جيسون محمد: لا بد من قوانين صارمة لمواجهة الإساءات بسبب اللون والعرق

مقدم البرامج الرياضية الشهير على «بي بي سي» لا ينسى تعرضه للبصق فقط لأنه مسلم

جيسون محمد (يسار) خلال تقديمه برنامج «فاينال سكور» على شاشة «بي بي سي»
جيسون محمد (يسار) خلال تقديمه برنامج «فاينال سكور» على شاشة «بي بي سي»
TT

جيسون محمد: لا بد من قوانين صارمة لمواجهة الإساءات بسبب اللون والعرق

جيسون محمد (يسار) خلال تقديمه برنامج «فاينال سكور» على شاشة «بي بي سي»
جيسون محمد (يسار) خلال تقديمه برنامج «فاينال سكور» على شاشة «بي بي سي»

يقدم جيسون محمد برنامج «فاينال سكور» (النتيجة النهائية) بشكل دائم على شاشة قناة «بي بي سي»، كما يقدم برنامج «ماتش أوف ذا داي 2» على القناة نفسها من آن لآخر، وهو يشارك منذ فترة طويلة في تغطية القناة للأخبار المتعلقة بالسنوكر ودوري الرجبي وألعاب القوى، وغيرها من الرياضات الأخرى. وبالتالي، فمن الإنصاف أن نقول إن صوته مسموع كثيراً.
ويتميز محمد بأنه شخص جذاب بليغ يمتلك القدرة على القيام بكثير من المهام، وأنه غزير الإنتاج، وهي الصفات التي تظهر بقوة خلال هذا اللقاء الذي أجريناه معه عبر تطبيق «زووم». لكن الرياضة لم تكن هي موضوع هذا الحوار، أو على الأقل لم تكن هي الموضوع الرئيسي في ذهن محمد في أثناء اللقاء.
بدلاً من ذلك، يريد محمد الخوض في موضوعات تتعلق بالدين والعرق والهوية، وهي المواضيع التي كانت أساسية للغاية في حياته منذ طفولته، لكنه الآن يشعر بالراحة التامة في تناولها.
ولد محمد لأب باكستاني وأم ويلزية، ونشأ مسلماً متديناً في ضاحية «إيلي» التي تعد رسمياً المنطقة الأكثر فقراً وحرماناً في كارديف. كان ذلك في الثمانينيات من القرن الماضي، وكانت الحياة صعبة للغاية مليئة بالتحديات التي تعين على محمد أن يتغلب عليها لكي يحقق حلمه بأن يصبح صحافياً. وبينما كان يتعين على محمد أن يشعر بفخر لا يتزعزع بعقيدته، وجد نفسه يشعر بالخوف والتردد، بل بمشكلات نفسية عميقة في نهاية المطاف.
يقول محمد عن ذلك: «يعتقد الناس أن الخوف من الإسلام (الإسلاموفوبيا) شيء جديد، لكني كنت أتعرض لسوء المعاملة لكوني مسلماً عندما كنت في السابعة من عمري؛ لقد كانوا يلقبونني بكلمة (موزي)، أي المسلم، أو بكلمة (باكي)، أي الباكستاني. وأتذكر أنه بينما كنت أمشي في طريقي من المدرسة إلى المنزل ذات يوم، بصق أحد الأطفال في وجهي من دون سبب؛ كان هذا هو الحال في ذلك الوقت بالنسبة لشخص مثلي، فقد كنت الطفل المسلم الوحيد في مدرستي، وواحد من بين عدد قليل للغاية ممن يحملون اسم محمد في المنطقة التي كنت أعيش بها في كارديف، وهي منطقة صعبة للغاية يوجد بها كثير من العنصريين».
ويضيف: «على الرغم من أنني لم أعاني من العنصرية كل يوم، فقد كنت أعلم باستمرار أنني مختلف. وعندما تدرك أنك مختلف، فإنك تشعر بأنك قد تتعرض للإساءة في أي لحظة؛ إن مثل هذه الأشياء يمكن أن تضرك كثيراً في مرحلة البلوغ. وقد كان هذا هو الحال بالتأكيد بالنسبة لي، وبالتالي كنت أشعر بالعجز وعدم الرغبة في التحدث عن عقيدتي لسنوات كثيرة».
ولقد كانت نقطة التحول الرئيسية في عام 2009، عندما قام محمد بالسفر إلى مكة لأداء فريضة الحج، وأعد فيلماً وثائقياً لقناة «إس فور سي» التلفزيونية الناطقة باللغة الويلزية، حيث كانت تلك التجربة عميقة مؤثرة للغاية، يصفها محمد بأنها كانت بمثابة «صحوة روحية» منحته الثقة والرغبة في الانفتاح على هويته وما يؤمن به، وهو الأمر الذي تعزز كثيراً بعد عرض الفيلم الوثائقي.
يقول محمد: «كنت قلقاً بشأن عرض الفيلم لأنني لم أكن أعتقد أن الناس سيرغبون في رؤية شخص يقدم البرامج على شاشة التلفزيون يحجب أرواحهم بهذه الطريقة، لكنني تلقيت مئات الرسائل من أشخاص يقولون إنهم استمتعوا كثيراً بالبرنامج، وتأثروا كثيراً لدرجة أنهم بكوا. وقد جعلني رد الفعل هذا أدرك أن الناس مهتمون بالدين والروحانية، وأنه ليست هناك حاجة لإخفاء خلفيتي الباكستانية، وأصبحت فخوراً للغاية بذلك».
ولا يمكن لأي شخص أن يغفل الآن مدى السهولة التي يتحدث بها محمد عن عقيدته. وهو يتحدث من منزله في كارديف، حيث يعيش مع زوجته نيكولا، وأطفالهما الثلاثة، بحماس عن قيامه برحلة الحج إلى مكة قبل 12 عاماً، كما يتحدث بشغف عن شهر رمضان والصيام والتقاليد الإسلامية، ويقول: «في رمضان، كان الأمر صعباً نظراً لضرورة ظهوري على الشاشة لساعات طويلة. وفي فترة استراحة برنامج (فاينال سكور)، على سبيل المثال، يتناول المحللون الذين يعملون معي فنجاناً من القهوة، بينما أكون أنا صائماً».
ويضيف: «بعد مرور أول يومين من الصيام، تعتاد على الأمر، لكن في هذا الشهر بدأت تتشكل علاقة قوية للغاية بيني وبين الله؛ لقد منحني ذلك القوة التي تمكنني من التغلب على الصعاب».
لقد كانت رحلة محمد شخصية للغاية، ولكنها شجعته أيضاً على التحدث بشكل أكبر عن الخلفية العرقية، وتحديداً فيما يتعلق بكرة القدم. وبصفته شخصاً وقع في حب هذه الرياضة عندما كان صبياً صغيراً يشاهد مباريات كارديف سيتي، ولا يزال يشعر بشغف كبير حيال هذه اللعبة، يؤمن المذيع الشهير البالغ من العمر 47 عاماً إيماناً راسخاً بضرورة القيام بالمزيد من أجل وضع حد للإساءات التي تحدث داخل الملعب. ويقول: «لو كان الأمر بيدي، فإنني سأستبعد أي فريق يدان أحد لاعبيه بالعنصرية من المسابقات الأوروبية والدولية على الفور».
ويعتقد محمد أنه لا يزال هناك كثير من الأمور التي يتعين القيام بها لمواجهة الإساءات العنصرية التي تحدث خارج الملعب، إذ يقول: «لقد تلقيت تعليقات مروعة على موقع (تويتر)، لكن الشيء الذي لا أستطيع فهمه حتى الآن هو لماذا يعتقد بعض الناس أنه من المقبول الإساءة إلى شخص ما لمجرد قيامه بعمله، سواء كان ذلك مع لاعبين مثل ماركوس راشفورد وجادون سانشو وبوكايو ساكا أو مقدم برامج رياضية مثلي؛ أنا أؤيد تماماً كل الخطوات التي تمنع حدوث ذلك».
ولا يمكن التشكيك بأي حال من الأحوال في قدرات وأخلاقيات محمد في العمل. فبالإضافة إلى تقديمه لبرنامجين إذاعيين، هناك كثير من البرامج الرياضية الأخرى التي يقدمها، والتي تشمل تقديم برنامج يسلط الضوء على أولمبياد طوكيو التي تعد ثاني دورة أولمبية يغطيها محمد لحساب «بي بي سي»، بعد أن كان جزءاً من فريقها في دورة الألعاب الأولمبية 2012. ومن المؤكد أن إنجازاته المهنية تعني الكثير والكثير بالنسبة له لأنه بذل مجهوداً شاقاً، وسار في طريق صعب للغاية لكي يصل إلى هذه المكانة.
يقول محمد: «لقد نشأت وأنا أشاهد مقدمي برامج رائعين مثل دي لينام وستيف رايدر، وكان هذا هو الطريق الذي أريد أن أسير عليه، فقد كنت أحلم دائماً بتقديم البرامج الرياضية على شاشة التلفزيون وعبر أثير الإذاعة. لكن كان يقال لي باستمرار إن هذا لا يمكن أن يحدث أبداً، إذ لا يمكن لصبي يدعى محمد قادم من واحدة من أصعب المناطق في المملكة المتحدة، إن لم يكن في أوروبا بأكملها، أن يقدم البرامج على شاشة (بي بي سي)، لكنني كنت أؤمن دائماً بحلمي، وواصلت العمل بكل قوة، حتى نجحت في نهاية المطاف في تحقيق ما كنت أصبو إليه».
ويختتم محمد حديثه قائلاً: «هذا شيء أقدره تماماً، بعد أن قال لي أحد الأصدقاء: أتعرف أنك أول مسلم يقدم برنامج مباراة اليوم، وسيكون من الرائع أن يرى الأطفال المسلمون شخصاً مثلك يقدم أحد أكثر البرامج شهرة على شاشة التلفزيون، لقد منحتهم الأمل في أن يتمكنوا من تحقيق أحلامهم يوماً ما. والحق أني لم أفكر أبداً في الأمر بهذه الطريقة. وعلى الرغم من أنها مسؤولية كبيرة للغاية، فإنها أيضاً شرف كبير، وتجعلني أكثر فخراً بهويتي».


