مواقف الراعي تشعل سجالاً واسعاً بين مؤيد ومعارض

حملات عنيفة عليه... وجنبلاط: ما الجريمة التي ارتكبها؟!

TT

مواقف الراعي تشعل سجالاً واسعاً بين مؤيد ومعارض

أشعلت المواقف التي أطلقها البطريرك الماروني بشارة الراعي في عظة الأحد، أول من أمس، سجالاً واسعاً في لبنان بين مؤيد ومعارض لها، فيما سجلت حملات عنيفة عليه على مواقع التواصل الاجتماعي من مقربين من «حزب الله» وصفته بـ«راعي الانحياز» و«راعي الصهاينة»، ما استدعى حملات مضادة مدافعة عنه تحت عنوان «مجد لبنان» و«مع بكركي».
وكان الراعي انتقد إطلاق «حزب الله» قبل أيام صواريخ باتجاه إسرائيل، مذكراً بأن «لبنان لم يقرر الحرب معها (إسرائيل)، بل هو ملتزم رسمياً بهدنة 1949. وهو حالياً في مفاوضات حول ترسيم الحدود ويبحث عن الأمن والخروج من أزماته والنهوض من انهياره شبه الشامل، فلا يريد توريطه في أعمال عسكرية تستدرج ردوداً إسرائيلية هدامة»، معلناً أن أهل الجنوب «سئموا الحرب والقتل والتهجير والدمار»، وداعياً الجيش اللبناني إلى «منع إطلاق الصواريخ من الأراضي اللبنانية».
وفيما تفادى «حزب الله» الرد على الراعي، كان لافتاً تخصيص المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان القسم الأكبر من رسالة شهر محرم ورأس السنة الهجرية للرد على البطريرك الماروني، إذ قال إن «الجيش لن يكون لا اليوم ولا غدا إلا شريكاً للمقاومة»، متحدثاً عن «مشروع دولي - إقليمي، وظيفته تبييض إرهاب تل أبيب واحتلالها لفلسطين، ويجب أن يكون لبنان جزءاً منه، وعضواً من هويته الجديدة».
كما أصدر الحزب السوري القومي الاجتماعي بياناً اتهم فيه الراعي بـ«التعامي عن مئات المجازر والاعتداءات المتكررة من قبل العدو، واضعاً الحجة على مَن حمل السلاح لرفع الظلم وتحرير أرضه من رجس عصابات الاستيطان والاقتلاع وتزوير التاريخ والدين»، مشدداً على أن «لا الهدنة مع العدو أتت بحماية للبنان، ولا الحياد خيار أصحاب الحق، بل خيار المستسلمين».
وكان لافتاً انخراط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في الدفاع عن الراعي، إذ قال في تغريدة أمس: «كنت أتساءل عن الجريمة التي ارتكبها البطريرك الراعي، إذ ذكّر باتفاق الهدنة فانهالت عليه راجمات الشتائم من كل حدب وصوب». وذكّر جنبلاط بدوره بـ«الاستراتيجية الدفاعية التي ناقشناها مع الرئيس ميشال سليمان ثم أجهضت». وأضاف: «يبدو أنه ممنوع أن نناقش أي شيء خارج الأدبيات لجماعة الممانعة. جو ديمقراطي بامتياز».
واعتبر رئيس «لقاء سيدة الجبل» النائب السابق فارس سعيد أن «ما ينزع طابع النزاع الطائفي عن السجال الحاصل هو خروج جنبلاط ليستغرب الحملة على البطريرك، علماً بأن الأخير لم يقل ما قاله من منطلق مسيحي إنما من منطلق وطني». وشدد سعيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على أن «كل محاولات وضعه في خانة مسيحية ودفع مرجعيات مسيحية للرد عليه، محاولات قديمة وعقيمة»، مضيفاً: «خسارة حزب الله كبيرة، فهو لم ينجح رغم كل محاولاته بفصل الأزمة المعيشية عن أزمة سلاحه والاحتلال الإيراني، وقد فوجئ بأن اللبنانيين ومن ضمنهم البطريرك يربطون أزماتهم المستفحلة بأزمة سلاح حزب الله والاحتلال الإيراني».
بالمقابل، شدد عضو كتلة التنمية والتحرير التي يرأسها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، النائب قاسم هاشم، على «حق البطريرك وأي شخصية أخرى في التعبير عن رأيها وعن الموقف الذي ينسجم وقناعاتها، إلا أنه اعتبر أنه وبمقاربة الموضوع الذي تناوله أخيراً لجهة الدعوة لمنع إطلاق صواريخ من لبنان، يتوجب الأخذ بعين الاعتبار أن الصواريخ التي يتم إطلاقها تأتي في إطار الرد على خروقات وتجاوزات العدو الإسرائيلي للسيادة اللبنانية كما أنه يحتل جزءاً من أراضينا ويعتدي علينا بشكل دائم». وقال هاشم لـ«الشرق الأوسط»: «حالة التوتر والتوتير المستمرة منذ أسابيع تفاقم الواقع المهترئ نتيجة اللاستقرار السياسي الذي نعيشه بسبب عدم تشكيل حكومة، وبالتالي المطلوب التعاطي بحكمة وعقلانية مع المرحلة للحفاظ على الاستقرار العام بحدوده الدنيا».
وشجب رئيس «الرابطة المارونية» النائب السابق نعمة الله أبي نصر، الحملة على البطريرك، معتبراً أنه «أقل ما يقال فيها إنها رعناء، ولا تقيم وزنا لأبسط قواعد الأخلاق واللياقة في التخاطب مع مَن يختلف أصحابها في الرأي معه». ولفت، في بيان، إلى أن «الحملات التي طاولت البطريرك الراعي، إنما طاولت الكنيسة المارونية بأسرها، وهي مرفوضة ومرذولة ومردودة إلى أصحابها جملة وتفصيلاً، وهم من فئة الذين اعتادوا السير في مواكب الفتن التي يتقنون فنونها. ولن نحقق لهم ما هم إليه ساعون».
ورد الوزير السابق سجعان قزي، المقرب من الراعي على من تهجم عليه بالقول: «لو أدرك الذين يتطاولون على البطريرك الراعي أن مواقفَه تصب في مصلحتِهم قبلَ أي مصلحة أخرى، لتوقفوا عن التهجمِ واعتذروا. ولو أدركوا أيضاً أن البطريرك يَقلَقُ على أمنِ الجنوب وأهاليه قبلَ قلقِه على أي منطقة أخرى لخجلوا. لكن مَن اقترَن بالولاءِ لدولة أجنبية، والتزمَ تنفيذَ انقلابٍ على الدولة والنظامِ والميثاقِ والشراكة الوطنية، يُزعجُه الكلامُ البطريركي اللبناني والوطني والصريح».



