وزير يمني ينتقد استمرار خلاف مناهضي الانقلاب الحوثي

TT

وزير يمني ينتقد استمرار خلاف مناهضي الانقلاب الحوثي

انتقد معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية استمرار الخلاف بين القوى المناهضة في بلاده للانقلاب الحوثي المدعوم من إيران، مشيراً إلى أن استمرار هذا الخلاف لم يعد مقبولاً، وأن على الجميع توحيد الصف لمواجهة مشروع طهران في المنطقة.
تصريحات الإرياني التي وردت على هيئة تغريدات على «تويتر» جاءت في وقت لا يزال فيه رئيس الحكومة معين عبد الملك غير قادر على العودة إلى العاصمة المؤقتة عدن، بسبب المخاوف الأمنية، ولجهة عدم تنفيذ الشق الأمني والعسكري من «اتفاق الرياض» المبرم بين الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يشارك أيضاً في الحكومة الحالية التي تألَّفت بموجب «اتفاق الرياض» نفسه.
ويخشى المراقبون للشأن اليمني أن يؤدي استمرار الصراع بين القوى اليمنية إلى منح الحوثيين الفرصة لاستمرار تصعيدهم عسكرياً، خصوصاً في ظل الهجمات المستعرة التي يقودونها باتجاه مأرب وسيطرتهم على أغلب مناطق محافظة البيضاء المجاورة وصولاً إلى أطراف محافظات شبوة ولحج وأبين.
وإلى جانب هذه المخاوف، أدى استمرار الصراع وعدم قدرة عودة الحكومة إلى عدن إلى تفاقم الحالة الاقتصادية، إذ وصل تهاوي سعر العملة المحلية أمام الريال اليمني إلى مستويات قياسية مع وصول الدولار إلى أكثر من ألف ريال في المناطق الخاضعة للشرعية، بالتزامن مع تدهور الخدمات واتساع حالة الاحتقان في الشارع الشعبي.
وأكد الإرياني أن «استمرار الخلافات والتباينات بين بعض المكونات السياسية والوطنية المناهضة لانقلاب ميليشيا الحوثي والمشروع التوسعي الإيراني، واستجرار الماضي بكل سلبياته وتراكماته، لم يعد مُبرَّراً ولا مقبولاً، في ظل التهديد الخطير والوجودي الذي يستهدف اليمن أرضاً وإنساناً وهوية وتاريخاً وحاضراً ومستقبلاً». وفق تعبيره.
وقال: «يدفع ملايين اليمنيين - الذي عانوا الأمرين جراء جرائم وانتهاكات ميليشيا الحوثي وسياسات الإفقار والتجويع والقتل والقصف والتشريد، سواء في مناطق سيطرتها أو المناطق المحررة، مع مرور كل يوم - ثمناً باهظاً جراء استمرار تلك الخلافات، وينتظرون بفارغ الصبر تحريرهم من براثن ميليشيا الإرهاب الحوثية».
وأوضح الوزير اليمني أن الميليشيات الحوثية «اخترقت العمل السياسي والإعلامي، واشتغلت على تغذية النزاع والفرقة بين اليمنيين لتمهيد الأرضية لانقضاضها على الدولة، وهو ما جعل القوى والمكونات والأفراد تدفع ثمناً باهظاً للانقلاب الذي استهدف الجميع ولم يستثنِ أحداً، حيث لا يزال الحوثي يغذي الخلافات ويستمد منها عوامل بقائه حتى اليوم».
وتابع الإرياني بالقول: «علينا جميعاً أحزاباً ومكونات سياسية وطنية تحمُّل مسؤولياتنا أمام الله والشعب في هذه اللحظة الحرجة من تاريخ البلد، وإدراك أنه لا خلاص إلا بتوحيد الجهود ورص الصفوف بقيادة واحدة، وهي القيادة الشرعية ممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي، وأن اجترار الماضي لن يزيدنا إلا فرقة وشتاتاً وضياعاً».
ودعا وزير الإعلام اليمني إلى تجاوز الخلاف القائم بين القوى الوطنية، وقال: «لقد حان الوقت لتجاوز الخلافات وطي صفحة الماضي، وتقديم التنازلات لأجل اليمن، والمضي في خطوات حقيقية نحو مصالحة وطنية، وتوحيد الصف الوطني خلف الشرعية الدستورية بقيادة الرئيس هادي، كونها الطريق الوحيد لاستعادة الدولة والخلاص من ميليشيا الحوثي الإرهابية».
يُشار إلى أن المبعوث الأميركي إلى اليمن تيم ليندركينغ كان دعا خلال زيارته الأخيرة إلى الرياض طرفي الأزمة اليمنية في المحافظات الجنوبية إلى «العمل معاً لتحسين الخدمات واستقرار الاقتصاد في البلاد، وقال إن الخطوة الأولى الحاسمة تتمثل في ضمان توافر الظروف اللازمة لعودة مجلس الوزراء إلى عدن».
ومع استمرار هذه الحالة من الانسداد السياسي، ومراوحة المعارك ضد الانقلابيين في مكانها للسنة السابعة، إلى جانب استمرار الخلاف بين القوى اليمنية المناوئة للانقلاب، تصاعدت أخيراً في الشارع السياسي والشعبي اليمني الدعوات لإجراء إصلاحات جذرية في صفوف الشرعية يكون من شأنها القضاء على الانقلاب وإعادة الاستقرار إلى البلد الذي يعاني أوسع أزمة إنسانية في العالم.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

المشرق العربي جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في مدينة الحديدة للتعبئة القتالية (فيسبوك)

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

بعد أن أخضعت العشرات منهم لدورات تدريبية تعبوية، منعت الجماعة الحوثية إعلاميين وصحافيين وناشطين حقوقيين في محافظة الحديدة اليمنية (223 كلم غرب صنعاء) من العمل.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي جرافة حوثية تهدم محلاً تجارياً في إحدى المناطق التابعة لمحافظة الضالع (فيسبوك)

اعتداءات مسلحة أثناء تحصيل الحوثيين جبايات في الضالع

يتهم سكان محافظة الضالع اليمنية الجماعة الحوثية بارتكاب ممارسات إجرامية خلال تحصيل إتاوات تعسفية وغير قانونية من الباعة والتجار والسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

أشهر عدد من المنظمات المحلية، بالشراكة مع منظمات أممية ودولية، شبكة لحماية الحريات الصحافية في اليمن التي تتعرّض لانتهاكات عديدة يتصدّر الحوثيون قائمة مرتكبيها.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

يواجه الآلاف من مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خطر الموت بسبب إهمال الرعاية الطبية وسط اتهامات للجماعة الحوثية بنهب الأدوية والمعونات

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».