توجه لتجميد إجراءات الشيخ جراح 6 شهور أخرى

تجنباً للاصطدام مع إدارة بايدن في زيارة مرتقبة لبنيت

زيارة رئيس أساقفة القدس اللاتينيين بييرباتيستا بيتسابالا (وسط) لحي الشيخ جراح أمس (أ.ف.ب)
زيارة رئيس أساقفة القدس اللاتينيين بييرباتيستا بيتسابالا (وسط) لحي الشيخ جراح أمس (أ.ف.ب)
TT

توجه لتجميد إجراءات الشيخ جراح 6 شهور أخرى

زيارة رئيس أساقفة القدس اللاتينيين بييرباتيستا بيتسابالا (وسط) لحي الشيخ جراح أمس (أ.ف.ب)
زيارة رئيس أساقفة القدس اللاتينيين بييرباتيستا بيتسابالا (وسط) لحي الشيخ جراح أمس (أ.ف.ب)

قالت مصادر إسرائيلية، إن الائتلاف الحكومي سيتجنب إخلاء حي الشيخ جراح حتى لو أمرت المحكمة العليا بذلك، وسيعمل على تجميد الإجراءات قدر الإمكان.
وقال مصدر مقرب من رئيس الوزراء نفتالي بنيت، لـ«تايمز أوف إسرائيل»، إن الحكومة قد تسعى لتأجيل الحكم في قضية إخلاء الشيخ جراح المثيرة للجدل مرة أخرى. وأكد المصدر أن حكومة بنيت تدرس بجدية، تأجيل جلسة المحكمة المقبلة، دون أن يحدد كيف ستعمل الحكومة على ضمان مثل هذا التأخير، لكنه ألمح إلى أنه من الممكن أن تجمد الإجراءات لمدة ستة أشهر أخرى.
ويفترض أن تعقد المحكمة العليا، الاثنين المقبل، جلسة استماع بشأن مصير 4 عائلات فلسطينية في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية. وكانت المحكمة أمهلت ممثل «الدولة الإسرائيلية»، وقتا إضافيا لحل مسألة خان الأحمر شرق القدس بعدما قدم وزير الخارجية يائير لبيد إلى سكرتير مجلس الوزراء شالوم شلومو والمستشار القانوني للحكومة أفيحاي ماندبليت، طلبا يطالب فيه بتأجيل إضافي للهدم الوشيك لقرية خان الأحمر.
وتأتي المناقشات حول هذه المسألة في الوقت الذي يستعد فيه بنيت لزيارته الأولى إلى البيت الأبيض كرئيس للوزراء. ولم يتم تحديد موعد حتى الآن للزيارة، لكن من المرجح أن تتم في منتصف أغسطس (آب) لأن الكنيست سيكون في عطلة. وتخشى الحكومة الإسرائيلية من أن قرار المضي قدما في عمليات الإخلاء في حي الشيخ جراح، قد يسبب مشاكل قبل الرحلة إلى الولايات المتحدة، بالنظر إلى معارضة واشنطن الشديدة لهذه الخطوة.
وأشعل قرار إسرائيل إخلاء الشيخ جراح غضبا فلسطينيا واستدعى حملات رسمية وشعبية، ومواجهات حولت القضية إلى رمز للنضال في وجه التهجير، قبل أن تلعب التوترات في القدس الشرقية دورا رئيسيا في التصعيد الأخير بين حركة حماس وإسرائيل. وقد صادقت المحاكم الإسرائيلية الدنيا بالفعل على إخلاء عائلات الشيخ جراح الأربع، إلا أن المحكمة العليا لم تصدر قرارا نهائيا بعد في ظل التوترات الأخيرة. وينظر اليمين الإسرائيلي إلى الأمر على أنه معركة لتوسيع الوجود اليهودي في القدس الشرقية، ويقول الفلسطينيون إنه جزء من مشروع محو وجودهم في المدينة.
وبالإجمال، من المقرر إخلاء أكثر من 70 فلسطينيا من الشيخ جراح.
وبحسب «عير عميم»، وهي مجموعة حقوقية يسارية ، تواجه حوالي 200 عائلة في القدس الشرقية خطرا مماثلا بالإخلاء، مع انتقال القضايا ببطء عبر الهيئات الإدارية والمحاكم الإسرائيلية. ومن غير المحتمل أن تقدم الحكومة الحالية على اتخاذ قرار سريع في ظل توصيات أمنية بعدم إخلاء الحي.
وكان ماندلبليت سلم المحكمة إفادة مختومة، تحتوي على توصيات «صانعي السياسة المعنيين» فيما يتعلق بقضية الشيخ جراح. وبحسب موقع «واللا» الإخباري، فإن الإفادة الخطية تضمنت آراء مسؤولين أمنيين إسرائيليين كبار، يحذرون من أن إخلاء العائلات قد يؤدي إلى تصعيد التوترات بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وستحاول الحكومة الحالية التوصل لاتفاق حول إخلاء طوعي للسكان، بالتوافق معهم، على الرغم من أن الحكومات السابقة لم تنجح.
وتقتصر قضية الشيخ جراح الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على القدس الشرقية، وصراع آخر خفي بين إسرائيل والمملكة الأردنية. ودخلت عمان على خط الأزمة، وسلمت قبل شهور وثائق تثبت ملكية وحدات سكنية لعائلات الشيخ جراح.
وكانت القدس الشرقية تخضع للسيادة الأردنية كسائر مدن الضفة الغربية، قبل أن تحتلها إسرائيل عام 1967 وتضمها، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي. وأقام الأردن حينها مساكن لإيواء الفلسطينيين الذين لجأوا إلى القدس الشرقية بعد قيام دولة إسرائيل في 1948، ولديه عقود إيجار تثبت ذلك. وبحسب وثائق نشرتها وزارة الخارجية الأردنية، فإنها تخص 28 عائلة في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية، كانت قد هُجرت بسبب حرب عام 1948.
وتحارب إسرائيل أي جهد رسمي فلسطيني في القدس الشرقية، وكذلك تحارب السيادة الأردنية على المقدسات. وجددت إسرائيل مرة أخرى إغلاق المؤسسات الفلسطينية في القدس، على الرغم من طلب الفلسطينيين إعادة فتحها. وأدانت وزارة الخارجية، قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي، تمديد إغلاق مؤسسات فلسطينية في مدينة القدس للمرة الـ40 خلال العشرين عاما الأخيرة، وفي مقدمتها بيت الشرق والغرفة التجارية ونادي الأسير والمجلس الأعلى للسياحة وغيرها من المؤسسات الفاعلة في خدمة المواطن المقدسي.
وأضافت الخارجية في بيان: «رغم الرسالة التي تلقتها القيادة الفلسطينية من الجانب الإسرائيلي، والتي تعهد فيها الالتزام بالاتفاقيات الموقعة، ورغم الالتزام الذي قدمته الحكومة الإسرائيلية، في عام 1993، إلى وزير الخارجية النرويجي يوهان هولست، حول عدم التعرض للمؤسسات الفلسطينية في القدس والإبقاء عليها مفتوحة، أقدم ما يسمى وزير الأمن الداخلي في حكومة الاحتلال عومر بارليف، على تجديد أوامر الاغلاق، امتدادا للقرارات السابقة وإمعانا بسياسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة».
وأكدت الخارجية أن هذا القرار يندرج في إطار الاجراءات أحادية الجانب، وإخلال فاضح بالاتفاقيات الموقعة، وعدم وفاء بالالتزامات المترتبة على إسرائيل كقوة احتلال في الحفاظ على حياة وخدمات السكان المدنيين الرازحين تحت الاحتلال ومؤسساتهم في المدينة المقدسة، وإخلال أيضا بالوضع القائم التاريخي والقانوني في القدس المحتلة.



