لبنان: الصراع على حقيبة «الداخلية» خلفياته انتخابية

TT

لبنان: الصراع على حقيبة «الداخلية» خلفياته انتخابية

تشكّل وزارة الداخلية في الحكومة اللبنانية التي يجري التشاور لتشكيلها، إشكالية أساسية تواجه الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، في ظل تمسكه ومعه رؤساء الحكومات السابقون بها، بعد أن توالى عليها في السنوات الماضية ٣ وزراء سُنة، مقابل إصرار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على أن تكون من حصته، متكئاً، كما يقول، على مبدأ المداورة في الوزارات، الذي لحظته المبادرة الفرنسية.
ويتم التداول بأكثر من خيار لحل هذه الإشكالية، من بينها مبادلتها بوزارة المالية التي يتمسك الشيعة بها من منطلق أنها تسمح لهم بإرفاق توقيعهم على المراسيم بتوقيع رئيسي الجمهورية المسيحي والحكومة السني. كما يتم التداول بأسماء شخصيات توافقية قد تتولى هذه الوزارة من دون التفاهم بعد ما إذا كانت ستؤول إلى المسيحيين أو السنة أو أنه ستتم تسمية شيعي يتولاها لأول مرة منذ تسعينات القرن الماضي، على أن يتولى سني أو مسيحي «المالية».
وقد توالى على «الداخلية» منذ العام 1990، 11 وزيراً بينهم 5 سنة و6 مسيحيين، كان عدد لا بأس به منهم لا ينتمي مباشرة لفريق أو حزب سياسي معين.
ويرد كثيرون الخلاف الحاصل على «الداخلية» حالياً كون الحكومة التي ستشكل هي التي ستدير الانتخابات النيابية المفترض إجراؤها في مايو (أيار) المقبل. ويقول مستشار سابق في «الداخلية» وعضو سابق بهيئة الإشراف على الانتخابات، فضّل عدم الكشف عن اسمه، إن هذه الوزارة تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على الاستحقاق النيابي، لافتا إلى أنه بالشق غير المباشر فإن الفريق السياسي الذي يتولى هذه الوزارة قادر على تقديم خدمات معينة لمفاتيح انتخابية، خاصة لرؤساء البلديات والمخاتير كتسريع معاملات بلدية متأخرة أو حفظ شكاوى بحق رؤساء بلديات معينة وغيرها، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «بغياب القدرات المالية للدولة لم تعد القوى السياسية من خلال هذه الوزارة أو سواها قادرة على القيام بتعيينات أو تأمين وظائف لناخبيها، لذلك تلجأ إلى الخدمات الأخرى كإعطاء رخص بناء وحفر آبار ورخص زجاج داكن».
ويشير المصدر إلى أنه بما يتعلق بالتأثير المباشر لوزارة الداخلية على الانتخابات، فهو عبر توكيل الوزارة بتعيين الموظفين في لجان القيد، تحديد المراكز الانتخابية وتوزيع المندوبين ورؤساء الأقلام عليها، موضحاً أن «وزير الداخلية قادر أيضاً على التأثير على هيئة الإشراف على الانتخابات من خلال التعاطي مع وسائل الإعلام والظهور الإعلامي للمرشحين».
ويضيف: «هذه الوزارة تسمح بالتأثير على التحضيرات للعملية الانتخابية وليس على نتيجة الانتخابات باعتبار أنه خلال عمليات الفرز يوجد مندوبون لكل الأحزاب وقوى أمنية».
ويضع الأستاذ الجامعي في العلوم السياسية ميشال دويهي «التنافس الحاصل على وزارة الداخلية بين ممثلي الطوائف في هذه المنظومة في خانة شد العصب الطائفي الانتخابي، بحيث سعى رئيس (المستقبل) سعد الحريري ويسعى رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي للقول للبيئة السنية إنهما ليسا بصدد التفريط بهذه الوزارة لصالح المسيحيين»، موضحاً، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «في ظل الضغوط الدولية الهائلة التي تتعرض لها المنظومة الحاكمة لإجراء الانتخابات في موعدها فهي تحرص على تعيين شخصية تابعة لها وتؤمن مصالحها جميعها كما مصالحها الخاصة الضيقة، فمثلاً الرئيس عون يصر على (الداخلية) لحفظ ماء وجه جماعته وحماية صهره النائب جبران باسيل من احتمال الخسارة».
ويضيف: «لا شك أنه لا ثقة بشفافية أي شخصية تعيّنها هذه المنظومة سواء في وزارة الداخلية أو سواها، لذلك المطالبة بتشكيل الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.