وفاة طفلة لبنانية بسبب شح الدواء

TT

وفاة طفلة لبنانية بسبب شح الدواء

توفيت طفلة لبنانية بسبب عدم قدرة ذويها على إيجاد ترياق للسعة عقرب تعرضت لها، في ظل فقدان الأدوية من الصيدليات والمستشفيات، في حادثة تعد الثانية من نوعها خلال أقل من شهر. وأدخلت الطفلة زهراء طليس (9 سنوات)، أول من أمس، إلى أحد مستشفيات منطقة بعلبك القريبة من منزلها ‏بحالة طارئة بعدما تعرضت للسعة عقرب احتاجت على أثرها إلى حقنة ترياق مضاد للسم، وبسبب أزمة شح الدواء تعذر تأمين هذه الحقنة من قبل المستشفى ومستشفيات المنطقة وباقي المناطق اللبنانية وكذلك في الصيدليات وشركات الأدوية. وعمم أهل الطفلة اسم الحقنة التي تحتاج إليها على وسائل التواصل الاجتماعي، فتحرك وزير الصحة حمد حسن الذي استطاع تأمين خمس حقن من قوات الطوارئ الدولية العاملة في لبنان، إلا أن تأمينها جاء متأخراً وبعدما انتشر السم في جسد الطفلة ففارقت الحياة. واعتبر مدير مستشفى رفيق الحريري الدكتور فراس أبيض أنه لسوء الحظ ستصبح وفاة المرضى بسبب ندرة الأدوية أكثر تكراراً مع تفاقم الحالة، واصفاً وفاة الطفلة بالحادثة المفجعة. وطالب رئيس التجمع الطبي الاجتماعي اللبناني رائف رضا ‏القضاء المختص بالتحقيق في وفاة الطفلة زهراء، متسائلاً عن مسؤولية وزارة الصحة عن عدم وجود هذا النوع من الأدوية البسيطة في المحافظات. واعتبر رضا أن عدم توافر هذا الدواء هو تقصير فاضح وأن من المعيب أن ‏تموت طفلة بسبب هكذا لسعة. وتأتي وفاة الطفلة زهراء بعد أقل من شهر على وفاة رضيعة لبنانية بسبب مضاعفات صحية أصابتها بعد عدم تمكن ذويها من تأمين الدواء المفقود من الأسواق.
ويعيش لبنان منذ بداية العام أزمة شح في الدواء الذي بات المواطن يؤمنه من الخارج حتى تحولت حقائب المغتربين الذين زاروا لبنان هذا الصيف إلى صيدليات صغيرة.
وتفاقمت هذه الأزمة بعدما توقفت شركات الأدوية عن استيراد الدواء اعتراضاً على خطة وزارة الصحة لترشيد الدعم، كما لجأت الصيدليات إلى الإضراب بعدما باتت رفوفها شبه فارغة من الأدوية.
وكانت وزارة الصحة اللبنانية لجأت مؤخراً إلى تخفيض فاتورة دعم استيراد الدواء عن مصرف لبنان الذي أعلن أنه لم يعد قادراً على تأمين دولار استيراد الأدوية على السعر الرسمي أي 1500 ليرة للدولار بسبب تراجع احتياطاته من العملات الأجنبية، فخفضت قيمة الدعم عن عدد من الأدوية إلى 12 ألف ليرة، فيما أبقت الدعم كما هو على أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية.
وتعتبر نقابة مستوردي الأدوية في لبنان أن وزارة الصحة أصدرت لوائح أسعار الأدوية على أساس سعر صرف 12 ألف ليرة للدولار وتطالب المستورد بشراء العملة الأجنبية من السوق السوداء أي بسعر يصل حالياً إلى 19 ألف ليرة، موضحة أن هذا الأمر يكبد المستورد خسائر تفوق 50 في المائة من سعر المبيع. وترى النقابة أن الوزارة حددت هامش ربح المستورد بنسبة 6 في المائة وهي نسبة لا تغطي التقلبات اليومية للعملات الأجنبية بالسوق السوداء فكيف بها أن تغطي خسارة 50 في المائة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».