توزيع الحقائب قبل الأسماء من أولويات الرئيس المكلف

«حزب الله» يتمايز عن باسيل وتبقى العبرة في تأليف الحكومة

TT

توزيع الحقائب قبل الأسماء من أولويات الرئيس المكلف

يدخل لبنان مع تكليف الرئيس نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة في مرحلة سياسية جديدة مدعوماً، كما يقول، بضمانات خارجية لإخراجه من أزمته تتوقف على مدى استعداد رئيس الجمهورية ميشال عون لتقديم التسهيلات للإسراع بتشكيلها وهذا يحتّم عليه تجاوزه لعناده ومكابرته التي كانت وراء اضطرار الرئيس سعد الحريري للاعتذار عن عدم تشكيلها استجابة لطلب وريثه السياسي رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الذي أقفل الأبواب في وجه تشكيلها.
فالرئيس ميقاتي يبدي مرونة وانفتاحاً للتعاون مع عون، وتؤكد مصادر مقربة من رؤساء الحكومات السابقين أن الكرة الآن في مرمى رئيس الجمهورية لما لديها من مخاوف - كما تقول لـ«الشرق الأوسط» - من أن ينتهي لبنان قبل أن ينهي عون ولايته الرئاسية انطلاقاً من تقديرها بأنه دفع ثمن الاهتراء الذي أصاب «عهده القوي» ولم يعد له من هموم سوى إنقاذ باسيل.
وبكلام آخر، فإن ضيق الوقت لم يعد يسمح لعون الإمعان في هدر الفرص بعد أن قرر المجتمع الدولي أن يعيد النظر في أولويات جدول أعماله حيال لبنان لجهة خروجه من الإرباك الذي أوقعت باريس نفسها فيه عندما ساوت بين من يسهّل تشكيل الحكومة وبين من يعطّلها ووضعت الفريقين في سلة واحدة.
وفي هذا السياق، تلفت المصادر نفسها إلى أن الضمانات الخارجية التي تحدث عنها ميقاتي لإخراج لبنان من أزمته تبقى عالقة على ما سينتهي إليه مشوار تأليف الحكومة الذي انطلق أمس بين عون وميقاتي الذي وضع آلية للتشاور تقوم أولاً على الاتفاق على مبدأ توزيع الحقائب الوزارية على الطوائف، يليها التفاهم على إسقاط أسماء الوزراء على هذه الحقائب على قاعدة عدم الإخلال بتوزيع الحقائب السيادية والإبقاء عليها بالصيغة المعمول بها في الحكومات السابقة.
وتؤكد أن ميقاتي ليس في وارد إعطاء الأولوية للاتفاق على الأسماء لقطع الطريق على إقحام نفسه في دوامة الخلاف على أسماء الوزراء قبل الاتفاق على الإطار العام لتوزيع الحقائب على الطوائف بما يحقق التوازن والمناصفة في توزيعها، وتقول إن البيان الصادر عن رؤساء الحكومات الذين سمّوا ميقاتي لتشكيل الحكومة لا يهدف إلى تطويقه أو شل قدرته على التعاطي بمرونة وانفتاح لإنضاج تشكيلة وزارية وازنة بمقدار ما أن الرؤساء يتمسكون بالثوابت السياسية في مواجهة المحاولات الرامية إلى تعديل الدستور بالممارسة.
وتضيف أن رؤساء الحكومات في بيانهم أقاموا الخطوط الدفاعية لقطع الطريق على من يخطط للإطاحة باتفاق الطائف في ظل ارتفاع منسوب الدعوات للفيدرالية واللامركزية الإدارية الموسّعة التي هي الوجه الآخر لتقسيم لبنان، وتؤكد أنهم أجمعوا على كل ما ورد في البيان الذي لا بد من صدوره في هذا الوقت، وتسأل هل كان باسيل مضطراً للمطالبة مجدداً بتعديل الدستور لجهة تحديد مهلة زمنية لرئيس الجمهورية لإجراء الاستشارات النيابية المُلزمة لتسمية من يشكّل الحكومة وأخرى للرئيس المكلف لتشكيلها.
