تركيا تتحدث عن اتفاق مع روسيا حول المياه والكهرباء شمال شرقي سوريا

جرحى في اقتتال بين فصائل موالية لأنقرة

عربة روسية قرب محطة للمياه في شمال شرقي سوريا أمس (روسيا اليوم)
عربة روسية قرب محطة للمياه في شمال شرقي سوريا أمس (روسيا اليوم)
TT

تركيا تتحدث عن اتفاق مع روسيا حول المياه والكهرباء شمال شرقي سوريا

عربة روسية قرب محطة للمياه في شمال شرقي سوريا أمس (روسيا اليوم)
عربة روسية قرب محطة للمياه في شمال شرقي سوريا أمس (روسيا اليوم)

توصل مسؤولون عسكريون أتراك وروس إلى اتفاق لتوفير الكهرباء لمناطق خاضعة لسيطرة فصائل تابعة لتركيا، والمياه لمناطق خاضعة لسيطرة الأكراد في شمال شرقي سوريا.
وذكرت وكالة «الأناضول» التركية أنه تم التوصل إلى اتفاق يوفر الكهرباء لـ200 ألف مدني يعيشون في منطقة عملية «نبع السلام» التي شنّتها تركيا على مواقع كان يسيطر عليها المسلحون الأكراد شمالي سوريا عام 2019، إضافة إلى توفير مياه الشرب لسكان الحسكة وبلدة تل تمر الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد).
وتفقد وفدان عسكريان تركي وروسي محطة مياه «علوك» بالريف الشرقي لبلدة رأس العين في منطقة «عملية نبع السلام».
يشار إلى أن محطة مياه «علوك» تقع بالقرب من مدينة رأس العين، وتعمل بالكهرباء، فيما يقع المصدر الوحيد للكهرباء في الجنوب.
من جهته، قال زياد رستم، مسؤول في هيئة الطاقة في الإدارة الذاتية، لوكالة «نورث برس»، إن القوات التركية لا تلتزم ببنود التفاهم، «على اعتبار أن المياه لم تصل لمدينة الحسكة بعد».
وفي الخامس من الشهر الماضي، كشف رستم عن مباحثات غير مباشرة مع القوات التركية وبوساطة روسية، لإعادة تشغيل محطة علوك للمياه.
ويطالب وفد الإدارة الذاتية بتشغيل 20 بئراً وخمس مضخات في محطة علوك، لضمان وصول المياه إلى الحسكة وأريافها. وأضاف الرئيس المشارك لمكتب الطاقة أن «المياه لم تصل للحسكة، لأن القوات التركية تشغل مضختين فقط من أصل 5 متفق على تشغليها، رغم إيفاء الإدارة الذاتية بالمترتب عليها»، وفقاً لقوله.
وتطالب القوات التركية بالحصول على 25 ميغاواط من الكهرباء من سد تشرين على مدار الساعة، و8 ميغاواط من محطة الدرباسية أيضاً على مدار الساعة.
وأوقفت القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة الموالية لها، تشغيل محطة علوك 15 مرة بعد اجتياحها لمنطقة سري كانيه (رأس العين) في أكتوبر (تشرين الأول) 2019.
ووصف المسؤول في الإدارة الذاتية «الادعاءات التركية بالدعاية الإعلامية»، واعتبر تشغيل محطة علوك «خطاً أحمر لا يتم التنازل عنه».
وتعد محطة آبار علوك هي المصدر الرئيسي لمياه الشرب لمدن تل تمر والحسكة والشدادي والهول وأريافها والمخيمات التابعة لها.
على صعيد آخر، تسبب الاقتتال الدائر بين فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لأنقرة بجرح 8 مدنيين، بينهم أطفال، وحالة هلع وخوف بين المواطنين في وسط مدينة عفرين والمناطق التابعة لها بريف حلب الشمالي، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وقال «المرصد» إن اشتباكات عنيفة اندلعت بين فصيلين تابعين لـ«الجيش الوطني السوري»، المدعوم من أنقرة، وهما «أحرار الشرقية من جهة والفرقة التاسعة من جهة ثانية»، وسط مدينة عفرين على أوتوستراد شارع الفيلات، وتسببت الاشتباكات في جرح 8 مدنيين، بينهم أطفال، وحالة من الهلع والرعب بين أهالي عفرين القاطنين بشارع الفيلات، وسط استخدام الأسلحة المتوسطة والخفيفة في الاشتباكات، وذلك بسبب اقتحام عناصر من فصيل «أحرار الشرقية» مقراً عسكرياً تابعاً لـ«الفرقة التاسعة» ومحاولة اعتقال أحد القياديين.
وأضاف «المرصد» أن «فصيل (أحرار الشرقية) اقتحم عدداً من المنازل تعود لعناصر من (الفرقة التاسعة) بشارع الفيلات، وسط اندلاع اشتباكات عنيفة، استخدم فيها أسلحة خفيفة ومتوسطة وقذائف، وامتدادها إلى ناحية (راجو) 20 كلم عن مدينة عفرين، فيما ناشد الأهالي أطرافاً عسكرية أخرى للتدخل وفض الاشتباكات بين الطرفين».
وقال ناشطون إن مشهد الاشتباكات شبه الدائمة بين الفصائل ضمن «الجيش الوطني السوري»، في مناطق العمليات التركية والجيش الوطني شمال سوريا (غصن الزيتون ودرع الفرات ونبع السلام) يعكس مدى الفلتان الأمني والفشل الإداري، فضلاً عن عجز الجهات المختصة (الشرطة العسكرية) عن ضبط السلاح، بالإضافة إلى انتشار المقرات العسكرية في المناطق السكنية رغم وجود قرارات لا تتعدى عن أنها شكلية تنص على إفراغ المدينة من المقرات والسلاح الثقيل ومظاهر التسلح.
وأكد ناشطون أن حالة الفلتان الأمني وانتشار السلاح والفوضى التي تشهدها تلك المناطق تنعكس على حياة الناس وأمنهم، وتشكل لهم حالة من الخوف والذعر وتفرض عليهم البقاء داخل المنازل وعدم الخروج منها إلا للضرورة، فضلاً عن التجاوزات التي يقدم على فعلها عناصر من الجيش الوطني بحق المدنيين من تسلط وتهجم على أصحاب المحال التجارية، وطال ذلك حتى المشافي والصيدليات والدوائر العامة، وغالباً ما يتم استخدام الأسلحة خلال ذلك، وعمليات سطو مسلح، وسط غياب تام عن قيام القوات التركية (الأمنية والعسكرية) بضبط الوضع الأمني والعسكري وردع العناصر عن القيام بمثل هذه التجاوزات كونها الجهة الداعمة للفصائل.
في سياق آخر، قُتل مدني وجُرح آخر بقصف مدفعي من قبل قوات النظام على قرية عين لاروز في ريف إدلب الجنوبي شمال غرب سوريا، وتزامن ذلك مع غارات جوية شنها الطيران الحربي الروسي على مناطق إدلب.
ورصد «المرصد»، في منطقة (بوتين - إردوغان)، شمال غرب سوريا، تحليقاً متواصلاً للطيران الحربي الروسي في أجواء محافظة إدلب، بالتزامن مع تنفيذ 6 غارات جوية على منطقة حرش الشيخ بحر بريف إدلب الغربي، دون معلومات عن خسائر بشرية، حيث يوجد في محيط المنطقة عدد من مخيمات النازحين، كما تضم المنطقة مقرات عسكرية لمجموعات متطرقة.



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».