رئيس «الوطني الحر» يسأل عن «العتمة»... ونواب «القوات» يردون على «وقاحته»

TT

رئيس «الوطني الحر» يسأل عن «العتمة»... ونواب «القوات» يردون على «وقاحته»

أثارت تغريدة لرئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، يحمل فيها من سماهم «نواباً كذبوا على الناس» مسؤولة أزمة الكهرباء في لبنان، ردود فعل عالية اللهجة من نواب حزب «القوات اللبنانية» الذين اتهموه بالوقاحة.
واعتبر باسيل أن «كل ساعة كهرباء تنقطع من المعامل تكلف احتياطي الدولار 32 في المائة زيادة عن كلفتها من المولدات الخاصة، وكل ساعة مولد خاص تكلف المواطن عشرين مرة أكتر من ساعة كهرباء الدولة»، مضيفاً في تغريدة له أن «كل لحظة عتمة وكل قرش زيادة يتكبدها اللبنانيون هي برقبة النواب الذين كذبوا على الناس وحرموا كهرباء لبنان شراء المحروقات لتشغيل المعامل التي تحتاج لصيانة».
ويعاني اللبنانيون من انقطاع في التغذية الكهربائية لساعات تتجاوز الـ16 ساعة يومياً، إذ تقتصر تغذية مؤسسة كهرباء لبنان على ساعتين في النهار بسبب عدم توافر الأموال اللازمة لاستيراد «الفيول أويل» لتوليد الكهرباء، بينما قلص أصحاب المولدات التغذية بسبب شح المازوت إلى أقل من 8 ساعات في عدد كبير من المناطق، منها العاصمة بيروت، التي يغرق عدد من شوارعها بعتمة شاملة.
كما لفت باسيل إلى أن المصرف المركزي يرفض صرف دولارات من أموال كهرباء لبنان لشراء قطع الغيار، مضيفاً: «أعرف أيها اللبنانيين مين يعتم عليكم!».
وتوالت الردود على باسيل من نواب «القوات»، إذ غرد عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب عماد واكيم، متسائلاً: «ما هذه الوقاحة لا بل العربدة؟».
وأضاف واكيم متوجهاً إلى باسيل: «12 عاماً ووزارة الطاقة كانت بيدك، أكثر من ٤٠ مليار دولار، عدم الاستماع للنصائح الدولية ولصندوق النقد وخططه، كارتيل المازوت الذي تديره عمد إلى إنشاء سوق سوداء محلية، وتريد فوق هذا استخدام احتياطي المركزي ومن يعارض يكون سبب انقطاع الكهرباء. جد الذين استحوا ماتوا».
كانت الحكومة اللبنانية أعطت موافقة استثنائية لفتح اعتمادات مستندية لشراء المحروقات اللازمة لمؤسسة كهرباء لبنان، وذلك من خلال إعطاء سلفة خزينة للمؤسسة، استناداً إلى القانون الذي أقره مجلس النواب بإعطاء مؤسسة الكهرباء سلفة خزينة لشراء محروقات بحد أقصى قدره 300 مليار ليرة (200 مليون دولار على سعر الصرف الرسمي)، إلا أنه لم يتم فتح الاعتمادات بسبب شح احتياطي مصرف لبنان من العملات الأجنبية، وكان «القوات» من أبرز المعارضين لإقرار هذا القانون.
بدوره غرد عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب فادي سعد، معتبراً أنه بتاريخ لبنان لم تحصل عتمة وجوع ومرض مثلما يحصل على أيام باسيل وفريقه السياسي، مضيفاً: «حتى اللقاحات زورتموها. كيف لك عين أن تحكي؟ استح».
وغرد النائب وهبه قاطيشا عبر «تويتر» قائلاً: «‏قمة الوقاحة أن يحاضر عاهر بالعفة. العتمة صنعت في وزارة العتمة. حقيقة يعرفها كل اللبنانيين والتيار ضمنا».
وفي الإطار نفسه، رأى رئيس جهاز العلاقات الخارجية في حزب «القوات اللبنانية» الوزير السابق ريشار قيومجيان، أن من عتم على اللبنانيين هو الذي رفض التمويل الكويتي لحل مشكلة الكهرباء نهائياً عبر الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي الاجتماعي، بشرط إشراف ومراقبة هذه الصناديق، وأن النتيجة كانت هدر 40 مليار دولار على الكهرباء ولا كهرباء. وتوجه قيومجيان إلى باسيل قائلاً: «عندما وصلوا إلى نقاش الجانب التقني مع جنابك رفضت البحث بأي شرط، وطالبتهم فقط بالكاش والتمويل من دون أي مراقبة مما أدى إلى انسحابهم».
ويعول لبنان حالياً على النفط العراقي الذي من المقرر أن يصل خلال الأسابيع المقبلة، بعدما وقع وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر، اتفاقية نفطية مع الحكومة العراقية لاستيراد المحروقات من العراق إلى لبنان لصالح مؤسسة الكهرباء.
وفي حين أكد غجر أن كمية الفيول العراقي ستساعد في توليد الكهرباء لمدة أربعة أشهر، أوضحت مؤسسة كهرباء لبنان أن الكميات التي سيتم تأمينها بموجب الاتفاقية العراقية، البالغة مليون طن متري سنوياً ما يشكل ثلث حاجات المؤسسة السنوية تقريباً، ستساعد في إبعاد شبح العتمة الكهربائية في لبنان شرط تأمين العملات الصعبة لقطاعات المؤسسة كافة، لا سيما معامل إنتاج الطاقة الكهربائية.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.