الفصائل المسلحة تؤمن نقل السلاح بين إيران وسوريا

تمنع الجيش من مسك الأرض شمال بغداد

TT

الفصائل المسلحة تؤمن نقل السلاح بين إيران وسوريا

أثارت الهجمات المسلحة في بلدتي «يثرب» و«الضلوعية»، شمال بغداد، جدلاً سياسياً بشأن دور الفصائل المسلحة الماسكة للأرض في مناطق حزام العاصمة.
وفي الآونة الأخيرة، ارتفعت وتيرة الهجمات المسلحة في مناطق رخوة، تحت سيطرة قوات غير موحدة، بين الجيش والشرطة ووحدات قتالية تابعة للفصائل المسلحة. وتتقاسم فصائل موالية لإيران النفوذ الميداني في المدن المحررة، وتركز انتشارها على فراغات في مناطق حزام بغداد، أبرزها «النجباء، كتائب سيد الشهداء، كتائب حزب الله، وعصائب أهل الحق».
«الشرق الأوسط» سألت قائداً ميدانياً في إحدى الفصائل، عن الهدف من هذا الانتشار، فقال: «غالبية قوات الحشد الشعبي تريد منع تمدد (داعش) من جديد في مناطق زراعية في حزام بغداد». لكن مصادر ميدانية، أكدت لـ«الشرق الأوسط»، أن انتشار الفصائل في هذه المناطق، يأتي لتأمين حركة العتاد والمعدات من ديالى المحاذية لإيران وحتى الحدود السورية. وأشارت المصادر المتطابقة، إلى أن الفصائل تستهدف أيضاً عزل العاصمة عن شمالها، بسد الفراغات المترامية من بساتين وحقول مدن صلاح الدين والأنبار وديالى.
وتحدثت «الشرق الأوسط» مع مدنيين من «الضلوعية» و«يثرب»، عن طبيعة القوى الماسكة للأرض. واتفق أكثر من 10 شهود، طلبوا حجب هوياتهم خوفاً على حياتهم، على أن مسلحي «عصائب أهل الحق» تراقب نشاط السكان المحليين، وتدقق في خلفياتهم، لكنها لا تسهم في منع الهجمات التي ينفذها تنظيم داعش.
وقال أحد الشهود، ويبلغ من العمر 48 عاماً، إن «نقاط التفتيش التي ينصبها المسلحون تختفي في بعض الأيام، فيما يمنعون قوات الجيش من مسك الأرض بشكل دائم».
وقال شاهد آخر إن «مسلحي الفصائل يستخدمون هذه المناطق كطرق لنقل شاحنات يعتقد أنها تحمل أسلحة ومعدات». وبحسب قائد ميداني في فصيل مسلح يتمركز غرب صلاح الدين، فإن الفصائل لا تعمل سوية في هذه المناطق، بل إنها تقاسمتها فيما بينها، وليس من المرجح أن تتركها «حتى لوحدات الجيش والشرطة».
وقالت مصادر سياسية، إن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي «تلقى رسائل من جهات مختلفة تمثل المدن المحررة لتوحيد القرار الأمني فيها وسحب يد بعض الفصائل، لكن الملف معقد كثيراً لأسباب سياسية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».