعدم مقدرته على ذلك، أو من لا يخشى على نفسه وممتلكاته من ممارسات الجماعة الحوثية.

إلا أن الباحث الاقتصادي اليمني عادل شمسان يشير إلى أن الإقبال على طلب خدمة التوصيل يأتي بسبب نشوء فئة واسعة تمكنت من الإثراء مستفيدة من الانقلاب والحرب، وهي الفئة التي تسيطر مظاهر ثرائها على المشهد في صنعاء من خلال ظهور أنواع جديدة من السيارات الفارهة والقصور الكبيرة وزيادة النشاط العمراني، مقابل اتساع دائرة الفقر والفاقة.

ويوضح شمسان لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الفئة الجديدة نشأت من خلال أعمال النهب المنظم، أو العشوائي، لموارد المؤسسات العامة وأعمال الجباية والإتاوات المفروضة على غالبية السكان، وابتزاز الشركات التجارية ورجال الأعمال والمستثمرين، وتكوين طبقة من المستثمرين الطفيليين الذين سعوا للإثراء من خلال الأموال المنهوبة أو بالشراكة الإجبارية مع أصحاب رؤوس الأموال.

شركة توصيل في صنعاء استخدمت الخيول قبل ثلاث سنوات للفت الانتباه (إكس)
شركة توصيل في صنعاء استخدمت الخيول قبل ثلاث سنوات للفت الانتباه (إكس)

ويرى مراقبون للشأن اليمني في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية أن هناك فئة أخرى تمكنت من الإثراء من خلال العمل أو النشاط في تقديم المساعدات الإغاثية، سواء مع المنظمات الدولية والأممية أو المحلية، وهو النشاط الذي يشهد فساداً واسعاً بحسب العديد من التقارير.

أطعمة جديدة

يعدّ انتشار خدمة التوصيل في صنعاء أمراً لافتاً، كون الأوضاع المعيشية فيها لا تؤهل لذلك، إلى جانب أن المطاعم الشعبية منتشرة في كل الشوارع والأحياء وبالقرب من جميع المساكن تقريباً، في حين يفضل غالبية السكان إعداد الطعام في المنازل.

تقول لبنى عقلان، وهي طبيبة أسنان، إنها وحتى سنوات قليلة مضت، لم تكن تطلب هذه الخدمة كما هي عليها الآن، وكانت تكتفي بالاتصال الهاتفي إلى الكافتيريا الموجودة في نفس البناية التي تقع فيها عيادتها لطلب الطعام، فيقوم أحد العاملين بإيصاله خلال دقائق معدودة.

انتشار مشاريع الطبخ في المنازل ساعد في انتشار خدمة التوصيل (الأمم المتحدة)
انتشار مشاريع الطبخ في المنازل ساعد في انتشار خدمة التوصيل (الأمم المتحدة)

لكن الأعوام الأخيرة شهدت، بحسب حديث عقلان لـ«الشرق الأوسط»، افتتاح مطاعم تقدم وجبات جديدة ومميزة، وهو ما يغري بطلب إيصالها بسبب ازدحام أوقات العمل وعدم القدرة على التنقل إليها والعودة بسرعة.

أما عصام شرف، وهو اسم مستعار لمعلم فيزياء في إحدى كبريات مدارس العاصمة صنعاء، فيلفت إلى أن طلبات توصيل الطعام تعدّ رفاهية لا يحصل عليها سوى من يملكون القدرة على ذلك، وقد حظي بها بسبب عملها في تقديم الدروس الخصوصية.

الإثراء بسبب الحرب والانقلاب والفساد أدى إلى انتشار واسع لمطاعم فارهة في صنعاء (خرائط جوجل)
الإثراء بسبب الحرب والانقلاب والفساد أدى إلى انتشار واسع لمطاعم فارهة في صنعاء (خرائط جوجل)

ووفق حديثه لـ«الشرق الأوسط»، فإن الطلاب الذين يقدم لهم الدروس الخصوصية، وغالبيتهم من عائلات ثرية، يطلبون الطعام لهم وله خلال جلسات الدراسة، فيحصل على وجبات لم يكن يفكر حتى بها بسبب أسعارها المرتفعة، وأحياناً يأخذ ما تبقى منها لعائلته في المنزل.

وتساعد مشاريع إعداد الطعام بالمنازل في استمرار خدمة التوصيل، حيث يعتمد أصحاب هذه المشاريع، وأغلبهم من النساء، على شبان يعملون على دراجات نارية أو هوائية في توصيل الطعام إلى الزبائن.