ميانمار تحيي ذكرى نصف عام على الانقلاب في خضم اشتداد الجائحة

هدوء نسبي في الشوارع خوفاً من العدوى والصدامات مع الجيش

بورميون ينتظرون الحصول على عبوات أكسجين في يانغون الأربعاء (أ.ب)
بورميون ينتظرون الحصول على عبوات أكسجين في يانغون الأربعاء (أ.ب)
TT

ميانمار تحيي ذكرى نصف عام على الانقلاب في خضم اشتداد الجائحة

بورميون ينتظرون الحصول على عبوات أكسجين في يانغون الأربعاء (أ.ب)
بورميون ينتظرون الحصول على عبوات أكسجين في يانغون الأربعاء (أ.ب)

خوفا من حملة القمع التي تشنها المجموعة العسكرية وتفشي فيروس كورونا في ميانمار، لم يجرؤ إلا عدد قليل جدا من البورميين إلى النزول إلى الشوارع أمس لإحياء ذكرى مرور ستة أشهر على الانقلاب الذي أغرق البلاد في حالة من الفوضى.
من جهته، ألقى زعيم المجموعة العسكرية مين أونغ هلاينغ خطابا تعهد فيه إجراء انتخابات جديدة «متعددة الأحزاب وديمقراطية (...) بحلول أغسطس (آب) 2023»، وذلك بعد أسبوع من إلغائه نتيجة الانتخابات التشريعية التي نظمت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 وفاز فيها حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية بزعامة أونغ سان سو تشي بغالبية ساحقة.
وأضاف الجنرال أن ميانمار «مستعدة للتعاون مع رابطة دول جنوب شرقي آسيا» (آسيان)، وفق ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. ومن المقرر أن يجتمع وزراء خارجية آسيان، اليوم (الاثنين)، ويصادقوا على تعيين نائب وزير الخارجية التايلاندي فيراساكدي فوتراكول كمبعوث خاص للرابطة مكلف تعزيز الحوار بين المجموعة العسكرية ومعارضيها.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، دعا شبان معارضون إلى إسقاط النظام. وكتبوا على الشبكات الاجتماعية أمس بمناسبة مرور ستة أشهر على الانقلاب: «نعد بمحاربة هذه الديكتاتورية ما دمنا على قيد الحياة». ونظمت احتجاجات صغيرة في بعض المناطق مثل كالي (غرب)، حيث سار سكان تحت لافتات تكريمية لسجناء سياسيين كتب على إحداها «أغاني المعتقلين قوة للثورة». لكن غالبية البورميين بقوا في منازلهم خوفا من عنف القوات الأمنية وفيروس كورونا.
وحذرت بريطانيا، القوة الاستعمارية السابقة، الأمم المتحدة من أن نصف السكان، أو ما يعادل 27 مليون شخص، قد يصابون بكوفيد - 19 في الأسبوعين المقبلين، واصفة الوضع بأنه «مزر». ودعت مجلس الأمن الدولي للتحرك من أجل السماح بنشر اللقاحات.
وتقدر الأمم المتحدة نسبة المرافق الصحية التي ما زالت تعمل في البلاد بأربعين في المائة فقط، في حين لا يزال جزء كبير من الطواقم الطبية مضربا عن العمل احتجاجا على الانقلاب. وبعض العاملين الصحيين المستهدفين بمذكرات توقيف، هاربون، والبعض الآخر مسجونون.
وقالت سوزانا هلا هلا سوي، من «حكومة الوحدة الوطنية» (حكومة الظل) التي شكلها معارضون، إن الجيش البورمي «يستخدم وباء كوفيد - 19 كسلاح ضد السكان». والجسم الطبي ليس الجهة الوحيدة المستهدفة. ففي غضون ستة أشهر، قتل 940 مدنيا بينهم 75 قاصرا، واختفى المئات وسجن أكثر من 5400 شخص، وفقاً لمنظمة غير حكومية.
وقال براد آدامز، مدير فرع آسيا في «هيومن رايتس ووتش»، إن «جرائم القتل والإخفاء القسري وأعمال التعذيب والاغتصاب (...) هذه الهجمات ضد السكان ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية يجب محاسبة المسؤولين عنها».
ورغم قسوة النظام، ما زالت المقاومة صامدة.
وتحولت التظاهرات السلمية الكبيرة إلى رد مسلح بقيادة ميليشيات شكلها مواطنون، وأطلقوا عليها اسم «جيش الدفاع الشعبي». ويقود جزء منهم حرب عصابات في المدن، في حين وجد آخرون ملاذا في شمال البلاد وشرقها، في أراض تسيطر عليها فصائل عرقية متمردة تدربهم وتشن عملياتها الخاصة ضد القوات الأمنية.
وتبقى هذه الحركات المختلفة مستقلة عن بعضها بعضاً لإبقاء أكبر عدد ممكن من الجبهات مفتوحة.
لكن فرنسواز نيكولا، مديرة قسم آسيا في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، ترى أنه رغم ذلك «هناك روح وحدة قوية ضد الجيش ومن أجل ميانمار فيدرالية. وهذا أمر جديد في البلاد» التي هيمنت عليها منذ استقلالها في العام 1948 صراعات عرقية.
تسببت هذه الجماعات المتمردة في زعزعة المجموعة الحاكمة على المستوى العسكري، لكن العسكريين ما زالوا يحكمون قبضتهم على البلاد من الناحية الاقتصادية. فهم يديرون العديد من الشركات في مختلف القطاعات. كما أنهم استعادوا منذ الانقلاب السيطرة على الغاز الطبيعي الذي يدر عائدات سنوية تقدر بحوالي مليار دولار.
ولم تثن العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا الجنرالات المدعومين من حلفائهم الصينيين والروس عن مواقفهم.
أما قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي تم تبنيه في نهاية يونيو (حزيران) ويدعو «كل الدول الأعضاء إلى منع تدفق الأسلحة» إلى البلاد، فهو غير ملزم. وتواجه سو تشي التي ليس لها أي اتصال بالعالم الخارجي باستثناء لقاءات مقتضبة مع فريقها القانوني ومثولها أمام المحكمة، عدداً من الاتهامات التي يمكن أن تفضي إلى الحكم بسجنها لأكثر من عقد.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».