القضاء العراقي يواجه أزمة بعد فوز ترمب لصدور مذكرة قبض بحقه

ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
TT

القضاء العراقي يواجه أزمة بعد فوز ترمب لصدور مذكرة قبض بحقه

ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)

في الوقت الذي هنأ الرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد، ومحمد شياع السوداني، رئيس الوزراء العراقي، دونالد ترمب بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية، بدأت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي تبحث عن كيفية التعامل مع ترمب المرحلة المقبلة في ظل وجود مذكرة صادرة من مجلس القضاء الأعلى في العراق بالقبض على ترمب بتهمة اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس.

الرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد

وقال عضو اللجنة مختار الموسوي في تصريح صحافي إن «ترمب بالنسبة للعراق وحسب القوانين العراقية هو مجرم، لكن العراق سيتعامل معه بشكل طبيعي، فهناك مصلحة للعراق بذلك، ووصول ترمب إلى البيت الأبيض لن يؤثر على العلاقات بين بغداد وواشنطن». ورأى الموسوي، وهو نائب عن «الإطار التنسيقي الشيعي» الحاكم أن «أميركا دولة مؤسسات ولا تتأثر كثيراً برؤساء في التعاملات الخارجية المهمة». وأضاف: «ترمب لا يعترف بالحكومة العراقية ولا يحترم السلطات في العراق»، لافتاً إلى أن «زيارته للعراق أثناء ولايته السابقة اختصرت فقط على زيارة الجنود الأميركان في قاعدة (عين الأسد) بمحافظة الأنبار، لكن العراق سيتعامل مع ترمب بشكل طبيعي».

الجنرال الإيراني قاسم سليماني (أ.ب)

وختم عضو لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية تصريحه قائلاً: «في حال زار ترمب العراق خلال المرحلة المقبلة، فهناك صعوبة في تنفيذ مذكرة القبض بحقه، فهناك مصلحة للدولة العراقية وهي تتقدم على جميع المصالح الأخرى، فهي تمنع أي تنفيذ لتلك المذكرة بشكل حقيقي بحق ترمب».