وترى أن مطالبته لن ترى النور، خصوصاً في ظل وجود الرئيس ميشال عون الذي كان ولا يزال وراء افتعال العراقيل والعقبات التي دفعت بالحريري ومن قبله السفير مصطفى أديب للاعتذار على أمل ألا تنسحب على ميقاتي الذي يخوض معركة الفرصة الأخيرة لوقف الانهيار.
وتدعو المصادر نفسها إلى عدم الرهان على أن ميقاتي سيدخل في خلاف مع زملائه في نادي رؤساء الحكومات، وتعزو السبب إلى إصراره على أن يكون البيان الصادر عنهم بمثابة الإطار السياسي لتسهيل ولادة الحكومة، وتسأل ما إذا كان الودّ الذي أظهره عون حيال ميقاتي سيترجم إلى خطوات ملموسة أم أنه سيبقى حبراً على ورق، مع أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري نوّه في لقائه برئيس الجمهورية بموقفه الذي صدر عنه أخيراً وتمنّى عليه تطويره بالتعاون مع ميقاتي للإسراع بتشكيل الحكومة، وإن كانت العبرة كما قال تبقى في التأليف، علماً بأن عون حاول خلال الاستشارات ولو متأخراً تمرير رسالة بأنه كان يرغب بالتعاون مع الحريري لكنه لا يعرف طبيعة الظروف السياسية التي دفعته للاعتذار.
لذلك فإن امتناع ثلاث كتل نيابية مسيحية عن تسمية ميقاتي يمكن أن يتفاعل سياسياً إذا أراد «التيار الوطني» ركوب موجة الإخلال بالميثاقية وصولاً إلى تطييف عملية التأليف للضغط على الرئيس المكلف للتسليم ببعض شروطه، رغم أنه يدرك سلفاً بأنه سيصطدم بحائط مسدود لعدم قدرته على تجييش الشارع المسيحي ضد من يمتهن تدوير الزوايا.
إلا أن اللافت كان في امتناع حزب «الطاشناق» عن تسمية ميقاتي بخلاف تسميته للحريري، وهذا ما طرح مجموعة من الأسئلة لتسليط الضوء على الخفايا السياسية التي أملت عليه امتناعه ومنها حرصه على التناغم مع «التيار الوطني» والإبقاء على علاقته مع الحريري لما يتمتع به من حضور انتخابي في الدوائر التي يترشح فيها الحزب وتحديداً في بيروت الأولى وزحلة، وبالتالي يمكنه أن يسوّي لاحقاً علاقته بميقاتي. كما أن «الطاشناق» بامتناعه يريد تمرير رسالة إلى «الحراك المدني» يتطلع من خلالها إلى مغازلته بذريعة عدم تسميته لميقاتي، لذلك فإن لامتناعه اعتبارات انتخابية وشعبوية وسياسية.
أما تسمية «حزب الله» لميقاتي فلم تكن مفاجئة، وكان سمّاه عندما كُلّف بتشكيل الحكومة عام 2011 وأراد هذه المرة الحصول على براءة ذمّة بعدم تعطيل تشكيلها في محاولة للتمايز عن حليفه باسيل من جهة ولتمرير رسالة إلى باريس في هذا الخصوص أراد أن يستبق موقفه باستقبال رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد للوفد البرلماني الفرنسي.
وعليه، فإن تسمية الحزب لميقاتي تطرح مدى استعداده لتطوير موقفه باتجاه تسريع ولادة الحكومة في حال أن باسيل لم يبدّل موقفه بذريعة أن ميقاتي هو «الوجه السياسي» لرؤساء الحكومات. ويبقى السؤال عن مصير الضمانات السياسية التي يراهن عليها ميقاتي، وهل تُترجم في تشكيل الحكومة في حال أن عون وباسيل لم يقررا الخروج من دائرة التعطيل التي كانت وراء اعتذار الحريري؟



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.