«نقص التمويل» يهدد برامج الأمم المتحدة في اليمن

TT

«نقص التمويل» يهدد برامج الأمم المتحدة في اليمن

جددت الأمم المتحدة التحذير من تقليص برامجها الإنسانية في اليمن بسبب نقص التمويل، حيث قالت إن بعض البرامج من المتوقع أن تتوقف في سبتمبر (أيلول) المقبل، إذا لم تتلقّ أي تمويل إضافي.
تحذيرات الأمم المتحدة جاءت على لسان المتحدث باسمها، ستيفان دوغاريك، في حديثه للصحافيين خلال المؤتمر اليومي من مقر المنظمة في نيويورك؛ إذ أفاد بأن الأمطار الغزيرة والفيضانات الأخيرة أثرت على ما لا يقل عن 28 ألف شخص، بحسب التقديرات الأولية، وألحقت أضراراً بالبنى التحتية والمنازل والملاجئ، في الوقت الذي يهدد ارتفاع حالات الإصابة بـ«كوفيد - 19» بدخول اليمن في موجة ثالثة.
ونقل دوغاريك عن منسقية الشؤون الإنسانية (أوتشا) القول إن الشركاء الإنسانيين في الميدان يقومون بإجراء التقييمات وتقديم المساعدة، بما في ذلك المأوى والطعام والرعاية الصحية.
وعلاوة على الفيضانات، أشار المتحدث الأممي إلى الارتفاع في عدد حالات الإصابة بفيروس «كـوفيد - 19»، خلال الأيام الماضية، مع مخاوف من دخول البلاد في موجة ثالثة.
وقال: «حتى الآن، تم إعطاء ما يزيد قليلاً على 310.000 لقاح، مما يعني أن 1 في المائة فقط من السكان تلقوا جرعتهم الأولى».
وفي الوقت ذاته، يواجه أكثر من نصف اليمنيين أزمة مستويات انعدام الأمن الغذائي، ولا يزال خمسة ملايين شخص على بُعد خطوة واحدة من المجاعة، وفق ما قالته الأمم المتحدة.
وأوضح ستيفان دوغاريك أنه تم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن حالياً بنسبة 47 في المائة، مع تلقي 1.82 مليار دولار من أصل 3.85 مليار دولار مطلوبة، لكن معظم الأموال ستنفد في سبتمبر (أيلول)، وفق قوله.
وقال إن هناك حاجة ماسَّة إلى تمويل إضافي ويمكن التنبؤ به «حتى نتمكن من الاستمرار في إرسال المساعدة المنقذة للحياة للأشخاص الذين يحتاجون إليها».
وبسبب محدودية التمويل، فقد تضطر بعض الوكالات الأممية إلى تقليص البرامج، اعتباراً من سبتمبر (أيلول) 2021 فصاعداً، بما في ذلك المياه والصرف الصحي والصحة والمأوى وغيرها من القطاعات. وستكون النتائج كارثية على ملايين الناس، بحسب «أوتشا».
وفقاً لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، دخل اليمن في عام 2021 في خطر كبير من الانزلاق إلى أزمة أعمق، حيث يعيش عشرات الآلاف من الأشخاص في ظروف شبيهة بالمجاعة.
ويحتاج أكثر من 20.1 مليون شخص في البلاد إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية والحماية بسبب طائفة من العوامل، بما في ذلك تصعيد الأعمال العدائية، والانهيار الاقتصادي، وانخفاض قدرة الحكومة، والنقص الحاد في التمويل الإنساني، وتحديات الوصول.
ومن بين هؤلاء، 12.1 مليون شخص بحاجة ماسة للمساعدة، كما أن حالات سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون سن الخامسة بلغ مستويات قياسية، إضافة إلى انتشار الأمراض، بما في ذلك «كوفيد - 19».
وتقول الأمم المتحدة إن أزمة الوقود التي طال أمدها، والتي بدأت في منتصف 2020، خصوصاً في الشمال، استمرت في التأثير سلباً على سبل العيش، وزيادة الضغط على أسعار الغذاء والماء والسلع الأساسية الأخرى، مما أدى إلى تفاقم الوضع الإنساني الصعب بالفعل، حيث يلزم توفير إمدادات الوقود لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، للحفاظ على استيراد وتوزيع السلع الأساسية دون المخاطرة بسلسلة التوريد.
وتشير «أوتشا» إلى أن ارتفاع أسعار الوقود يؤدي إلى تفاقم أسعار سلع المواد الغذائية في عموم اليمن بسبب تدهور الوضع الاقتصادي، مع المناطق الواقعة في الجنوب الأكثر تضرراً.
وبشكل عام، من المتوقع أن تواجه أنشطة سبل العيش انخفاضاً في الإنتاج بسبب الارتفاع فوق المتوسط لأسعار الوقود، في حين أن تكاليف النقل آخذة في الارتفاع، مما يمنع الناس من السفر للوصول إلى الأسواق أو الوصول إلى المساعدة المنقذة للحياة والعلاج الطبي.
وفي الوقت الذي تطالب فيه الأمم المتحدة بالمزيد من الأموال لاستمرار برامجها الإنسانية في اليمن، كان وزير التخطيط في الحكومة اليمنية واعد باذيب قال لـ«الشرق الأوسط» إن نحو ثلث التمويل يذهب على هيئة نفقات للمنظمات الإنسانية العاملة في البلاد.
في السياق نفسه، تتهم تقارير الحكومة الشرعية الميليشيات الحوثية التي تسيطر على معظم مناطق شمال البلاد بأنها تقوم بالسطو على معظم الدعم الأممي والإنساني وتقوم بتجييره لمصلحة المجهود الحربي وللإنفاق على عناصر الجماعة والموالين لها، فضلاً عن القيود التي تفرضها على أداء المنظمات في مناطق سيطرتها.



