لبنان: عون يريد نصف أعضاء حكومة ميقاتي

TT

لبنان: عون يريد نصف أعضاء حكومة ميقاتي

قالت مصادر سياسية إن الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي فوجئ في الجلسة الأخيرة لمفاوضات التأليف بوجود نية لدى رئيس الجمهورية ميشال عون بالانقلاب على ما تعهّد به في الجلسة التي سبقتها من خلال مطالبته بنصف أعضاء الحكومة، أي بـ12 وزيراً من 24، ومن بينهم الوزيران المحسوبان على حزب «الطاشناق» والنائب طلال أرسلان، ما اضطره إلى تجميد البحث في توزيع الحقائب الوزارية على الطوائف بعدما قدّم له تصوراً أولياً في هذا الخصوص، وكان ينتظر منه الإجابة عليه، تمهيداً للانتقال إلى مرحلة إسقاط أسماء الوزراء على الحقائب.
وكشفت المصادر السياسية أن عون بشروطه هذه أعاد عملية التأليف إلى المربع الأول بعدما اشترط بأن لا مجال لمعاودتها ما لم يوافق ميقاتي على طلبه بإعطائه نصف أعضاء الحكومة، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن باريس اضطرت للتدخّل لإعادة النصاب إلى مشاورات التأليف، محذّرة من أن استمرار العراقيل التي تعيق تأليفها سيضطرها قبل نهاية الأسبوع الحالي إلى اتخاذ موقف لا عودة عنه يستهدف الفريق السياسي المحسوب على عون، وعلى رأسهم رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل.
ولفتت إلى أن باريس تواكب مباشرة الأجواء التي تسود مشاورات التأليف لغياب السفيرة الفرنسية آن غريو عن لبنان في إجازة سنوية، وقالت إن تدخّلها أدى إلى لجم جنوح عون للسيطرة على الحكومة بتحريض من فريقه السياسي، رغم أن باسيل كان اعتذر عن المشاركة في الحكومة العتيدة، وبالتالي امتناعه عن منحها الثقة.
ورأت المصادر نفسها أن باريس لم تتعامل بجدية مع ادعاءات باسيل لما لديها من معطيات ومعلومات موثّقة بأن عون يتشاور معه وآخرين في فريقه السياسي فور انتهاء كل جولة من مفاوضات التأليف يعقدها مع ميقاتي، وأكدت أن الأخير ترك لعون تحديد موعد انعقاد الجولة السابعة من المفاوضات التي يُفترض أن تُخصص للاستماع إلى وجهة نظره حيال العرض الذي تقدّم به الرئيس المكلف والخاص بتوزيع الحقائب على الطوائف على قاعدة تثبيت المداورة المعمول بها حالياً والتي تتعلق بالحقائب السيادية.
واعتبرت أن عون حاول من خلال مصادره أن يوحي بأن الجولة السادسة أي الأخيرة انتهت إلى تحقيق تقدّم في حاجة إلى مزيد من التشاور للاتفاق على التوزيع الطوائفي للحقائب، لكن سرعان ما تبيّن بأن التسريبات الإيجابية التي تولّى توزيعها الفريق السياسي المحسوب عليه لا تعكس واقع الحال ويراد منها تطويق ردود الفعل السلبية على عون بسبب إصراره على أن يُعطى نصف أعضاء الحكومة.
