تل أبيب تطلب ضغط واشنطن على الفلسطينيين لحل في الشيخ جراح

قضاة المحكمة العليا قدموا «اقتراح تسوية» رفضه السكان

مظاهرة أمام المحكمة العليا الإسرائيلية الاثنين بانتظار قرار الشيخ جراح (إ.ب.أ)
مظاهرة أمام المحكمة العليا الإسرائيلية الاثنين بانتظار قرار الشيخ جراح (إ.ب.أ)
TT

تل أبيب تطلب ضغط واشنطن على الفلسطينيين لحل في الشيخ جراح

مظاهرة أمام المحكمة العليا الإسرائيلية الاثنين بانتظار قرار الشيخ جراح (إ.ب.أ)
مظاهرة أمام المحكمة العليا الإسرائيلية الاثنين بانتظار قرار الشيخ جراح (إ.ب.أ)

بعد أن أدانت الولايات المتحدة خطط ترحيل العائلات الفلسطينية عن حي الشيخ جراح، ورفض الفلسطينيين مقترح المحكمة الإسرائيلية لتقاسم الحي، توجهت الحكومة الإسرائيلية بطلب إلى الإدارة الأميركية أن تمارس واشنطن الضغوط على السلطة الفلسطينية حتى تقبل بالحل الوسط.
وقالت مصادر سياسية في تل أبيب، أمس، إن قلقاً يسود الحكومة الإسرائيلية من أن يؤدي رفض الفلسطينيين الحل الوسط، إلى صدور قرار من المحكمة يفجّر الأوضاع الأمنية في الشارع ويتسبب في مواجهة سياسية غير مسبوقة مع الدول الصديقة، خصوصاً أن واشنطن اتخذت موقفاً مناصراً للفلسطينيين بتأثير من الأردن. وقالت، إن الوثائق الأردنية تؤكد ملكية الفلسطينيين للعمارات في الشيخ جراح وليس للمستوطنين.
وحسب صحيفة «هآرتس»، أمس (الأربعاء)، فإن مصدراً سياسياً في تل أبيب، تحدث عن طلب إسرائيل من الإدارة الأميركية، «توجيه الضغوط الدولية بخصوص الشيخ جراح إلى الحلبة الفلسطينية، باعتبار أن التسوية التي طرحها القضاة جيدة للسكان الفلسطينيين في الحي وبإمكانها إنزالهم عن الشجرة». لكن الصحيفة نقلت عن مصدر إسرائيلي آخر، القول، إن إدارة الرئيس جو بايدن «قلقة من قضية الإجلاء ولا تمارس ضغوطاً في هذا الموضوع؛ لأنها تدرك أن القرار ليس بأيدي المستوى السياسي الإسرائيلي، وإنما بأيدي السلطة القضائية، وهي هيئة مستقلة وجدية وغير منحازة».
المعروف أن الحكومات الإسرائيلية ساندت المستوطنين اليهود، الذين يدّعون أن المباني الفلسطينية في الشيخ جراح، هي ملك يهودي، لكن حكومة الأردن قدمت وثائق تبين زيف هذه الرواية، وتؤكد أن الأرض التي تقوم عليها الأبنية، منحت للعائلات الفلسطينية قبل احتلال عام 1967 بوصفها عقاراً حكومياً أردنياً. ويصر الفلسطينيون على حقهم فيها، ويعتبرون الموقف الإسرائيلي جزءاً من الحرب الاستيطانية لتهويد القدس.
وتوجهت العائلات الفلسطينية في حي الشيخ جراح إلى المحكمة. وفي الجلسة الأخيرة، الاثنين الماضي، قدم قضاة المحكمة العليا، يتسحاق عميت ودافنا براك إيرز ونوعام سولبرغ، «اقتراح تسوية» يحل المشكلة ويمنع طرد العائلات الفلسطينية من بيوتها، ويعترف بملكية المستوطنين في آن. وينص اقتراح القضاة، أن تبقى العائلات الفلسطينية في بيوتها في الشيخ جراح «كمستأجرين محميين، ويكون بإمكان أبنائهم وأحفادهم البقاء فيها، على أن يدفعوا مبلغ 1500 شيقل (450 دولاراً) سنوياً للشركة الاستيطانية (نحلات شمعون)، التي تصبح رسمياً مالكة». ومنحت الفلسطينيين 7 أيام لتقديم ردهم. وقد رفضت العائلات الفلسطينية هذا الاقتراح.
وكان ملك الأردن، عبد الله الثاني، والرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ووزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، قد حذروا من عواقب خطوة إسرائيلية تفضي إلى طرد العائلات الفلسطينية. وحسب المصادر الإسرائيلية، فقد عبّرت إدارة بايدن مراراً، خلال الأشهر الأخيرة، عن قلق كبير من احتمال طرد محتمل للعائلات الفلسطينية في الشيخ جراح من بيوتها. وتوجه مسؤولون أميركيون إلى إسرائيل، يطالبون بمنع إجلاء العائلات الفلسطينية، وأوضحوا أن لدى الولايات المتحدة «تخوفات جدية من إجلاء محتمل». وبعد أن امتدت المواجهات من الشيخ جراح إلى المسجد الأقصى، أصدرت الإدارة الأميركية بيانات عبّرت فيها عن «قلقها العميق».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».