أهالي الضحايا مع تحقيق دولي خياراً بديلاً لمعرفة الحقيقة

TT

أهالي الضحايا مع تحقيق دولي خياراً بديلاً لمعرفة الحقيقة

يخشى أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت من أن تؤدي الضغوط و«الحيل» التي تلجأ إليها القوى السياسية وآخرها في ملف رفع الحصانات، من تعثر التحقيقات التي يتولاها المحقق العدلي القاضي طارق بيطار؛ لذلك يتعاطون مع الدفع باتجاه تحقيق دولي كخطة «ب» في مرحلة لاحقة وكخيار بديل لمعرفة حقيقة ما حصل وتحقيق العدالة.
وبعد ساعات من الانفجار الذي شهده المرفأ في أغسطس (آب) الماضي، طالب رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع، بضرورة تشكيل لجنة تحقيق دولية أو عربية للكشف عن الأسباب التي أدت إلى وقوع الانفجار، في حين رفضه أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، واعتبر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن «المطالبة بالتحقيق الدولي الهدف منه تضييع الحقيقة»، لافتاً إلى أن «لا معنى لأي حكم إذا طال صدوره، والقضاء يجب أن يكون سريعاً لأن العدالة المتأخرة ليست بعدالة». لكن رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل قال مؤخراً، إن «القضاء اللبناني أمام فرصة لإثبات نفسه في تحقيقات انفجار المرفأ، وإلّا فلنتوجه إلى تحقيق دولي».
وتعتبر ميراي خوري، والدة الضحية إلياس خوري، أنه «كان لا بد من إعطاء فرصة للقضاء اللبناني لكشف الحقيقة ومعاقبة المتورطين، خاصة أن فيه قضاة نزيهين، لكن لا شك أنه يفترض أن يكون هناك مهلة زمنية محددة للدفع باتجاه تحقيق دولي في حال تبين أن القوى السياسية لن تسمح للقاضي (بيطار) بإنجاز مهمته، ونتمنى أن يخرج هو ليعلن ذلك في مرحلة معينة في حال توصل إلى قناعة مماثلة»، موضحة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنهم كأهالي وضعوا أصلاً خطة «ب»، «وقد بدأنا بسلسلة تحركات للدفع باتجاه إرسال لجنة تحقيق دولية تساعد القاضي بيطار بعمله وتكون قادرة على التحرك ومده بالمعطيات والمعلومات التي تساعده وتكون قادرة على تسمية الأمور بأسمائها وتحديد المسؤوليات»، وتضيف «نحن لا نريد محكمة دولية كمحكمة الرئيس الحريري إنما لجنة تحقيق دولية».
وفي حين يشدد مدير معهد «الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية»‪ «‬الدكتور سامي نادر، على وجوب احتضان القاضي بيطار شعبياً ودولياً في مواجهة مافيا السلطة التي دخلت في كباش مباشر معه بموضوع الحصانات، ينبه الخبير في القانون الدولي والعلوم الدستورية شفيق المصري من عقد آمال على تحقيق دولي قد يحجب الحقيقة، خاصة أن واشنطن وباريس شاركتا في التحقيقات الأولية ولم تنشرا ما خلصتا إليه، ويضيف المصري في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «لا شك أن حرية وصلاحيات القاضي الأجنبي أكبر وأوسع لكن التداخل الإقليمي - الدولي - المحلي وتقاطع المصالح قد يهدد الوصول للحقيقة».
ويشير سامي نادر إلى أنه «تم أصلاً تدويل الجزء الأول من التحقيق بحيث شارك فيه الأميركيون والفرنسيون والأتراك وبقي الجزء المرتبط بالقضاء محصوراً لبنانياً»، مضيفاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «المطلوب مواكبة التحقيقات المحلية دولياً، وأن يكون هناك تعاون لبناني - دولي في هذا الملف، فجريمة كالتي حصلت في بيروت هي جريمة ضد الإنسانية تستدعي تدخلاً دولياً».
وفي شهر يونيو (حزيران) الماضي توجهت 53 منظمة حقوقية دولية وإقليمية ومحلية، فضلاً عن 62 شخصاً من الناجين وعائلات الضحايا، برسالة إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مطالبين بإنشاء بعثة تحقيق دولية في انفجار مرفأ بيروت، بعدما لم يحرز التحقيق المحلي أي تقدّم، واعتبروا فيها أنه «آن الأوان لمجلس حقوق الإنسان أن يتدخل وأن يصغي إلى مطالبات عائلات الضحايا والشعب اللبناني بالمساءلة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.