يطور معظم الأطفال ارتباطات عاطفية بوالديهم أو مقدمي الرعاية في سن مبكرة. ويظهرون قلقاً صحياً عندما يكون مقدم الرعاية غائباً، ويشعرون بالراحة عند وجوده، وفقاً لصحيفة «الصن».
لكن يعاني بعض الأطفال من اضطرابات التعلق؛ لأن مقدمي الرعاية غير قادرين على تلبية احتياجاتهم. قد يكون هؤلاء الأطفال غير قادرين على الارتباط بمقدمي الرعاية ويكافحون من أجل تطوير الارتباط العاطفي.
وتحدثت «الصن» إلى الاختصاصية النفسية بالأطفال هلين سبيرز لمعرفة ما اضطراب التعلق، وما يمكن أن يعنيه، وأهم النصائح حول كيفية التعامل معه.
* ما اضطراب التعلق؟
أوضحت المعالجة النفسية للأطفال أن «العلاقة أو (الارتباط) الذي نتمتع به مع مقدم الرعاية الأساسي لدينا - عادة أحد الوالدين - له تأثير كبير على تطورنا ورفاهيتنا مدى الحياة. يبدأ هذا الارتباط عندما لا نزال في الرحم. إذا كان لدينا، في مرحلة الرضاعة، إمكانية تلبية جميع احتياجاتنا وشعرنا بالحب والتقدير، يصبح لدينا (ارتباط آمن). وأولئك الذين لا تجري تلبية احتياجاتهم باستمرار لديهم (ارتباط غير آمن)».
وقالت هيلين: «هناك كثير من الأسباب التي يمكن أن يحدث بها ذلك، ربما إذا كان مقدم الرعاية مسيئاً أو مهملاً، ولكن أيضاً إذا كان يعيش في فقر مدقع لذلك لا يمكنه تلبية احتياجات الطفل، أو إذا كانت لديه مشكلات في الصحة العقلية، أو إذا كان يعاني من صدمة ما».
وتابعت: «اضطراب التعلق يحدث عندما يكون التعلق غير الآمن شديداً جداً، لذلك غالباً ما نراه لدى الأطفال الموجودين في نظام الرعاية أو أولئك الذين تعرضوا لإساءة مبكرة... يجري تشخيصه عندما يظهر الطفل أعراضاً كبيرة لضعف التعلق».
فما العلامات التي قد تدل على أن الطفل يعاني من اضطراب في التعلق؟
* تجنب النظرات المباشرة أو اللمس الجسدي:
قالت هيلين إن الأطفال الذين يتجنبون الاتصال بالعين أو اللمس الجسدي قد يعانون من اضطراب التعلق.
وأوضحت أن الأطفال الذين يعانون من ارتباطات ضعيفة قد لا يمتلكون مهارات اجتماعية مثل الحاجة إلى إظهار الاتصال بالعين عند التحدث، ولا يعرفون كيف يمكن أن يُظهر العناق العاطفة.
مع ذلك، كشفت عن أن الأمر قد يكون أسوأ من ذلك. وقالت الخبيرة: «قد يكون بعض الأطفال قد تعلموا الخوف من الاتصال الجسدي بسبب تجارب الاعتداء الجسدي أو الجنسي».
* التصرف البارد والبعيد عاطفياً:
هناك علامة أخرى يجب الانتباه إليها إذا كنت قلقاً من إصابة طفلك باضطراب التعلق؛ وهي معرفة ما إذا كان يتصرف ببرود وبعيداً عاطفياً.
وأوضحت هيلين أن الأطفال يتعلمون أن البكاء يساعدهم في تحقيق مطالبهم. لكنها أضافت أن الطفل المصاب باضطراب التعلق يتعلم أنه لا فائدة من إظهار المشاعر لأنه لا أحد سيساعده، لذلك في كثير من الأحيان يبدو بارداً حقاً أو بعيداً.
* صعوبة الحصول على علاقات مناسبة:
أيضاً إذا كان طفلك يكافح من أجل الحصول على علاقات مناسبة، فهذه علامة على أنه قد يكون مصاباً باضطراب التعلق. هذا لأنه إذا لم يكن لدى الطفل علاقات صحية، فمن الصعب عليه أن يكون جزءاً من أي علاقة طبيعية.
وكشفت هيلين عن أن بعض الأطفال الذين يعانون من اضطرابات التعلق قد يصبحون قريبين بشكل غير لائق من بالغرباء أو الأشخاص الذين التقوا بهم للتو.
* نوبات غضب:
قد تكون نوبات الغضب والعدوان الجسدي علامات على اضطراب التعلق، وكذلك البكاء المفرط.
علقت هيلين قائلة: «ربما يتعلم الأطفال الذين يعانون من اضطراب التعلق أنهم لن يحصلوا على احتياجاتهم إلا إذا جعلوا أنفسهم مركز الاهتمام».
* قلة التعاطف:
من العلامات الأخرى التي يمكن أن تشير إلى اضطراب التعلق النقص في التعاطف.
ويعدّ التعاطف مع الآخرين أحد متطلبات «مستوى التفكير الأعلى» التي لا تأتي إلا مع النمو الجيد للدماغ.
* كيف تساعد الأطفال المصابين باضطراب التعلق:
قد يكون دعم الطفل المصاب باضطراب التعلق تحدياً كبيراً؛ لأن الضرر الناجم عن تلك السنوات المبكرة قد تكون له آثار عميقة وطويلة الأمد.
وأوضحت هيلين أن الهدف من الدعم هو محاولة تعريض الطفل للتجارب الإيجابية التي فاتته في سنواته الأولى.
وتضيف الخبيرة أن التركيز على السلوك الإيجابي استراتيجية مهمة.
وعلقت هيلين: «لن يتعلم الأطفال كيفية تعديل سلوكهم من خلال إلقاء المحاضرات أو إخبارهم بما لا يجب عليهم فعله... من خلال تجربة فعل شيء ما بنجاح فسوف يسعون إلى القيام بذلك في كثير من الأحيان».
وحذرت هيلين من أن تصرفات؛ مثل إرسال طفل مصاب باضطراب التعلق إلى غرفته أو التعليق كثيراً على خطوة سيئة قام بها، قد تثير مشاعر العزلة والرفض لديه.
وبدلاً من ذلك، قالت إن منح الطفل كثيراً من الفرص للاختلاط مع الأطفال الآخرين سيساعده على تطوير مهاراته الاجتماعية وبناء مستويات التعاطف لديه.