اقتراح الحريري رفع الحصانات يتطلب مساراً معقداً وطويلاً

TT

اقتراح الحريري رفع الحصانات يتطلب مساراً معقداً وطويلاً

شكل اقتراح كتلة «المستقبل» الذي أعلن عنه رئيسها سعد الحريري أول من أمس لرفع الحصانات عن كل السياسيين وكبار الموظفين في قضية تفجير مرفأ بيروت، مادة للنقاش الدستوري والسياسي في الساعات الماضية.
ويقسم الخبير الدستوري الوزير السابق زياد بارود اقتراح الحريري إلى جزأين، الأول يتطلب تعديل مواد دستورية والثاني يتطلب تعديلات قوانين، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «تعديل القوانين لا يطرح إشكالية وهي تعديلات يمكن أن تمر، لكن المشكلة بتعديل الدستور بحيث يتطلب الأمر أن يبادر 10 نواب لطلب الموافقة على مبدأ التعديل فيطرح الأمر على الهيئة العامة خلال دورة عادية فلا يمر إلا بموافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب. بعدها يراسل رئيس المجلس النيابي الحكومة لتعد مشروع قانون للتعديل، ويفترض أن توافق أكثرية الثلثين في مجلس الوزراء علما بأن هناك مهلة 4 أشهر لإعداد المشروع».
ويورد بارود 3 ملاحظات على اقتراح الحريري، الأولى عن «سبب حصر طلب التعديلات لرفع الحصانات بقضية المرفأ علما بأنه يجب رفع الحصانات والامتيازات بالكامل إلا تلك المرتبطة بتعبير النائب عن آرائه ومواقفه». أما الملاحظة الثانية فهي «مرتبطة بكون التعديل الدستوري غير سهل على الإطلاق ويتطلب وقتا طويلا قد يكون المحقق العدلي خلاله أنهى إعداد قراره الظني ما يفرغ الاقتراح من مضمونه». أما الملاحظة الثالثة فمرتبطة بـ«وجود حكومة تصريف أعمال لا تجتمع فهل تستجيب لطلب إعداد مشروع قانون؟!».
ويشدد بارود على وجوب التوجه فورا للتصويت على طلب المحقق العدلي برفع الحصانات عن النواب الذين حددهم، والعمل بالموازاة على رفع الحصانات عن الجميع، وعدم حصر الموضوع بجريمة المرفأ.
وفيما يبدو البعض متريثا في التعليق على اقتراح الحريري بانتظار التدقيق بمضونه قانونيا ودستوريا، يؤكد عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب ياسين جابر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه مع رفع الحصانات عن الجميع بقضية انفجار المرفأ واصفا مبادرة الحريري بـ«الجيدة والمنطقية إذا كانت قابلة للتطبيق دستوريا خاصة أن تعديل الدستور يتطلب أكثرية الثلثين».
أما عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب بلال عبد الله فيصف خطوة الحريري بـ«الممتازة»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنها «تعبر عن الموقف الذي عبرنا عنه منذ شهرين لجهة مطالبتنا برفع الحصانات عن الجميع وليس فقط عن النواب الثلاثة الذين طلب القاضي البيطار رفع الحصانات عنهم».
ويشير عبد الله في الوقت عينه إلى أن اقتراح الحريري كما ورد «لن يكون سهل التطبيق خاصة أنه لا يمكن تبيان ما إذا كانت الظروف مناسبة لتعديل الدستور، وهو نقاش يفترض أن يحصل تحت قبة البرلمان لكن وبكل الأحوال سواء تم السير به أم لا فهو يشكل غطاء للتحقيق والمحقق».
من جهتها، تشدد مصادر «التيار الوطني الحر» على وجوب «رفع الحصانات بالمطلق على أن يستمر المسار القانوني الحالي في جريمة المرفأ عبر المحقق العدلي خاصة أن اقتراح الحريري يتطلب تعديلا دستوريا، وبانتظار هذا التعديل يفترض استمرار عمل المحقق العدلي». وتلفت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن وفدا من «الوطني الحر» سيلتقي وفدا من «المستقبل» اليوم للاطلاع أكثر على مضمون الاقتراح لاتخاذ موقف منه. وكان النائب عن «الوطني الحر» آلان عون، اعتبر أنه بعدما «أرسل القاضي البيطار جوابه إلى المجلس النيابي ولم يتضمن أي إضافة إلى الملف كما طلب بعض الزملاء، من الضروري الدعوة لجلسة للهيئة العامة للمجلس سريعاً لحسم الموضوع والتصويت على رفع الحصانات».
وللمفارقة ينسجم موقف «الوطني الحر» إلى حد كبير مع موقف حزب «القوات»، إذ تشدد مصادره على وجوب رفع الحصانات عن الجميع بما يساهم بكشف الحقيقة، وتعتبر أن الأولوية لتحقيق العدالة بأسرع وقت ممكن ولا يتم ذلك إلا بالاستجابة لطلب المحقق العدلي برفع حصانات معينة من خلال عقد جلسة فورا للهيئة العامة لتلبية طلبه. وترى المصادر «وجوب النظر برفع الحصانات عن الجميع بالتوازي مع استمرار المسار الحالي لأن المسار الآخر دستوري طويل ومعقد ويتطلب شهورا».
وفي وقت لاحق، وفي تغريدة له على موقع «تويتر» اعتبر رئيس حزب «القوات» سمير جعجع أنه «ما دام أن موضوع رفع الحصانات أصبح «على الموضة» بعد أن كنا قد نادينا به بصوت عالٍ فترة طويلة، ندعو جميع الذين يطالبون برفع كل الحصانات إلى البدء بما هو عاجل وضروري وهو الطلب من رئيس مجلس النواب نبيه بري عقد جلسة عاجلة لرفع الحصانات عن كل الذين طلب قاضي التحقيق في جريمة المرفأ برفعها عنهم»، مضيفا «لا حجة لأحد برفض دعوة الهيئة العامة وتلبية طلبات المحقق العدلي برفع الحصانات في جريمة المرفأ، وتغطية رفضه بانتظار تحقيق المطلب الأبعد».
وكان الحريري خرج باقتراحه هذا للرد على الحملة على كتلة «المستقبل» وكتل «حزب الله» و«أمل» الذين وقع عدد من نوابهم على عريضة ترفض محاكمة النواب أمام القضاء العدلي في قضية المرفأ وتُطالب بمحاكمتهم أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الوزراء والرؤساء. وهي عريضة بدورها أتت ردا على طلب المحقق العدلي القاضي طارق البيطار من البرلمان رفع الحصانة عن ثلاثة نواب وهم وزراء سابقون، «تمهيداً للادعاء عليهم والشروع بملاحقتهم» بـ«جناية القصد الاحتمالي لجريمة القتل» إضافة «إلى جنحة الإهمال والتقصير» لأنهم كانوا على دراية بوجود نيترات الأمونيوم، «ولم يتخذوا إجراءات تجنب البلد خطر الانفجار».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».