لعقود من الزمان، طُلب من الرياضيين التخلص من مشاعرهم؛ ترك الشك والخوف جانباً، والتركيز على المهمة المطروحة: الفوز والهيمنة. لسنوات، كانت سايمون بايلز من أفضل اللاعبين الذين عرفوا كيفية القيام بذلك. فجأة - بشكل صادم - قررت أنها ليست في المسار الصحيح، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس».
وبعد اتخاذها قرار الانسحاب من منافسات الجمباز في «أولمبياد طوكيو 2020»، أعادت بايلز تعريف مناقشة الصحة العقلية التي كانت تدور في الوسط الرياضي على مدار العام الماضي.
وقال مايكل فيليبس، الحائز 23 ميدالية ذهبية وهو الآن متقاعد، إنه كان منفتحاً منذ فترة طويلة على صراعاته النفسية. وكشف عن أنه فكر في الانتحار بعد «أولمبياد 2012» بينما كان يعاني من الاكتئاب. الآن، أكد أن مشاهدة بايلز وهي تصارع «حطمت قلبي».
وأوضح فيليبس: «تحدث كثير من الناس عن الصحة العقلية على مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية... نحن بشر. لا أحد كامل. لا بأس ألا أكون على ما يرام».
وتنضم بايلز إلى بعض الرياضيين البارزين الآخرين في الفضاء الأولمبي - بأغلبية ساحقة من الإناث - الذين تحدثوا بصراحة عن موضوع كان من المحرمات في الرياضة على ما يبدو منذ البداية.
وانسحبت لاعبة التنس نعومي أوساكا من بطولة فرنسا المفتوحة، ولم تذهب إلى «ويمبلدون» مطلقاً. وبعد خروجها المبكر في طوكيو هذا الأسبوع، اعترفت بأن المنافسات الأولمبية كانت أكثر مما يمكنها تحمله.
وأخذت بايلز الأمور إلى مستوى جديد؛ وهو المستوى الذي يجعل من الممكن التفكير في القيام بما لم يكن من الممكن تصوره قبل 24 ساعة فقط. تراجعت وقامت بتقييم الوضع وأدركت أنه لن يكون من الصحي الاستمرار بالمنافسات.
وقامت اللجنة الأولمبية الدولية، التي تدرك الصعوبات التي يواجهها الرياضيون الشباب، بزيادة مواردها المتعلقة بالصحة العقلية قبل دورة ألعاب طوكيو. ويوجد علماء النفس والأطباء النفسيون في القرية الأولمبية، وأنشأوا خط مساعدة «منتالي فيت» خدمة دعم صحية سرية متاحة قبل وأثناء وبعد 3 أشهر من الألعاب.
ويوفر قرار بايلز العلني فرصة للتعرف على الطرق الصحيحة والخاطئة لدعم شخص ما - سواء أكان لاعباً أولمبياً أم لا - يمر بوقت عصيب عقلياً أو عاطفياً. إليك بعض النصائح من خبراء الصحة العقلية، وفقاً لصحيفة «واشنطن بوست»:
* توفير مساحة آمنة للتحدث والاستماع
قال مارك أوياغي، المدير المشارك لعلم نفس الرياضة والأداء في جامعة دنفر: «تتمثل الخطوة الأولى في توفير المساحة وتقديم دعوة للشخص لاستكشاف ما يجري».
وتابع: «إذا قبل الشخص دعوتك، فاسأله عن حاله... لا تبتعد من الموضوعات التي يحتمل أن تكون حساسة... في كثير من الأحيان لم يقدم أي شخص آخر في حياته فرصة بدء تلك المحادثة».
وقالت تيريزا نغوين، الاختصاصية الاجتماعية المرخصة ومديرة «برنامج الصحة العقلية الأميركية»، إنه من المهم أيضاً معرفة مكان الشخص في عملية اتخاذ القرار بشأن كيفية التعامل مع مشكلة صحته العقلية، والتي يمكن أن توجه بعد ذلك الطريق لتقديم الدعم.
* لا تصر على إعطاء النصائح
يميل العديد من الأشخاص إلى الرغبة في إصلاح الخطأ على الفور. ويقول الخبراء إنه عليك محاربة هذا الإلحاح.
قالت لين بوفكا، كبيرة المديرين في جمعية علم النفس الأميركية: «كلما تمكنت من الاستماع بشكل أكبر وقللت من تقديم المشورة - ما لم يُطلب منك صراحة تقديمها - كان ذلك أفضل... يجب أن تتيح الفرصة للشخص ليخبرك بما يجري بأكبر قدر ممكن من عدم إصدار الأحكام».
* الاعتراف بالمشاعر
عندما يمر شخص ما بوقت عصيب، من المفيد معرفة أن الآخرين يفهمون ويتقبلون نضاله. قال الخبراء إنه علينا الاعتراف بمشاعرهم والتحقق من صحتها، وإذا اتخذوا قراراً بشأن خطوتهم التالية - للتراجع عن موقف صعب، على سبيل المثال - فعلينا تشجيع هذا الخيار.
* محاولة الدعم
ضع في حسبانك أن احتياجات الناس مختلفة. وفي حين أن شخصاً ما قد يرغب في الطمأنينة والتأكيد على أنه اتخذ القرار الصحيح، فإن هذا النهج قد لا يكون مفيداً لشخص آخر.
وقال الخبراء إنه من المهم أن تسأل شخصاً ما كيف يمكنك أن تكون أكثر فائدة له، مما سيساعدك بعد ذلك على معرفة الأشياء الصحيحة لتقولها وتفعلها.
وحاول أن تكون إيجابياً دون «تجاوز أو التغاضي عن الألم والمعاناة».
* احترام الخصوصية
قد يسألك الآخرون عن سبب تخصيص شخص ما بعض الوقت للعناية بصحته العقلية.
وعليك التأكد من سؤال هذا الشخص عن مقدار المعلومات المتعلقة بوضعه التي يمكنك مشاركتها. وأشارت نغوين إلى أنه إذا لم يكن لديك إذن؛ «فمن الأفضل أن تفترض أنه يجب عدم مشاركة أي شيء خاص حول حياة الآخرين».