كارثة مرفأ بيروت تمزق ستار «الدولة الفاشلة»

المخاطر ارتفعت والاقتصاد مفلس وسط توسع الفقر وذل العيش

امرأة تسير وسط الأنقاض التي خلفها الانفجار في  مرفأ بيروت أغسطس الماضي (رويترز)
امرأة تسير وسط الأنقاض التي خلفها الانفجار في مرفأ بيروت أغسطس الماضي (رويترز)
TT

كارثة مرفأ بيروت تمزق ستار «الدولة الفاشلة»

امرأة تسير وسط الأنقاض التي خلفها الانفجار في  مرفأ بيروت أغسطس الماضي (رويترز)
امرأة تسير وسط الأنقاض التي خلفها الانفجار في مرفأ بيروت أغسطس الماضي (رويترز)

يضع المراقبون والمحللون في إدارات ووحدات الأبحاث داخل لبنان ولدى المؤسسات الدولية، خطاً عريضاً تحت تاريخ الرابع من أغسطس (آب) 2020 ليس بصفته يوم الانفجار الكارثي في مرفأ بيروت وبما حصده من ضحايا وتدمير شبه تام للمرفق الحيوي، ونحو ثلث أحياء وسط العاصمة وقلبها النابض فحسب، بل بحقيقة تحوله مفصلا حاسما بين مرحلتي الدولة المتعثرة في جبه أزمات اقتصادية ومالية صعبة، وبين واقع اللادولة الغارقة في فشل ذريع لكامل منظومات السلطة والإدارة والسقوط المدوي لمؤسساتها ولقطاعاتها الاقتصادية والنقدية، بلوغا إلى تقويض مقومات العيش لنحو 6 ملايين نسمة من السكان.
فالمقدمات السابقة للانفجار لم تكن عادية في وقائعها وتأثيراتها. وهي وإن انفصلت عنه تماما في خلفية الأسباب المادية البحت، إنما تطابقت معه في المساهمة الوازنة في حصيلة التدمير المنهجي الذي سببه الفساد للبلاد ومؤسساتها. كما أن الحدث الجلل الذي باغت العالم أجمع بشدته وإدراجه كثالث أكبر انفجار غير نووي في التاريخ، وبلغت موجات عصفه وصداها الصوتي جزيرة قبرص، وقع فعليا بينما كانت رقعة الخلافات السياسية داخل البلاد تتسع وتغذي الفوضى النقدية العارمة، ليتعمق معها الانحدار في مستوى القعرين الاقتصادي والمعيشي.
هكذا اكتمل المحتوى السوريالي للمشهد اللبناني بين أحداث متلاحقة، وتوج باستقالة حكومة الرئيس حسان دياب بعد يومين من الكارثة، لتتحول حكومة تصريف الحد الأدنى لمهام السلطة التنفيذية، معلقة بذلك المفاوضات الخاصة بخطة الإنقاذ والتعافي التي تم عرضها بتراء على إدارة صندوق النقد الدولي بسبب تشرذم الفريق اللبناني وتباعد المقاربات بين الحكومة ولجنة المال النيابية والبنك المركزي وجمعية المصارف.
لاحقا تضاعفت تباعا، ككرة الثلج، أكلاف المعالجة لفجوة مالية تباينت التقديرات على احتسابها بين 55 مليار دولار و90 ملياراً، وسط جدل عقيم لتحديد الجهة التي تتحمل الخسائر. وذلك على منوال التسعير التشاركي للجدليات الداخلية في تبادل الاتهامات وكرات المسؤولية عقب نحو 9 أشهر من انفجار غضب شعبي عارم حمل تسمية ثورة 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، وترجمته سلسلة متصلة، على مدار الأسابيع والأشهر اللاحقة، من المظاهرات والتحركات الاعتراضية التي لم تخل في محطات كثيرة من ردود عنيفة تولتها السلطات وبعض الأطراف الداخلية ذات السطوة.