«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
TT

«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)

حديث إسرائيلي عن «مقترح مصري» تحت النقاش لإبرام اتفاق هدنة في قطاع غزة، يأتي بعد تأكيد القاهرة وجود «أفكار مصرية» في هذا الصدد، واشتراط إسرائيل «رداً إيجابياً من (حماس)» لدراسته، الخميس، في اجتماع يترأسه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

تلك الأفكار، التي لم تكشف القاهرة عن تفاصيلها، تأتي في «ظل ظروف مناسبة لإبرام اتفاق وشيك»، وفق ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، مع ضغوط من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإطلاق سراح الرهائن قبل وصوله للبيت الأبيض، كاشفين عن أن «حماس» تطالب منذ طرح هذه الأفكار قبل أسابيع أن يكون هناك ضامن من واشنطن والأمم المتحدة حتى لا تتراجع حكومة نتنياهو بعد تسلم الأسرى وتواصل حربها مجدداً.

وكشفت هيئة البث الإسرائيلية، الأربعاء، عن أن «إسرائيل تنتظر رد حركة حماس على المقترح المصري لوقف الحرب على غزة»، لافتة إلى أن «(الكابينت) سيجتمع الخميس في حال كان رد (حماس) إيجابياً، وذلك لإقرار إرسال وفد المفاوضات الإسرائيلي إلى القاهرة».

فلسطيني نازح يحمل كيس طحين تسلمه من «الأونروا» في خان يونس بجنوب غزة الثلاثاء (رويترز)

ووفق الهيئة فإن «المقترح المصري يتضمن وقفاً تدريجياً للحرب في غزة وانسحاباً تدريجياً وفتح معبر رفح البري (المعطل منذ سيطرة إسرائيل على جانبه الفلسطيني في مايو/أيار الماضي) وأيضاً عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة».

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الأربعاء، خلال حديث إلى جنود في قاعدة جوية بوسط إسرائيل إنه «بسبب الضغوط العسكرية المتزايدة على (حماس)، هناك فرصة حقيقية هذه المرة لأن نتمكن من التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن».

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أكد، الأربعاء، استمرار جهود بلاده من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة. وقال عبد العاطي، في مقابلة مع قناة «القاهرة الإخبارية»: «نعمل بشكل جاد ومستمر لسرعة التوصل لوقف فوري لإطلاق النار في غزة»، مضيفاً: «نأمل تحكيم العقل ونؤكد أن غطرسة القوة لن تحقق الأمن لإسرائيل».

