الرئيس التونسي: 460 شخصاً نهبوا 4.8 مليار دولار من أموال الشعب

أعفى رئيس التلفزيون الوطني... وحث التجار على خفض أسعار السلع

الرئيس التونسي قيس سعيد (رويترز)
الرئيس التونسي قيس سعيد (رويترز)
TT

الرئيس التونسي: 460 شخصاً نهبوا 4.8 مليار دولار من أموال الشعب

الرئيس التونسي قيس سعيد (رويترز)
الرئيس التونسي قيس سعيد (رويترز)

قال الرئيس التونسي قيس سعيد في تصريحات مصورة، اليوم الأربعاء، إن مئات التونسيين (460 شخصاً) سرقوا 13.5 مليار دينار (4.8 مليار دولار) من المال العام، واقترح عليهم «صلحاً جزائياً» إذا أعادوا تلك الأموال، حسب ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.
وأضاف سعيد خلال اجتماع مع رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية الذي ظهر في تسجيل مصور نشرته الرئاسة إن «الاختيارات الاقتصادية الخاطئة» تسببت في ضغوط مالية كبيرة على تونس، ودعا التجار إلى خفض أسعار السلع وحذّر من التخزين أو المضاربة، وقال إن الانتهاك سيواجه بالقانون. وتابع: «نحن دولة لا نتسول، هناك ضغوطات مالية نتيجة لجملة من الاختيارات الاقتصادية... لماذا أنت تدفع الضرائب والضمان الاجتماعي والآخر لا يدفع الضرائب فضلاً على القروض التي تَحصّل عليها من البنوك ولم يدفعها...؟ يجب أن تعود إلى الشعب التونسي لأنها أمواله».
إلى ذلك، أعلن مكتب الرئيس التونسي أن الرئيس أعفى رئيس التلفزيون الوطني محمد لسعد الداهش من منصبه اليوم الأربعاء وعين بديلا مؤقتا له.
واستخدم سعيد يوم الأحد سلطات الطوارئ للسيطرة على الحكومة وإقالة رئيس الوزراء وتجميد عمل البرلمان.
بدوره، قال القضاء التونسي، اليوم (الأربعاء)، إنه فتح تحقيقاً مع أكبر حزبين في البرلمان، اللذين اتهما الرئيس قيس سعيد بتنفيذ «انقلاب» عندما استخدم صلاحيات استثنائية، يوم الأحد الماضي، وجمد عمل البرلمان.
وأضاف القضاء أن التحقيق بدأ قبل عشرة أيام من اتخاذ الرئيس للخطوات الأخيرة. لكن الأمر سيضيف من الضغوط على الحزبين، وهما «النهضة» و«قلب تونس».
وقال مصدر قضائي لوكالة «رويترز» للأنباء إن القضاء التونسي فتح تحقيقاً بشأن ثلاثة أحزاب سياسية، بينها حزبا «النهضة» و«قلب تونس» للاشتباه في تلقيها أموالاً من الخارج خلال الحملة الانتخابية عام 2019. والحزب الثالث محل التحقيق هو حزب «عيش تونسي».
وتواجه تونس، بعد عقد من ثورة 2011 التي أطلقت شرارة الربيع العربي، أشد اختبار لنظامها الديمقراطي.
ولم يعين الرئيس قيس سعيد بعد رئيساً جديداً للوزراء، منذ أقال الحكومة (الأحد)، ولم يفصح كذلك عن الطريقة التي يعتزم بها التعامل مع الموقف خلال 30 يوماً هي مدة تعليق عمل البرلمان.
ورغم أن حزب «النهضة» دعا (الأحد) أنصاره للنزول للشوارع احتجاجاً على الخطوات التي اتخذها الرئيس، فقد دعا منذ ذلك الحين للهدوء وسعى لحوار وطني للخروج من الأزمة.
ولم تكن هناك مؤشرات تذكر، اليوم (الأربعاء)، على أي توترات سياسية في البلاد إذ لم تخرج أي احتجاجات ولم تقع اضطرابات لكن وجوداً أمنياً أكثر كثافة لوحظ في وسط العاصمة.
وظلت قوات الجيش محيطة بالبرلمان والحكومة ومحطة التلفزيون الرسمية منذ يوم (الأحد).
وأمر الرئيس بالالتزام بحظر مفروض منذ فترة طويلة يمنع تجمع أكثر من ثلاثة أشخاص في الشوارع العامة، لكن لم تكن هناك مؤشرات أيضا على تطبيقه إذ تحرك الناس وتجمعوا بشكل طبيعي.
كما شدد سعيد بعض القيود القائمة أصلا لمكافحة جائحة «كوفيد - 19» منها حظر تجول ليلي وحظر على التنقلات بين المدن.
ولم تندد منظمات المجتمع المدني، التي لعبت دوراً أساسياً في المشهد السياسي منذ ثورة 2011، بخطوات الرئيس، لكنها دعته للإسراع بالإعلان عن خططه وإنهاء فترة الطوارئ خلال شهر.
كما أبلغت حكومات غربية سعيد بأنها تراقب عن كثب التزامه بالحفاظ على سيادة القانون بما يشمل حرية الصحافة واستقلال القضاء.



