اتساع الاعتراضات في ليبيا على قانون لترسيم الدوائر الانتخابية

رئيس مجلس النواب الليبي مستقبلاً وفداً من بني وليد (المجلس الاجتماعي لقبائل ورفلة)
رئيس مجلس النواب الليبي مستقبلاً وفداً من بني وليد (المجلس الاجتماعي لقبائل ورفلة)
TT

اتساع الاعتراضات في ليبيا على قانون لترسيم الدوائر الانتخابية

رئيس مجلس النواب الليبي مستقبلاً وفداً من بني وليد (المجلس الاجتماعي لقبائل ورفلة)
رئيس مجلس النواب الليبي مستقبلاً وفداً من بني وليد (المجلس الاجتماعي لقبائل ورفلة)

اتسعت المواقف الرافضة لمشروع قانون ترسيم الدوائر الانتخابية في بعض مناطق ليبيا، فيما قلل ساسة من فرص إجراء الاستحقاق الانتخابي في موعده المقرر قبل نهاية العام الجاري.
واعتبر نواب أن القانون المقدم من المفوضية العليا للانتخابات «يفتقر إلى العدالة» في توزيع المقاعد، بينما أبلغ وفد كبير من مدينة بني وليد رئيس مجلس النواب عقيلة صالح بشكل رسمي، «الرفض القاطع للمشروع».
واستقبل صالح في مقر المجلس بمدينة القبة (شرقي ليبيا)، مساء أول من أمس، وفداً كبيراً من مدينة بني وليد ضم رئاسة المجلس الاجتماعي، وأعضاء عن المجلس البلدي والنائب عن المدينة حسن البرغوثي.
وأوضح المجلس الاجتماعي أن الزيارة «جاءت حرصاً من مواطني بني وليد وعموم قبائل ورفلة على المضي قدماً في تنفيذ ما توافق عليه الليبيون وما أنتجته الحوارات السياسية من تفاهمات، تبعد شبح الحروب وتعجل بإرساء واستقرار الدولة».
وأشار إلى أن «الأمر يتطلب من مجلس النواب كجهة تشريعية استصدار القوانين العادلة والمنصفة التي تترجم التطبيق العملي والمرضي لتلك التفاهمات ولبلوغ الغايات والاستحقاقات المنصوص عليها بمخرجات لجنة الحوار».
وتابع المجلس الاجتماعي أن الوفد «قدم اعتراضه على مشروع القانون المقترح الخاص بترسيم الدوائر الانتخابية وتوزيعه للمقاعد». ورأى أنه «لم يقم على معيار ثابت وموحد ومعتمد في الترسيم أو التوزيع بعموم ليبيا وبني وليد على وجه الخصوص».
وحذر الوفد مما سماه «تجاوز المعايير القانونية المعمول بها في كل الدول إلى بدع غير قانونية كالمواءمة السياسية التي لا مرادف لها إلا هرطقات المدن المنتصرة والمهزومة التي لا تؤسس لدولة ولا ترسخ لديمقراطية».
وقدم الوفد إلى رئيس مجلس النواب مذكرة تفصيلية تضمنت، وفقاً لوصفه، «أسانيد قانونية تؤكد على عدالة المطلب وبطلان القانون المقترح وما ينطوي عليه من عيوب أفقدته العدالة، وسلبت حقوق عديد المدن الليبية، وليس بني وليد فحسب». ونقل عن صالح «تفهمه لمشروعية الاعتراضات، وإصرار مجلس النواب على عدم السماح بتمرير أي قانون يحمل تمييزاً، ولا يقوم على ضابط ومعيار موحد يسري على جميع الليبيين ويضمن العدالة ويحظى بالقبول».
وكان عميد بلدية بني وليد يونس العزوزي، طالب في تصريح صحافي سابق باعتماد «معيار موحد» لتقسيم وتوزيع الدوائر الانتخابية من أجل «ضمان تكافؤ الأصوات وعدالة التمثيل للمدن الليبية كافة»، لافتاً إلى أن عدد سكان بني وليد تجاوز 124 ألف نسمة، مما يستوجب مراعاة الكثافة السكانية وتحقيق العدالة الاجتماعية عند تقسيم المقاعد النيابية.
وسبق لرئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السائح الدفاع عن القانون باعتبار أنه «يراعي الكثافة السكانية والتوزيع الجغرافي»، منوهاً إلى أنه «جاء بناء على طلب مجلس النواب»، لكنه تحدث عن وجود نسخة مسربة متداولة على شبكات التواصل الاجتماعي حول توزيع الدوائر وعدد المقاعد تضمنت «معلومات غير صحيحة اعتراها التلاعب والتزوير».
واعترض نواب عدة على مشروع القانون. وقال عضو مجلس النواب عن مدينة البيضاء (شرقي ليبيا) عبد المطلب ثابت إن المشروع «غير عادل»، مشيراً إلى أن المفوضية العليا للانتخابات «همشت الدائرة الثانية» في شمال شرقي ليبيا والممثلة في المرج والبيضاء وشحات وقصر ليبيا، كما زادت المقاعد في بعض الدوائر رغم صغرها سكانياً، ورأى أن هذا الإجراء «أمر غير مقبول».
وفي السياق ذاته، قال عضو مجلس النواب عن مدينة ترهونة (غرب البلاد) أبو بكر أحمد سعيد إن مشروع القانون «لا يخدم ترسيخ مبدأ سيادة القانون والمواطنة، وبعيد كل البعد عن المساواة والعدالة». وأضاف أن «ترهونة لا تطالب إلا بحقوقها الدستورية والقانونية كباقي المدن».
ويبدو أن حالة الرفض التي أبدتها ترهونة ستمتد إلى مدن أخرى، بحسب سياسيين ليبيين، إذ أن كل منطقة ستطالب بعدد مقاعد أكبر من جارتها، بحسبة التعداد السكاني.
وتضمنت اقتراحات رئيس المفوضية العليا للانتخابات زيادة أعداد الدوائر الانتخابية إلى 32 دائرة بدلاً من 13، والمقاعد البرلمانية من 200 إلى 234 مقعداً. وتأتي هذه الاعتراضات على مشروع قانون ترسيم الدوائر الانتخابية بينما يقلل سياسيون ليبيون من فرص التمكن من إجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية المقررة في الرابع والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.