إثيوبيا تسعى إلى تجاوز انقساماتها الداخلية بالحشد الشعبي لتمويل السد

تسعى إثيوبيا إلى تجاوز انقساماتها الداخلية عبر مزيد من الالتفاف والدعم الشعبي حول «سد النهضة» على نهر النيل؛ حيث تواجه ضغوطات دولية كبيرة، بسبب المشروع الذي يثير توترات مع مصر والسودان، إضافة إلى الانتقادات الموجهة لحكومة أديس أبابا بعد خسارتها الحرب في إقليم «تيغراي». وأطلقت الحكومة الإثيوبية عدة مبادرات لجمع تبرعات شعبية من أجل استكمال بناء السد، الذي وصل حجم الإنشاءات به نحو 80 في المائة. آخرها إطلاق منصة رسمية لجمع التبرعات من الإثيوبيين في جميع أنحاء العالم. لكن مراقبين أكدوا أن التبرعات المحلية لا تستطيع أن تشكل فارقاً في عملية التمويل الضخمة، بقدر ما تسعى إلى الحشد القومي حول المشروع، وتجاوز الأزمات السياسية والاقتصادية والعرقية التي تشهدها البلاد وأضعفت وحدة الإثيوبيين. وتم جمع أكثر من 132 ألف دولار أميركي، في 48 ساعة فقط، لدعم بناء السد من خلال المنصة الإثيوبية، وفقاً لتقرير نشره أمس مكتب تنسيق المشاركة العامة لدعم «سد النهضة». وتعتمد حكومة أديس أبابا على المنصة في تعزيز مساهمة الإثيوبيين من جميع أنحاء العالم لدعم السد. يقول رئيس العلاقات العامة بالمكتب الإثيوبي هايلو أبراهام، لوكالة الأنباء الرسمية، إن «الدعم الشعبي للسد يتزايد خاصة بعد الانتهاء بنجاح من الملء الثاني، الذي انتهى الشهر الماضي». وبحسب المكتب، تمكنت إثيوبيا من جمع 2.49 مليار «بر إثيوبي» من قطاعات مختلفة من الإثيوبيين لتمويل السد، خلال السنة المالية الإثيوبية المنتهية. في حين ذكر هايلو أنه تم الحصول على أكثر من 15.7 مليار بر من المساهمات منذ إنشاء السد، عام 2011. ويرى الدكتور محمد نصر علام، وزير الموارد المائية المصري الأسبق، أن إثيوبيا تمول عملية بناء السد من خلال معونات دولية، معتبراً أن «الحديث بأن السد ممول من تبرع الشعب أمر غير حقيقي، وأن التبرعات الشعبية ما هي إلا نقطة في بحر تمويل دولي يقدر بـ6 مليارات دولار».
وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري، أوضح أنه لا توجد دول تمول السد بشكل مباشر... وكل الشركاء الدوليين يقدرون أن المشروع محل خلاف، فلا يتورطون في هذا الخلاف. ولفت شكري، في إفادة قدمها أمام مجلس النواب المصري منتصف العام الحالي، إلى أن «هناك شركات تابعة لبعض الدول تستخلص مصالح مالية من المشاركة في تمويل بناء السد»، موضحاً أن بعض الأموال تصل لإثيوبيا في شكل تمويل تنموي إنساني له علاقة بمتطلبات الشعب الإثيوبي. وتتخوف مصر ومعها السودان من نقص المياه بسبب السد الإثيوبي، خاصة أنهما يعتمدان على مياه النيل بشكل رئيسي. وفشلت المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا، التي جرت على مدار 10 سنوات بشكل متقطع، في الوصول إلى اتفاق. فيما عقد مجلس الأمن الدولي، جلسة مطلع يوليو (تموز) الحالي لمناقشة النزاع، بطلب من مصر والسودان؛ غير أنه لم يصدر، حتى الآن، قراراً أو توصية.