الملك محمد السادس يبحث مع العاهل الأردني سبل مكافحة الإرهاب والتطرف

جودة: محاربة تشويه صورة الإسلام مسؤولية قائدي البلدين

العاهل المغربي الملك محمد السادس و العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني
العاهل المغربي الملك محمد السادس و العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني
TT

الملك محمد السادس يبحث مع العاهل الأردني سبل مكافحة الإرهاب والتطرف

العاهل المغربي الملك محمد السادس و العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني
العاهل المغربي الملك محمد السادس و العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني

أجرى العاهل المغربي الملك محمد السادس، بالقصر الملكي في الدار البيضاء، مساء أول من أمس، مباحثات على انفراد مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، تناولت قضايا دولية وإقليمية، لا سيما محاربة التطرف والإرهاب.
وغادر ملك الأردن وعقيلته الملكة رانيا أمس الدار البيضاء في ختام زيارتهما الرسمية إلى المغرب، بدعوة من الملك محمد السادس.
وقال ناصر جودة، نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني، إن قائدي البلدين بحثا قضايا ذات طابع دولي وإقليمي، ولا سيما أن «المرحلة التي نمر بها مليئة بالتحديات في المشرق والمغرب العربي وفي العالم بأسره».
وأضاف جودة في تصريحات صحافية، أن هذه القضايا تتعلق أساسا بـ«مكافحة التطرف والإرهاب، ومحاربة كل من يحاول اختطاف الدين الإسلامي وتشويه صورته»، وعد ذلك «مسؤولية تاريخية» ملقاة على عاتق العاهلين المغربي والأردني «للدفاع عن هذا الدين الإسلامي العظيم الذي يشكل التسامح والتعايش وقبول الآخر نواته الأساسية، وكذا نبذ كل من يحاول تشويه صورته السمحة المعتدلة».
كما شملت القضايا التي جرى التطرق إليها، حسب تصريح الوزير الأردني، مستجدات الأوضاع في العالم العربي، ومن ضمنها «ما يحدث في اليمن من تحد للشرعية، وغياب الحل السياسي واستمرار القتل والدمار، وانتشار الإرهاب والتطرف في سوريا، وكذا التحديات التي ما زالت تواجه العراق، رغم ما تحقق في هذا البلد من تطورات إيجابية»، إضافة إلى الوضع في ليبيا.
وقال جودة إن لقاءات الحوار بين الأطراف الليبية التي تحتضنها المملكة المغربية بهدف إيجاد حل سياسي للأزمة في هذا البلد، هي لقاءات في «غاية الأهمية». كما ذكر المسؤول الأردني أن المباحثات تناولت أيضا «القضية الفلسطينية وغياب الحل الذي يضمن إقامة الدولة الفلسطينية على التراب الوطني الفلسطيني، وعاصمته القدس الشرقية»، معربا عن الأمل في أن «نرى مفاوضات محددة بإطار زمني تعالج كافة قضايا الحل النهائي، وصولا إلى إقامة دولة فلسطينية القابلة للحياة على التراب الوطني الفلسطيني»، وذلك استنادا إلى الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية. وفي سياق ذي صلة، أبرز الوزير الأردني أهمية التعاون والتشاور والتنسيق بين قائدي البلدين فيما يتعلق بقضية القدس الشريف، والمقدسات الإسلامية والمسيحية، بالنظر إلى أن «الملك عبد الله الثاني هو صاحب الوصاية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية، والملك محمد السادس يرأس لجنة القدس في إطار منظمة التعاون الإسلامي».
من جهة أخرى، أوضح الوزير الأردني أنه جرى بحث سبل تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين التي تعد «مميزة وهي دائما في حاجة إلى التطوير»، ولا سيما على المستوى الاقتصادي والتجاري وفي مجال الاستثمارات، وذلك من أجل تكريس مزيد من التعاون والتنسيق، مشيرا إلى أن العلاقات المغربية - الأردنية تعد «تاريخية ومتميزة وأخوية ولا يمكن أن تقارن بأي علاقة بين دولتين في العالم». وكان العاهل الأردني قد استقبل بالدار البيضاء، كلا من رئيس الحكومة المغربية عبد الإله ابن كيران، ورئيس مجلس النواب رشيد الطالبي العلمي.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم