الجزائر: اختصاصات المحاكم المدنية في عهدة مخابرات الجيش

TT

الجزائر: اختصاصات المحاكم المدنية في عهدة مخابرات الجيش

أعطى جهاز أمن الجيش الجزائري لذراعه المكلفة التحقيقات صلاحيات جديدة، كانت من اختصاصات القضاء المدني والنيابة ومصالح الأمن، التي تتبع للنيابة المدنية، تمكّنه خاصة من التحقيق واستجواب أشخاص، وتنظيمات صنفتهم السلطات المدنية في مايو (أيار) الماضي «إرهابيين» و«مجموعات إرهابية».
وتضمن العدد الجديد للجريدة الرسمية مرسوماً وقّعه الرئيس عبد المجيد تبون في 13 يونيو (حزيران) الماضي، يتضمن تعديلاً لمرسوم رئاسي يعود إلى 2019، يتعلق باستحداث «مصلحة مركزية للشرطة القضائية لأمن الجيش».
ومس التغيير المادة 03 من النص القديم، وجاء فيه أن «المصلحة المركزية لأمن الجيش تضطلع بالبحث والتحري في جميع الجرائم، التي يعود اختصاص النظر فيها للجهات القضائية العسكرية. كما يناط بها مهمة البحث والتحري عن الجرائم المقررة في قانون العقوبات، التي هي من اختصاص الجهات القضائية التابعة للقانون العام، والتي تمس بالأمن الوطني والجيش الشعبي الوطني».
وسرد النص المعدل الأفعال التي باتت من اختصاص جهاز أمن الجيش، الذي يتبع رئاسة أركان الجيش، وهي «الجرائم الماسة بأمن الدولة»، و«الجرائم الموصوفة بأفعال إرهابية وتخريبية»، و«جرائم الاتجار بالمخدرات والمؤثرات العقلية»، و«جرائم تهريب الأسلحة والتهريب التي تشكل تهديداً خطيراً»، و«جرائم تهريب المهاجرين»، و«جرائم المساس بأنظمة المعالجة الآلية لمعطيات الجيش الوطني الشعبي، وكل الجرائم الأخرى التي تمس، و- أو التي تلحق ضرراً بالجيش الوطني الشعبي».
وجاء في المرسوم، أن التخصص الجديد الذي أعطي للشرطة القضائية لأمن الجيش، يؤهلها لتلقي البلاغات والشكاوى وإطلاق تحقيقات بشأنها. كما يتيح لها جمع الأدلة عن الجرائم الآيلة لاختصاصها، والبحث عن مرتكبيها، ما دام لم يُفتح بشأنها تحقيق قضائي. وهذه الصلاحيات (التحريات الابتدائية) تقوم بها في العادة الضبطيات القضائية، التابعة للشرطة والدرك الوطني والأمن الداخلي.
يشار إلى أن عشرات المناضلين السياسيين ونشطاء الحراك تابعهم القضاء المدني، بتهم «المس بالنظام العام» و«تهديد الوحدة الوطنية»، على أساس تحريات أجرتها شرطة الأمن الداخلي، وهو جهاز عسكري يتبع لوزارة الدفاع. وعندما اتهم ضباطه منذ أشهر بتعذيب أحد الناشطين، تمت إحالة القضية على المحكمة العسكرية بعدما أعلن في البدء أن النيابة المدنية أمسكت به.
في غضون ذلك، أحالت محكمة بمنطقة القبائل شرق العاصمة، أمس، أوراق ملف 5 مساجين ناشطين بالتنظيم الانفصالي «حركة استقلال القبائل»، المصنفة جماعة إرهابية، على «القطب الجنائي» المتخصص في قضايا الإرهاب بالعاصمة، إيذاناً بقرب محاكمتهم.
والناشطون هم بلعيد عمر خوجة، وبوعزيز آيت شبيب، وبومدين حمو، وحسين عازم، وباشا بوسعد، وقد جرى اعتقالهم في يونيو الماضي بسبب نشاطهم السياسي حسب محاميهم المناضل الحقوقي، مقران آيت العربي. وتم التحقيق معهم من طرف الأمن الداخلي، قبل أن يضعهم قاضي التحقيق في الحبس الاحتياطي. وقد اتهم الخمسة بـ«الانتماء إلى جماعة إرهابية»، و«المس بالوحدة الوطنية»، و«التحريض على الكراهية».
ونشر آيت العربي رسالة لموكليه نهاية الشهر الماضي، استنكروا فيها لائحة الاتهامات التي وصفوها بـ«السريالية». وأكدوا بأنهم «متمسكون بقناعتنا السياسية التي دافعنا عنها سلمياً، والتي ينبغي التعاطي معها بالنقاش، وتبادل الآراء لا بالقضاء والتهم الجزائية».
ويترأس التنظيم الانفصالي، المطرب الأمازيغي فرحات مهني المقيم بفرنسا. وكان بوعزيز آيت شبيب ممثلاً له بمنطقة القبائل، لكنه استقال منذ عام بسبب خلاف بينهما، وبقي ناشطاً بتيزي وزو (كبرى مدن القبائل).
وصنفت الحكومة أيضاً تنظيم «رشاد» الإسلامي (قادته لاجئون بأوروبا) ضمن لائحة الإرهاب، وسجنت العديد من نشطائه بالتهم نفسها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.