تنظيم داعش لا يزال في موقع الهجوم رغم الخلافات الداخلية والخسائر الكبيرة

وسط شكاوى من الرواتب والظروف المعيشية وخلافات على الأموال وفرص العمل

جنود القوات العراقية يفحصون آليات مدمرة لـ«داعش» (نيويورك تايمز)
جنود القوات العراقية يفحصون آليات مدمرة لـ«داعش» (نيويورك تايمز)
TT

تنظيم داعش لا يزال في موقع الهجوم رغم الخلافات الداخلية والخسائر الكبيرة

جنود القوات العراقية يفحصون آليات مدمرة لـ«داعش» (نيويورك تايمز)
جنود القوات العراقية يفحصون آليات مدمرة لـ«داعش» (نيويورك تايمز)

يواجه تنظيم داعش انشقاقا بين صفوف مقاتليه، ويعاني من صعوبة في إدارة البلدات والقرى التي سيطر عليها، مع ذلك لا يزال قادرًا على شن هجمات والترويج لآيديولوجيته وأفكاره خارج العراق وسوريا على حد قول مسؤولين أميركيين. ولا يزال التنظيم بعد 7 أشهر من الحملة الجوية، التي شنها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لضرب أهداف له، متماسكا بحسب ما صرح به مسؤولون رفيعو المستوى في وزارة الدفاع والاستخبارات. وعبر مسؤولون في وزارة الدفاع عن تفاؤلهم الحذر يوم الخميس بعد خسارة «داعش» لجزء كبير من مدينة تكريت، التي تقع وسط العراق، بعد ما يزيد على أسبوع من المعارك العنيفة، محذرين من أن الحفاظ على السيطرة بالنسبة إلى القوات العراقية لا يقل في صعوبته عن تحريرها. وحتى إذا ودع المسلحون تكريت، فقد قاموا بشنّ هجوم من أشرس الهجمات منذ أشهر في مدينة الرمادي غرب بغداد.
مع ذلك بدت التوترات واضحة داخل تنظيم داعش خلال الأشهر الأخيرة. وتعزى تلك الاضطرابات إلى الضغوط العسكرية والمالية الجديدة، وإلى تزايد معاناة التنظيم اللامركزي إلى حد بعيد، الذي يحاول الحفاظ على تماسك الدولة الناشئة، ودمج آلاف المقاتلين الأجانب في صفوف المقاتلين العراقيين والسوريين.
من كشف عن هذه التوترات هو مقاتل سوري منشق عن الجماعة خلال مقابلات أجراها مؤخرا، وأحد عناصر التنظيم مسؤولا عن تجنيد المقاتلين لكنه ينتقد بعض ممارسات التنظيم.
وجاء الحديث عن الاضطرابات متسقا مع روايات بعض سكان المناطق، التي يسيطر عليها التنظيم، والكثير من النشطاء السوريين المعارضين لكل من «داعش» والنظام السوري. ووردت تقارير عن تنفيذ عدد كبير من عمليات الإعدام والاعتقال لمقاتلين في التنظيم لمحاولتهم الهروب منه.
وهناك توترات على عدة جبهات، حيث تم نشر بعض المقاتلين ليخوضوا معارك يرون أنها غير مهمة استراتيجيا. وهناك أيضا شكاوى من الرواتب، والظروف المعيشية، وتوجد خلافات على الأموال، وفرص عمل، ومزاعم بأن هناك قادة هربوا بأموال منهوبة وموارد أخرى. كذلك هناك أدلة على تراجع بعض عناصر التنظيم، خصوصا السكان المحليين الذي انضموا إلى التنظيم بدافع الانتهازية أو لأن ذلك أفضل وسيلة للبقاء في رأيهم، بسبب العنف الشديد. وقال أبو خديجة، المنشق السوري عن تنظيم داعش، مؤخرًا: «ما زلت أشعر بالغثيان» بعد قطع رؤوس 38 من الأكراد والعلويين الذين وقعوا أسرى للتنظيم في مدينة اليعربية الواقعة على الحدود مع العراق.
ورغم هذه الروايات، قال الفريق لويد أوستن، رئيس القيادة المركزية الأميركية، إن المعركة ضد «داعش» أبعد ما تكون عن النصر. ورغم أن أوستن قد أخبر لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأسبوع الماضي أن الضربات الجوية أسفرت عن مقتل أكثر من 8.500 عنصر من عناصر تنظيم داعش، وتقويض المصدر الأساسي لتمويل التنظيم وهو عائدات النفط، والحد من قدرة القادة على قيادة عناصرها والسيطرة عليها، قال مسؤولون في وزارة الدفاع، ومكافحة الإرهاب، إن خطورة التنظيم تتنامى بسبب عناصره الجديدة في أفغانستان، والجزائر، ومصر، وليبيا. وكانت جماعة «بوكو حرام» المسلحة في نيجريا آخر جماعة تعلن دعمها وولاءها لتنظيم داعش.
وخسر التنظيم 20 في المائة فقط من الأراضي، التي استحوذ عليها في العراق، وأغلبها في الشمال، حيث تمكنت قوات البيشمركة، المدعومة من الولايات المتحدة، والحكومة العراقية، وإيران، من استعادتها، على حد قول مسؤول رفيع المستوى في وزارة الدفاع. وقالت جيسيكا لويس ماكفيت، مديرة الأبحاث في معهد دراسات الحرب: «باستثناء هذا، نحن إزاء وضع لا يختلف كثيرا عن الوضع السابق. لقد انخفض عدد عناصر التنظيم، لكن أعداد المقاتلين الأجانب القادمين من الخارج ما زالت في تزايد». كذلك قال مسؤولون في الإدارة الأميركية إنهم يواجهون تحديات في التصدي للآلة الدعائية للتنظيم، التي تنشر نحو 90 ألف رسالة على موقع «تويتر» ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى يوميا، وتجذب نحو ألف مقاتل أجنبي شهريا من مختلف أنحاء أوروبا، وشمال أفريقيا، والشرق الأوسط، والولايات المتحدة. على الجانب الآخر، قال جيمس كلابر، رئيس الاستخبارات الوطنية، الأسبوع الماضي: «لا يزال تنظيم داعش، كما نرى، يمثل تهديدا كبيرا عنيفا. لقد حققنا بعض النجاح في التخلص من قيادات التنظيم، لكن حلت محلها قيادات أخرى». ورغم تفوق التحالف الدولي في السماوات العراقية، شن مئات من مسلحي «داعش» آخر شهر يناير (كانون الثاني) هجوما على كركوك، المدينة الكردية الغنية بالنفط، التي تحميها قوات البيشمركة. وتمكن المسلحون مؤقتا من السيطرة على فندق مهجور، كانت الشرطة المحلية قد استخدمته كمقر لها، ونفذ انتحاريون تفجيرات من أجل إبعاد القوات الكردية، واستولى المسلحون على منطقة تقع جنوب غربي كركوك بعد اشتباكات عنيفة مع القوات الكردية. ورغم فشل هجوم كركوك في النهاية، لا يزال التنظيم يسيطر على أكبر مساحة سيطرت عليها جماعة إرهابية بحسب تصريح نيكولاس راسموسين، مدير المركز الوطني لمكافحة الإرهاب، أمام إحدى اللجان في مجلس الشيوخ خلال الشهر الماضي. وأضاف: «هذا الملاذ الآمن وفر لـ(داعش) والمتطرفين الآخرين الوقت والمكان اللازمين لتدريب المقاتلين وللتخطيط للعمليات».
وطبقا لعدد متزايد من التقارير، تلك الانشقاقات ليست حالات فردية. وقال سكان في مدينة الحويجة، التي تقع شمال العراق، يوم الاثنين إنه تم إعدام عدد كبير من مقاتلي داعش على أيدي رفاقهم بسبب محاولتهم الهروب من جبهة القتال مع تعرض التنظيم إلى هجوم من قوات البيشمركة.
بوجه عام، كان هناك دائما انعدام ثقة بين السوريين والأجانب، على حد قول عمر أبو ليلى، ناشط في دير الزور، يقيم حاليا في ألمانيا ويرصد ويتابع أخبار الحركات الجهادية من خلال معارفه في أرض الوطن، ويستخدم اسما مستعارا للحفاظ على سلامة مصادره. ويهيمن المقاتلون الأجانب في صفوف «داعش»، والذي يطلق عليهم المهاجرين، على المراكز القيادية العسكرية والإدارية في التنظيم، بحسب أبو ليلى. وأضاف قائلا: «كان انعدام الثقة واضحا منذ البداية. إنهم لم يثقوا لحظة واحدة في العناصر المحلية».
* «نيويورك تايمز»



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).