من الألغاز التي ارتبطت بجائحة مرض «كوفيد 19» أن بعض المرضى المصابين بفيروس «كورونا المستجد»، المسبب للمرض لا يعانون من أي أعراض، بينما يعاني مرضى آخرون من أعراض شديدة. وفي محاولة لحل هذا اللغز، اكتشف باحثون في جامعة كارولينا الجنوبية الطبية علامة بيولوجية محددة وحساسة في عينات الدم تتنبأ بالمرضى الذين سيصابون بأعراض «كوفيد 19».
وتظهر النتائج التي نُشرت في العدد الأخير من دورية «ساينتفيك ريبورتيز» أن المستويات المنخفضة من الدهون المحددة «السفينغوزين» ترتبط بشكل كبير بتطوير أعراض «كوفيد 19». وعلى العكس من ذلك، ترتبط المستويات المرتفعة من السفينغوزين، وكذلك البروتين المتورط في إنتاجه «سيراميداز الحمضي AC» بالعدوى بدون أعراض.
ويقول باسم أوجريتمن، الباحث بمركز هولينجز للسرطان بجامعة كارولينا الجنوبية الطبية، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة في 5 أغسطس (آب) الحالي: «لقد طورنا هذا المشروع في وقت لم يكن هناك لقاح ناجح، وأردنا المساهمة في هذا المجال ومعرفة المرضى الذين تعرضوا لهذا الفيروس بدون أعراض، وأولئك الذين ستكون لديهم أعراض». وعلى مدار الـ16 شهراً الماضية، تسببت عدة موجات من عدوى «كورونا المستجد» في الولايات المتحدة في أكثر من 35 مليون حالة ونحو 630 ألف حالة وفاة، وعلى الرغم من تطوير لقاحات متعددة آمنة وفعالة، فإننا نشهد حالياً موجة أخرى من العدوى. ويُعتقد أن معدل وفيات «كوفيد 19» ناتج عن استجابة مناعية مفرطة النشاط للفيروس في رئتي المرضى المصابين، تسبب ضائقة تنفسية حادة، ومع ذلك تختلف الأعراض على نطاق واسع، ولا يفهم العلماء والأطباء سبب ظهور أعراض حادة لدى بعض المرضى، بينما يظل البعض الآخر بدون أعراض. ومن المعروف أن الدهون السفينغولية، وهي فئة من الجزيئات مهمة لسلامة غشاء الخلية والتواصل بين الخلايا، يمكنها تنظيم الالتهاب والجهاز المناعي استجابةً للعدوى المختلفة، ويمتلك مختبر أوجريتمن عقوداً من الخبرة في تحليل إنتاج ومعالجة الدهون المختلفة، بما في ذلك السفينغوزين، باستخدام طريقة قياس عالمية تسمى «ليبيدوميات».
وباستخدام هذه الخبرة، أجرى مختبر أوجريتمن تحليلاً غير متحيز لعينات مصل «كوفيد 19» للمرضى للبحث عن التغييرات في مستويات السفينغوزين. ويقول الحاجي جنة، المؤلف الرئيسي وطالب الدراسات العليا في قسم الكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية: «بمجرد النظر إلى البيانات، يمكنك فصل مجموعات المرضى المختلفة بوضوح، حتى بدون إجراء تحليلات إحصائية فنية». ففي المرضى الذين لم تظهر عليهم أعراض والذين ثبتت إصابتهم بأجسام مضادة لفيروس كورونا المستجد، وجد الباحثون زيادة طفيفة في مستويات السفينغوزين، مقارنة بالمرضى الذين كانت نتيجة اختبارهم سلبية.
وبشكل ملحوظ، في المرضى الذين ظهرت عليهم أعراض، كان هناك انخفاض بمقدار 15 ضعفاً في مستويات السفينجوزين، بالمقابل، ما يقرب من 75 في المائة من المرضى الذين لا يعانون من أعراض لديهم مستويات مرتفعة من بروتين «سيراميداز الحمضي AC»، بينما معظم المرضى الذين يعانون من أعراض ليست لديهم مستويات من هذا البروتين يمكن اكتشافها، ويرتبط وجود هذا البروتين في الدم بزيادة مستويات السفينجوزين.
وتكمن قيمة هذا الاكتشاف في أنه «إذا تمكنا من فصل المرضى الذين لا تظهر عليهم أعراض عن المرضى الذين تظهر عليهم الأعراض، يمكننا استخدام العلاجات والموارد المحدودة للمرضى الأكثر ضعفاً»، كما يؤكد أوجريتمن.
اكتشاف علامة حيوية للتنبؤ بأعراض «كورونا»
عبر رصد مستوى دهون «السفينغوزين» في الدم
اكتشاف علامة حيوية للتنبؤ بأعراض «كورونا»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة