تنديد يمني بتصاعد جرائم قتل الأقارب في مناطق سيطرة الحوثيين

TT

تنديد يمني بتصاعد جرائم قتل الأقارب في مناطق سيطرة الحوثيين

أثار تصاعد جرائم قتل الأقارب في مناطق سيطرة الحوثيين سخطا واسعا في الشارع اليمني الشعبي والحكومي، حيث اتهم حقوقيون الجماعة الانقلابية بتفخيخ عقول مسلحيها بالأفكار الإرهابية التي تجعلهم يقدمون على تصفية أقاربهم لمجرد معارضتهم في الرأي أو انتقادهم للميليشيات.
وكانت تقارير يمنية سلطت أخيرا الضوء على العشرات من حوادث القتل التي نفذها مسلحون ومشرفون وقادة حوثيون بحق أهاليهم وذويهم في عدد من المناطق الخاضعة للميليشيات الحوثية.
وكان آخر تلك الجرائم تمثلت بارتكاب عناصر في الجماعة خلال أسبوع واحد ثلاث جرائم وصفت بـ«الوحشية» بحق أفراد أسرهم في 3 مدن يمنية.
ووصف حقوقيون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» ذلك النوع من الجرائم بأنه نتاج طبيعي للتغذية الحوثية الممنهجة لأتباعها من شريحة الشبان والأطفال الذين استدرجتهم بمختلف الطرق والوسائل إلى صفوفها وأقنعتهم عبر دورات طائفية وتحريضية بأن طاعة زعيم الميليشيات مقدمة على طاعة الوالدين وما دونها من الطاعات الأخرى.
وأكد الحقوقيون أن الجماعة الحوثية مستمرة بخداع عناصرها وإيهامهم بأن الأقارب بشكل عام مجرد أعداء إذا لم يلتزموا بمبادئها وأفكارها ومشاريعها.
وأشاروا إلى أن جرائم الاعتداء على الأهل وأولياء الأمور من الأب والأم والإخوة وغيرهم تحولت في الآونة الأخيرة وفي ظل مواصلة التشجيع والتعبئة الطائفية إلى ظاهرة متكررة بمناطق سيطرة الجماعة.
ولفتوا إلى أن مضي الحوثيين في مسلسل غسل عقول وأدمغة العناصر التابعين لهم، وجلهم من الأميين، سيعمل على تفشي تلك الظاهرة على نطاق واسع، الأمر الذي سيزيد أيضا، من حدة العنف الاجتماعي والتفكك الأسري.
وفي سياق التنديد بهذه الجرائم بحق الآباء والأمهات والأقارب من قبل المسلحين الحوثيين أطلق الناشطون اليمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي حملة إلكترونية أشاروا فيها إلى تنامي تلك الحوادث الدخيلة على اليمنيين والناتجة عن التشبع بالأفكار الطائفية والإرهابية.
وأحصت تقارير محلية يمنية على مدى شهرين ماضيين نحو 13 جريمة قتل وتعذيب نفذها مسلحون ومشرفون حوثيون بحق أقاربهم في مدن عدة تحت سيطرة الجماعة.
ومن بين تلك الجرائم، قيام القيادي الحوثي المدعو وليد عز الدين قبل أيام على قتل والدته في مديرية جبل الشرق بمحافظة ذمار رمياً بالرصاص بعد فشله في قتل والده الذي صوب نحوه 13 رصاصة أخطأت هدفها.
وطبقا لتأكيدات مصادر محلية في ذمار فإن القاتل، الذي يعمل مدربا قتاليا لدى الحوثيين، كان يصف والديه بالتكفيريين وأنهما ضد الجماعة، وهي ذات التهمة التي تطلقها الميليشيات بشكل متكرر ضد معارضيها الرافضين لمشروعها الانقلابي والطائفي.
وجاءت تلك الواقعة بعد جريمة أخرى مماثلة ارتكبها مجند حوثي بمحافظة المحويت تمثلت بقتله عمدا والديه الذين يقتربان من الستين عاما رميا بالرصاص.
وذكرت مصادر محلية أن مسلحا حوثيا يدعى محمد الحرازي باشر بإفراغ عدة رصاصات في صدر والديه وأرداهما قتيلين بحجة أنهما على ضلالة ويرفضان اتباع نهج الجماعة الحوثية.
وسبقت تلك الجريمة بأيام قليلة جريمة أخرى مماثلة لا تقل بشاعة عن سابقاتها تمثلت بإقدام المسلح الحوثي محمود حسن، العائد من إحدى الجبهات، على قتل والده في الحيمة الداخلية بريف صنعاء رميا بالرصاص ثم قيامه بفصل رأسه عن جسده وتوجيه بضع طعنات له في الظهر بعد وفاته.