وفي هذا السياق، كشفت المصادر أن عون أصر على موقفه ونقلَت عنه قوله لميقاتي بأنه لن يوفد إليه المدير العام لرئاسة الجمهورية أنطوان شقير ما لم يحسم أمره في موافقته على شروطه لتأليف الحكومة، وهذا كان السبب الأول الذي حال دون الاتفاق على موعد انعقاد الجولة السابعة قبل أن تُقرّر باريس التدخّل على عجل لسحب أجواء التوتر قبل أن تفعل فعلها في تعليق مشاورات التأليف، محمّلة عون وفريقه السياسي مسؤولية ما يترتب على تعليقها من تأزّم يرفع من منسوب الاحتقان المذهبي والطائفي.
وقالت إن عون اضطر مُرغماً تحت ضغط باريس إلى معاودة قنوات الاتصال بميقاتي، وتردد بأنه استجاب لطلبها بإيفاده باسيل للقائه، لأن القرار يعود له وحده وإن كان عون ينوب عنه بالتفاوض. وأكدت أن باسيل يخطط منذ الآن للسيطرة على الحكومة ولو من موقعه بتعطيل فاعليتها وقدرتها على العطاء ما لم تستجب لطلباته، لأنه يتحسّب منذ الآن لحصول أي فراغ طارئ ولن يكون أمامه سوى اتخاذ التدابير الوقائية منذ الآن لمنع حكومة ميقاتي من أن تُمسك بزمام المبادرة ويعود لها القرار لملء الفراغ.
كما أن باسيل - بحسب المصادر نفسها - بدأ منذ الآن يصوّب باتجاه تشكيل الحكومة ليكون شريكاً في القرارات التي ستتخذها وإلا سيضطر حكماً إلى ملاقاتها في منتصف الطريق لإبطال قدرتها على اتخاذ أي قرار، إضافة إلى أن عون يتبنّى على بياض وجهة نظر صهره بلا أي تردّد إفساحاً في المجال أمامه ليس لسيطرته على نصف الحكومة فحسب، وإنما لوضع يده على الحقائب الخدماتية التي يُفترض أن تشكّل له رافعة لتحسين شروطه في الانتخابات لعله يستعيد حضوره كمرشح لرئاسة الجمهورية، في حال تمكّن من حصد المقاعد النيابية التي تعيده رئيساً لأكبر كتلة نيابية.
لذلك، فإن عون إن لم يبدّل موقفه يكون كمن يريد أن ينزل بكل ثقله السياسي لخدمة طموحات باسيل الانتخابية مع أن البعض في فريقه السياسي - كما علمت «الشرق الأوسط» - يحاول الآن خفض سقف شروطه مبرّراً مطالبته بنصف أعضاء الحكومة بأنها ليست مطروحة وأنه شاط بعيداً في لقائه الأخير بميقاتي تعبيراً عن حالة غضب لن تدوم وجاءت رداً على الحملات التي تستهدفه.
لكن لجوء فريقه إلى التخفيف من وطأة الحمولة الزائدة التي أراد عون تحميلها لحكومة ميقاتي لا يعني أنه سيسهّل تشكيلها بلا شروط، وإلا لماذا يطالب بالحقائب الخدماتية وبأكثرية الثلث الضامن أو المعطّل من وجهة نظر خصومه والتي تسببت له بمشكلة مع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط بدأت تظهر للعيان بسبب إصراره على أن تكون وزارة الشؤون الاجتماعية من حصة فريقه السياسي في مقابل تمسُّك «التقدّمي» بها؟
فعون بمطالبته بحقيبة الشؤون الاجتماعية يكون قد أوقع نفسه في مشكلة مجانية مع جنبلاط الذي تصرّف بحيادية طوال الفترة التي أمضاها الرئيس سعد الحريري في مشاوراته مع رئيس الجمهورية قبل أن يذهب بملء إرادته للاعتذار عن تشكيل الحكومة، سواء من خلال مطالبته بحكومة بأي ثمن لأن البلد إلى مزيد من التأزّم ولم يعد يحتمل إضاعة الوقت وهدر الفرص وصولاً إلى إبداء استعداده للتنازل عن الوزير الذي سيكون لمصلحته لتسهيل تأليفها.
