تقرير يمني يوثق مقتل 640 طفلاً جندهم الحوثيون خلال 6 أشهر

اتهم 125 قيادياً في الجماعة بعمليات الاستقطاب المباشر

جانب من أحد المعسكرات الحوثية لتدريب صغار السن على القتال (منظمة ميون)
جانب من أحد المعسكرات الحوثية لتدريب صغار السن على القتال (منظمة ميون)
TT

تقرير يمني يوثق مقتل 640 طفلاً جندهم الحوثيون خلال 6 أشهر

جانب من أحد المعسكرات الحوثية لتدريب صغار السن على القتال (منظمة ميون)
جانب من أحد المعسكرات الحوثية لتدريب صغار السن على القتال (منظمة ميون)

وثق أحدث تقرير حقوقي يمني مقتل 640 طفلا قامت الميليشيات الحوثية بتجنيدهم من مناطق سيطرتها خلال الستة الأشهر الأولى من العام الجاري، كما تضمن التقرير رصدا بأسماء الأطفال المجندين وأسماء قادة الجماعة المتورطين في استقطابهم للقتال.
التقرير الصادر عن منظمة «ميون لحقوق الإنسان والتنمية» عن ضحايا تجنيد الأطفال في اليمن جاء بعنوان «أطفال لا بنادق» متضمنا توصيات تشدد على إحالة مرتكبي هذه الجرائم بحق الطفولة إلى محكمة الجنايات الدولية.
وبينت المنظمة في تقريرها وهو أول نشاط ميداني لها الميدانية أنها وثقت مقتل 640 طفلاً يمنيا، خلال الستة الأشهر الأولى من العام الجاري، تتراوح أعمارهم بين 13 - 17 عاما، ممن تم تجنيدهم من قبل جماعة الحوثي، من ضمنهم 13 طفلا جندتهم الجماعة في إعلامها الحربي.
وقال التقرير إن هؤلاء الضحايا شيعوا جميعا في مواكب دفن علنية وبثت عبر وسائل الإعلام الحوثية بعد أن تم الزج بهم إلى جبهات القتال، في انتهاك صارخ للمواثيق الدولية والقوانين الوطنية والالتزامات والتعهدات، وفي رفض واضح للدعوات الدولية التي تطالب مرارا وتكرارا أطراف النزاع بالوقف الفوري لتجنيد الأطفال في اليمن.
وفي حين دقت المنظمة الحقوقية أجراس الخطر من استمرار هذه الجرائم في حصد أرواح الطفولة، أوضحت في تقريرها أعداد الضحايا من كل محافظة يمنية، حيث تصدرت محافظات صنعاء، وذمار وحجة بمقتل 333 طفلا خلال الستة الأشهر الأولى من العام الجاري من بين 15 محافظة شملتها عمليات الرصد، خلافا للقتلى الذين لم يتم الإعلان عن أسمائهم. وبحسب معلومات جمعها التقرير من المستشفيات في العاصمة صنعاء والمحافظات الخاضعة للجماعة الحوثية ومما تسمى بمؤسسة رعاية الجرحى التابعة للجماعة فقد بلغ عدد الجرحى من الأطفال المجندين خلال المدة نفسها 3400 طفل، وهو ما يشير إلى مذبحة مروعة تتعرض لها الطفولة في هذه المحافظات.
ورصد التقرير تراجعا في عدد ضحايا الأطفال المجندين من أبناء محافظة صعدة إلى المرتبة السادسة مقارنة بضحايا الأطفال عام 2020، كما تضمن قائمة بأسماء أبرز قيادات جماعة الحوثي المتورطين في استقطاب وتجنيد الأطفال، حيث وثقت المنظمة من خلال فريق الرصد الميداني في صنعاء والمحافظات الخاضعة لسيطرة الميليشيات تورط 125 قياديا بعمليات تجنيد الأطفال وفي مقدمهم يحيى بدر الدين الحوثي ومحمد علي الحوثي ومحمد بدر الدين الحوثي وعبد الكريم أمير الدين الحوثي وعبد المجيد الحوثي وأحمد درهم المؤيدي وأحمد محمد حامد وعبده المحسن الطاووس وضيف الله رسام.