القضاء العراقي يواجه أزمة بعد فوز ترمب لصدور مذكرة قبض بحقه

ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
TT

القضاء العراقي يواجه أزمة بعد فوز ترمب لصدور مذكرة قبض بحقه

ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)

في الوقت الذي هنأ الرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد، ومحمد شياع السوداني، رئيس الوزراء العراقي، دونالد ترمب بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية، بدأت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي تبحث عن كيفية التعامل مع ترمب المرحلة المقبلة في ظل وجود مذكرة صادرة من مجلس القضاء الأعلى في العراق بالقبض على ترمب بتهمة اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس.

الرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد

وقال عضو اللجنة مختار الموسوي في تصريح صحافي إن «ترمب بالنسبة للعراق وحسب القوانين العراقية هو مجرم، لكن العراق سيتعامل معه بشكل طبيعي، فهناك مصلحة للعراق بذلك، ووصول ترمب إلى البيت الأبيض لن يؤثر على العلاقات بين بغداد وواشنطن». ورأى الموسوي، وهو نائب عن «الإطار التنسيقي الشيعي» الحاكم أن «أميركا دولة مؤسسات ولا تتأثر كثيراً برؤساء في التعاملات الخارجية المهمة». وأضاف: «ترمب لا يعترف بالحكومة العراقية ولا يحترم السلطات في العراق»، لافتاً إلى أن «زيارته للعراق أثناء ولايته السابقة اختصرت فقط على زيارة الجنود الأميركان في قاعدة (عين الأسد) بمحافظة الأنبار، لكن العراق سيتعامل مع ترمب بشكل طبيعي».

الجنرال الإيراني قاسم سليماني (أ.ب)

وختم عضو لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية تصريحه قائلاً: «في حال زار ترمب العراق خلال المرحلة المقبلة، فهناك صعوبة في تنفيذ مذكرة القبض بحقه، فهناك مصلحة للدولة العراقية وهي تتقدم على جميع المصالح الأخرى، فهي تمنع أي تنفيذ لتلك المذكرة بشكل حقيقي بحق ترمب».

