اجتماعات في درعا لـ«توحيد الكلمة»... وموسكو تسعى إلى«حل سلمي»

هجوم على سيارة عسكرية تابعة للنظام جنوب سوريا يواكب المفاوضات

حافلتان تحملان وفداً روسياً في درعا (تجمع حوران)
حافلتان تحملان وفداً روسياً في درعا (تجمع حوران)
TT

اجتماعات في درعا لـ«توحيد الكلمة»... وموسكو تسعى إلى«حل سلمي»

حافلتان تحملان وفداً روسياً في درعا (تجمع حوران)
حافلتان تحملان وفداً روسياً في درعا (تجمع حوران)

لا تزال المفاوضات في درعا تأتي بعد كل تطور يحدث في المدينة، ولا يوجد أي اتفاق نهائي بين النظام السوري ولجان التفاوض، ذلك أن الخوف والتوتر سيدا الموقف في عموم محافظة درعا جنوب سوريا، ونقل عن مسؤول روسي قوله إن موسكو تسعى لحل سلمي في درعا.
وعمد النظام مؤخراً على قصف المناطق التي ينطلق منها أي تحركات على مواقعه، وما زاد تعقيد الأمور في جنوب سوريا رفض النظام السوري كل مقترحات التفاوض التي لا تتماشى مع رغباته، وتفرض سيطرته الكاملة والفعلية على المناطق، كما يحصل في مدينة درعا البلد، ورفض لجنة النظام السوري في درعا جميع مقترحات لجنة التفاوض في درعا البلد، وإصرارها على السيطرة العسكرية على المدينة، إذا لم تطبق شروطها بالتهجير ونشر نقاط عسكرية كثيرة دون دور لأي مجموعات محلية.
وقالت مصادر محلية في درعا إن جميع لجان التفاوض في ريف درعا الشرقي والغربي وقيادة الفيلق الخامس في جنوب سوريا أجرت اجتماعا موسعاً في مدينة طفس بريف درعا الغربي، بعد ظهر يوم الخميس بـ«هدف توحيد الجهود والكلمة والوصول إلى اتفاق جماعي يحمي مدينة درعا البلد عبر قنوات التفاوض أو غيرها».
وأوضحت المصادر أن مقاتلين محليين استهدفوا صباح الخميس سيارة عسكرية تابعة لقوات النظام السوري «رداً على استمرار التصعيد العسكري في مدينة درعا البلد، أدى إلى مقتل وجرح جميع العناصر فيها، على الطريق الواصل بين السويداء ومدينة إزرع في درعا مروراً بالقرب من مناطق بصر الحرير وناحتة ومليحة العطش في ريف درعا الشمالي الشرقي».
ودفعت قوات النظام السوري بتعزيزات عسكرية إلى مكان الحادثة وإلى أطراف بلدات ناحتة وبصر الحرير ومليحة العطش مدعومة بآليات عسكرية ودبابات، وتعرضت هذه البلدات إلى قصف بقذائف الهاون والمدفعية، وشهدت المنطقة حركة نزوح للأهالي خوفاً من عمليات اقتحام تنفذها قوات النظام السوري عليها.
وفي ريف درعا الغربي، تعرضت مناطق زيزون والعجمي ليلة الخميس إلى قصف بقذائف المدفعية، بعد اشتباكات عنيفة بين مقاتلين محليين وقوات النظام المتمركزة على حاجز المدرسة في منطقة البكار في ريف درعا الغربي، إضافة إلى التصعيد المستمر في مدينة درعا البلد وقصف الأحياء السكنية ومحاولات اقتحامها من قوات الفرقة الرابعة.
وقال فيصل أبازيد أحد وجهاء مدينة درعا البلد وعضو لجنة التفاوض إن اللجنة المركزية للريف الغربي تقدمت بحل للتفاوض، يوم الأربعاء، وافق عليه سكان وأعيان ولجنة درعا البلد، وذهبوا بالمقترحات إلى درعا المحطة واجتمعوا مع اللجنة الأمنية التابعة للنظام لكن لجنة النظام رفضت المقترح، وكان ردها تهجير كل الرافضين للتسوية والمقاتلين الموجودين في درعا البلد الذين واجهوا الجيش السوري، وتفتيش بيوتها، وسحب السلاح، أو اقتحام المدينة عسكريا.
وأشار أبازيد إلى «تعنت رئيس اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في درعا اللواء حسام لوقا، وإصراره على المطالب من المدنية، وتعطيل أي اتفاق أو مفاوضات لا تحقق مطالبهم كلها من درعا البلد». وأشار إلى أن أحد ضباط النظام السوري قالها علناً: «نريد أن نجعل من درعا البلد عبرة لكل حوران»، وطالب من أبناء درعا وحوران عامة الوقوف مع أهالي مدينة درعا البلد والدفاع عنها.
