الرئيس التونسي يواصل حملته ضد الفساد... ويتعهد إرجاع «الأموال المنهوبة»

المشيشي ينفي تعرضه للضرب داخل قصر قرطاج لإجباره على الاستقالة

إجراءات أمنية مكثفة في محيط البرلمان التونسي تحسبا لحدوث مواجهات (رويترز)
إجراءات أمنية مكثفة في محيط البرلمان التونسي تحسبا لحدوث مواجهات (رويترز)
TT

الرئيس التونسي يواصل حملته ضد الفساد... ويتعهد إرجاع «الأموال المنهوبة»

إجراءات أمنية مكثفة في محيط البرلمان التونسي تحسبا لحدوث مواجهات (رويترز)
إجراءات أمنية مكثفة في محيط البرلمان التونسي تحسبا لحدوث مواجهات (رويترز)

صعّد الرئيس التونسي قيس سعيّد حملته على الفساد والمفسدين في تونس، وهو الشعار الكبير الذي استخدمه في حملته الانتخابية، وطالب أول من أمس عشرات من رجال الأعمال بإعادة «أموال منهوبة» في ظل الحكم السابق، وذلك بعد ثلاثة أيّام من تجميده أعمال البرلمان، وإعفائه رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه وتوليه السلطة التنفيذية بنفسه. منتقداً «الخيارات الاقتصادية السيئة» المتخذة خلال السنوات الأخيرة، ومتعهداً إرجاع «الأموال المنهوبة».
وهاجم الرئيس سعيّد الذين «نهبوا المال العام»، مستنداً في ذلك إلى تقرير وضعته «لجنة تقصي الفساد» الحكومية التي أنشئت بعد الثورة. وقال إن «هذه الأموال الموثقة بالأسماء، التي بلغ عددها 460، والمبلغ الذي كان مطلوباً منهم 13500 مليار دينار (نحو 4 مليارات يورو)». مشدداً على أن «مال الشعب يجب أن يعود للشعب»، واقترح في هذا السياق «صلحاً جزائياً» يتمثل في أن يقوم كل رجل أعمال بمشاريع تنموية في المناطق المهمشة، ويكون المسؤول عنها طيلة عشر سنوات.
كما طالب سعيّد التجار بخفض أسعار المواد الغذائية مراعاة القدرة الشرائية للمواطن، ودعا إلى استئناف إنتاج الفوسفات، أحد الموارد الطبيعية النادرة في البلاد، التي كانت تموّل موازنة الدولة بالعملة الصعبة منذ 2011، مشيراً إلى «نواب في البرلمان يتمتعون بالحصانة» تحوم حولهم شبهات فساد في ملف توقف الإنتاج.
في غضون ذلك، يجري مسؤولون أميركيون، وموفد من الاتحاد الأوروبي «مشاورات سياسية» مع مسؤولين تونسيين، وقيادات الأحزاب البرلمانية والنقابات والمنظمات الحقوقية؛ بهدف دفع الأطراف السياسية الرئيسية نحو «الحوار وتجنب كل سيناريوهات العنف».
وحسب مصادر مسؤولة، فقد حثّ الوفدان الأوروبي والأميركي الرسميين والمعارضين والحقوقيين التونسيين على «حسم خلافاتهم بالطرق السلمية ودعم الخيار الديمقراطي التونسي رغم تعثره»، و«استئناف عمل المؤسسات الديمقراطية المنتخبة»، وبينها البرلمان والمجالس البلدية «في أقرب وقت».
ويبدو أن هذه الحوارات آتت أكلها، حيث تراجعت أطراف عديدة عن تنظيم مسيرات شعبية «ضخمة» السبت المقبل، بعضها مساند، وبعضها الآخر معارض للقرارات، التي أصدرها الرئيس سعيّد في 25 من يوليو (تموز)، وبينها قرار إسقاط حكومة المشيشي وتجميد البرلمان، ورفع الحصانة عن كل النواب.