أبو مهدي المهندس (أ.ف.ب)

يشار إلى أن رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق فائق زيدان أعلن صدور أوامر قبض بحق ترمب على خلفية أوامر أصدرها لقتل سليماني والمهندس في السابع من يناير (كانون الثاني) عام 2021. وأوضح بيان رسمي، صدر في ذلك الوقت أن «القرار يستند إلى أحكام المادة 406 من قانون العقوبات العراقي النافذ»، مؤكداً أن «إجراءات التحقيق لمعرفة المشاركين الآخرين في تنفيذ هذه الجريمة سوف تستمر سواء كانوا من العراقيين أو الأجانب».

القضاء العراقي وأزمة تطبيق القانون

قانونياً، وطبقاً لما أكده الخبير القانوني العراقي، علي التميمي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» فإأن «القضاء العراقي تحرك بناءً على الشكوى المقدمة من الطرف المشتكي، وبالتالي فإن القضاء ملزم وفق القانون باتخاذ الإجراءات القانونية بحق أي شخص سواء كان في الداخل العراقي أو الخارج العراقي».

وأضاف التميمي: «ولأن الجريمة التي ارتُكبت داخل العراق واستهدفت شخصيات في العراق وأدت إلى مقتلهم؛ فإن الولاية القضائية هنا هي التي تطبق وهي ولاية القضاء العراقي»، مبيناً أن «إصدار أمر قبض بحق ترمب في وقتها وفق مذكرة القبض الصادرة من القضاء العراقي وفق المادة 406 من قانون العقوبات العراقي وهي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد لكونه شريكاً في هذه العملية؛ ولذلك يعدّ الإجراء من الناحية القانونية صحيحاً».

مركبة محترقة في مطار بغداد أصابها أحد الصواريخ الثلاثة (خلية الإعلام الأمني)

ورداً على سؤال بشأن تنفيذ المذكرة، يقول التميمي إن «التنفيذ يكون عن طريق الإنتربول الدولي بعد تقديم طلب عبر وزارة الخارجية، وهو أمر صعب من الناحية الواقعية، والثانية هي انضمام العراق إلى اتفاقية روما للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1948 وهي تحاكم الأشخاص بمختلف الجرائم، ومنها جرائم العدوان التي تنطبق على عملية الاغتيال التي نُفذت بأمر ترمب وفقاً للمادة 6 من قانون هذه المحكمة التي تتطلب دخول العراق فيها أولاً». وأوضح التميمي أنه «مع كل هذه الإجراءات القانونية، لكن ترمب في النهاية أصبح رئيس دولة وهو يتمتع بالحصانة وفقاً اتفاقية فيينا».

أول المهنئين لترمب

وفي الوقت الذي تبدو عودة ترمب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية مقلقة لبعض الأوساط العراقية، إلا أن العراق الرسمي كان من أول المهنئين؛ إذ هنأ الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد ترمب، وتطلع إلى أن «تعمل الإدارة الأميركية الجديدة على تعزيز الاستقرار الذي تشتد الحاجة إليه والحوار البنَّاء في المنطقة»، كما هنَّأ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني دونالد ترمب بفوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية لولاية جديدة، معرباً عن أمله في «تعزيز العلاقات الثنائية» خلال «المرحلة الجديدة». وكتب السوداني على منصة «إكس»: «نؤكد التزام العراق الثابت بتعزيز العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة، ونتطلع لأن تكون هذه المرحلة الجديدة بداية لتعميق التعاون بين بلدينا في مجالات عدة، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة ويعود بالنفع على الشعبين الصديقين». كما أن رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني ورئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني كانا أول المهنئين لترمب؛ نظراً للعلاقة الجيدة التي تربط الأكراد مع الجمهوريين. وكتب نيجرفان بارزاني على منصة «إكس» قائلاً: «أتقدم بأحرّ التهاني إلى الرئيس ترمب ونائب الرئيس المنتخب فانس على فوزهما في الانتخابات». وأضاف: «نتطلع إلى العمل معاً لتعزيز شراكتنا وتعميق العلاقات الثنائية بين إقليم كردستان والعراق والولايات المتحدة».

أما رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، فقد عبّر من جهته إلى أهمية «تعميق الشراكة بين إقليم كردستان والولايات المتحدة، والعمل معاً لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة».

اقرأ أيضاً