وبحسب بيانات ومناشدات أطلقتها شخصيات وقوى سياسية معارضة في درعا، فإن المشاركة الإيرانية في ملف جنوب سوريا واضح وعلني في هذه المرحلة، وحذّرت من مشروع «هيمنة إيرانية» على الجنوب السوري، وقال مصدر مقرب من لجنة التفاوض لـ«الشرق الأوسط» إن تعنت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في درعا حالياً، يوضح وجود أوامر خارجية تتجاوز أي رؤية لهم، حتى أنهم في كل جلسة تفاوض كانوا يطالبون بتأجيل الرد حتى ساعات أو يوم من انتهاء الجلسة، بحجة إبلاغ القيادة في دمشق، عكس ما كان يحصل سابقاً، فخلال السنوات الماضية من اتفاق التسوية الذي ينص على إبعاد إيران وميليشياتها عن جنوب سوريا، كنا نتوصل لحلول ترضي جميع الأطراف في كل حادثة أو واقعة تحل في مناطق التسويات بدرعا، لكن تعنت وإصرار ضباط النظام في هذه المرحلة يوضح شيئا جديدا، وأوامر جديدة تقرأ أنها إيرانية بفعل مشاركة عناصر تابعة لميليشيات مدعومة من إيران مع الفرقة الرابعة في التصعيد العسكري الأخير على درعا البلد.
كما بث ناشطون في درعا صوراً ومقاطع مصورة تظهر مشاركة عناصر من «حزب الله» وإيران إلى جانب الفرقة الرابعة في العمليات العسكرية الأخيرة في درعا، معتمدين على أسماء وصور هذه العناصر ومتابعة حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي التي أظهرت أنهم يتحدرون من مناطق لبنانية، مع صور تظهر وجودهم في مزارات دينية شيعية في سوريا، وأخرى توضح وجودهم في مدينة درعا ومع قوات الفرقة الرابعة وقائد عملياتها «غياث دلة».
ورداً على أسئلة «الشرق الأوسط» قال المعارض السوري الدكتور خالد المحاميد، من الشخصيات الرئيسية في ملف درعا، إن «الدور الإيراني واضح منذ سنوات» في جنوب سوريا، لافتاً إلى أن «الحرس» الإيراني كان «أول الرافضين لاتفاق درعا الذي نص على خروجهم من محافظة درعا»، في إشارة إلى اتفاق الجنوب في منتصف 2018. واعتبر أن الجانب الروسي بات لديه خطابات مزدوجة، فهي صمتت عن اختراق النظام لاتفاق كانت به طرفاً ضامناً، وهي تتحجج بأنها حاولت ولم تنجح.
ويرى الصحافي باسل الغزاوي من درعا في حديثة لـ«الشرق الأوسط» أن ما يحدث في جنوب سوريا هو توافق روسي إيراني، لاقتراب إيران من الحدود الجنوبية لسوريا، تحت الإرادة والإدارة الروسية، وبهذه الخطوات تحقق كل من روسيا وإيران، أوراق ضغط تساعد بأي عملية تفاوضية بالمستقبل حتى في قضايا خارج سوريا.
مضيفاً لا خلافات بين إيران وروسيا، لكن بحالة درعا فإن روسيا تسعى لتكون إيران كورقة ضغط عند جعل عناصر إيران على الحدود في الجولان، فإن روسيا ارتكبت مئات جرائم الحرب في سوريا، وما زالت تتعرض لضغط من المجتمع الدولي لتدخلها في سوريا، وزجها بإيران حالياً على الحدود الجنوبية، يصب في مصلحتها حال كان لها إرادة على النفوذ الإيراني جنوب سوريا، مقابل أن تمنحها تل أبيب أمام المجتمع الدولي صفحة بيضاء خالية من الجرائم في سوريا، مشيراً في كل الاختلافات أو التوافقات في درعا فإن دافع الثمن هم أبناء وأهالي حوران.
واعتبر مراقبون مسألة درعا أوضحت مدى الخلاف بوجهات النظر بين موسكو ودمشق حاليا، خاصة بعد الرسالة الأخيرة التي وصلت من روسيا إلى سوريا، معتبرة أن القوات السورية غير قادرة على السيطرة على جميع أنحاء البلاد حالياً، لأسباب تخص الموارد البشرية والأزمات الاقتصادية والتدخلات الخارجية من الجيوش الأجنبية، لكن الحسابات في دمشق تختلف. فالقيادة السورية راضية عن طريقة وأرقام المشاركة في الانتخابات الرئاسية في منطقة تتضمن جميع رموز الدولة، وتبحث عن انتصار بعد إعلان نتائج الانتخابات وبعد خطاب القسم خاصة أمام مؤيديها. وهذا صعب حالياً في شمال غربي البلاد، بسبب تفاهم أنقرة وموسكو، وهو غير وارد حالياً بسبب اتفاق واشنطن وموسكو.
القراءة كانت بالبحث عن «انتصار في مهد الثورة»، وجر روسيا إلى القرار السوري. وبدأت فجر الخميس عمليات القصف من «الفرقة الرابعة»، على درعا البلد، تمهيداً للدخول إليها وإلى المسجد العمري وحسم موضوع السلاح الخفيف بعدما سُحب الثقيل قبل ثلاث سنوات، وجلسات تفاوضية أظهرت رغبة روسيا في «الحفاظ على خصوصية درعا» وإصرار دمشق على «الحسم الكامل»، لتثبت بأنها الدولة المسيطرة والقادرة على تحقيق تغيرات بقواتها العسكرية رغم إبعاد الطيران الروسي، واختارت درعا باعتبارها الخاصرة الأضعف بعد اتفاق التسوية وتجريدها من السلاح الثقيل وتهجير واغتيال معظم قادتها الفعليين لوصول غايتها ورسالتها إلى الروس، كي تعيد روسيا نظرتها لحكومة دمشق بأنها الدولة الصحيحة، بعد إظهار ضعفها بالرسالة الأخيرة.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).