طبّاخ آلي يسعى لإحداث «ثورة» في المطاعم

الطباخ الآلي «روبو إيتز» (أ.ف.ب)
الطباخ الآلي «روبو إيتز» (أ.ف.ب)
TT

طبّاخ آلي يسعى لإحداث «ثورة» في المطاعم

الطباخ الآلي «روبو إيتز» (أ.ف.ب)
الطباخ الآلي «روبو إيتز» (أ.ف.ب)

يحرك روبوت ذراعيه تلقائياً لتسليم طلبية معكرونة داخل مطعم في العاصمة اللاتفية ريغا حيث يمكن للزبائن مراقبة الرجل الآلي يحضر لهم الطعام، في تكنولوجيا تقدم لمحة عما قد يكون عليه المستقبل في قطاع المطاعم، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
ورغم وجود صالة للأكل وطاولات، يفضل معظم الزبائن خدمة الطلبات الخارجية، إذ لا تزال لاتفيا تفرض إبراز شهادات التلقيح على الراغبين في الجلوس داخل المطاعم.

وتقول إيفيتا راتينيكا، وهي مدرّسة ومستشارة تربوية في ريغا: «كان الطعام أفضل مما كنت أتوقع»> وتعتزم راتينيكا تشجيع تلامذتها على المجيء إلى المكان لمراقبة الروبوت الجديد خلال عمله، معتبرة أن كافيتريا المدرسة قد تضم مثل هذا الجهاز في غضون «بضع سنوات».
وصُمم الطباخ في يناير (كانون الثاني) 2018 على يد كونستانتينيس كوركيومكينز ويانيس بوروكس، اللذين يديران سلسلة مطاعم «ووكي توكي» للوجبات السريعة في لاتفيا منذ عام 2009. أما الهدف من هذه الخطوة فيتمثل في إحداث ثورة في القطاع.
يقول بوروكس: «هذا الروبوت يحل محل 4 إلى 6 موظفين، ما يقلل بشكل كبير من تكاليف اليد العاملة».

لكنه يؤكد أن استخدام الروبوتات لن يزيد معدل البطالة، قائلاً: «الروبوت لن يحل محل الأشخاص الذين يريدون الحصول على وظيفة في مجال المطاعم، أو أن يصبحوا طهاة أو نجوم مطبخ. لكنه سيحل محل الوظائف المنخفضة الأجر التي لم يعد يريدها معظم الناس».
وشهدت تكنولوجيا الروبوتات في المطاعم اهتماماً متزايداً في السنوات الأخيرة عززته جائحة «كوفيد 19».
وفي مطعم افتُتح أخيراً في باريس، يمكن للزبائن مشاهدة روبوتات تعد البيتزا وتخبزها وتوضبها بمعدل 80 شطيرة في الساعة.
وفي الولايات المتحدة، يحضّر روبوت يدعى «سالي» مصنّع من شركة «شوبوتيكس» السلطات لبيعها على جهاز توزيع آلي.
كما أن شركة بريطانية قدّمت العام الماضي مطبخاً آلياً بالكامل بسعر لا يقل عن 248 ألف جنيه إسترليني (345 ألف دولار).
وقد صُمم «روبو إيتز» لتولي مهمات مرتبطة بإعداد الطعام، مع تحسين سلامة الغذاء والقضاء على مخاطر العدوى في المطابخ المكتظة، وبُرمج الروبوت لإعداد 3 أطباق مختلفة من المعكرونة.
ويمكن لهذا الطبّاخ الآلي وفق مطوّريه إعداد مئات الوصفات، مع مراعاة ذوق المالك والحساسيات الغذائية، ويقول كوركيومكينز إن «ذراع الروبوت هي التي تسبب لنا أقل درجة من المشكلات، فنحن نبرمجها فقط للقيام بما نحتاج إليه». ويشير إلى أن «التحدي الحقيقي يتمثل في تصميم وابتكار مطبخ كامل حول الروبوت، يجب أن يحتوي على كل مكونات الطعام والتوابل والصلصات والمقالي الدوارة للغلي والقلي».
ويعتبر القائمان على المشروع أن هذا الروبوت سيبدأ درّ الأرباح عليهما في غضون عامين.

ويلفت بوروكس إلى أن «موظف المطبخ يكلف الشركة في المعدل في الاتحاد الأوروبي نحو 16 يورو في الساعة، بما يشمل الأجور والضرائب والتأمين والتدريب وما إلى هنالك». ويضيف: «الروبوت لا يحتاج إلى تأمين صحي، ولا يمرض أطفاله، ولا يحصل على أيام عطلة أو إجازة أمومة، ولا يتذمر كما لا يمكنه إحضار عدوى (كوفيد) إلى العمل».
وتعدّ الشركة خططاً توسعية مع مكاتب للبيع في كندا والولايات المتحدة، وفريق تقني في ريغا لبرمجة الروبوتات.
وعُرضت هذه التقنية في وقت سابق هذا العام خلال معرض لاس فيغاس للإلكترونيات في الولايات المتحدة.
ولا يخشى المشاركان في تطوير هذا المفهوم التنافس مع روبوتات مماثلة أخرى.
ويقول كوركيومكينز: «روبوتنا مطور للقيام بمهام ووظائف أكثر من مجرد صنع البيتزا. هدفنا صنع روبوت يمكن أن يكون مفيداً لتحضير أنواع كثيرة من الأطعمة والمطابخ والأطباق»، ويضيف: «نأمل أن يصبح روبوت المطبخ رائجاً مثل السيارات الكهربائية».



حملة على مواقع التواصل ترفض دخول أحد قيادات «الأفروسنتريك» إلى مصر

كابا كاميني في إحدى زياراته لمصر (صفحته على «فيسبوك»)
كابا كاميني في إحدى زياراته لمصر (صفحته على «فيسبوك»)
TT

حملة على مواقع التواصل ترفض دخول أحد قيادات «الأفروسنتريك» إلى مصر

كابا كاميني في إحدى زياراته لمصر (صفحته على «فيسبوك»)
كابا كاميني في إحدى زياراته لمصر (صفحته على «فيسبوك»)

عادت قضية «الأفروسنتريك» للواجهة مجدداً في مصر، مع انتشار إعلان لأحد قيادات حركة «الأفروسنتريك» ودعاتها المشهورين، يدعي البروفسير كابا كاميني، عن إنتاج فيلم وثائقي حول الأصول الأفريقية للحضارة المصرية القديمة، والإعلان عن قرب زيارته لمصر، وفق متابعين له.

وتصاعدت حملةٌ على وسائل التواصل تشير إلى أن «وجود كابا في مصر غير مرحب به»، وتصدر اسمه «الترند» على «إكس» في مصر، الأربعاء، تحت عنوان «مش عايزين كابا في مصر».

وأعلن «البروفسور كابا»، كما يسمي نفسه على صفحته بـ«فيسبوك»، عن فيلم وثائقي تم إنتاجه بالفعل، ومن المقرر عرضه يوم 20 يونيو (حزيران) الحالي بعنوان «نيجوس إن كيميت»، وترجمتها «الملك في مصر» أو «الملك في الأرض السوداء»، وقُوبل هذا الإعلان بسيل من التعليقات على صفحة الناشط الأميركي مفادها أنه «غير مرحب به في مصر».

ونشرت صاحبة حساب على «إكس» تدعى «جيسي يسري» صورة لكابا وهو يمسك مفتاح الحياة «عنخ» وكتبت معلقةً أن هذا هو «كابا» زعيم «الأفروسنتريك» الذين يقولون إنهم أحفاد المصريين القدماء، وإن المصريين الحاليين دخلاء على مصر. ولفتت إلى أن «كابا» سيأتي إلى مصر الجمعة المقبل 20 يونيو (حزيران) الحالي، وأنه نظم تجمعاً اسمه «زنوج كيميت»، ومن المعروف أن «كيميت» هو اسم قديم لمصر، ويعني «الأرض السوداء»، وطالبت صاحبة التعليق الدولة ممثلة في وزارة الثقافة والسياحة بأن يتخذوا الاحتياطات اللازمة، وأن يحرصوا على أن يرافقه مرشدون سياحيون مثقفون وطنيون، لمنع المهازل التي حصلت في زياراته السابقة، وفق تعبيرها.

وعلّق البعض متسائلاً لماذا لا تمنعه وزارة الداخلية من دخول مصر طالما أنه غير مرغوب فيه؟ وتصاعدت تعليقات أخرى ترفض حضوره إلى مصر وتدعو لمنعه من دخولها، في مقابل تعليقات أخرى تدعو لتجاهله وعدم إعطائه قيمة كبيرة لأن الاهتمام به بهذا الشكل يمنحه شهرة.

بينما نشر آخرون ما يفيد بأن المصريين القدماء رسموا الأفارقة على المعابد كأسرى وعبيد مقيدين، رداً على مزاعم «الأفروسنتريك».

وتتكرر بين فترة وأخرى مزاعم من بعض أنصار «الأفروسنتريك» تنسب الحضارة المصرية القديمة إلى الأفارقة السود، وتدعي أن مصر الحديثة تستولي على هذا الإرث وتنسبه إلى غير أصله، وهو ما يصفه عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف مكتبة الإسكندرية، بأنها «ادعاءات تفتقر إلى الأساس العلمي، ولا تستند إلى أي أدلة أثرية، لغوية، أو بيولوجية معتمدة».

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الحضارة المصرية القديمة نشأت على ضفاف النيل، وتميزت باستقلالها الثقافي والديني واللغوي، ولم تكن حضارة معزولة، بل تفاعلت مع محيطها، مع احتفاظها بهويتها المتفردة، والدراسات العلمية المستندة إلى تحليل المومياوات، والنقوش، والفن الجنائزي، واللغة المصرية القديمة، تؤكد جميعها أن سكان مصر القديمة كانوا من أصول محلية تشكلت تاريخياً داخل وادي النيل، ولا يمكن اختزالهم في تصنيفات عرقية حديثة».