مقالات ذات صلة

صلاح يحطم الأرقام وتجديد عقده «ضرورة حتمية» في ليفربول

رياضة عالمية صلاح سجل هدفه الشخصي رقم 165 في الدوري الإنجليزي (د.ب.أ)

صلاح يحطم الأرقام وتجديد عقده «ضرورة حتمية» في ليفربول

أصبحت جملة «محمد صلاح هو الوحيد الذي...» شائعةً للغاية خلال السنوات الأخيرة عند الحديث عن أي بيانات أو إحصاءات هجومية في عالم كرة القدم. ويقدم النجم المصري

ديفيد سيغال (لندن)
رياضة عالمية بوستيكوغلو مدرب توتنهام (رويترز)

بوستيكوغلو: غوارديولا في طريقه لأن يصبح أحد عظماء التدريب

قال أنجي بوستيكوغلو مدرب توتنهام هوتسبير إن بيب غوارديولا رفع سقف المنافسة مع مدربي الدوري الإنجليزي الممتاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية غوارديولا (أ.ف.ب)

غوارديولا بعد تجديد عقده: لم يحن وقت الرحيل

قال المدرب الإسباني بيب غوارديولا الخميس عقب تمديد عقده مع مانشستر سيتي بطل إنجلترا لعامين اضافيين حتى العام 2027 إنّه «لم يستطع الرحيل الآن».

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية غوارديولا مدد عقده لعامين مقبلين (أ.ف.ب)

ماذا يعني بقاء بيب غوارديولا لمانشستر سيتي؟

في وقت تسود فيه حالة كبيرة من عدم اليقين حول مانشستر سيتي والدوري الإنجليزي الممتاز، فإن العقد الجديد لبيب غوارديولا يمثل دفعة كبيرة للنادي.

The Athletic (مانشستر)
رياضة عالمية غوارديولا مدد تعاقده مع سيتي معلنا التحدي بإعادة الفريق للقمة سريعا (رويترز)

غوارديولا أكد قدرته على التحدي بقرار تمديد عقده مع مانشستر سيتي

يُظهر توقيع جوسيب غوارديولا على عقد جديد لمدة عام واحد مع مانشستر سيتي أن المدير الفني الإسباني لديه رغبة كبيرة في التغلب على التحديات الكثيرة التي تواجه فريقه

جيمي جاكسون (لندن)

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
TT

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، الأربعاء، عن فتح الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ملفاً طارئاً لمتابعة الوضع الحالي المتعلق بالمباريات التي ستقام في إيران في الفترة المقبلة، وذلك بسبب الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة.

ويتابع الاتحاد الآسيوي، الأمر من كثب لتحديد مصير المباريات الآسيوية سواء المتعلقة بالمنتخب الإيراني أو الأندية المحلية في بطولات آسيا المختلفة.

