البرهان: الأوضاع الاقتصادية تعوق تنفيذ ترتيبات «السلام»

الحلو وعبد الواحد يتفقان على حل الميليشيات وإعادة هيكلة الأجهزة النظامية

عبد الفتاح البرهان (أ.ب)
عبد الفتاح البرهان (أ.ب)
TT

البرهان: الأوضاع الاقتصادية تعوق تنفيذ ترتيبات «السلام»

عبد الفتاح البرهان (أ.ب)
عبد الفتاح البرهان (أ.ب)

قال رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، عبد الفتاح البرهان، إن الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد «تقف عقبة أمام تنفيذ ملف الترتيبات الأمنية المنصوص عليه في اتفاقية جوبا للسلام». وفي غضون ذلك، وقّعت حركتا عبد العزيز الحلو وعبد الواحد على إعلان سياسي، يشدد على حل جميع الميليشيات والجيوش، وإعادة هيكلتها في «جيش قومي واحد بعقيدة عسكرية جديدة».
وأضاف البرهان لدى لقائه أمس عدداً من قادة أطراف السلام بالقيادة العامة للجيش في الخرطوم، أن حركات الكفاح المسلح «أصبحت جزءاً من المنظومة العسكرية في الدولة، ومكوناً أصيلاً من مكونات السلطة الانتقالية بمختلف مستوياتها السياسية والعسكرية والأمنية، ومسؤولة عن حماية البلاد والحفاظ على أمنها واستقرارها».
وأكد البرهان المضي في تنفيذ متطلبات الانتقال والسلام كافة، وعلى رأسها بند الترتيبات الأمنية، وقال بهذا الخصوص «نعمل على تذليل ما يواجه تنفيذ الترتيبات بسبب الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد».
وحضر اللقاء، الذي تم بمقر وزارة الدفاع، عضو مجلس السيادة شمس الدين كباشي، ووزراء الدفاع والداخلية والمالية، ومدير المخابرات العامة، وعدد من قادة أطراف العملية السلمية.
ويعدّ بند الترتيبات الأمنية من أهم الملفات في اتفاقية جوبا للسلام، الذي تأخر تنفيذه، ويقضي بدمج مقاتلي الفصائل المسلحة في الجيش السوداني، وفقاً لعقيدة عسكرية جديدة.
وبرر المكون العسكري في السلطة الانتقالية، المنوط به تنفيذ المهمة، التأخير الحاصل بعدم توفير الحكومة المدنية للموارد المالية، لكنه يواجه اتهامات بوضع العراقيل أمام إكمال العملية بسبب رفضه إعادة هيكلة الجيش.
في غضون ذلك، وقّعت الحركة الشعبية - فصيل عبد العزيز الحلو، وحركة تحرير السودان، بقيادة عبد الواحد النور، أمس، على إعلان سياسي، أكد على أن وحدة السودان «يجب أن ترتكز على فصل الدين عن الدولة العلمانية»، وفق نظام ليبرالي ديمقراطي.
وتم التوقيع على الاتفاق السياسي بين الحركتين أمس بمنطقة «كاودا»، معقل الحركة الشعبية، بولاية جنوب كردفان، التي وصلها عبد الواحد الأحد الماضي.
وشدد الطرفان على ضرورة إصلاح القطاع الأمني قبل البدء في تنفيذ الترتيبات الأمنية، وإعادة هيكلة جميع أجهزة ومؤسسات الدولة والقوات النظامية، وفق أسس جديدة، وحل جميع الميليشيات والجيوش والأجهزة الأمنية الخاصة والحزبية والقبلية، وإعادة بناء جيش وطني قومي حديث، بعقيدة عسكرية جديدة، تلتزم بحماية المواطن وأرض السودان والدستور.
وأكدت الحركتان على أن الحل الشامل للمشكلة السودانية «لا بد أن يتضمن إرجاع جميع الأراضي «الحواكير” التي انتزعت أثناء الحروب إلى ملاكها الأصليين.
وطالب الحلو وعبد الواحد بتهيئة المناخ المناسب للعودة الطوعية للنازحين واللاجئين، ووضع تدابير لجبر الضرر، وتقديم التعويضات الفردية والجماعية لجميع المتضررين. كما دعا الطرفان الحكومة الانتقالية في الخرطوم إلى تسليم جميع المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية في(لاهاي)، المتهمين بارتكاب جرائم إبادة جماعية، وجرائم ضد الإنسانية، وتطهير عرقي وجرائم الحرب، وعلى رأسهم الرئيس المعزول عمر البشير.
وعلقت وساطة دولة جنوب السودان، الراعية المفاوضات بين الحكومة الانتقالية في السودان والحركة الشعبية - فصيل عبد العزيز، في منتصف يونيو (حزيران) الماضي جلسات التفاوض، بعد فشل الأطراف في التوصل إلى توافق في الاتفاق الإطاري النهائي.
وتطالب «الشعبية» بمدة ستة أشهر تسبق الفترة الانتقالية، وتقسيم البلاد إلى ثمانية أقاليم، وتعيين حكام الأقاليم نواباً لرئيس الجمهورية، وتكوين مجلس رئاسي يقوم بمهام وسلطات الرئيس، إلى جانب رئيس وزراء يقوم بالإشراف على أداء الجهاز التنفيذي. في حين يرفض رئيس حركة تحرير السودان، عبد الواحد النور، الدخول في مفاوضات مباشرة مع الحكومة السودانية، ويطرح مبادرة لحوار وطني يجري داخل السودان.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».