كما كشفت المنظمة الحقوقية في تقريرها عن أسماء 22 جهة متورطة في عمليات تجنيد الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين، إلى جانب توثيقها قيام جماعة الحوثي بمنح رتب عسكرية (تراوحت بين عقيد وملازم ثان) لعدد 155 طفلاً، من إجمالي عدد الضحايا الذين قتلوا خلال الستة الأشهر الأولى من هذا العام.
وأشار التقرير إلى أن الحوثيين يقومون بتجنيد الأطفال من خلال الدورات الثقافية، والمدارس والمعاهد، والمساجد والمراكز الصيفية ودور رعاية الأيتام وعن طريق الخطف، وعبر المساعدات المقدمة من قبل ما يسمى المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي.
وبين التقرير، أن الحوثيين يجبرون الأطفال على تنفيذ مهام كالقتال المباشر، ونقل الإمداد وجمع المعلومات، وزراعة الألغام، وقيادة السيارات والدراجات النارية، وبناء التحصينات والخنادق، ومرافقة القيادات والمشرفين، وكذلك العمل في نقاط التفتيش، وهو ما يعرضهم للقتل أو الأسر، والإصابات بعاهات مستدامة.
في السياق نفسه أوضح رئيس منظمة ميون للحقوق والتنمية عبده علي الحذيفي أن أطفال اليمن يُعَدون الشريحة الأضعف في المجتمع، ولذلك فهم يدفعون ثمناً باهظاً جراء استمرار الحرب. وقال إن التفكّك الأسري والتسرّب من المدارس وتفشي عمالة الأطفال وغيرها من الظواهر، لم تعد الأخطر على الأطفال في اليمن، بل إنّ الحرب صارت بيئة خصبة لارتكاب أبشع الانتهاكات بحقهم. وطالب الحذيفي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» مجلس الأمن الدولي بإحالة قضية تجنيد الأطفال في اليمن إلى المحكمة الجنائية الدولية باعتبارها جريمة حرب بموجب ميثاق روما الأساسي الناظم للمحكمة.
كما دعا الممثل الخاص للأمين العام المعني بالأطفال والنزاع المسلح إلى زيارة اليمن وإجراء تقييم مباشر لتجنيد الأطفال في المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي والحكومة المعترف بها دوليا. مشددا على حماية الأطفال من الاستخدام غير المشروع للمخدرات والمسكرات وغيرها من المواد التي تسبب الإدمان وتروج بين الشباب والأطفال.
وأكد الحذيفي أن المجتمع الدولي معني بممارسة المزيد من الضغوط على الأطراف اليمنية المنتهكة لحقوق الطفولة في اليمن، بخاصة أن كل الإجراءات السابقة شجعت المنتهكين لحقوق الأطفال على ارتكاب المزيد من الجرائم.
يشار إلى أن التقرير الحقوقي تضمن العديد من التوصيات من بينها إصدار قائمة سوداء بمنتهكي الطفولة في اليمن تضم أسماء القيادات المتورطة في تجنيد الأطفال وفرض عقوبات عليهم، وعدم الاكتفاء بإدراج الكيانات في قائمة العار، إلى جانب المنع من السفر وملاحقتهم قانونيا.
وأوصى التقرير بتبني برامج وخطط ومشاريع في مناطق الصراع تهدف إلى التخفيف من معاناة أطفال اليمن والنهوض بأوضاعهم، تأكيدا لضمان حماية حقوقهم الإنسانية.
إلى ذلك دعا التقرير المجتمع الدولي للضغط على المنظمات المتورطة بمساندة جماعة الحوثي في عملية تجنيد الأطفال تحت اسم تقديم المساعدات الإنسانية، كما دعا الميليشيات الحوثية إلى التوقف الفوري عـن تجنيد الأطفال وتسريح المجندين دون سن 18 سنة، وإنهاء جميع أشكال الانتهاكات الجسيمة لحقوقهم المكفولة في المواثيق والأعراف الوطنية والدولية المصادق عليها من قبل الجمهورية اليمنية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون: هجماتنا على إسرائيل ستستمر ولن تردعها الغارات الجوية