والمثير في الوقائع التالية التي جردتها «الشرق الأوسط» مع عدد من الخبراء، والمعززة بتفشي وباء «كورونا» وبتفاقم العجز في المالية العامة، تعميم حالة «عدم الاكتراث» والأشبه بالإنكار التي اعتمدتها في إدارة التعامل مع الثورة الشعبية واحتجاجاتها العارمة، على الكارثة المستجدة في المرفأ، وتعمد وضع البلاد وقطاعاتها على مسار انحداري حاد، ارتقت معه المخاطر العامة وانعدام الثقة الداخلية والخارجية إلى درجات مذهلة.
كل ذلك يجري بدفع «عاقل» من الأطراف الداخلية المسيطرة على القرار الداخلي والسلطات الدستورية ومؤسسات إدارة الدولة. فهي تعاملت مع الانفجار الهائل بمنطق يغلب عليه الطابع الأمني، وواظبت على وصفات تسكين الآلام عبر الإنفاق غير المدروس من الاحتياط الحر للعملات الصعبة لدى البنك المركزي، فيما تكفلت مواقفها اللامبالية غالبا بفرك الجروح الغائرة في اقتصاد البلاد وقوت سكانها بالملح.
أكثر من ذلك، تقدمت الأطراف المقررة بعناد غريب لحيازة صفة «الدولة الفاشلة». فعمدت، بالتكافل والتضامن إلى التعامل بسلبية مشهودة مع المجتمع الدولي ومؤسساته الناشطة وباستخفاف صريح مع مبادراته الإنقاذية، وفي مقدمتها المبادرة الفرنسية. ووجدت ضالتها في عرقلة إعادة الانتظام إلى السلطة التنفيذية، والاحتفاظ مع التوسعة، بفجوة تغييب حكومة المهمة الإصلاحية. لتضيف صفة الدولة المارقة إلى صفتي الإنكار والفشل، مؤكدة عزل لبنان عن محيطيه الإقليمي والدولي، بعدما تولت حكومة دياب في أوائل مارس (آذار) إخراج لبنان ومؤسساته من الأسواق المالية الدولية عبر تعليق دفع مستحقات متصلة بسندات الدين الدولية (يوروبوندز)، من دون التحوط لاستحقاق كامل المحفظة التي تزيد أصولها الأساسية على 30 مليار دولار، ومن دون الدخول في مفاوضات مسبقة وجدية مع الدائنين.
وتطابقت المخاوف المحلية للخبراء سريعا مع تقرير صادم أصدره البنك الدولي بعد أشهر قليلة من انفجار المرفأ والإدارة الفاشلة للدولة. وفيه أن لبنان يعاني من كساد اقتصادي حاد ومزمن، ومن المُرجح أن تُصنف هذه الأزمة الاقتصادية والمالية ضمن أشد عشر أزمات، وربما إحدى أشد ثلاث أزمات، على مستوى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر. وفي مواجهة هذه التحديات الهائلة، يهدد التقاعس المستمر في تنفيذ السياسات الإنقاذية، في غياب سلطة تنفيذية تقوم بوظائفها كاملة، الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتردية أصلاً والسلام الاجتماعي الهش؛ ولا تلوح في الأفق أي نقطة تحول واضحة.
وبلغة تتعدى المعايير الدبلوماسية المعهودة، قرر البنك الدولي «أن استجابة السلطات اللبنانية لهذه التحديات على صعيد السياسات العامة كانت غير كافية إلى حد كبير. ولا يعود ذلك إلى الثغرات على مستوى المعرفة والمشورة الجيدة، بقدر ما يعود إلى غياب توافق سياسي بشأن المبادرات الفعالة في مجال السياسات». وزاد مبينا شبهة «وجود توافق سياسي حول حماية نظام اقتصادي مفلس، أفاد أعداداً قليلة لفترة طويلة»، ومنبها «نظراً لتاريخ لبنان المحفوف بحرب أهلية طويلة وصراعات متعددة، ثمة حذر متنام من المحفزات المحتملة لنشوب اضطرابات اجتماعية. فالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتنامية الخطورة تهدد بقصور النظام الوطني بما لذلك من آثار إقليمية، وربما عالمية».