ومن المتوقع أن يصدر الاتحاد الآسيوي بياناً رسمياً خلال الأيام القليلة المقبلة بشأن هذا الموضوع، لتوضيح الوضع الراهن والموقف النهائي من إقامة المباريات في إيران.

وحاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بالاتحاد الآسيوي للرد على السيناريوهات المتوقعة لكنه لم يرد.

وفي هذا السياق، يترقب نادي النصر السعودي موقف الاتحاد الآسيوي بشأن مصير مباراته مع فريق استقلال طهران الإيراني، التي من المقرر إقامتها في إيران ضمن منافسات الجولة الثالثة من دور المجموعات في دوري أبطال آسيا النخبة.

ومن المقرر أن تقام مباراة النصر الثالثة أمام نادي الاستقلال في معقله بالعاصمة الإيرانية طهران في الثاني والعشرين من الشهر الحالي فيما سيستضيف باختاكور الأوزبكي في 25 من الشهر المقبل.

ومن حسن حظ ناديي الهلال والأهلي أن مباراتيهما أمام الاستقلال الإيراني ستكونان في الرياض وجدة يومي 4 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين كما سيواجه الغرافة القطري مأزقاً أيضاً حينما يواجه بيرسبوليس الإيراني في طهران يوم 4 نوفمبر المقبل كما سيستضيف النصر السعودي يوم 17 فبراير (شباط) من العام المقبل في طهران.

وتبدو مباراة إيران وقطر ضمن تصفيات الجولة الثالثة من تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم 2026 المقررة في طهران مهددة بالنقل في حال قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم باعتباره المسؤول عن التصفيات نقلها لمخاوف أمنية بسبب هجمات الصواريخ المضادة بين إسرائيل وإيران وسيلتقي المنتخبان الإيراني والقطري في منتصف الشهر الحالي.

ويدور الجدل حول إمكانية إقامة المباراة في إيران أو نقلها إلى أرض محايدة، وذلك بناءً على المستجدات الأمنية والرياضية التي تتابعها لجنة الطوارئ في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.

في الوقت ذاته، علمت مصادر «الشرق الأوسط» أن الطاقم التحكيمي المكلف بإدارة مباراة تركتور سازي تبريز الإيراني ونظيره موهون بوغان الهندي، التي كان من المفترض أن تقام أمس (الأربعاء)، ضمن مباريات دوري آسيا 2 لا يزال عالقاً في إيران بسبب توقف حركة الطيران في البلاد.

الاتحاد الآسيوي يراقب الأوضاع في المنطقة (الاتحاد الآسيوي)

الاتحاد الآسيوي يعمل بجهد لإخراج الطاقم التحكيمي من الأراضي الإيرانية بعد تعثر محاولات السفر بسبب الوضع الأمني.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم قد ذكر، الثلاثاء، أن فريق موهون باجان سوبر جاينت الهندي لن يسافر إلى إيران لخوض مباراته أمام تراكتور في دوري أبطال آسيا 2 لكرة القدم، بسبب مخاوف أمنية في المنطقة.

وكان من المقرر أن يلتقي الفريق الهندي مع تراكتور الإيراني في استاد ياديجار إمام في تبريز ضمن المجموعة الأولى أمس (الأربعاء).

وقال الاتحاد الآسيوي عبر موقعه الرسمي: «ستتم إحالة الأمر إلى اللجان المختصة في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم؛ حيث سيتم الإعلان عن تحديثات إضافية حول هذا الأمر في الوقت المناسب».

وذكرت وسائل إعلام هندية أن الفريق قد يواجه غرامة مالية وربما المنع من المشاركة في دوري أبطال آسيا 2. وذكرت تقارير أن اللاعبين والمدربين أبدوا مخاوفهم بشأن الجوانب الأمنية.

وأطلقت إيران وابلاً من الصواريخ الباليستية على إسرائيل، الثلاثاء، ثأراً من حملة إسرائيل على جماعة «حزب الله» المتحالفة مع طهران، وتوعدت إسرائيل بالرد على الهجوم الصاروخي خلال الأيام المقبلة.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، قد أعلن في سبتمبر (أيلول) 2023 الماضي، أن جميع المباريات بين المنتخبات الوطنية والأندية التابعة للاتحادين السعودي والإيراني لكرة القدم، ستقام على أساس نظام الذهاب والإياب بدلاً من نظام الملاعب المحايدة الذي بدأ عام 2016 واستمر حتى النسخة الماضية من دوري أبطال آسيا.