وفي 28 من يونيو (حزيران) من العام الجاري، أقدم مسلح في الميليشيات يدعى محمد الرعوي على قتل والده في الثمانين من عمره بقرية الجبجب بمديرية ريف إب في جريمة وحشية ومروعة هزت مشاعر أبناء المحافظة.
وفي معرض تعليقه على هذه الحوادث قال وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية إن «تصاعد جرائم القتل المروعة التي ارتكبتها عناصر ميليشيا الحوثي المنخرطة فيما يسمى دورات ثقافية والعائدة من الجبهات بحق آبائهم وأمهاتهم وزوجاتهم وإخوانهم وأقاربهم مؤخرا، مؤشر خطير يعكس مدى همجيتها ووحشيتها ودمويتها، وإرهابها الذي لا يختلف عن (القاعدة) و(داعش)».
وأضاف الإرياني في تصريحات رسمية «أن هذه الجرائم الدخيلة على البلاد والمجتمع تسلط الضوء من جديد على خطورة عمليات غسل الأدمغة التي يتعرض لها عشرات الآلاف من عناصر ميليشيا الحوثي فيما يسمى (دورات ثقافية)، وتعبئتهم بالأفكار الإرهابية المتطرفة المستوردة من إيران، والتحريض الذي يتلقونه على المجتمع».
وأشار إلى أن هذه الظاهرة الخطيرة التي أفرزتها دورات الشحن والتعبئة الدموية التي تكفر اليمنيين وتهدر دماء كل من يعارض مشروع الجماعة الظلامي حتى لو كانوا آباءهم وأمهاتهم، تجسد الخطر الذي تمثله الميليشيا فكرا وسلوكا على اليمن حاضرا ومستقبلا، وعلى أمن واستقرار المنطقة والعالم.
وأوضح الوزير اليمني أن الحوادث التي تتداولها وسائل الإعلام عن جرائم قتل عناصر ميليشيا الحوثي لأقربائهم، لا تعبر عن العدد الحقيقي للظاهرة وأعداد الضحايا، في ظل ما تفرضه الميليشيا من قمع على الإعلاميين والصحافيين وحجب للحقائق بهدف التغطية على الجرائم والانتهاكات التي تمارسها في مناطق سيطرتها.
وطالب الإرياني المجتمع الدولي بإدراك حقيقة ميليشيا الحوثي التي قال إنها «لا يمكن أن تتعايش مع الآخر، ولا يمكن أن تكون جزءا من تسوية سياسية ومسار بناء السلام في اليمن، كون ذلك يتعارض مع فطرتها ومشروعها».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

المشرق العربي جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في مدينة الحديدة للتعبئة القتالية (فيسبوك)

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

بعد أن أخضعت العشرات منهم لدورات تدريبية تعبوية، منعت الجماعة الحوثية إعلاميين وصحافيين وناشطين حقوقيين في محافظة الحديدة اليمنية (223 كلم غرب صنعاء) من العمل.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي جرافة حوثية تهدم محلاً تجارياً في إحدى المناطق التابعة لمحافظة الضالع (فيسبوك)

اعتداءات مسلحة أثناء تحصيل الحوثيين جبايات في الضالع

يتهم سكان محافظة الضالع اليمنية الجماعة الحوثية بارتكاب ممارسات إجرامية خلال تحصيل إتاوات تعسفية وغير قانونية من الباعة والتجار والسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

أشهر عدد من المنظمات المحلية، بالشراكة مع منظمات أممية ودولية، شبكة لحماية الحريات الصحافية في اليمن التي تتعرّض لانتهاكات عديدة يتصدّر الحوثيون قائمة مرتكبيها.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

يواجه الآلاف من مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خطر الموت بسبب إهمال الرعاية الطبية وسط اتهامات للجماعة الحوثية بنهب الأدوية والمعونات

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».