أحد منشورات كابا حول الفيلم الوثائقي (صفحته على «فيسبوك»)

ويدعو عبد البصير إلى التعامل مع مثل هذه الحركات على 3 مستويات، «أولاً المنع إذا ثبت الضرر بالأمن القومي أو التحريض على الكراهية، ثانياً عدم التضخيم الإعلامي لهم حتى لا يحصلوا على شهرة لا يستحقونها، ثالثاً تقوية أدوات المعرفة والدفاع الثقافي الوطني عبر برامج وخطط التوعية المتنوعة».

وتأسست حركة «الأفروسنتريزم» أو «الأفروسنتريك» في ثمانينات القرن العشرين على يد الناشط الأميركي أفريقي الأصل موليفي أسانتي، الذي قدم العديد من الكتب، بل وأنشأ معهداً للأبحاث باسمه يسعى من خلاله لإعادة تقييم وتقدير الثقافة الأفريقية وإثبات مركزيتها في الحضارات القديمة، وفق تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية.

فيما يشير عالم الآثار المصري، الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، إلى وجود «حرب شرسة من (الأفروسنتريك) على الحضارة المصرية تتعدد أشكالها، تمثلت في عرض شبكة (نتفليكس) فيلم (الملكة كليوباترا) الذي يسيء إلى الحضارة المصرية، ويُظهر الملكة كليوباترا ببشرة سوداء ترويجاً لفكر (الأفروسنتريك) بأن الحضارة المصرية أصلها أفريقي في تحدٍ واضحٍ للرفض المصري من متخصصين وغيرهم لهذا الطرح».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «الدعوات التي تطالب بمنع دخول دعاة هذه الحركة إلى مصر تعتمد على رأي الجهات الأمنية، وإذا لم تتمكن فصراعنا هو صراع هوية ومجابهة الغزو الفكري تعتمد على تعزيز الهوية وبناء الإنسان المصري، وتأكيد عمق وجذور الشخصية المصرية وهو أقوى الأسلحة»، مطالباً بـ«خطة ممنهجة وممولة من وزارة الثقافة ووزارة السياحة والآثار لمجابهة (الأفروسنتريك) عبر برامج إعلامية موجهة باللغة العربية وعدة لغات لتوضيح حقيقة الهوية والشخصية المصرية عبر العصور، لأن هذه الحركات هدفها الطعن في الهوية».

وسبق أن تصاعدت قضية «الأفروسنتريك» في مصر مع إنتاج شبكة «نتفليكس» فيلماً عن الملكة كليوباترا عام 2023، يظهرها ببشرة سمراء وشعر مجعد، وهو ما اعترضت عليه وزارة السياحة والآثار، ووصفته بـ«تزييف التاريخ» و«المغالطة الصارخة»، ونشرت أدلة تؤكد الملامح اليونانية التي كانت تتمتع بها الملكة البطلمية، صاحبة البشرة البيضاء والملامح الرقيقة، وأكدت الوزارة وقتها بالأدلة وفحوصات الحمض النووي للمومياوات أن «المصريين القدماء لا يحملون ملامح الأفارقة».

جانب من الصور التي نشرها كابا عن الفيلم الوثائقي (صفحته على «فيسبوك»)

ويرى الخبير السياحي والباحث في الحضارة المصرية القديمة، بسام الشماع، أن «(الأفروسنتريك) الذين يدّعون أن الحضارات الأفريقية القديمة التي كانت قائمة جنوب الصحراء تم السطو عليها من المصريين، لم ينجحوا في إثبات ما يدعونه، بل وأرى هناك مبالغة في إعطائهم أكثر من قدرهم»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «من واقع خبرتي كمرشد سياحي أرى مبالغة كبيرة في إعطاء هذه الحركة قيمة، فهم يحاولون منذ نحو 100 سنة أن يرسخوا فكرهم ولكنهم فشلوا، وحين تم إنتاج فيلم (الملكة كليوباترا) السمراء أثبتت الإحصاءات أنه حصل على أقل نسبة مشاهدة في تلك الفترة».

وأشار إلى محاولات أخرى لسرقة الحضارة المصرية أو تزييفها، موضحاً: «هناك محاولات من اليهود للسطو على الحضارة المصرية ومحاولات من الأميركيين والتقنيين لترويج فكرة أن الكائنات الفضائية هي التي صنعت الحضارة المصرية، وهذه الدعاوى هي ما يجب أن نواجهها بالتوعية العلمية المنضبطة».

وأضاف الشماع أن «زمن المنع انتهى، لن نستطيع منع هؤلاء من دخول مصر، بل بالعكس فكرة تصويرهم على أنهم عبيد أو المنع سيجذب التعاطف معهم عالمياً، لذلك يجب أن يتم مواجهتهم بشكل عملي أكثر جدية»، ودعا إلى «إقامة مؤتمر دولي أمام الأهرامات يضم كبار العلماء في الحضارة، ينتهي بتوصيات تنفي كل المزاعم التي تشاع عن الحضارة المصرية القديمة، مثل مزاعم (الأفروسنتريك) أو الكائنات الفضائية أو المزاعم اليهودية حول الحضارة المصرية».