ليبيا تواجه تغول «كورونا» بالحظر الكُلي

وحدات «سابقة التجهيز» لاستيعاب ازدياد المصابين... ومراكز للعزل تستغيث

اجتماع اللجنة التسييرية بطرابلس للتلقيح ضد كورونا أول من أمس (المركز الوطني لمكافحة الأمراض)
اجتماع اللجنة التسييرية بطرابلس للتلقيح ضد كورونا أول من أمس (المركز الوطني لمكافحة الأمراض)
TT

ليبيا تواجه تغول «كورونا» بالحظر الكُلي

اجتماع اللجنة التسييرية بطرابلس للتلقيح ضد كورونا أول من أمس (المركز الوطني لمكافحة الأمراض)
اجتماع اللجنة التسييرية بطرابلس للتلقيح ضد كورونا أول من أمس (المركز الوطني لمكافحة الأمراض)

اضطرت السلطة الليبية إلى تعميم الحظر الكُلي لمحاصرة وباء «كورونا»، بينما ناشدت المواطنين ضرورة الإسراع بتلقي التلقيح ضد الفيروس، الذي زاد من تغوله في البلاد خلال الأسبوعين الماضيين.
وفرضت حكومة «الوحدة الوطنية» برئاسة عبد الحميد الدبيبة حظراً كلياً على التجول لمدة ثلاثة أيام ابتداء من اليوم (السبت)، مشيرة إلى أن القرار يسري على بعض المناطق التي ينتشر فيها الوباء «وفقاً لما تقتضيه المصلحة العامة».
وتُعدّ مدن غرب وجنوب البلاد الأشد انتشاراً للفيروس، والأعلى في معدل الإصابات والوفيات على الرغم من انخفاض معدل الإصابة اليومي من نحو 50 في المائة من إجمالي الفحوصات التي تجريها المختبرات المرجعية، خلال الأسابيع الماضية، إلى متوسط إصابات بلغ 20 بالمائة في اليومين الماضيين.
وقال مصدر طبي بالمركز الوطني لمكافحة الأمراض لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك استجابة ملحوظة من المواطنين للتعاطي مع الحظر الجزئي الذي فرضته الحكومة مؤخراً، «لكن ذلك لا يفسر ترجع مستوى الإصابات»، مشيراً إلى أن «الكثيرين لا يزالون يحجمون عن الذهاب إلى المراكز المتخصصة لتلقي التلقيح، فضلاً عن أن هناك شرائح كبيرة لم تجرَ لها مسحات طبية».
وسبق لحكومة الدبيبة فرض حظر تجول جزئي لمدة 12 ساعة منذ نهاية الشهر الماضي، في مدن غرب ووسط البلاد لمواجهة تفشي الإصابات بـ«كوفيد - 19». وبموجب القرار الحكومي الجديد بالحظر الكلي، تُمنع إقامة جميع الأنشطة التجارية، وتغلق المقاهي والنوادي والمتنزهات والحدائق، باستثناء القطاعات ذات الطابع الصحي والأمني.
وقالت بلدية سوق الجمعة بالعاصمة مساء أول من أمس، إنه نظراً لانتشار جائحة «كورونا» يُمنع على التجار عرض بضائعهم للبيع في الطرق والأسواق إلى حين إشعار آخر، وهي السوق التي تُعقد يوم الجمعة من كل أسبوع. وفيما شددت البلدية على ضرورة الأخذ بالاحترازات الوقائية المتبعة لمحاصرة الجائحة، وجهت المواطنين لضرورة أخذ اللقاح. وسجلت ليبيا منذ ظهور الجائحة نحو 264 ألف إصابة بالفيروس في عموم البلاد، تعافى منهم 196 ألف حالة، بينما توفي 3663 مصاباً.
ووجّه مستشفى غريان المركزي التعليمي نداء استغاثة عاجل لوزارة الصحة والجهات المختصة بضرورة التدخل لوضع حل لمشكلة «النقص الحاد» في مادة الأكسجين، والإسراع في توفيره لمركزي العزل والفلترة. وقال المستشفى في بيان أمس، إن «الأكسجين الموجود حالياً لديها لا يغطي احتياجات المرضى بمركزي الفلترة والعزل، بسبب ازدياد أعداد المصابين بالفيروس ووجودهم بأعداد كبيرة داخل مركزي الفلترة والعزل».
كما تتوجه إدارة المستشفى بالنداء لكل العناصر الطبية والطبية المساعدة للالتحاق بزملائهم في مركزي العزل والفلترة ببلدية غريان، «نظراً للنقص الشديد في العناصر الطبية والطبية المساعدة وازدياد أعداد المصابين يوماً بعد يوم داخل مراكز الفلترة والعزل».
وحذر المستشفى «من انهيار المنظومة الصحية وخروج الوضع الصحي عن السيطرة تماماً»، نتيجة للمشاكل التي يعيشها مركز العزل والفلترة من نقص في الأكسجين والعناصر الطبية والطبية المساعدة مع ازدياد عدد المصابين بالفيروس.
وتقول وزارة الصحة إنها تغلبت على أزمة نقص الأكسجين في غالبية مراكز العزل بعد استيراد كميات كبيرة من مصر، لكن تظل المراكز تعاني من تكدس المصابين، وعدم قدرتها على استقبال حالات جديدة.
واضطرت إدارة الطوارئ الصحية بالوزارة بالتنسيق مع مكتب التعاون الدولي، والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR)، إلى توزيع أربع وحدات (سابقة التجهيز) لدعم مراكز العزل في كل من مدن سرت وزليتن وتاورغاء وغدامس؛ لاستعمالها ضمن مرافق العزل لتخفيف الضغط عن المباني المخصصة كمراكز فلترة.
ويأتي هذا الدعم، بحسب الوزارة «ضمن خطة إدارة الطوارئ الصحية في مكافحة جائحة (كورونا)، وللرفع من القدرة الاستيعابية للمراكز، ولتسهيل الخدمات بها».


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.