عاش السكان في محافظة صلاح الدين (165 كيلومتراً شمال العاصمة بغداد)، والمناطق القريبة منها، مساء ونهار أمس، لحظات عصيبة، بعد الانقطاع التام للطاقة الكهربائية نتيجة الهجمات الممنهجة التي طالت 14 برجاً لنقل الطاقة، ما تسبب في فقدان الكهرباء بالمحافظة في عز الصيف، في ظل ارتفاع شديد في درجات الحرارة التي تتجاوز في بعض الأحيان 50 درجة مئوية.
وشملت الهجمات، بالإضافة إلى أبراج محافظة صلاح الدين، محافظتي نينوى وكركوك.
ووصفت وزارة الكهرباء ما جرى من هجمات بـ«حرب الأبراج»، وقال إعلام «شركة نقل الطاقة الكهربائية الشمالية» في بيان إن «حرب الأبراج واستهداف خطوط نقل الطاقة الكهربائية أخذت تتوسع لتشمل جميع المحافظات الشمالية بتفجيرات ممنهجة وعدائية في غضون الـ48 ساعة الماضية».
وأضاف البيان أن الحرب «تستهدف قدرات وإمكانات الشركة واستنزاف بنيتها التحتية، ويعمد منفذوها لإيذاء المواطنين في ظل ارتفاع درجات الحرارة».
وطبقاً للبيان، فإن مساء الأربعاء الماضي «شهد استهداف الخط الناقل للطاقة الكهربائية في كركوك - القيارة الغازية (بقوة 400 ك.ف) بعمل بتخريبي، من طريق تفجير عبوات ناسفة، ما تسبب في سقوط 5 أبراج وتوقف الخط عن العمل بالقرب من المحطة الواقعة بين مفرق الشرقاط ومفرق الزوية في محافظة نينوى».
وفي الليلة نفسها، استهدف الخط الكهربائي في شمال سامراء (بقوة 132ك.ف) بتفجير عبوات ناسفة استهدفت أبراج الخط بالقرب من حقل «عجيل» النفطي، ما أدى إلى خروجه من الخدمة في محافظة صلاح الدين. وتم أيضاً استهداف الخط الكهربائي في شرق تكريت - الدور (بقوة 132 ك.ف) بتفجير عبوات ناسفة أدت إلى سقوط برجين وتضرر وتقطع قواعد 4 أبراج أخرى».
كذلك تعرض الخط الكهربائي في منطقة القيارة - كركوك (بقوة 400 ك.ف) لتفجير عبوات ناسفة لقاعدة أحد أبراجه، إضافة إلى زرع عبوات ناسفة على برج آخر، ما أدى إلى خروجه من الخدمة.
وأدت الاستهدافات الممنهجة إلى ضعف عام في تجهيز واستقرار الطاقة الكهربائية في معظم مناطق محافظات صلاح الدين وكركوك ونينوى، بحسب وزارة الكهرباء.
وإلى جانب استهداف أبراج الطاقة الذي ينعكس سلباً على أداء الشبكة الكهربائية في عموم البلاد، فإن قطاع الطاقة يعاني منذ سنوات من سوء الإدارة والفساد، وما زالت الدولة غير قادرة على سد حاجة البلاد منها.
وكانت البلاد قد عانت مطلع شهر يونيو (حزيران) الماضي أزمة كهرباء خانقة نتيجة إيقاف إمدادات الغاز الإيراني المشغل بعض المحطات التوليدية، ما أدى إلى حرمان المواطنين من الطاقة الكهربائية معظم ساعات اليوم.
ويظهر من حجم واتساع نطاق الهجمات على أبراج الطاقة حجم الإخفاق الحكومي في حمايتها، رغم قرار الحكومة الشهر الماضي تشكيل قوة خاصة لحماية الأبراج، أسندت قيادتها إلى الجنرال رشيد فليح.
كما تظهر الهجمات حجم الفساد والمصالح المالية والحزبية التي تتحكم في ملف الطاقة الكهربائية منذ أكثر من عقد ونصف؛ إذ يرجح كثيرون أن وراء هذا المستوى الخطير من الهجمات التخريبية «جماعات مصالح ومنتفعين» وليس مجرد عناصر إرهابية.
ويتردد على نطاق واسع أن المنتفعين وجماعات المصالح يعمدون إلى تفجير الأبراج، التي تصل تكلفة إصلاح الواحد منها إلى 25 مليون دينار عراقي (نحو 18 ألف دولار)، حتى يتمكنوا من الاستفادة من أعمال إعادة تصليحها وصيانتها من جديد بالاتفاق مع شبكة مصالح ومقاولين وقوى سياسية وفصائل مسلحة.
وأشار محافظ نينوى، نجم الجبوري، إلى جماعات المنتفعين تلك بشكل واضح الأسبوع الماضي، واتهمها بالوقوف وراء تلك الأعمال التخريبية.
ويشارك في هذا الاعتقاد المتحدث باسم مجلس شيوخ عشائر صلاح الدين، مروان الجبارة؛ إذ إنه يتهم «جماعات المصالح والمنتفعين» بالوقوف وراء أعمال التخريب التي تطال أبراج الطاقة.
وقال الجبارة لـ«الشرق الأوسط» إن «من الواضح وجود جماعات تعمل بشكل ممنهج على التخريب بقصد الاستفادة لاحقاً من مزايا التعمير. ليس لدي أدنى شك في ذلك. الأمر يتعدى مشكلة الإرهاب وأهدافه».
وأضاف: «يعيش أهالي صلاح الدين ظروفاً قاسية في هذه اللحظات، وهناك حالة تذمر وإحباط شديدين. وقد وعدت الحكومة بحماية الأبراج وشكلت الجيوش لذلك، لكن يبدو أن الأمر لا يتجاوز حدود الكلام وقبض الريح. فأبراج الطاقة تعرضت قبل أسابيع لهجمات مماثلة، ولم تحاسب السلطات أو تقبض على المتورطين فيها، وها هي اليوم تعود من جديد».
إلى ذلك، قال النائب المستقل محمد السوداني عبر تغريدة على «تويتر»، إن «تكرار استهداف أبراج نقل الطاقة، في ذروة حاجة المواطنين للكهرباء، يمثل أحد أوجه الفشل الحكومي في حماية البنى التحتية طوال سنين، والتبريرات جاهزة دون أي خطط حقيقية للحماية وإنهاء معضلة الكهرباء».
«حرب الأبراج» تطال 14 ناقلاً للطاقة في 3 محافظات عراقية
هجمات «إرهابية» منظمة تستهدف شبكة الكهرباء في عز الصيف
«حرب الأبراج» تطال 14 ناقلاً للطاقة في 3 محافظات عراقية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة