السودان يرهن عودته لمفاوضات سد النهضة بـ«تغيير منهجية التفاوض»

وصف المفاوضات بقيادة الاتحاد الأفريقي الحالية «مجرد شراء للوقت»

السودان يرهن عودته لمفاوضات سد النهضة بـ«تغيير منهجية التفاوض»
TT

السودان يرهن عودته لمفاوضات سد النهضة بـ«تغيير منهجية التفاوض»

السودان يرهن عودته لمفاوضات سد النهضة بـ«تغيير منهجية التفاوض»

قطع وزير الري السوداني بعدم استعداد بلاده للعودة لمفاوضات سد النهضة بمنهجية التفاوض القديمة، التي يقودها الاتحاد الأفريقي، واعتبرها مجرد «شراء للوقت»، ورهن استفادة بلاده من السد بتوقيع اتفاق قانوني ملزم، جازماً بتحول الفوائد المرتقبة إلى كارثة يتأثر بها أكثر من نصف سكان البلاد، ومنشآتها المائية وسدودها.
وقال الوزير ياسر عباس، في مؤتمر صحافي بالخرطوم، أمس، إن مطالب السودان تتمثل في تغيير منهجية التفاوض الذي يقوده الاتحاد الأفريقي، وتطوير دور المراقبين إلى وسطاء، وإضافة الأمم المتحدة لمراقبين من دول الترويكا (الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، وجنوب أفريقيا) لتصبح وساطة رباعية.
كما جدّد عباس التأكيد على تمسك السودان بمطلبه هذا، بقوله: «إنه نفس الطلب الذي ذهبنا به لمفاوضات كينشاسا في أبريل (نيسان) الماضي، والذي قدمناه لمجلس الأمن، ونحن نصرّ عليه حتى الغد، لأنه يضمن لنا مفاوضات جادة تقود إلى نتائج تحفظ مصالح الجميع».
ورهن عباس مشاركة السودان في أي مفاوضات مقبلة بقبول مقترحه بتطوير مهمة المراقبين إلى وسطاء، وقال بهذا الخصوص إن السودان «غير مستعد للدخول في مفاوضات بنفس المنهجية السابقة، لأنها تعني شراء الوقت». متابعاً: «نتمسك بذلك حتى لا نفاجأ في يوليو (تموز) العام المقبل بإثيوبيا، وهي تضعنا أمام الأمر الواقع للعام الثالث على التوالي».
وجدّد المسؤول السوداني اعترافه بالفوائد الجمة، التي ستعود على بلاده من قيام سد النهضة، بقوله: «لسد النهضة فوائد كثيرة جداً على السودان... لكنها مشروطة بتبادل المعلومات بين سد الروصيرص وسد النهضة، وفق اتفاق قانوني ملزم». وتابع موضحاً أن السودان «يؤمن بفوائد سد النهضة عليه، والممثلة بانتظام الجريان وزيادة التوليد الكهربائي وتقليل الفيضانات والأطماء، لكنها مرتبطة باتفاق يمكننا من تشغيل سد الروصيرص، لأننا لن نستطيع من دونه تحديد نسب التخزين في سدودنا، وهو الأمر الذي يهدد حياة نصف السكان الذين يعيشون على ضفاف النيل الأزرق والنيل الرئيسي».
وجدد عباس التأكيد على موقف حكومته المتمسك بالتفاوض الجاد، كأسلوب وحيد لحل النزاع على سد النهضة، بقوله: «السودان يؤمن تماماً بأن الحل الوحيد لملف سد النهضة يكمن في التفاوض الجاد»، مشيراً إلى أهمية تبادل المعلومات بين سد النهضة وسد الروصيرص، المرتبط بالتشغيل الآمن لسد الروصيرص، وقال بهذا الخصوص: «عندما نقول سد الروصيرص، فإننا نعني أن كل النظام المائي من الخرطوم إلى عطبرة سيتأثر به، وستتأثر به محطات مياه شرب، فتخرج من الخدمة إذا انخفض المنسوب لأقل من 90 مليون متر مكعب».
واستبعد المسؤول السوداني توقيع السودان اتفاقاً ثنائياً مع إثيوبيا، بقوله: «النيل الأزرق نهر دولي، تتشاركه الدول، وأي استخدام من دولة تتأثر به الدولتان الأخريان، لذلك سيكون الاتفاق ثلاثياً»، وأرجع تعثر المفاوضات لعدم وجود إرادة سياسية.
وفي هذا السياق، أعاد التأكيد على تصريحاته السابقة بأن الأطراف الثلاثة اتفقت على 90 في المائة من القضايا الخلافية، بقوله: «هي تقريباً كل المسائل الفنية، ونسبة 10 في المائة التي لم يتم الاتفاق عليها هي مسائل قانونية، تنحصر حول الاتفاق القانوني الملزم، الذي يحدد آليات فض النزاع حال الاختلاف».
كما كشف عباس عن تلقي حكومته لمواقف متضاربة من قبل وزير الري الإثيوبي، وقال إنه بعد أن أرسل خطاباً في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فحواه أن السودان «إذا كان يطلب تبادل البيانات مع إثيوبيا، فإن ذلك يتطلب توقيع اتفاق بين دولتين ذواتي سيادة».
من جانبهما، كشف مهندسا الري اللذان شاركا الوزير المؤتمر الصحافي، أنه كان من المفترض أن تخزن إثيوبيا 13.5 مليار متر مكعب خلال هذا الملء، لكن لأسباب فنية لم تستطع تخزين سوى نحو 4.5 مليار متر مكعب. وأوضحا أن الدراسات التي أجرياها أكدت منذ وقت مبكر أن إثيوبيا لم تكن قادرة فنياً على تخزين حجم المياه الذي أعلنت عنه.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».