قانون «الاقتراع المباشر» وانتخابات غوبالاند يشعلان التوتر في الصومال

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في اجتماع رؤساء دول شرق أفريقيا قبل أيام (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في اجتماع رؤساء دول شرق أفريقيا قبل أيام (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

قانون «الاقتراع المباشر» وانتخابات غوبالاند يشعلان التوتر في الصومال

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في اجتماع رؤساء دول شرق أفريقيا قبل أيام (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في اجتماع رؤساء دول شرق أفريقيا قبل أيام (وكالة الأنباء الصومالية)

تحذيرات رسمية من إقليم بونتلاند الصومالي بشأن اقتراب البلاد من «حرب أهلية» مع تصاعد الخلافات بين الحكومة الفيدرالية والولايات بسبب رفض متبادل لقانون الاقتراع المباشر وانتخابات ولاية غوبالاند الجنوبية.

خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، يرون أن تمسك الحكومة الفيدرالية الصومالية بقانون الاقتراع المباشر المرفوض من ولايتي غوبالاند وبونتلاند، وما تلاه من تطورات «سيعمق الخلافات ويشعل التوتر أكثر وينذر في الأفق باحتمال حدوث حرب أهلية في البلاد المثقلة بمواجهة حركة الشباب الإرهابية»، غير مستبعدين إبرام حلول حال تدخل أصدقاء الصومال لإيجاد صيغة تعاون بشأن الحكم والانتخابات.

عناصر من الجيش الصومالي خلال عملية عسكرية في محافظتي شبيلي الوسطى وغلغدود (وكالة الأنباء الصومالية)

وأعرب إلياس عثمان لوغاتور، نائب رئيس ولاية بونتلاند، الثلاثاء، عن دهشته لما وصفه «بمعاداة الحكومة الصومالية لغوبالاند لكونها عقدت الانتخابات الخاصة بها ورفضت التمديد للإدارات الإقليمية»، مشيراً إلى أن «الحكومة الفيدرالية الصومالية تخرق قوانين البلاد وتعرضها لخطر الحرب الأهلية»، وفق ما نقله إعلام صومالي محلي.

ولاية غوبالاند التي تُعد «سلة غذاء» الصومال، وعاصمتها «كسمايو»، الميناء الاستراتيجي، أعادت في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، انتخاب أحمد مدوبي الذي يرأس الإقليم منذ إنشائه عام 2013، ويُعد الأطول بقاءً في كرسي الرئاسة بالمقارنة مع نظرائه في الولايات الإقليمية.

لكن هذا الاقتراع كان محل طعن في شرعيته من الحكومة الصومالية، من قبل أن يبدأ، وفق إعلان رئيس الوزراء حمزة عبده بري، في نوفمبر الماضي، مخالفته قانون الانتخابات الصادر لتنفيذه على كل عموم البلاد.

وتلا انتخاب مدوبي إعلان إقليم غوبالاند تعليق العلاقات والتعاون مع مقديشو، وإصدار محكمة «كسمايو» مذكرة اعتقال بحق الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، متهمة إياه بـ«إشعال حرب أهلية وتقويض الوحدة الوطنية»، وذلك غداة إصدار محكمة بنادر الإقليمية التابعة لمقديشو، مذكرة اعتقال بحق مدوبي، متهمة إياه بـ«انتهاك الدستور الصومالي».

وقبل انتخابات غوبالاند بيومين، صادق مجلسا البرلمان الفيدرالي (الشعب والشيوخ) في جلسة مشتركة، على مشروع قانون الانتخابات الوطنية المَعني بإجراء انتخابات بنظام «الصوت الواحد» في البلاد، وهو القانون الذي يرفضه مدوبي، وآخرون من أبرزهم الرئيس الصومالي الأسبق، شريف شيخ أحمد، الذي صرّح قبل نحو أسبوع بأنه «لا يمكن إجراء انتخابات صوت واحد لشخص واحد، لا تشارك فيها ولايتا بونتلاند وغوبالاند والسياسيون المعارضون، مع عدم وجود أجواء أمنية تسمح بإجراء الانتخابات المذكورة حتى في العاصمة الصومالية».

وفي ضوء التطورات المستمرة بين حكومة الصومال وإقليم غوبالاند، وتحذير بونتلاند، يعتقد خبير الشؤون الأفريقية، محمد تورشين، أن العلاقة «وصلت لمرحلة اللاعودة»، مؤكداً أن تشريع الانتخابات وضع البلاد والأقاليم في «تحدٍّ حقيقي وسيكون عقبة كبيرة نحو مسار سياسي موحد».

ووفق تقدير تورشين، «ستتعمق تلك الخلافات أكثر ويزداد التوتر وقد يدفع أقاليم أخرى لحذو خطى غوبالاند وبونتلاند في رفض التشريع مع تزايد مخاوف الانزلاق في حرب أهلية»، لافتاً إلى أن «بعض الأطراف قد تعزز حدوث تلك الحرب لتعظيم مكسبها في ظل توتر علاقاتها مع الصومال».

وكان مدوبي انسحب من اجتماعات «المجلس الاستشاري الوطني» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي التي ترعاها الحكومة الفيدرالية، ورفض نتائجها التي أقرت العودة لإجراء انتخابات مباشرة موحدة، في سبتمبر (أيلول) 2025، وهو نظام شهدته البلاد وكانت آخر انتخابات مباشرة عام 1968، تلتها انقلابات وحروب أهلية ليبدأ الصومال العمل بنظام الانتخابات غير المباشرة في عام 2000، والتي تعتمد بشكل رئيسي على المحاصصة القبلية، في ولاياته الخمس.

وفي ظل ذلك الرفض، يرى المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن قانون الاقتراع المباشر وانتخابات غوبالاند قد يستمران في «إشعال التوتر في الصومال» بسبب عدة عوامل أولها أن الحكومة الفيدرالية في مقديشو وولايات مثل غوبالاند وبونتلاند لديها رؤى مختلفة حول كيفية إدارة الانتخابات وهذا الاختلاف يمكن أن يؤدي إلى تصعيد التوترات، وثانيها أن استمرار رفض الاقتراع المباشر سيعكس انقساماً عميقاً حول شرعية الحكومة الفيدرالية، «مما يزيد من الاستقطاب».

وباعتقاد بري فإن تصريحات لوغاتور تشير إلى مخاوف حقيقية من أن الأوضاع قد «تتجه نحو صراع أكبر»، متوقعاً أنه «إذا استمرت الأوضاع الحالية دون حل، فستكون هناك تحركات عسكرية محتملة ويمكن أن تتصاعد التوترات إلى مواجهات عسكرية بين القوات الحكومية وقوات الولايات، فضلاً عن حدوث تدخلات خارجية، وقد تؤدي التوترات بين الصومال وإثيوبيا إلى تدخلات تؤجج الصراع».

وتوترت علاقة مقديشو مع أديس أبابا وإقليم أرض الصومال الانفصالي منذ بداية العام، مع عقد إثيوبيا اتفاقاً مبدئياً مع الإقليم، تحصل بموجبه على مَنفذ بحري يتضمّن ميناء تجارياً وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة، لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة.

ورفضت مقديشو تلك الخطوة وعدّتها مساساً بالسيادة، وأدى الاتفاق إلى توتر في منطقة القرن الأفريقي، وتلا إصرار إثيوبيا على موقفها توقيع بروتوكول تعاون عسكري بين القاهرة ومقديشو في أغسطس (آب) الماضي، وإعلان وزير الدفاع الصومالي، عبد القادر محمد نور، في نوفمبر الحالي، استبعاد القوات الإثيوبية من البعثة الأفريقية لحفظ السلام، المقررة بدءاً من 2025 حتى 2029؛ بسبب «انتهاكها الصارخ لسيادة الصومال واستقلاله».

وفي ظل هذا التصعيد، لا يرى تورشين «فرصة لإنهاء خطر حدوث حرب أهلية، إلا بتحرك أصدقاء الصومال في هذه المرحلة لإيجاد صيغة للتعاون بين الحكومة المركزية والأقاليم للتوافق وإدارة المشهد السياسي والحكم».

ويمكن أيضاً بخلاف تحرك أصدقاء الصومال أن يتجنب الصومال الحرب الأهلية والتدخلات الإثيوبية من «خلال حدوث حوار شامل بين الحكومة الفيدرالية والولايات لتجنب الانزلاق نحو الصراع، ويمكن أن يشمل هذا الحوار جميع الأطراف المعنية، مع دعم من المجتمع الدولي للأطراف الصومالية لتسهيل الحوار والوساطة»، وفق المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري.

ويضيف بري لتلك الحلول أيضاً: «الاستثمار في بناء مؤسسات قوية وموثوقة يمكن أن يساعد في تحقيق الاستقرار ومنع النزاعات ومعالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية، التي تؤدي إلى الاستياء، يمكن أن تسهم في الاستقرار».

ورغم تفاؤل بري، في إمكانية أن يجد خلاف غوبالاند والحكومة الصومالية مسار حل فإنه يرى أن «الوضع بات معقداً في ظل التطورات والتلويح بخطر الحرب الأهلية ويتطلب جهوداً متضافرة من جميع الأطراف المعنية لتحقيق السلام والاستقرار في الصومال».