جينات القطط... الأقرب إلى الجينوم البشري

قاسم مشترك آخر بين الإنسان والهررة

جينات القطط... الأقرب إلى الجينوم البشري
TT

جينات القطط... الأقرب إلى الجينوم البشري

جينات القطط... الأقرب إلى الجينوم البشري

أخضع العلماء الفئران إلى أبحاث ودراسات بهدف التوصل إلى علاجات وحلول لمشاكل الإنسان الصحية. ولكن جينوم الفئران يتسم بالفوضى الهيكلية. ففي مرحلة معينة من تاريخها التطوري، جرى خلط جينوم أجداد الفئران كما تخلط أوراق اللعب، ما أدى إلى تطور معمارية أخرى لديه تختلف عن المعمارية التي تجعل جينومات معظم الثديات الأخرى تبدو أنها تنتمي فعلاً للثديات.

جينوم مشوش

يقول بيل مورفي، عالم جيني في جامعة «تكساس إي اند أم»: «لا طالما اعتبرت جينوم الفئران واحدةً من أعظم الحالات الشاذة. فهو يختلف عن كل الجينومات المشيمية الأخرى الموجودة، وكأنه من القمر مقارنةً بكل شيء آخر موجود على الأرض».
لا تزال جينومات الفئران فعالة بشكل مذهل. فبفضل سنوات من العبث الحذر، ورسم الخرائط الدقيقة، وحالات التكاثر الهائلة، نجح الباحثون بفك الشيفرة الجينية للفئران بشكل عميق حتى أصبحوا قادرين على تكبير أو تصغير عمر هذه الحيوانات، وزيادة أو تقليص خطر إصابتها بالسرطان، للتوصل إلى نتائج لها تأثيرات ملحوظة على البشر. ولكن الفوضى الجينية الكبيرة التي تتميز بها الفئران تجعلها أقل ملاءمةً للأبحاث التي قد تساعدنا على فهم ترتيب وتخزين شيفراتنا الجينية البشرية. ولهذا السبب، اتجه الباحثون إلى نماذج دراسية أخرى بصعود درجة واحدة في السلسلة الغذائية.

جينات القطط

وقد تبين أن القطط تملك جينومات شبيهة بجينومات البشر لجهة الشكل والسلوك. تشرح ليسلي ليونز، خبيرة في جينيات القطط في جامعة ميسوري، أنه «عدا عن الرئيسيات، تعتبر مقارنة القط - الإنسان من أقرب المقارنات التي يمكن الحصول عليها».
تعمل كل من ليونز ومورفي، وكلاهما من أهم خبراء العالم في علم جينات القطط، على ترتيب مجالهما البحثي الصغير. فعلاوةً على الهندسة الجينية، تشاركنا القطط منازلنا ونظمنا الغذائية وسلوكياتنا، والكثير من آفاتنا المجهرية، وبعض أمراضنا المزمنة كالسكري ومشاكل القلب، المنتشرة في المجتمعات الغربية. تقول ليونز: «إذا نجحنا في تبيان أسباب حصول هذه الأمور لدى القطط، وليس غيرها من المخلوقات، قد يتمكن البشر والحيوانات التي تنتمي إلى هذه الفصيلة من تشارك بعض المكاسب الصحية أيضاً».
وتضيف ليونز أن «خطط جينومات القطط ترسم اليوم بشكل كامل وبتسلسل شبه مثالي»، لافتةً إلى أن هذه الخطوة طبقها الباحثون على البشر منذ وقت غير بعيد. وتساعد الجينومات المكتملة في صناعة المراجع – على شكل نصوص مكتوبة بدقة – يستخدمها العلماء دون صفحات بيضاء أو أدوات حذف تفسدها.
لا تستطيع القطط إبلاغنا عندما تمرض، ولكن توسيع استثمار جينوماتها قد يمهد الطريق لطب أكثر دقة لهذه الحيوانات، يستطيع البيطريون من خلاله تقييم المخاطر الجينية لأمراض مختلفة، والتدخل مبكراً، ما سيتيح لهم وضع تشخيصات سريعة بحسب ما أفادت إيلينور كارلسون، خبيرة بجينومات الفقاريات في معهد «برود».
ولأن البشر والقطط يبتلون أحياناً ببعض الأمراض المشتركة، يمكن لتحديد تركيبة القطط الجينية أن يساعد الإنسان أيضاً. ولفتت إميلي غراف، اختصاصية في علم الأمراض والجينات البيطريين من جامعة «أوبرن» الانتباه، إلى أن القطط قد تعاني، على سبيل المثال، من اضطراب عصبي شبيه بداء «تاي ساكس Tay - Sachs «وهو مرض خطير قد يسبب الوفاة لدى الأطفال. وتبين أن العلاج الجيني يتمتع بفعالية خارقة ضد هذا المرض لدى القطط، ولهذا السبب، يخطط زملاء غراف لصناعة علاج مشابه ولكن مناسب للأطفال المصابين به.