الاستهلاك والغذاء يعبدان الطريق إلى «الجحيم» المعيشي
> لا يتطلب المسح الميداني لمكونات مؤشر الغلاء جهودا استثنائية. فالسد الوهمي الفاصل بين التضخم المفرط الذي يحاكي التجربة الفنزويلية التي يجري المضاهاة بها كنموذج عالمي صارخ بحدته ومرارته، وبين «الجحيم» المعيشي الموعود في لبنان، مرشح للزوال سريعا مع نضوب مبالغ تمويل الدعم لدى البنك المركزي لمجموعة السلع الاستراتيجية والأساسية.
وليس من المبالغة تعميم صفتي البؤس والكآبة على أحوال السكان عموما. فمن يفقد قدرات العيش بالحد الأدنى هم الغالبية العظمى بنسبة تعدت 75 في المائة من السكان، ومن يحوز «نعمة» الدخل بالدولار الطازج «الفريش» عملا أو تحويلا أو بما يتيسر له من «القرش الأبيض» المحتجز في البنوك يصطدم بندرة وجود السلع الحيوية وحتى انعدامها.
عموما، يخضع السكان بأطيافهم كافة للامتحان الإنساني الأصعب. وهم يدركون مسبقا أن علو موجات ارتفاع الأسعار الاستهلاكية واحتشادها سيبلغ وشيكا مستوى «تسونامي» مدمر لكل جدران الصمود التي يتحايلون في بنائها بلا أساسات ولا دعائم. وبالتالي يتهيب الخبراء في قراءة المشهد القاتم مع تسريع وتيرة الانتقال من حال الندرة إلى حال الانقطاع التام لمواد وسلع وخدمات تشكل مجتمعة أساسيات الحياة «الآدمية».
في الواقع، صار الترقب يوميا وتراكميا لارتقاء التضخم باندفاعات صاروخية، ليصبح في غضون فترة قصيرة قد لا تتعدى الشهر الواحد، مطابقا لمستوى انحدار العملة الوطنية، مضافا إليها احتساب الهوامش الإضافية التي يضعها المستوردون والتجار. هي مرحلة انهيار منظومة الدعم الفوضوية التي بددت نحو 6 مليارات دولار سنويا على مدار الأزمة، واستحقاق تداعياتها بتقدم ظواهر فقدان المحروقات والكهرباء والمياه والأدوية وتمدد الخطر إلى الاتصالات والإنترنت، والتراجع المطرد والمخيف في قطاعات الخدمات العامة والاستشفاء والتمريض والتعليم بمستوياته كافة.
ويبين المسح الذي أجرته منظمة «اليونيسف» حديثا أن أكثر من 30 في المائة من الأطفال في لبنان ينامون جوعى، لعدم حصولهم على عدد كاف من وجبات الطعام. كما أن 77 في المائة من الأسر لا تملك ما يكفي من غذاء أو مال لشراء الغذاء. وترتفع هذه النسبة إلى 99 في المائة لدى الأسر السورية. كذلك، فإن 60 في المائة من الأسر تضطر إلى شراء الطعام عبر مراكمة الفواتير غير المدفوعة أو من خلال الاقتراض والاستدانة، و30 في المائة من الأطفال لا يتلقون الرعاية الصحية الأولية. ويتحدث 80 في المائة من مقدمي الرعاية عن مواجهة الأطفال صعوبات في التركيز على دراستهم في المنزل، إما بسبب الجوع وإما نتيجة الاضطراب النفسي.
في المقارنة، يمكن استنباط منحنى بياني مسبق لاتجاه متوسط مؤشر الغلاء العاكس لسعر الدولار في الأسواق الموازية، بعد رفع الدعم الذي سيشمل قريبا كامل المواد والسلع، باستثناء الخبز ومجموعات محددة من الأدوية وحليب الأطفال. فمع بلوغ الدولار متوسطا سعريا جديدا عند عتبة 20 ألف ليرة، واعتماد الهامش الأعلى في تسعير غالبية السلع الغذائية والاستهلاكية، أي بما يتعدى 22 ألف ليرة لكل دولار، يمكن رصد قفزات غير لمؤشر الغلاء، بعدما تعدى نسبة 100 في المائة بنهاية النصف الأول من العام الحالي، مقارنة بالفترة عينها من العام الماضي. مع التنويه بأولى القفزات المتحولة حجما في شهر يوليو (تموز) الماضي، والمقدرة، بحسب مرصد الجامعة الأميركية في بيروت، بصعود أسعار سلع غذائية أساسية بأكثر من 50 في المائة في أقل من شهر.
ومن بين النماذج الصارخة للارتفاعات المذهلة في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية المحلية والمستوردة على حد سواء، الألبان والأجبان، حيث اندفع سعر الحليب من نحو 10 إلى نحو 25 ألف ليرة على مدار سنوي، وزاد سعر كيلو اللبن من نحو 13 إلى 30 ألف ليرة، وكيلو اللبنة من 20 إلى نحو 60 ألف ليرة. وارتفع سعر كرتونة البيض من 20 إلى نحو 50 ألف ليرة، وعبوة المرطبات من ألفين إلى 5 آلاف ليرة، وحلق سعر لتر الزيت النباتي فوق متوسط 40 ألف ليرة. وتخطت أسعار الحبوب بأنواعها من عدس وحمص وفاصولياء وفول وسواها حدود 25 ألف ليرة بالحد الأدنى. حتى سعر علبة السردين (سمك الفقراء) وصل إلى 15 ألف ليرة، لتبرز معه «رفاهية» علبة التونة فوق مستوى 30 ألف ليرة لكل 200 غرام بالحد الأدنى. في حين وصل سعر كيلو اللحم البقري إلى 150 ألف ليرة والغنم إلى 250 ألف ليرة. ولم تخالف مقطعات الدجاج المنوال فزاد سعر الكيلوغرام إلى نحو 70 ألف ليرة.
في النتيجة، محزن للغاية ما جاهرت به نجاة رشدي، نائبة المنسقة الخاصة والمنسقة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في لبنان، بأن «الناس عاجزة عن توفير احتياجاتها الغذائية الأساسية وتستبدل الوجبات الصحية بخيارات أرخص غير صحية، مما يهدد أمنها الغذائي». _



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.