اتفاق ليبي على فتح الطريق الساحلي

المنفي بحث مع تبون استئناف تشغيل المعابر وعودة الرحلات الجوية

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة (الأمم المتحدة)
عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة (الأمم المتحدة)
TT

اتفاق ليبي على فتح الطريق الساحلي

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة (الأمم المتحدة)
عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة (الأمم المتحدة)

في تطور مفاجئ، اتفق طرفا النزاع العسكري في ليبيا، أمس، على إعادة فتح الطريق الساحلي الرابط بين شرق البلاد وغربها، بعد إغلاق دام نحو 18 شهراً على التوالي.
وفى غياب بيان رسمي حتى اللحظة، أعلن أعضاء في اللجنة العسكرية المشتركة، المعروفة باسم «5+5» التي تضم ممثلي قوات «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، والقوات الموالية لحكومة «الوحدة الوطنية»، عقب اجتماعها السادس أمس في مدينة سرت بحضور بعثة الأمم المتحدة، عن اتفاق يقضي بفتح الطريق الساحلي.
وشكل الطرفان قوة أمنية مشتركة لتأمين الطريق، وبهذا الخصوص قال مراجع العمامي، ممثل «الجيش الوطني»، خلال اجتماعات اللجنة إنه تم استكمال التجهيزات والترتيبات الأمنية واللوجيستية المطلوبة لفتح الطريق.
وكان اللواء إبراهيم بيت المال، آمر غرفة عمليات حماية وتأمين سرت والجفرة، المحسوبة على قوات حكومة «الوحدة» الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، قد استبق اجتماع اللجنة العسكرية أمس بتهديدها بمعاودة إقفال الطريق الساحلي، وإعادته للوضعية السابقة، إذا لم يتم فتحه من منطقة بويرات الحسون إلى مدينة سرت، مع نهاية الشهر الجاري.
وقال بيت المال في خطاب رسمي وجهه إلى اللجنة: «إن الغرفة تعتزم مجددا إغلاق الطريق الساحلي بين سرت ومصراتة، في حال عدم استكمال فتحه من الجانب الآخر»، وحمل اللجنة المسؤولية عن ذلك، وطالبها بتسمية من وصفهم بـ«المعرقلين» لفتح الطريق الساحلي.
وساد الاجتماع السادس تفاؤل بين أعضاء اللجنة، وتوقعات باتخاذ قرارات هامة، علما بأن الرئيس الدبيبة أعلن مطلع الشهر الماضي فتح الطريق الرئيسي على خط المواجهة مجددا، لكن قوات «الجيش الوطني» لم تسمح في المقابل بحركة المرور عليه.
إلى ذلك، أعلنت البعثة الأممية أن أعضاء لجنة التوافقات، المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي، أجروا خلال اجتماعهم الافتراضي الثاني مساء أول من أمس، ما وصفته بمناقشة بناءة بهدف التوصل إلى أرضية مشتركة، بشأن مقترح للقاعدة الدستورية للانتخابات المقبلة في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وأوضحت البعثة أن اللجنة اتفقت على أن تتلقى من أعضائها مقترحات كاملة، تهدف إلى معالجة القضايا العالقة بشأن القاعدة الدستورية، مشيرة إلى أنها ستناقش غدا المقترحات الواردة من أعضائها، ورفع توصيات إلى ملتقى الحوار بالنهج المقترح، وآلية صنع القرار التي تمهد السبل للتوصل إلى اتفاق على القاعدة الدستورية، التي تمكن من إجراء الانتخابات في موعدها.
على صعيد آخر، أعلن «اللواء 444 قتال»، التابع لمنطقة طرابلس العسكرية، أنه نفذ ما وصفه «عمليات عسكرية واسعة» ضد العصابات الإجرامية المنظمة في تهريب الوقود، وتنفيذها لأعمال أخرى غير مشروعة داخل مدينة بني وليد، ووادي زمزم ووادي قرزة جنوب المدينة، لافتا إلى أن قواته اقتحمت عدة مواقع، واعتقلت عدداً من المهربين، بالإضافة إلى ضبط ومصادرة شاحنات محملة بآلاف اللترات من الوقود المهرب.
في غضون ذلك، بدأ عبد الله اللافي، عضو المجلس الرئاسي، زيارة مفاجئة إلى تونس لم يسبق الإعلان عنها، هي الأولى من نوعها لمسؤول ليبي رفيع المستوى منذ التطورات الأخيرة التي تشهدها حاليا.
وتأتي هذه الزيارة بعد زيارة قام بها محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، إلى الجزائر التقى خلالها الرئيس عبد المجيد تبون، مساء أول من أمس، وأجرى معه مباحثات تناولت أمن الجنوب الليبي، والخطوات التنفيذية لإعادة فتح المعابر الحدودية، واستئناف الرحلات الجوية، نظراً لما تمثله من أهمية لمواطني البلدين، والعمل على تحقيق تعاون فني وأمني مشترك بين ليبيا والجزائر.
وأعرب المنفي في مؤتمر صحافي مشترك عن شكره للرئيس الجزائري، الذي أعلن عن دعم بلاده للشعب الليبي من أجل الوصول إلى انتخابات برلمانية ورئاسية، تمهد الطريق لاستقرار ليبيا، وأكد أن الشعب الليبي يتطلع لدور الجزائر في المساهمة في إنجاح مشروع المصالحة الوطنية، التي تعد من أهم نقاط الاتفاق السياسي من أجل الوصول إلى الانتخابات.
في شأن آخر، أعلن «جهاز النهر الصناعي» عن استهداف منظومة جبل الحساونة - سهل الجفارة بعبوة متفجرة، لافتا إلى أن الانفجار، الذي استهدف إحدى غرف الخط المغذي لمصراتة بالمياه بين بني وليد والشويرف؛ تسبب في انقطاع المياه عن المدينة. واتهم الجهاز في بيان له أمس من وصفهم بالخارجين عن القانون، بزرع ألغام متفجرة على المسار الشرقي للمنظومة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.