وقد تخوفت مختلف الأطراف من أن تخترق مجموعات من «المنحرفين» المسيرات، وترتكب أعمال عنف وتخريب بهدف الإساءة إلى الرئيس سعيد، و«تأزيم الأوضاع بشكل أكثر في البلاد». كما تخوف البعض من أن تتورط في أعمال التخريب مجموعات موالية لبعض المشتبه بتورطهم في الرشوة والفساد وتهريب الأموال إلى الخارج، ينتمون لبعض العائلات الأكثر ثراء في عهد بن علي، وبينها من تضاعفت ثروته في الأعوام الماضية. وقد أثار الرئيس سعيد ملف 450 من كبار المتهمين بالفساد والتهريب قبل ثورة 2011، وقدّرت قيمة الأموال التي هربوها بأكثر من 5 مليارات دولار.
في غضون ذلك، أعلن الناطق الرسمي باسم محكمة الاستئناف بتونس، الحبيب الطرخاني، عن فتح «بحث تحقيقي» ضد الرئيس الأسبق للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ونقيب المحامين السابق، شوقي طبيب، وهي هيئة استشارية مستقلة تحت إشراف رئيس الحكومة، بسبب شكايات كثيرة رفعت ضده.
وتتصدر هذه الشكايات واحدة تقدمت بها شركة «فيفان»، تتعلق بتقرير أصدرته الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد العام الماضي، يهم «شبهة تضارب المصالح»، التي وجهت إلى رئيس الحكومة السابق، إلياس الفخفاخ، على صلة بإحدى الصفقات العمومية، التي أبرمها مع الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات.
كما تقرر فتح تحقيق في الشكاية، التي تقدمت بها العضوة السابقة لهيئة الحقيقة والكرامة، ابتهال عبد اللطيف، ضد رئيس لجنة التحكيم والمصالحة بهيئة الحقيقة والكرامة، خالد الكريشي (محام ونائب بالبرلمان)، والوزير السابق لأملاك الدولة، مبروك كورشيد (محام ونائب ووزير أسبق لأملاك الدولة والشؤون العقارية)، وسماح الخماسي (محامية)، بخصوص شبهة وجود تلاعب في ملف مصالحة، وعقد اتفاقية تحكيم استفاد منها رجل الأعمال الكبير الأزهر سطا، المتهم في قضايا تهريب مالي وتهرب ضريبي وتزييف وثائق.
من جهة أخرى، نفى رئيس الحكومة المعزول، هشام المشيشي، ما ذكره موقع «ميدل إيست آي» البريطاني، تعرضه للاعتداء والعنف مساء 25 يوليو الحالي داخل قصر قرطاج؛ بهدف إجباره وعدد من كبار المسؤولين في وزارة الداخلية ورئاسة الحكومة على الاستقالة والصمت.
وقال المشيشي في تصريح للصحافة التونسية «هذا غير صحيح... للأسف لا حدود للإشاعات ويبدو أنها لن تتوقف... ربي يحمي تونس، وأنا متأكد من أن البلاد ستنفتح في المرحلة الجديدة على مستقبل أفضل، يستخلص منه الجميع العبر اللازمة مما حصل طيلة السنوات العشر الأخيرة».
وحول ما يتم تداوله حول منعه من التصريحات، نفى المشيشي ذلك قائلاً «لست ممنوعاً من أي شيء... أنا اليوم مواطن لا يهتم سوى بعائلته، ولن أقبل أن أكون عنصر تعطيل، أو عنصر توتر في المسار الذي اختاره التونسيون، كما لن أكون أداة لمن لم يفهم الدرس».
وبخصوص ما تم تداوله حول تقديم استقالته تحت «تهديد السلاح»، أكد المشيشي، أنه كتب بيان استقالته في بيته، وهو «مرتاح البال»، وعلى قناعة تامة بما فعل.
وكان الموقع الذي يبث من لندن نقل عن مصادر وصفها بالمقربة من المشيشي، أن الإصابات التي تعرض لها هذا الأخير «كانت كبيرة وعلى مستوى الوجه، عندما رفض الاستقالة، وهو ما يفسر عدم ظهوره علناً».



هوكستين: القوات الإسرائيلية ستنسحب قبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

هوكستين: القوات الإسرائيلية ستنسحب قبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

أكد المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، الأربعاء، أن القوات الإسرائيلية ستنسحب من المناطق الجنوبية قبل انتشار الجيش اللبناني، وذلك غداة إعلان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله».

وأضاف هوكستين في تصريحات تلفزيونية لوسائل إعلام لبنانية: «(حزب الله) انتهك القرار 1701 لأكثر من عقدين وإذا انتهك القرارات مجدداً سنضع الآليات اللازمة لذلك».

وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس، وقفاً لإطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» دخل حيّز التنفيذ في الرابعة صباحاً بالتوقيت المحلّي.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الاتفاق سيسمح لبلاده التي ستحتفظ «بحرية التحرّك» في لبنان، وفق قوله، بـ«التركيز على التهديد الإيراني»، وبـ«عزل» حركة «حماس» في قطاع غزة.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن اتفاق وقف النار في لبنان يجب أن «يفتح الطريق أمام وقف للنار طال انتظاره» في غزة.

وأعلن الجيش اللبناني، اليوم، أنه بدأ نقل وحدات عسكرية إلى قطاع جنوب الليطاني، ليباشر تعزيز انتشاره في القطاع، بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، وذلك بعد اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، الذي بدأ سريانه منذ ساعات.

وقال الجيش في بيان إن ذلك يأتي «استناداً إلى التزام الحكومة اللبنانية بتنفيذ القرار (1701) الصادر عن مجلس الأمن بمندرجاته كافة، والالتزامات ذات الصلة، لا سيما ما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني».

وأضاف أن الوحدات العسكرية المعنية «تجري عملية انتقال من عدة مناطق إلى قطاع جنوب الليطاني؛ حيث ستتمركز في المواقع المحددة لها».

وكان رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي قد أعلن في وقت سابق أن لبنان سيعزز انتشار الجيش في الجنوب في إطار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.

وقال ميقاتي بعد جلسة حكومية إن مجلس الوزراء أكّد الالتزام بقراره «رقم واحد، تاريخ 11/10/2014، في شقه المتعلق بالتزام الحكومة اللبنانية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701... بمندرجاته كافة لا سيما فيما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني».

وطالب في الوقت نفسه «بالتزام العدو الإسرائيلي بقرار وقف إطلاق النار والانسحاب من كل المناطق والمواقع التي احتلها، تنفيذا للقرار 1701 كاملا».

وأرسى القرار 1701 وقفا للأعمال الحربية بين إسرائيل و«حزب الله» بعد حرب مدمّرة خاضاها في صيف 2006.

وينصّ القرار كذلك على انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان، وتعزيز انتشار قوة الامم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) وحصر الوجود العسكري في المنطقة الحدودية بالجيش اللبناني والقوة الدولية.وأعرب ميقاتي في الوقت نفسه عن أمله بأن تكون الهدنة «صفحة جديدة في لبنان... تؤدي إلى انتخاب رئيس جمهورية» بعد عامين من شغور المنصب في ظلّ الخلافات السياسية الحادة بين «حزب الله» حليف إيران، وخصومه السياسيين.

من جهته، دعا رئيس البرلمان اللبناني وزعيم حركة أمل نبيه بري النازحين جراء الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، للعودة إلى مناطقهم مع بدء سريان وقف إطلاق النار. وقال في كلمة متلفزة «أدعوكم للعودة إلى مسقط رؤوسكم الشامخة... عودوا إلى أرضكم التي لا يمكن أن تزداد شموخاً ومنعة إلا بحضوركم وعودتكم إليها».ودعا كذلك إلى «الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية» بعد عامين من شغور المنصب.

ومن المنتظر أن تتولى الولايات المتحدة وفرنسا فضلاً عن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وقال هوكستين إن بلاده ستدعم الجيش اللبناني الذي سينتشر في المنطقة. وأكد: «سندعم الجيش اللبناني بشكل أوسع، والولايات المتحدة هي الداعم الأكبر له، وسنعمل مع المجتمع الدولي جنبا إلى جنب».