منذ أن طلب الرئيس جو بايدن من البنتاغون النظر في إضافة لقاح «كوفيد – 19» إلى لائحة اللقاحات الإلزامية للجيش الأسبوع الماضي، انهالت الاتصالات على محامي الجيش السابق غريغ رينكي، وفق وكالة «أسوشيتد برس».
استمعت شركته «تولي رينكي» لمئات الجنود ومشاة البحرية والبحارة الذين يريدون معرفة حقوقهم، وما إذا كان بإمكانهم اتخاذ أي إجراء قانوني في حال طُلب منهم التلقيح ضد فيروس «كورونا». قال رينكي: «لقد تواصل معنا الكثير من أفراد القوات المسلحة قائلين: لا نريد لقاحاً لم يتم اختباره. ولذلك لست متأكداً من أنه آمن، ولا أثق بلقاح الحكومة. ما هي حقوقي؟». بشكل عام، فإن حقوقهم محدودة، حيث يُنظر إلى اللقاحات على نطاق واسع على أنها ضرورية للجيش لتنفيذ مهامه، نظراً لأن أفراد الخدمة غالباً ما يأكلون وينامون ويعملون في أماكن متقاربة، وفق «أسوشيتد برس». وقال وزير الدفاع لويد أوستن إنه يعمل على وجه السرعة لجعل لقاح «كوفيد – 19» إلزامياً للعسكريين، ومن المتوقع أن يطلب من بايدن التنازل عن قانون اتحادي يتطلب منح الأفراد خياراً إذا لم يكن اللقاح مرخصاً بالكامل. كما وجّه بايدن بتلقيح جميع الموظفين الفيدراليين أو مواجهة اختبارات وقيود سفر متكررة. يقول المحامون إن الإعفاء سيضع الجيش على أرضية قانونية أكثر صلابة، حتى يتمكن من تجنّب المعارك القضائية التي واجهها عندما فرض لقاح «الجمرة الخبيثة» على القوات في التسعينات، بينما لم تتم الموافقة عليه بالكامل من قبل «إدارة الغذاء والدواء» الفيدرالية.
انعدام الثقة بين بعض أفراد القوات المسلحة لا يعكس فقط مشاعر جزء من المجتمع الأميركي حول لقاحات «كوفيد – 19» التي سُمح باستخدامها في حالات الطوارئ، ولكنها تنبع جزئياً من مشكلات برنامج «الجمرة الخبيثة».
فقد رفض عشرات الجنود أخذ هذا اللقاح، فيما ترك البعض الخدمة، وتم تأديب آخرين، وحوكم البعض وطردوا من الجيش بتسريح غير مشرف. في عام 2003، اتفق قاضٍ فيدرالي في الرأي مع أعضاء الخدمة الذين رفعوا دعوى قضائية يؤكدون فيها أن الجيش لا يمكنه إدارة لقاح لم يتم ترخيصه بالكامل دون موافقتهم، وأُوقف البرنامج.
بدأ البنتاغون العمل بالبرنامج مرة أخرى في عام 2004، بعد أن أصدرت إدارة الغذاء والدواء موافقة، لكن القاضي أوقفها مرة أخرى بعد أن حكم أن إدارة الغذاء والدواء لم تتبع الإجراءات المعتادة. وفي نهاية المطاف، أصدرت إدارة الغذاء والدواء الأميركية الموافقات المناسبة للقاح، وتمت إعادة البرنامج على أساس محدود للقوات في المواقع عالية الخطورة. يقول الخبراء العسكريون إن المعارك القانونية حول لقاح «الجمرة الخبيثة» قد تكون السبب وراء تحرك إدارة بايدن بحذر. وحتى الآن، اعتمدت الحكومة على تشجيع القوات بدلاً من إصدار أوامر متعلقة باللقاح. ومع ذلك، فإن حالات الإصابة بفيروس «كورونا» في الجيش، كما هو الحال في أي مكان آخر، ارتفعت مع انتشار سلالة «دلتا» الأكثر عدوى.
في حال جعل الجيش لقاح «كوفيد – 19» إلزامياً، فسيتعين على معظم أفراد الخدمة الحصول على اللقاحات ما لم يتمكنوا من المجادلة بأنهم من بين القلائل الذين حصلوا على إعفاء لأسباب دينية أو صحية أو لأسباب أخرى. ووفقا للبنتاغون، فقد تم تطعيم أكثر من مليون جندي بشكل كامل، فيما حصل أكثر من 237 ألفاً على جرعة واحدة على الأقل. وهناك ما يقرب من مليوني جندي في الخدمة الفعلية، وقوات الحرس والاحتياط.
يرى الكثيرون أن لقاح «كوفيد – 19» ضروري لتجنب تفشٍّ كبير آخر مماثل لانتشار العام الماضي، الذي علّق العمل على متن حاملة الطائرات «يو إس إس تيودور روزفلت»، وأسفر عن إصابة أكثر من 1000 حالة إصابة من أفراد الطاقم، ووفاة أحدهم.
وقال عسكري في الخدمة الفعلية إنه سيرحب بإضافة لقاح «كورونا» إلى لائحة الجرعات الإلزامية للجيش. وأوضح الضابط، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أنه يخشى أن أعضاء الخدمة غير الملقحين ربما يسيئون استخدام «ميثاق الشرف» ويذهبون إلى العمل من دون كمامة.
وكان الضابط قد استقل مؤخراً سيارة مع زملاء، لكنه لم يشعر أنه يستطيع أن يسأل عما إذا كان الجميع قد تم تطعيمهم. وعانى القادة العسكريون لفصل المجندين الملقحين عن غير الملقحين خلال التدريب الأساسي لمنع العدوى.
يرى بعض العسكريين والمحاربين القدامى أن استيعاب عسكريين غير ملقحين من شأنه أن يثقل كاهل أفراد الخدمة الذين يتم تطعيمهم، لأنه سيقلص من أعداد مَن يتم اختيارهم للانتشار.
وقال الرقيب السابق في القوات الجوية، تيس سابين، الذي يعمل كتقني أشعة في غرفة الطوارئ في ولاية نيويورك، إن «أفراد الجيش يسافرون إلى السكان المعرضين للخطر في جميع أنحاء العالم، ليكونوا قادرين على تقديم أفضل خدمة للولايات المتحدة. ينبغي أن يحظى الجيش بأشخاص أصحاء لتنفيذ مهامه، وإذا حقق لقاح (كوفيد – 19) ذلك، فهذا شيء إيجابي للغاية». ووافقت الدكتورة شانون ستايسي، التي تعمل في مستشفى في إحدى ضواحي لوس أنجلوس، على هذا الرأي. وقالت: «بصفتي طبيبة في طب الطوارئ وجراحة طيران سابقة في سرب طائرات الهليكوبتر البحرية الثقيلة، يمكنني أن أشهد أن (كوفيد – 19) لديه القدرة على نقل وحدة مدربة تدريباً كاملاً من مهمة جاهزة إلى حالة غير قابلة للنشر في غضون أيام». وقالت ستايسي، التي غادرت البحرية في عام 2011، إن التحدي الأكبر سيكون تحديد مواعيد الدورات التدريبية.
بدوره، قال الكولونيل بالجيش أرنولد سترونغ، الذي تقاعد من الجيش في عام 2017، إنه يعتقد أن الفيروس ليس بالشيء الذي يصعب على الجيش الأميركي التغلب عليه. ويرى أن «القوات العاملة في أبعد أركان الأرض لديها إمكانية الوصول إلى الضباط الطبيين. ونظراً لأن معظم الأشخاص يسجلون لمتابعة الأوامر، فهو يعتقد أن هذه المرة لن تكون مختلفة». وقال: «أعتقد أن غالبية أفراد الخدمة سيصطفون ويتلقون التطعيم بمجرد أن يصبح ذلك إلزامياً». المؤلم أن سترونغ فقد خمسة من أصدقائه بسبب الفيروس؛ ثلاثة منهم من قدامى المحاربين، ولذلك يأمل أن يكون الجيش قدوة يحتذي بها الآخرون.
واختتم بالقول: «آمل أن يرى الناس الجيش يتقدم ويقولون: نعم، دعنا نحصل على الجرعات، «سيكون هذا مثالاً يُحتذى به لبقية البلاد. لكنني لا أعرف ما إذا كان هذا سيحدث حقاً، لأننا نواجه تهديداً قوياً يتمثل في نشر المعلومات المضللة يومياً».
إلزامية اللقاح تثير جدلاً في أوساط الجيش الأميركي
تجارب سابقة أسهمت في نشر المخاوف بين صفوف القوات المسلحة
إلزامية اللقاح تثير جدلاً في أوساط الجيش الأميركي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة