بلينكن يناقش في الهند «أفغانستان والصين وحقوق الإنسان»

تزامناً مع لقاء وزير الخارجية الصيني وفداً من «طالبان»

بلينكن (يسار) مع نظيره الهندي جايشانكار (أ.ف.ب)
بلينكن (يسار) مع نظيره الهندي جايشانكار (أ.ف.ب)
TT

بلينكن يناقش في الهند «أفغانستان والصين وحقوق الإنسان»

بلينكن (يسار) مع نظيره الهندي جايشانكار (أ.ف.ب)
بلينكن (يسار) مع نظيره الهندي جايشانكار (أ.ف.ب)

أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الذي بدأ أمس زيارة رسمية لنيودلهي، على أهمية الروابط المشتركة بين الولايات المتحدة والهند، خصوصاً في مواجهة المد الصيني، والوضع الحالي الناتج عن انسحاب القوات الأميركية والدولية من أفغانستان، مؤكداً على الدور الأساسي الذي تلعبه الهند كأحد أهم حلفاء واشنطن.
وقال بلينكن، أمس (الأربعاء)، في العاصمة الهندية إن «العلاقة بين بلدينا هي إحدى (العلاقات) الأهمّ في العالم». وتأمل الإدارة الأميركية أن تشارك نيودلهي، التي سبق أن أنفقت مليارات الدولارات في مشروعات تنموية في البلد الذي يشهد حرباً، بشكل نشيط في الجهود الرامية إلى إرساء الاستقرار فيه، في وقت تعهّد الرئيس الأميركي سحب قوات بلاده كافة بحلول الذكرى العشرين لاعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001.
وتهدف هذه الزيارة، التي لا تتجاوز مدّتها 24 ساعة، إلى التأكيد على أن تقارب العلاقات بين القوتين المستمر منذ سنوات، مقابل تنامي نفوذ الصين خصوصاً، يتجاوز تعاقب الإدارات في واشنطن. وقال دين تومسون، المسؤول الكبير في الخارجية الأميركية المكلف شؤون المنطقة، إن العلاقة «مع الهند هي علاقة قوية تواصلت مع حكومات من الألوان كافة في الولايات المتحدة، وستستمرّ في ذلك»، وستبقى الروابط مع الهند من الجانب الأميركي، في عهد الرئيس جو بايدن كما كانت أثناء ولاية سلفه الرئيس الجمهوري دونالد ترمب الذي غالباً ما اتُهم بالتغاضي عن بعض تجاوزات رئيس الوزراء ناريندرا مودي. وحذّر من «تراجع ديمقراطي» في العالم، معتبراً أنه «من الضروري أن تواصل أول ديمقراطيتين في العالم دعم هذه الأفكار معاً». لكن البلدين بحسب دين تومسون، لديهما «عدد لا يُحصى من المصالح المشتركة». والموضوع الأكثر إلحاحاً هو أفغانستان. وفي خطوة رمزية، بدأ وزير الخارجية الأميركي زيارته إلى الهند بعقد حلقة نقاش مع المجتمع المدني وممثلي المجتمعات الدينية المختلفة. وشدّد على «الكرامة الإنسانية وتكافؤ الفرص ودولة القانون والحريات الأساسية، بما فيها الحرية الدينية».
وأثار بلينكن منذ البداية مسألة حقوق الإنسان، في وقت تستخدم نيودلهي بشكل متزايد قوانين مكافحة الإرهاب لتكثيف التوقيفات، وبحسب منتقدي حكومة مودي، إسكات معارضيه. ورغم نفي رئيس الوزراء، فإن حكومته القومية الهندوسية متهمة أيضاً بتبني قانون تمييزي ضد الأقلية المسلمة التي يقدر عدد أفرادها في البلاد بنحو 170 مليوناً. وأوضح مايكل كوغلمان من مركز ويلسون الأميركي للبحوث لوكالة الصحافة الفرنسية أن «معظم الجهات الفاعلة الإقليمية هي إما خصوم للولايات المتحدة أو شركاء صعبين. لذلك من المهمّ بالنسبة لواشنطن، رؤية الهند تلعب دوراً أكبر». إلا أن الهند، إحدى الدول الداعمة للحكومة الأفغانية التي تحكم أفغانستان منذ سقوط نظام «طالبان» قبل 20 عاماً، تخشى عودة المتمردين إلى الحكم، ما سيجعل من أفغانستان ملاذاً للمتطرفين المناهضين لنيودلهي. ولا يمكن لواشنطن أن تعطيها ضمانات، بعدما أقرّت بأن المتمردين لديهم «تفوق استراتيجي».
وحذر بلينكن خلال مؤتمر صحافي أقيم في نيودلهي مع نظيره الهندي سوبراهمانيام جايشانكار، من أن «ترتكب أفغانستان فظائع ضد شعبها وتصبح دولة منبوذة». وتخشى الهند، الداعمة القوية للحكومة الأفغانية، أن توفر عودة «طالبان» إلى السلطة ملاذاً لجماعات معارضة لمصالحها. وأضاف بلينكن: «تقول (طالبان) إنها تريد اعترافاً دولياً... الاستيلاء على السلطة بالقوة وانتهاك حقوق شعوبها ليست الطريقة الصحيحة لتحقيق ذلك». وتزامن هذا التحذير مع لقاء وفد من «طالبان» وزير الخارجية الصيني وانغ يي في تيانجين (شمال الصين). ويتقاسم البلدان حدوداً بطول 76 كيلومتراً، عبارة عن مرتفعات شاهقة لا تتخللها أي معابر حدودية. وبدأ وفد من «طالبان» الثلاثاء زيارة للصين تستمر يومين، وفق ما قال الناطق باسم الحركة محمّد نعيم لوكالة الصحافة الفرنسية في كابول. وقال نعيم إن متمردي «طالبان» «أكدوا للصين أن الأراضي الأفغانية لن تُستخدم ضد أمن أي بلد كان».
وأكدت وزارة الخارجية الصينية الاجتماع، موضحة أن وانغ طلب من محاوريه «رسم خط أحمر بينهم وبين كل المنظمات الإرهابية، على غرار الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية» (ميتو). وتصنّف الأمم المتحدة هذه المنظمة الانفصالية الأويغورية على أنها إرهابية. واستغل وانغ محادثاته من أجل انتقاد واشنطن، مقدراً أن «الانسحاب السريع للجنود الأميركيين وقوات حلف شمال الأطلسي، يوضح فشل السياسة الأميركية في أفغانستان»، وفقاً لتصريحات نقلتها وزارته. وأضاف أن «(طالبان) قوة سياسية وعسكرية حاسمة في أفغانستان»، معرباً عن أمله في أن «تلعب دوراً مهماً في عملية السلام والمصالحة وإعادة الإعمار في أفغانستان». وتمت استضافة وفد من «طالبان» سراً عام 2019 في الصين التي تسعى لتأمين مشروعاتها الاقتصادية كالتعدين أو «طرق الحرير الجديدة» مع أفغانستان.
وكما يحصل في كل زيارة إلى آسيا، تضمّن جدول أعمال المحادثات الجهود الرامية إلى إنشاء تحالف ديمقراطيات مقابل «الحكم الاستبدادي» في الصين، وهي في صلب السياسة الخارجية للإدارة الأميركية. لكن السلطات الهندية لديها أيضاً متطلبات وتأمل في أن تُبدي الإدارة الأميركية الجديدة دعماً صارماً لها، كالذي أظهرته إدارة ترمب أثناء المواجهات الدامية العام الماضي بين الهند والصين على حدودهما في منطقة الهيمالايا. ويرى براهما تشيلاني الأستاذ في مركز أبحاث السياسات الهندي، ومقرّه نيودلهي، أنه «في حال تردّدت الولايات المتحدة برئاسة بايدن في دعم الهند علناً ضد الصين، كيف يمكن أن يأملوا أن تعمل الهند مع الولايات المتحدة للتصدي للصين؟ يجب أن تكون هناك معاملة بالمثل».
وقال وزير الخارجية سوبراهمانيام جايشانكار إن تداعيات انسحاب القوات الأميركية حتمية، مضيفاً أن المباحثات يتعين أن تتركز على كيفية إدارة الوضع والتوصل لحل سلمي بدلاً من حل عسكري. وتناولت المحادثات في نيودلهي أيضاً الجهود المشتركة لإنتاج لقاحات. وشملت أيضاً عدة مجالات للتعاون، من بينها العلاقات الثنائية في الهند والمحيط الهادي، عبر الحوار الأمني الرباعي الذي يشمل اليابان وأستراليا.
وقال بلينكن إن المجموعة لا تعد حلفاً عسكرياً، وذلك رداً على سؤال حول انتقاد الصين للحوار الأمني الرباعي ووصفه بأنه محاولة لاحتواء نفوذها. وقال بلينكن إن الأمر بمثابة 4 دول متفاهمة، تتعاون وتحشد الموارد لإحداث تأثير على القضايا التي تتعلق بها، بما في ذلك الجائحة والتعافي الاقتصادي والتغير المناخي والأمن البحري.
واجتمع بلينكن مع ممثل للدالاي لاما الزعيم الروحي للتبت في نيودلهي، في خطوة من المرجح أن تثير غضب الصين. واجتمع بلينكن لفترة وجيزة مع نجودوب دونجتشونغ الذي يشغل منصب ممثل إدارة التبت المركزية المعروفة أيضاً بحكومة التبت في المنفى. واجتماع بلينكن مع دونجتشونغ هو أهم اتصال مع قيادة التبت منذ اجتماع الدالاي لاما مع الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في واشنطن في 2016.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».