وأشار إلى أن بلاده تعمل مع قطر وأميركا للتوصل إلى اتفاق سريعاً.

يأتي الكلام الإسرائيلي غداة مشاورات في القاهرة جمعت حركتي «فتح» و«حماس» بشأن التوصل لاتفاق تشكيل لجنة لإدارة غزة دون نتائج رسمية بعد.

وكان عبد العاطي قد قال، الاثنين، إن «مصر ستستمر في العمل بلا هوادة من أجل تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين»، مؤكداً أنه «بخلاف استضافة حركتي (فتح) و(حماس) لبحث التوصل لتفاهمات بشأن إدارة غزة، فالجهد المصري لم يتوقف للحظة في الاتصالات للتوصل إلى صفقة، وهناك رؤى مطروحة بشأن الرهائن والأسرى».

عبد العاطي أشار إلى أن «هناك أفكاراً مصرية تتحدث القاهرة بشأنها مع الأشقاء العرب حول وقف إطلاق النار، وما يُسمى (اليوم التالي)»، مشدداً على «العمل من أجل فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني» الذي احتلته إسرائيل في مايو الماضي، وكثيراً ما عبّر نتنياهو عن رفضه الانسحاب منه مع محور فيلادلفيا أيضاً طيلة الأشهر الماضية.

وكان ترمب قد حذر، الاثنين، وعبر منصته «تروث سوشيال»، بأنه «سيتم دفع ثمن باهظ في الشرق الأوسط» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة قبل أن يقسم اليمين رئيساً في 20 يناير (كانون الثاني) 2025.

دخان يتصاعد بعد ضربة إسرائيلية على ضاحية صبرا في مدينة غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

وأفاد موقع «أكسيوس» الأميركي بأن مايك والتز، مستشار الأمن القومي الذي اختاره ترمب، سيقابل وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمير، الأربعاء، لمناقشة صفقة بشأن قطاع غزة.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور عبد المهدي مطاوع أن «المقترح المصري، حسبما نُشر في وسائل الإعلام، يبدأ بهدنة قصيرة تجمع خلالها (حماس) معلومات كاملة عن الأسرى الأحياء والموتى ثم تبدأ بعدها هدنة بين 42 و60 يوماً، لتبادل الأسرى الأحياء وكبار السن، ثم يليها حديث عن تفاصيل إنهاء الحرب وترتيبات اليوم التالي الذي لن تكون (حماس) جزءاً من الحكم فيه»، مضيفاً: «وهذا يفسر جهود مصر بالتوازي لإنهاء تشكيل لجنة إدارة القطاع».

وبرأي مطاوع، فإن ذلك المقترح المصري المستوحى من هدنة لبنان التي تمت الأسبوع الماضي مع إسرائيل أخذ «دفعة إيجابية بعد تصريح ترمب الذي يبدو أنه يريد الوصول للسلطة والهدنة موجودة على الأقل».

هذه التطورات يراها الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية اللواء سمير فرج تحفز على إبرام هدنة وشيكة، لكن ليس بالضرورة حدوثها قبل وصول ترمب، كاشفاً عن «وجود مقترح مصري عُرض من فترة قريبة، و(حماس) طلبت تعهداً من أميركا والأمم المتحدة بعدم عودة إسرائيل للحرب بعد تسلم الرهائن، والأخيرة رفضت»، معقباً: « لكن هذا لا ينفي أن مصر ستواصل تحركاتها بلا توقف حتى التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الرهائن في أقرب وقت ممكن».

ويؤكد الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية الدكتور أحمد فؤاد أنور أن «هناك مقترحاً مصرياً ويسير بإيجابية، لكن يحتاج إلى وقت لإنضاجه»، معتقداً أن «تصريح ترمب غرضه الضغط والتأكيد على أنه موجود بالمشهد مستغلاً التقدم الموجود في المفاوضات التي تدور في الكواليس لينسب له الفضل ويحقق مكاسب قبل دخوله البيت الأبيض».

ويرى أن إلحاح وسائل الإعلام الإسرائيلية على التسريبات باستمرار عن الهدنة «يعد محاولة لدغدغة مشاعر الإسرائيليين والإيحاء بأن حكومة نتنياهو متجاوبة لتخفيف الضغط عليه»، مرجحاً أن «حديث تلك الوسائل عن انتظار إسرائيل رد (حماس) محاولة لرمي الكرة في ملعبها استغلالاً لجهود القاهرة التي تبحث تشكيل لجنة لإدارة غزة».

ويرى أنور أن الهدنة وإن بدت تدار في الكواليس فلن تستطيع حسم صفقة في 48 ساعة، ولكن تحتاج إلى وقت، معتقداً أن نتنياهو ليس من مصلحته هذه المرة تعطيل المفاوضات، خاصة أن حليفه ترمب يريد إنجازها قبل وصوله للسلطة، مستدركاً: «لكن قد يماطل من أجل نيل مكاسب أكثر».