وعليه، فإن عون الذي كان تباهى بأنه نجح في تحييد جنبلاط سرعان ما أطاح برهانه هذا، لأنه يريد أن يهيمن على الحقائب الخدماتية استرضاء لجشع باسيل وحساباته الانتخابية، فيما تمر علاقة رئيس «التقدمي» بالحريري في حالة من الفتور أدت إلى انقطاع التواصل بينهما.
كما أن باسيل بالنيابة عن عون أقحم نفسه في إشكالية مع حليفه الاستراتيجي «حزب الله» على خلفية أن الأخير وإن كان يراعيه بعدم الضغط عليه، فإنه في المقابل لا يضع «فائض القوة» التي يتمتع بها في خدمته لتحسين شروطه في التسوية من موقع ممانعته بعدم الاشتراك في الحكومة، وبالتالي إصراره على حجب الثقة عنها.
إلا أن مآخذ باسيل على «حزب الله»، وإن كانت تعود في العلن إلى أن الأخير ينحاز أكثر من اللزوم إلى جانب حليفه الأول رئيس المجلس النيابي نبيه بري، فإنه في المقابل مضطر للتمايز عنه مراعاةً منه للشارع المسيحي الذي بدأ يتحسّس من هجوم محازبي وأنصار الحزب عبر مواقع التواصل الاجتماعي على البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي انتقد بشدة إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان وتفرُّد الحزب بمصادرته لقرار السلم والحرب الذي يعود للدولة وحدها بلا أي شريك.
ناهيك بأن علاقة عون بالنيابة عن باسيل ببري إلى مزيد من التأزّم على خلفية رفضه إسناد وزارة المالية لمدير العمليات في مصرف لبنان يوسف الخليل، إضافة إلى إصراره على تمرير رسالة إلى ميقاتي على خلفية أنه يمسك بالملف المالي والاقتصادي للحكومة بالتعاون مع الوزراء المعنيين، وذلك لتسجيل احتجاجه الذي عبّر عنه في جلسة التشاور الأخيرة بقوله إنه سيكون شريكاً في هذا القرار.
وعلمت «الشرق الأوسط» بأن بري سيكون بالمرصاد لعون في حال أنه أراد استبعاد الخليل من المالية وسيصر على أن يكون له رأي في اختيار الوزراء المسيحيين.
ويبقى السؤال: هل تنجح باريس في رأب الصدع بين ميقاتي وعون الذي كان وراء افتعاله، وبالتالي تتمكن من تهيئة الظروف لمعاودة مفاوضات التأليف في ضوء الضغط الذي مارسته لتنعيم موقف باسيل والفريق السياسي لعون للوصول بتشكيل الحكومة إلى بر الأمان على قاعدة توفير الشروط لاستمراريتها لئلا تتحول إلى حكومتين في حكومة واحدة يعوزها الانسجام وتولد ساقطة محلياً ودولياً كونها ستكون كسالفاتها من الحكومات.
وبانتظار أن يتجاوز عون «فورة الغضب» التي كانت وراء مطالبته بنصف أعضاء الحكومة، فإن الكرة الآن في مرماه وبشهادة باريس هذه المرة لأنه بشروطه هذه ينقلب على الطائف ويخرق النصوص الدستورية الخاصة بتشكيل الحكومة، وبالتالي يعود بالمشاورات إلى نقطة الصفر ويأخذ البلد إلى مزيد من الانهيار، فيما يبقى الفراغ سيد الموقف.



البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
TT

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

يواصل «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» تقديم المشاريع والمبادرات التنموية في التمكين الاقتصادي للمرأة والشباب والمجتمعات، والاستثمار في رأس المال البشري، ودعم سبل العيش والمعيشة.

وذكر تقرير حديث عن البرنامج أن البرامج والمبادرات التنموية التي يقدمها البرنامج السعودي ركزت في المساهمة على بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد، من خلال برنامج «بناء المستقبل للشباب اليمني» الذي يساهم في ربط الشباب اليمني بسوق العمل عبر تدريبهم وتمكينهم بالأدوات والممكنات المهارية.

ويساعد البرنامج الشباب اليمنيين على خلق مشاريع تتلاءم مع الاحتياجات، ويركّز على طلاب الجامعات في سنواتهم الدراسية الأخيرة، ورواد الأعمال الطموحين، وكان من أبرز مخرجاته تخريج 678 شاباً وشابةً في عدد من التخصصات المهنية، وربط المستفيدين بفرص العمل، وتمكينهم من البدء بمشاريعهم الخاصة.

وشملت المشاريع والمبادرات برامج التمكين الاقتصادي للسيدات، بهدف تعزيز دور المرأة اليمنية وتمكينها اقتصادياً.

تدريبات مهنية متنوعة لإعداد الشباب اليمني لسوق العمل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وأشار التقرير إلى أن برنامج «سبأ» للتمكين الاقتصادي للسيدات، الذي أسهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب، وإكساب 60 سيدة للمهارات اللازمة لإطلاق مشاريعهن، وإطلاق 35 مشروعاً لتأهيل وتدريب قطاع الأعمال ودعم 35 مشروعاً عبر التمويل وبناء القدرات والخدمات الاستشارية، مع استفادة خمسة آلاف طالبة من الحملات التوعوية التي تم تنظيمها.

وإلى جانب ذلك تم تنظيم مبادرة «معمل حرفة» في محافظة سقطرى لدعم النساء في مجال الحرف اليدوية والخياطة، وتسخير الظروف والموارد المناسبة لتمكين المرأة اليمنية اقتصادياً.

وقدم «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» مشروع الوصول إلى التعليم في الريف، الذي يهدف إلى حصول 150 فتاة على شهادة الدبلوم العالي وتأهيلهن للتدريس في مدارس التعليم العام، في أربع محافظات يمنية هي: لحج، شبوة، حضرموت، والمهرة، بما يسهم في الحد من تسرب الفتيات في الريف من التعليم وزيادة معدل التحاقهن بالتعليم العام في المناطق المستهدفة.

وقدّم البرنامج مشروع «دعم سبل العيش للمجتمعات المتضررة»، الموجه للفئات المتضررة عبر طُرق مبتكرة لاستعادة سبل المعيشة الريفية وتعزيز صمود المجتمعات المحلية من خلال دعم قطاعات الأمن الغذائي، مثل الزراعة والثروة السمكية والثروة الحيوانية، لأهمية القطاعات الأكثر حساسية للصدمات البيئية والاقتصادية، موفراً أكثر من 13 ألف فرصة عمل للمستفيدين من المشروع.

البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يساهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وضمن البرامج والمبادرات التنموية المستدامة، جاء مشروع استخدام الطاقة المتجددة لتحسين جودة الحياة في اليمن، بهدف توفير المياه باستخدام منظومات الطاقة الشمسية، وتوفير منظومات الري الزراعي بالطاقة المتجددة، وتوفير الطاقة للمرافق التعليمية والصحية، والمساهمة في زيادة الإنتاج الزراعي وتحسين الأمن الغذائي لليمنيين.

كما يهدف المشروع إلى حماية البيئة من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية، وتوفير مصدر مستدام للطاقة، محققاً استفادة لأكثر من 62 ألف مستفيد في 5 محافظات يمنية.

وفي مساعيه لتعزيز الموارد المائية واستدامتها، أطلق البرنامج مشروع تعزيز الأمن المائي بالطاقة المتجددة في محافظتي عدن وحضرموت، لتحسين مستوى خدمات المياه والعمل على بناء قدرات العاملين في الحقول على استخدام وتشغيل منظومات الطاقة الشمسية.

تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

ومن خلال مشروع المسكن الملائم، يسعى البرنامج إلى المساهمة في تعزيز التنمية الحضرية وإيجاد حل مستدام للأسر ذات الدخل المحدود في المديريات ذات الأولوية في محافظة عدن من خلال إعادة تأهيل المساكن المتضررة، وقد ساهم المشروع في إعادة تأهيل 650 وحدة سكنية في عدن.

وتركّز البرامج التنموية على المساهمة في بناء قدرات الكوادر في القطاعات المختلفة، وقد صممت عدد من المبادرات في هذا الجانب، ومن ذلك مبادرات تدريب الكوادر في المطارات مركزة على رفع قدراتهم في استخدام وصيانة عربات الإطفاء، ورفع درجة الجاهزية للتجاوب مع حالات الطوارئ، والاستجابة السريعة في المطارات اليمنية، إضافة إلى ورش العمل للمساهمة في الارتقاء بمستوى الأداء وتذليل المعوقات أمام الكوادر العاملة في قطاعات المقاولات والزراعة.