ركود الجينات البشرية

يرى ليونز أن جينوم القطط يمكن أن يدعم الأبحاث العلمية الأساسية أيضاً، مثلا للتحقق من نشاط الجينات.
تحتوي جميع خلايا جسدنا على جينومات متطابقة، ولكن نموها ومستقبلها التطوري يختلفان بشكل مذهل. يحاول الباحثون منذ عقود فك تعقيدات آليات هذه العملية التي تتطلب من بعض الخلايا إجبار بعض جيناتها على وقف نشاطها، واستخدام جينات أخرى بشكل مفرط. ويعد صمت واحدة من كروموسومات «إكس» في الخلايا الأنثوية واحداً من أبرز الأمثلة على هذه الظاهرة. يقول سود بيغلاي، عالم جينات في جامعة نيويورك: «لا زلنا لا نملك تفسيراً واضحاً حول كيفية عمل وركود الخلايا. إنه كروموسوم كامل».
يقف شلل الكروموسوم «إكس» خلف تحديد الطبقات اللونية لقطط الكاليكو. هذه القطط، وجميعها تقريباً من الإناث، تشهد طفرات جينية، إذ تحتوي إحدى كروموسومات «إكس» خاصتها على خلية برتقالية فروية وأخرى سوداء، ويحافظ كروموسوم واحد على نشاطه في أي خلية من خلاياها. يتحدد هذا الخيار في مرحلة مبكرة من نمو القطة، فتبقى الخلايا التي انقسمت عن هذه السلالات وفية للون الذي اختارته خلايا آبائها، ما يؤدي إلى ظهور بقع لونية كبيرة. يقول سانديب كالانتري، خبير في ركود الكروموسومات «إكس» في جامعة ميشيغان: «ساعدنا هذا الأمر في فهم أن كروموسومات «إكس» الراكدة كانت مستقرة نسبياً، وظلت مستقرة لجولات انقسام عدة. ولهذا السبب، تملك قطط الكاليكو هذه العلامة الفارقة الناتجة عن توقف نشاط الكرموسوم «إكس».
يمكن للجينومات أن تظهر عناداً شديداً فيما يتعلق بكروموسوم «إكس» ويمكنها أن تحافظ على جذورها حتى بعد نقلها إلى خلايا أخرى. كانت أول القطط المستنسخة «كاربون كوبي»، مطابقة جينياً لقط الكاليكو الأصلي «رينبو». إلا أن المستنسخ ولد مع تدرجات بنية وبيضاء يبدو أنها نتجت عن خلية تحتوي على آثار برتقالية من كروموسوم «إكس» رفض أن يعكس العملية.
لا يزال الكثير من التقلبات الجينية والكروموسومات الصامتة، واستمراريتها أو عدم استمراريتها النسبية في سياقات مختلفة، محط دراسة في أنواع حية مختلفة من قبل باحثين ككلانتري، الذي يعرض موقع مختبره الإلكتروني صورة لقط كاليكو. ولكن العلماء يعرفون منذ زمن طويل أن شكل وهيكل الجينوم، وترتيب الجينات الموجودة فيه، يحمل تفسيراً لكيفية تعبير محتوياتها عن نفسها.

جينات منظمة

يعتقد أن الجينوم البشري بمعظمه عبارة عن حواشي وتجميلات تحدد شكل قراءة ما تبقى منه، إذ يمكن لمقتطفات من الحمض النووي أن تدور وتنحني وتقطع مسافات طويلة لتشكيل بعضها البعض. يعد هذا واحداً من أبرز المجالات التي يمكننا فيها الاستعانة بالقطط، بحسب ليونز التي أضافت أنه «إذا كانت جينات القطط منظمة كجيناتنا، لعلها طريقة ترتيبها تكون نفسها أيضاً. وهنا، يمكننا الاستفادة من القطط أيضاً».
قد يشعر البعض بنوع من عدم الراحة لفكرة دراسة القطط في المختبرات، ولكن مورفي تؤكد أن الكثير من العمل الجيني يمكن أن يحصل دون أذى. فقد طور فريقها مهارات عالية في سحب كتل حمض نووي من خلايا وجنات القطط باستخدام فرش سلكية صغيرة يدخلونها إلى فم الحيوان.
توجد أيضاً حيل كثيرة للعمل مع الحيوانات الأليفة المحبوبة خصوصاً وأن الناس يحرصون غالباً على المساهمة، مباشرةً أو عبر الأطباء البيطريين الذين يعملون معهم، في هذا المجال. وعندما تمرض القطط، يستطيع الباحثون أخذ عينات منها، وفي حالات كثيرة، يساعدونها على استعادة عافيتها. تقول مورفي إن «حوالي 90 في المائة من الدراسات على القطط حصلت على نماذج أصيبت بالمرض بشكل طبيعي». وتجدر الإشارة إلى أن القطط المستخدمة في الأبحاث التي تجرى في مختبر ليونز في ميسوري، تذهب للتبني بعد تقاعدها من مهنتها العلمية.
تعتبر الفئران خياراً سهلاً وغير مكلف لناحية التربية في المختبرات، دون أن ننسى أن لها باعا طويلا في البحث العلمي، لذا من غير المرجح أن تتمكن القطط من التفوق عليها في هذا المجال، حتى أنها قد لا تنجح في تجاوز الكلاب التي تعمل مع البشر التي قدمت خدمات ومساهمات كبيرة في مجالات كثيرة، على حد تعبير جيتا غناناديسيكان، باحثة متخصصة بالكلاب في جامعة أريزونا. وكمتطوعين للأبحاث العلمية، تبدو القطط أكثر عناداً وتحفظاً. (الكلاب أيضاً لها جوانبها السلبية في هذا المجال. نعلم الكثير عن جينوماتها ولكن تربيتها وتكاثرها يتسم باختلاف جيني كبير يجعلها قليلة التنوع، ونموذج غير مناسب للبشر، على حد تعبير كارلسون).
ولكن الخبراء يشددون على أن القطط تتمتع بمكانة خاصة كعضو في نوع حي كامل قد يستفيد منه البشر لتكوين مفاهيم أفضل. وأخيراً، تختم غناناديسيكان: «في علم الجينات، يوجد هذا السؤال الضاغط: هل تحاولون معرفة كل شيء تستطيعون معرفته حول عدد صغير من الكائنات الحية، أو تتوسعون في البحث وتحاولون معرفة القليل حول عدد كبير من الأنواع الحية؟ أظن أن واحدةً من الإجابات هي فقط... نعم».
* «ذي أتلانتيك»،
- خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

من الرياض... مبادرة من 15 دولة لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت»

الخليج «منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)

من الرياض... مبادرة من 15 دولة لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت»

صادقت 15 دولة من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الرقمي، على إطلاق مبادرة استراتيجية متعددة الأطراف لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت».

غازي الحارثي (الرياض)
يوميات الشرق الجهاز الجديد يتميز بقدرته على العمل ميدانياً مباشرة في المواقع الزراعية (جامعة ستانفورد)

جهاز مبتكر ينتِج من الهواء مكوناً أساسياً في الأسمدة

أعلن فريق بحثي مشترك من جامعتَي «ستانفورد» الأميركية، و«الملك فهد للبترول والمعادن» السعودية، عن ابتكار جهاز لإنتاج الأمونيا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً