نزوح واشتباكات في درعا بعد فشل «مفاوضات مسائية»

معارضون يتهمون «الفرقة الرابعة» بخرق اتفاق رعته روسيا

نزوح واشتباكات في درعا بعد فشل «مفاوضات مسائية»
TT

نزوح واشتباكات في درعا بعد فشل «مفاوضات مسائية»

نزوح واشتباكات في درعا بعد فشل «مفاوضات مسائية»

شهدت مناطق درعا، جنوب سوريا، حالة من التوتر والترقب الحذر بعد فشل «مفاوضات مسائية» جرت في مدينة درعا، المحطة بين درعا البلد والنظام السوري، بعد أن نقضت الفرقة الرابعة بنود اتفاق توصلت إليه الأطراف (الاثنين)، يحيّد الخيار العسكري عن المدينة.
وأصدر مجلس عشائر درعا البلد بياناً أول من أمس (الثلاثاء)، مطالباً بترحيل 50 ألف نسمة من عائلات درعا البلد وطريق السد والمخيم إلى مناطق آمنة، ودخول قوات النظام السوري إلى مدينة درعا البلد خالية من السكان. وحسب البيان، فإن تلك المطالب جاءت بعد أن نقضت قوات النظام السوري الاتفاق الأول الذي حصل يوم الاثنين بدخول قوات النظام وتفتيش المزارع المحيطة، وفشل عدة جولات تفاوضية حصلت أمس بين اللجنة المركزية للتفاوض ووجهاء المدينة واللجنة الأمنية للنظام السوري، وإصرار النظام على تشكيل عدة مراكز أمنية وحواجز داخل مدينة درعا البلد وأحيائها. وذكر البيان: «نحن أهالي درعا كباراً وصغاراً كنا وما زلنا دعاة سلم، ولا نرغب في الحرب أبداً، لذلك أبرمنا خلال الأيام الماضية اتفاقاً مع النظام السوري لحقن الدماء ويؤمّن الناس ويحفظ كرامتهم. فوجئنا صبيحة اليوم بنقض بنود الاتفاق، وباغتنا النظام باقتحام واسع لمحيط درعا البلد، سقط خلاله شهيدان مدنيان وعدة جرحى. نظراً لأننا نرفض القتل لغيرنا والموت لأنفسنا وأننا التزمنا بتنفيذ بنود الاتفاق، فإننا نحن أهالي مدينة درعا نطالب بترحيلنا إلى مكان آمن لتجنب الحرب التي ستكون ويلاً علينا».
وقال الناشط عبد الله أبازيد، من داخل مدينة درعا البلد، لـ«الشرق الأوسط» إن مناطق درعا البلد وطريق السد ومخيم اللاجئين الفلسطينيين مطوّقة من قوات النظام السوري ممثلةً بقوات الغيث في الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري بشار الأسد، وقوات النمر وقوات من الفرقة 15، ونشر قناصة على المباني المرتفعة المطلة على هذه الأحياء واستهداف أي تحرك داخلها، وجرت اشتباكات عنيفة صباح أمس (الأربعاء)، بين أبناء درعا البلد وقوات الفرقة الرابعة التي تمركزت أمس في حي المنشية بدرعا البلد، كما استهدفت سيارة عسكرية تابعة لقوات النظام السوري في محيط ساحة بصرى بدرعا المحطة، تلتها اشتباكات على أطراف مخيم درعا للاجئين الفلسطينيين، كما حلّقت طائرات استطلاع فوق مخيم درعا وطريق السد وأحياء درعا البلد، وذلك عقب الاشتباكات التي حدثت في المنطقة، وسط تخوف من استخدام الطيران الحربي والمروحي لقصف الأحياء السكنية في هذه المناطق، موضحاً أن مئات العائلات من درعا البلد وطريق السد والمخيم نزحت إلى مناطق درعا المحطة بعد تعرض المنطقة للقصف، والخوف من اقتحامها والتصعيد العسكري الكبير الذي تشهده.