أبو مهدي المهندس (أ.ف.ب)

يشار إلى أن رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق فائق زيدان أعلن صدور أوامر قبض بحق ترمب على خلفية أوامر أصدرها لقتل سليماني والمهندس في السابع من يناير (كانون الثاني) عام 2021. وأوضح بيان رسمي، صدر في ذلك الوقت أن «القرار يستند إلى أحكام المادة 406 من قانون العقوبات العراقي النافذ»، مؤكداً أن «إجراءات التحقيق لمعرفة المشاركين الآخرين في تنفيذ هذه الجريمة سوف تستمر سواء كانوا من العراقيين أو الأجانب».

القضاء العراقي وأزمة تطبيق القانون

قانونياً، وطبقاً لما أكده الخبير القانوني العراقي، علي التميمي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» فإأن «القضاء العراقي تحرك بناءً على الشكوى المقدمة من الطرف المشتكي، وبالتالي فإن القضاء ملزم وفق القانون باتخاذ الإجراءات القانونية بحق أي شخص سواء كان في الداخل العراقي أو الخارج العراقي».

وأضاف التميمي: «ولأن الجريمة التي ارتُكبت داخل العراق واستهدفت شخصيات في العراق وأدت إلى مقتلهم؛ فإن الولاية القضائية هنا هي التي تطبق وهي ولاية القضاء العراقي»، مبيناً أن «إصدار أمر قبض بحق ترمب في وقتها وفق مذكرة القبض الصادرة من القضاء العراقي وفق المادة 406 من قانون العقوبات العراقي وهي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد لكونه شريكاً في هذه العملية؛ ولذلك يعدّ الإجراء من الناحية القانونية صحيحاً».

مركبة محترقة في مطار بغداد أصابها أحد الصواريخ الثلاثة (خلية الإعلام الأمني)

ورداً على سؤال بشأن تنفيذ المذكرة، يقول التميمي إن «التنفيذ يكون عن طريق الإنتربول الدولي بعد تقديم طلب عبر وزارة الخارجية، وهو أمر صعب من الناحية الواقعية، والثانية هي انضمام العراق إلى اتفاقية روما للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1948 وهي تحاكم الأشخاص بمختلف الجرائم، ومنها جرائم العدوان التي تنطبق على عملية الاغتيال التي نُفذت بأمر ترمب وفقاً للمادة 6 من قانون هذه المحكمة التي تتطلب دخول العراق فيها أولاً». وأوضح التميمي أنه «مع كل هذه الإجراءات القانونية، لكن ترمب في النهاية أصبح رئيس دولة وهو يتمتع بالحصانة وفقاً اتفاقية فيينا».

أول المهنئين لترمب

وفي الوقت الذي تبدو عودة ترمب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية مقلقة لبعض الأوساط العراقية، إلا أن العراق الرسمي كان من أول المهنئين؛ إذ هنأ الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد ترمب، وتطلع إلى أن «تعمل الإدارة الأميركية الجديدة على تعزيز الاستقرار الذي تشتد الحاجة إليه والحوار البنَّاء في المنطقة»، كما هنَّأ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني دونالد ترمب بفوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية لولاية جديدة، معرباً عن أمله في «تعزيز العلاقات الثنائية» خلال «المرحلة الجديدة». وكتب السوداني على منصة «إكس»: «نؤكد التزام العراق الثابت بتعزيز العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة، ونتطلع لأن تكون هذه المرحلة الجديدة بداية لتعميق التعاون بين بلدينا في مجالات عدة، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة ويعود بالنفع على الشعبين الصديقين». كما أن رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني ورئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني كانا أول المهنئين لترمب؛ نظراً للعلاقة الجيدة التي تربط الأكراد مع الجمهوريين. وكتب نيجرفان بارزاني على منصة «إكس» قائلاً: «أتقدم بأحرّ التهاني إلى الرئيس ترمب ونائب الرئيس المنتخب فانس على فوزهما في الانتخابات». وأضاف: «نتطلع إلى العمل معاً لتعزيز شراكتنا وتعميق العلاقات الثنائية بين إقليم كردستان والعراق والولايات المتحدة».

أما رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، فقد عبّر من جهته إلى أهمية «تعميق الشراكة بين إقليم كردستان والولايات المتحدة، والعمل معاً لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة».

اقرأ أيضاً