العالم العربي دخان يتصاعد من موقع الغارات الجوية الإسرائيلية بمدينة الحديدة الساحلية باليمن في هذه الصورة المنشورة 20 يوليو 2024 (رويترز)

الحوثيون: هجماتنا على إسرائيل ستستمر ولن تردعها الغارات الجوية

قال عبد الملك الحوثي زعيم الحوثيين، الخميس، إن هجمات الجماعة على إسرائيل تضامناً مع الفلسطينيين في قطاع غزة ستستمر ولن تردعها الغارات الجوية الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج السعودية أكدت استمرار وقوفها مع اليمن وحكومته وشعبه (الشرق الأوسط)

ترحيب سعودي وخليجي باتفاق الحكومة اليمنية والحوثيين الاقتصادي

رحبت السعودية باتفاق الحكومة اليمنية والحوثيين على إجراءات خفض التصعيد فيما يتعلق بالقطاع المصرفي والخطوط الجوية اليمنية.

العالم العربي بفضل الدعم المقدم من مركز الملك سلمان للإغاثة حققت الصحة العالمية نجاحات كبيرة في اليمن (الأمم المتحدة)

​«الكوليرا» يتفشّى بشكل «مخيف» في مناطق سيطرة الحوثيين

كشفت منظمة الصحة العالمية عن انتشار مخيف لوباء الكوليرا في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين بشمال اليمن وقالت إن عدد الإصابات المسجلة تقترب من 100 ألف حالة.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي من اجتماع سابق لمجلس القيادة الرئاسي اليمني (سبأ)

حوار غروندبرغ الاقتصادي... غضب يمني ومرونة رئاسية ورفض حوثي

أظهر مجلس القيادة الرئاسي اليمني مرونة إزاء طلب المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، وقف تدابير البنك المركزي في عدن والانخراط في حوار اقتصادي، بينما رفض الحوثيون.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي جانب من استعراض حوثي مسلح في صنعاء (أ.ف.ب)

مقتل وإصابة 8 مدنيين بينهم أطفال جنوب تعز بقصف حوثي

قُتل وأصيب 8 مدنيين، بينهم أطفال جراء قصف للميليشيات الحوثية الإرهابية استهدف منطقة الشقب في مديرية الموادم جنوب محافظة تعز اليمنية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

حفل افتتاح أولمبياد باريس يشعل الغضب بين «مسيحيي الشرق»

لوحة «العشاء الأخير» لليوناردو دافنشي (غيتي)
لوحة «العشاء الأخير» لليوناردو دافنشي (غيتي)
TT

حفل افتتاح أولمبياد باريس يشعل الغضب بين «مسيحيي الشرق»

لوحة «العشاء الأخير» لليوناردو دافنشي (غيتي)
لوحة «العشاء الأخير» لليوناردو دافنشي (غيتي)

أثار حفل افتتاح «أولمبياد باريس» غضباً واسعاً بين مسيحيي الشرق، بعدما تضمن «محاكاة» مجموعة من الفنانين، يبدو أنهم «متحولون جنسياً»، للوحة «العشاء الأخير»، التي تحمل قيمة دينية للمسيحيين. وطالب «مجلس كنائس الشرق الأوسط»، القائمين على تنظيم الحفل بـ«اعتذار علني».

وانطلقت، الجمعة، دورة الألعاب الأولمبية «باريس 2024»، التي تستمر فعالياتها حتى 11 أغسطس (آب) المقبل، بحفل مبهر على ضفاف نهر السين. لكن عروضاً بالحفل اعتبرها البعض «ترويجاً للشذوذ»، خاصة عرض لوحة «العشاء الأخير»، التي رسمها ليوناردو دافنشي بأواسط القرن الخامس عشر.

وأثار العرض غضباً مسيحياً واسعاً، وطالب «مجلس كنائس الشرق الأوسط»، القائمين على حفل الافتتاح بـ«اعتذار علني»، وقال المجلس في بيان صحافي، مساء السبت، إن «احترام حريات الغير، وصيانة كرامته الإنسانية، وبناء علاقات سليمة بين البشر، يفترضان الرجوع عن الخطأ، وتقديم الاعتذار العلني والصريح من جميع الذين جرى جَرحُ مشاعرهم وتم الاستهزاء بمقدساتهم حول العالم».

وأكد المجلس أنه تابع «بكثير من المحبة الممزوجة بالاستغراب والاستهجان، ما جرى خلال حفل افتتاح الألعاب الأولمبية في فرنسا، من الاستهزاء بسر الأسرار في المسيحية، وبما هو مقدس لدى مليارات الناس حول العالم»، مشدداً على أن «المسيحية كانت سباقة صون الحريات، وحماية التنوع، والحفاظ على كرامة الإنسان وحقوقه، لذلك لا نقبل تعريضها للامتهان من بعض الجماعات».

وقال الأمين العام المشارك بمجلس «كنائس الشرق الأوسط» القس المصري رفعت فكري، إن «الغضب الذي أثاره ما حدث في أولمبياد باريس لا يقتصر على مسيحيي الشرق الأوسط، بل طال الكثيرين، حتى غير المتدينين، الذين رأوا أن العرض الفني يتضمن ابتذالاً لطبيعة الإنسان»، ويروج لـ«اللا أخلاق».

وأضاف فكري لـ«الشرق الأوسط» إن «الكنيسة ليست ضد حرية التعبير، بل تدعم كل مفاهيم الحريات، لكن العرض تضمن أفكاراً فجة، تصدم أي شخص بغض النظر عن ديانته، مثل الترويج للمثلية، والتحول الجنسي، وهدم البناء الطبيعي لمفهوم الأسرة القائم على زواج الرجل من المرأة».

وفي مصر عبرت الكنيسة الإنجيلية عن «حزنها العميق» إزاء ما وصفته بـ«العمل الفني غير اللائق الذي شهدته مراسم افتتاح الألعاب الأولمبية في باريس»، والذي احتوى، وفق بيان أصدرته الكنيسة، الأحد، على «مشهد يجسد رمزية صورة (العشاء الأخير)، التي تحمل أهمية كبرى في تاريخ العقيدة والإيمان المسيحيين».

وأكدت الكنيسة أن «احتفالات الألعاب الأوليمبية يجب ألا تستغل أبداً كمنصة للصراع الديني والثقافي، أو محاولة للإساءة بأي شكل، بل على العكس، عليها أن تقوم بدورها التاريخي في استيعاب وتشجيع الرياضيين من كل أنحاء العالم، واحترام التنوع وتعزيز التفاهم بين الشعوب والأمم والثقافات».

في المقابل، يرى المفكر المصري المسيحي كمال زاخر ضرورة «عدم تضخيم الواقعة»، مشيراً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن تناول ما حدث في مونديال باريس «يجب أن يتم في سياق ثقافة المجتمع الذي حدث فيه».

وأضاف زاخر: «من حق الكنيسة والمسيحيين في الشرق أن يغضبوا، إلا أن التعبير عن الغضب لا يجب أن يكون أكبر من الواقعة نفسها»، مؤكداً أنه «يجب تناول الواقعة من منظور طبيعة البلد الذي حدثت فيه؛ لأن فرنسا تعلن دائماً أنها دولة علمانية بالمعنى الحقيقة لمفهوم العلمانية».

ودخل الأزهر الشريف على خط الأزمة، محذراً من «خطورة استغلال المناسبات العالمية لتطبيع الإساءة للدين وترويج الشذوذ والتحول الجنسي». وأدان الأزهر، في بيان الأحد، مشهد المسيح عليه السلام، مؤكداً أنه «لا يحترم مشاعرَ المؤمنينَ بالأديان، وبالأخلاق والقِيَمِ الإنسانية الرفيعة».