وقال مصدر مقرب من اللجنة المركزية في درعا البلد لـ«الشرق الأوسط» بعد أن أفشلت قوات الفرقة الرابعة الاتفاق الذي حصل يوم الاثنين في محاولة لتجنب المدينة الحرب والتصعيد العسكري، أصرت هذه القوات على تطويق مدينة درعا البلد، أمس، وتمشيط المناطق الزراعية وإطلاق نار عشوائي أدى إلى مقتل مدنيين، ورفضها للانسحاب بعد تطبيق بنود الاتفاق، و«بذريعة تعرُّض قوات الفرقة الرابعة لمواجهات واشتباكات في محيط درعا البلد، قصفت المنطقة بعدد من قذائف الهاون والرشاشات الأرضية الثقيلة، حتى إن الضابط الذي تسلم المناطق في مدينة درعا البلد فوجئ بقصف المنطقة وقال إنها تصرفات فردية عشوائية لا علم للقيادة بها، ثم جاء أمر من الفرقة الرابعة بانسحاب القوات التي تمركزت في النقاط التي تسلمتها في درعا البلد تطبيقاً لبنود الاتفاق، لتتعرض بعدها مناطق درعا البلد وطريق السيد لقصف بقذائف الهاون استهدف الأحياء السكنية ورشاشات أرضية استهدفت المنازل، أدى إلى مقتل شاب وطفل من أبناء المنطقة».
وأضاف: «عقب ذلك حدثت عدة جولات تفاوضية شاركت بها اللجنة المركزية للتفاوض في ريف درعا الشرقي والغربي والفيلق الخامس المدعوم من روسيا، فشلت جميعها بعد إصرار اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري على تهجير 15 شخصاً وزيادة النقاط العسكرية والمفارز الأمنية داخل مدينة درعا البلد». وقالت مصادر خاصة إن هدوءاً حذراً يسود المنطقة بعد أن دخلت قوات روسية برفقة ضباط روس إلى مدينة درعا المحطة، وأخرى توجهت إلى مدينة بصرى الشام معقل قوات الفيلق الخامس جنوب سوريا وسط حالة استنفار كبيرة في مدينة بصرى الشام وتجمع أعداد كبيرة من قوات الفيلق الخامس، ورجح المصدر أن تشارك قوات الفيلق الخامس والجانب الروسي بجولة جديدة من المفاوضات في مدينة درعا المحطة.
وقالت شبكة «نبأ» المعنية بنقل أخبار مدينة درعا المحلية: «يواصل أهالي أحياء درعا البلد والمخيم وطريق السد النزوح عن المنطقة إلى أحياء درعا المحطة عبر حاجز مبنى السرايا بعد إغلاقه لساعات، ويضطر الأهالي إلى النزوح عن منازلهم مشياً على الأقدام بسبب منع الحاجز عبور السيارات، وإن نحو ثلث سكان الأحياء المذكورة أي ما يقارب 15 ألف شخص نزحوا إلى مركز مدينة درعا تخوفاً من عملية عسكرية للنظام تستهدف المدينة، ويستمر وجود حشود الفرقتين الرابعة والتاسعة على الأطراف الجنوبية والشرقية لأحياء درعا حيث ينتشر مئات العناصر بعتادهم العسكري من دبابات وعربات مجنزرة ورشاشات متوسطة وثقيلة، وأغلقت قوات الفرقة الرابعة حي المنشية من جهة أحياء درعا البلد برفع سواتر ترابية ونشر قوات عند دوّار الكرة على مدخل الحي، واستولت قوات الفرقة على عشرات المنازل في مزارع الشيّاح والخشّابي جنوب مدينة درعا حيث تمركزت دبابات شاركت في عملية القصف على درعا البلد».
وزادت: «حاولت قوات النظام التقدم باتجاه أحياء درعا من محورين بأعداد كبيرة من العناصر لفرض السيطرة المطلقة بشكل يخالف بنود اتفاق التسوية الذي أُبرم بين لجنة التفاوض والنظام قبل أيام».
ونص أحد بنود الاتفاق على تمركز مجموعات من الفرقة الخامسة وفرع الأمن العسكري في مواقع عدة في المنطقة دون وجود عتاد عسكري ثقيل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».