أحزاب بغداد تضيق الخناق على الصدر «المقاطع»

زعيم التيار الصدري اشترط لعودته «حصانة من الاستهداف السياسي»

TT

أحزاب بغداد تضيق الخناق على الصدر «المقاطع»

يزداد الخناق على زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، بإصرار الفعاليات السياسية العراقية، ومعها حكومة مصطفى الكاظمي، على إجراء الانتخابات في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
والحال، أن الضغط الذي ألقى به الصدر على الجميع حين أعلن مقاطعته الانتخابات، الشهر الماضي، ارتد عليه وبات محاصراً بشركاء وخصوم يصرون على إنجاز الاستحقاق الانتخابي، بلا تأجيل.
ولم تكن رسائل الفاعلين السياسيين واضحة، كما كانت عليه خلال اليومين الماضيين، ذلك أنهم لا يمانعون الذهاب إلى الانتخابات من دون شريكهم وخصمهم مقتدى الصدر الذي كان يهدف، حين اعتكف سياسياً، إلى إجبار الفاعلين في المشهد السياسي على إجراء تعديلات في خارطة التوازن بشكل يضمن حضوره السياسي في السنوات الخمس المقبلة.
لاحقاً، توقع الجميع عودة قريبة للصدر، بعد إجراء تفاهمات أولية مع شريحة المقاطعين، بما في ذلك القوى المدنية، لكن حتى ساعة كتابة هذا التقرير، وبحسب مصادر متقاطعة، لم تصل التفاهمات إلى درجة متماسكة وواضحة. وسرب مقربون من أجواء الصدر، أنه استجاب لدعوات متواترة تطالبه بالعدول، بوضع شروط تتعلق بظروف وأمن الانتخابات، لكنه أيضاً كان يريد حصانة من الاستهداف السياسي، إذ اعتاد الصدر على حضور سياسي مقترن بالهالة الدينية.
في المقابل، يكتشف الصدر إنه بدأ بنفسه لعبة جر الحبل برهان الانتخابات، سواء تم إجراؤها في موعدها بشروطه وظروفه، أو تأجيلها لحين إعادة هيكلة التوازن الشيعي، حتى واجه تكتيكات سياسية من خصومه نجحت حتى الآن في تحقيق ارتداد سياسي على الصدر.
الجميع يدفع الآن قارب الانتخابات إلى مرساه في أكتوبر، وفي الحقيقة يدفعون الضغط على الصدر إلى أقصاه، لدرجة أن غرف الأحزاب وصناع الرأي العام يحيطون الصدر بتوقعات عن برلمان جديد وحكومة منبثقة عنه، دون التيار الصدري، للمرة الأولى منذ 15 عاماً.
ويقول مسؤولون في مفوضية الانتخابات العراقية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «العمليات الإجرائية ماضية من دون توقف (...) الانتخابات في موعدها، ومن الصعب إبلاغ الشركات التقنية بأي طارئ الآن، لأنها دشنت عملياتها بالفعل».
قانونياً، لا تمنع مقاطعة الصدر من تشكيل برلمان جديد بعد أكتوبر المقبل، لكن سياسياً ستكون العملية السياسية أمام مشهد غير مسبوق، حيث أبرز اللاعبين فيه خارج السلطة.
وبهذا يكون الصدر أمام خيارين لا غير، إما العدول عن قراره والعودة إلى السباق، لكنه في هذه الحالة بحاجة إلى سياق غير تقليدي، خارج الصندوق، يضمن حصانته الشعبية، إلى جانب مفاوضات داخلية مع الفاعلين الشيعة لحفظ توازن القوى، لكن هذا الاحتمال سيسمح لخصوم مثل قيس الخزعلي، وبقية قادة الفصائل المسلحة فرض اتفاق يحسمون فيه عقدة التفوق الصدري عليهم.
أما الاحتمال الثاني، فإنه ينطوي على مغامرة وجرأة سياسية من الصدر، إذ يصمم فيه الصدر حتى النهاية على المقاطعة ليبقى يراقب المشهد السياسي يتشكل من دونه، وببرلمان تسيطر عليه قوى وفصائل متطرفة وموالية لإيران، ستواجه تحديات إقليمية ودولية، في إطار النزاع الأميركي.
وإن صح الاحتمال الثاني، فإنه تكتيك سياسي لم تعهده العملية السياسية مع الصدر، الذي اعتاد الضربات السياسية الخاطفة لتحقيق أهداف سريعة ضمن نطاق زمني معلوم.
وتبدو الانتخابات الآن، أكثر من أي وقت مضى، أخطر استحقاق ديمقراطي منذ عام 2003، ليس للتقاطع بين المشاركين والمقاطعين، بل لأنها تمثل ذروة الصراع بين تيار منخرط في الصراع الإيراني الأميركي، وآخر يتبنى دور الوسيط البعيد عن المحاور.



طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.