تصعيد «محدود» بعد إطلاق «حزب الله» صواريخ باتجاه موقع إسرائيلي

الجيش اللبناني أوقف 4 أشخاص قاموا بالعملية

الدخان يتصاعد من موقع قصفته إسرائيل قرب بلدة كفرشوبا اللبنانية (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد من موقع قصفته إسرائيل قرب بلدة كفرشوبا اللبنانية (أ.ف.ب)
TT

تصعيد «محدود» بعد إطلاق «حزب الله» صواريخ باتجاه موقع إسرائيلي

الدخان يتصاعد من موقع قصفته إسرائيل قرب بلدة كفرشوبا اللبنانية (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد من موقع قصفته إسرائيل قرب بلدة كفرشوبا اللبنانية (أ.ف.ب)

اهتز الوضع الأمني في جنوب لبنان، أمس، بعد إطلاق «حزب الله» رشقات صاروخية باتجاه موقع عسكري إسرائيلي في منطقة مزارع شبعا التي يعتبرها لبنان أرضاً محتلة، رداً على غارات إسرائيلية نادرة، أول من أمس، على مواقع في جنوب لبنان.
وبقيت العملية في إطارها المحدود، حيث لم يتعدَّ الرد الإسرائيلي على قصف «حزب الله» الأماكن غير المأهولة، ولم يعلن عن إصابات أو أضرار مادية.
وأعلن حزب الله أنه «عند الساعة 11.15 دقيقة من قبل ظهر الجمعة (أمس) ورداً على الغارات الجوية الإسرائيلية على أراضٍ مفتوحة في منطقتي الجرمق والشواكير ليلة الخميس الماضي، قامت مجموعات في المقاومة الإسلامية بقصف أراضٍ مفتوحة في محيط مواقع الاحتلال الإسرائيلي في مزارع شبعا بعشرات الصواريخ من عيار 122 ملم».
وقالت قيادة الجيش اللبناني إن القوات الإسرائيلية «أطلقت قذائف مدفعية باتجاه الأراضي اللبنانية، سقط منها عشر قذائف في خراج بلدة السدانة، وثلاثون قذيفة في خراج بلدتي بسطرة وكفرشوبا، ما أدى إلى اندلاع عدد من الحرائق، وذلك بعد أن أُطلق عدد من الصواريخ من الأراضي اللبنانية باتجاه مزارع شبعا المحتلة».
وذكرت أن وحدة من الجيش «أوقفت في بلدة شويا أربعة أشخاص قاموا بإطلاق الصواريخ وضبطت الراجمة المستخدمة في العملية». وأشارت إلى أن وحدات الجيش المنتشرة على الأرض قامت، بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، «باتخاذ التدابير الأمنية اللازمة لإعادة الهدوء إلى المنطقة».
وبعد وقت قصير من القصف باتجاه إسرائيل، أوقف عدد من المواطنين الراجمات التي أطلقت منها الصواريخ، وفق ما أفاد مصدر عسكري و«حزب الله».
وفي شريط فيديو تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر مواطنون من سكان قرية شويا ذات الغالبية الدرزية في منطقة حاصبيا وهم يحيطون بشاحنة أقلت عدداً من الراجمات بعد إتمام مهمتها. واتهم عدد منهم «حزب الله» بإطلاق النار من مناطق سكنية. ورد الحزب، في بيان، أنه جرى إطلاق الصواريخ من «مناطق حرجية بعيدة تماماً عن المناطق السكنية حفاظاً على أمن المواطنين».
وقالت مصادر أمنية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «حزب الله» أبلغ المعنيين في لبنان بأنه لا علاقة له بالصواريخ التي انطلقت باتجاه كريات شمونة الأربعاء الماضي، ووجدت القوى الأمنية اللبنانية منصتي صواريخ في منطقة الجرمق، وثالثة في الدمشقية في وادي قرب نهر الليطاني، علماً بأن الصواريخ التي أُطلقت باتجاه كريات شمونة هي صواريخ قديمة من عيار 122 ملمتر يبلغ مداها 12 كيلومتراً.
وقالت المصادر إن الجيش الإسرائيلي «للمرة الأولى منذ عام 2006 كان يستخدم سياسة الأرض المحروقة، حيث غطى القصف المدفعي القطاع الغربي بأكمله من رأس الناقورة وحتى بنت جبيل في الجنوب، كما غطى القطاع الشرقي من (مرجعيون) حتى البقاع الغربي»، وذلك قبل تنفيذ الغارات الجوية التي رد عليها «حزب الله» أمس.
ووصفت الأمم المتحدة الحدث بالخطير. وقالت قوة حفظ السلام العاملة في الجنوب (يونيفيل) إن رئيس البعثة وقائدها العام اللواء ستيفانو ديل كول على اتصال مباشر مع الأطراف، ودعا الجميع إلى وقف النار فوراً. وأكدت أن «الوضع خطير للغاية في ظل الأعمال التصعيدية التي شهدناها من الجانبين خلال اليومين الماضيين». ولفتت «اليونيفيل» إلى أنها تنسق مع القوات المسلحة اللبنانية لتعزيز الإجراءات الأمنية في جميع أنحاء منطقة العمليات.



الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.