المستجدات الحكومية تغذي التلاعب بسعر الليرة في «السوق السوداء»

5 ملايين دولار تقلب اتجاهات التعاملات «غير المنطقية»

TT

المستجدات الحكومية تغذي التلاعب بسعر الليرة في «السوق السوداء»

شهد سعر صرف الدولار الأميركي في السوق السوداء اللبنانية أمس (الاثنين) تقلبات حادة، إذ بدأ نهاره مكملا الاتجاه نحو الانخفاض الحاد من أكثر من 23 ألف ليرة للدولار إلى نحو 16500 ليرة، قبل أن يعود للارتفاع في ساعات ما بعد الظهر من دون الاستناد إلى متغيرات تتسم بالجدية والوضوح تؤثر في حركتي العرض والطلب، باستثناء ما يتصل بالعوامل النفسية الظرفية والمؤقتة، ومن ضمنها الاستشارات النيابية لتكليف رئيس جديد للحكومة.
وبدا، بحسب الخبراء والمتابعين، أن المبالغة باستثمار عوامل سياسية مستجدة على مسار الملف الحكومي تتكرر بشكل متعمد في الغالب، بدليل ارتفاع الدولار من 19 ألفاً إلى 23 ألف ليرة خلال ساعات بعد اعتذار الرئيس سعد الحريري عن مهمة التأليف قبل أيام، لتنقلب الأمور بالوتيرة عينها بالتراجع من الحد الأعلى إلى ما دون 17 ألف ليرة للدولار الواحد أمس، بالتزامن مع الاستشارات الملزمة بشأن تسمية نجيب ميقاتي رئيسا مكلفا لتأليف الحكومة الجديدة.
وتعود نسب التغير الحاد في سعر صرف الليرة هبوطا وصعودا من يوم إلى يوم، بنسبة تتعدى الـ20 في المائة، على العاملين في قطاع المبادلات النقدية بأرباح خيالية للمحترفين، وذلك على حساب المستهلكين الذين يسارعون إلى الانخراط في موجة المبادلات من دون امتلاك وسائل التحقق من الأسباب المحفزة للتقلبات غير العادية، علما بأن المستجدات السياسية الداخلية لا تزال، بحسب المراقبين، مُحاطة بالشكوك بشأن فاعليتها ومجراها ونتائجها.
ويجمع رؤساء غرف قطع في عدد من المصارف تواصلت معهم «الشرق الأوسط»، على أن التحركات المتناقضة للمبادلات النقدية بين تسجيل تحسن قوي لسعر الليرة ومن ثم فقدانه سريعا خلال ساعات، تعكس فعليا قدرات المضاربين المنسقة في غالب الأحيان على الانفراد بتحديد أسعار التداول وهوامشها. وهو ما يفسر بسهولة طبيعة التقلبات التي واكبت يوم الاستشارات بهبوط سعر الدولار إلى عتبة 16 ألف ليرة، قبل أن يعود للقفز فوق عتبة 18 ألف ليرة، بغياب تام لأي مستجد نفسي أو موضوعي يبرر هذه التحركات وفوارقها.
ويلفت مسؤولو القطع إلى أن المضاربين يعززون دورهم المحوري تباعا كصناع للسوق، وهم يحوزون صفة «اللاعب الأقوى» في تنفيذ المبادلات رغم ضآلة حجم العمليات الذي يبلغ في المتوسط نحو 5 ملايين دولار، وذلك جراء انكفاء دور مصرف لبنان المركزي وتاليا الجهاز المصرفي، بسبب نضوب مبالغ الاحتياط الحر من العملات الصعبة لديه واقتصار دوره على التمويل الجزئي، وهو تمويل غير مضمون استمراره حتى على المدى القصير لاستيراد بعض السلع الحيوية.
ويؤكد مسؤول مصرفي أن اصطناع إيجابيات عبر وقائع غير مؤكدة، يوقع في حصيلتها الكثير من المدخرين بمعزل عن حجم مبالغهم، لصالح المضاربين الذين يجنون فوارق التسعير صعودا وهبوطا. وأصبح من الضروري، في ظل هذه المعطيات الشائكة، أن تستعيد السلطة النقدية بعضا من هيبتها ودورها في أسواق النقد، عوض الاكتفاء بمواكبة عمليات مبادلة محدودة الحجم والتأثير أسبوعيا، عبر المنصة التي يديرها البنك المركزي، وآخرها الأسبوع الماضي، حيث تم تنفيذ عمليات بقيمة 3 ملايين دولار فقط بسعر 17.5 ألف ليرة، علما بأن تسعير المنصة انطلق أساسا من مستوى 12 ألف ليرة.
ويشير المصرفي إلى أن التعثر الداخلي المشهود في مقاربة الاستحقاقات الدستورية والسياسية، هو العامل الرئيسي في تغذية الفوضى النقدية القائمة خصوصا على تحكم التطبيقات الهاتفية بالمبادلات النقدية خارج منظومة البنك المركزي، ومن خلالها بكامل عمليات التسعير في أسواق الاستهلاك، حيث تتراكم الأكلاف المرتفعة على الاقتصاد ومعيشة السكان. وما من تصويب لهذا الانحراف ومخاطره المتمادية، سوى باستعادة الثقة الداخلية والخارجية عبر الاستجابة لموجب تشكيل حكومة جديدة بأسرع وقت تلتزم الشروط الإصلاحية الهيكلية للقطاعات المالية والمصرفية والمؤسسات الحكومية، عبر مسار متكامل لإعادة تكوين السلطات وتمكينها من المشاركة في إقرار خطة إنقاذ تحظى بموافقة صندوق النقد الدولي، بوصفه الشريك الإلزامي لوقف مسلسل الانهيار والضامن لترجمة الوعود الدولية بتقديم القروض والمعونات المالية والإنسانية.



بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
TT

بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)

أكد رئيس مجلس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك تطلع حكومته للتفاعل الإيجابي مع التكتل السياسي الحزبي الجديد للقوى اليمنية الذي أُشهر من العاصمة المؤقتة عدن، وقال إن الحرب الحوثية الاقتصادية باتت أشد أثراً على معيشة اليمنيين من الصراع العسكري.

وكانت الأحزاب والقوى اليمنية قد أشهرت، الثلاثاء، تكتلاً حزبياً واسعاً في عدن هدفه العريض استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي والحفاظ على الجمهورية وفق دولة اتحادية.

بن مبارك تعهد بالاستمرار في مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في حكومته (سبأ)

وقال بن مبارك: «ننظر لهذا التكتل على أنه صوت جديد، ورؤية متجددة، وأداة للتغيير البناء وجهد بارز في السياق الوطني يضاف للجهود التي تسعى لرص الصفوف وتهيئة السبل لإنقاذ اليمن من براثن ميليشيا الحوثي».

وأضاف أن حكومته «تتطلع وبانفتاح كامل للتفاعل إيجابياً» مع هذا التكتل الحزبي وبما يقود لتوحيد الجهود لاستكمال استعادة الدولة وهزيمة الانقلاب وتحقيق السلام.

وشدد رئيس الوزراء اليمني على ضرورة تكاتف الجهود في إطار رؤية وطنية شاملة تهدف إلى تحقيق الاستقرار، وتعزيز السيادة، وبناء يمن اتحادي موحد وقوي، وقال: «ندرك جميعاً التحديات، ونعلم أن الطريق لن يكون سهلاً، ولكن بإيماننا العميق بقضيتنا وبإرادة أبناء شعبنا، يمكننا أن نصنع الفارق».

حرب الاقتصاد

استعرض رئيس الحكومة اليمنية الحرب الاقتصادية الحوثية وقال إن آثارها التدميرية «تتجاوز الآثار الناتجة عن الصراع العسكري»، مشيراً إلى أنها أضرت بحياة المواطنين وسبل عيشهم، واستنزفت موارد البلاد، وتسببت بارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وانهيار الخدمات الأساسية.

ورأى بن مبارك أن ذلك «يتطلب توحيد الصفوف ودعم مؤسسات الدولة، لمواجهة هذه الحرب الاقتصادية وحماية الاقتصاد الوطني والتخفيف عن المواطنين الذين يتحملون أعباء كبيرة».

جانب من حفل إشهار التكتل الجديد للقوى والأحزاب اليمنية (سبأ)

وقال: «الحرب الاقتصادية المستمرة التي تشنها ميليشيات الحوثي، إلى جانب استهدافها المنشآت النفطية، أثرت بشكل كبير على استقرار الاقتصاد اليمني وأسهمت في التدهور السريع لسعر صرف العملة الوطنية، وتقويض قدرة الحكومة على الحفاظ على استقرار العملة، ونتيجة لذلك، واجه الريال اليمني انخفاضاً كبيراً في قيمته، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتفاقم الأزمة الإنسانية التي يعاني منها الملايين في جميع أنحاء البلاد».

وأكد بن مبارك أن إعادة تصدير النفط ورفد الخزينة العامة بالعملة الصعبة حق من حقوق الشعب يجب العمل على انتزاعه وعدم السماح للحوثيين باستمرار عرقلة الاستفادة من هذا المورد الذي يعد العصب الرئيسي للاقتصاد الوطني.

وأوضح أن حكومته تمضي «بكل جدية وتصميم» لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة في جميع مؤسسات الدولة، وإرساء ثقافة النزاهة واحترام القانون، وأنها ستقوم باتخاذ خطوات عملية لتقوية الأجهزة الرقابية وتفعيل آليات المحاسبة.

تكتل واسع

كانت القوى اليمنية قد أشهرت من عدن «التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية» عقب سلسلة لقاءات تشاورية، توصلت إلى إعلان التكتل الجديد الذي يضم نحو 22 حزباً ومكوناً سياسياً وإقرار لائحته التنظيمية.

وتم التوافق على أن تكون رئاسة التكتل في دورته الأولى لحزب «المؤتمر الشعبي»، حيث سمى الحزب أحمد عبيد بن دغر رئيساً للمجلس الأعلى للتكتل في هذه الدورة.

وبحسب بيان الإشهار، يلتزم التكتل بالدستور والقوانين النافذة، والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة، والعدالة والمواطنة المتساوية، إضافة إلى التوافق والشراكة والشفافية والتسامح.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك مع رئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر (سبأ)

كما يضع التكتل برنامجاً سياسياً لتحقيق عدد من الأهداف؛ بينها استعادة الدولة وتوحيد القوى الوطنية لمواجهة التمرد وإنهاء الانقلاب وحل القضية الجنوبية بوصفها قضية رئيسية ومفتاحاً لمعالجة القضايا الوطنية، ووضع إطار خاص لها في الحل السياسي النهائي، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام.

ويؤكد برنامج عمل التكتل على دعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على التراب الوطني كافة، ومساندة الحكومة في برنامجها الاقتصادي لتقديم الخدمات ورفع المعاناة عن كاهل المواطنين، وعودة جميع مؤسسات الدولة للعمل من العاصمة المؤقتة عدن.

وأكد بيان الإشهار أن هذا التكتل باعثه الأساسي هو تعزيز الاصطفاف الوطني من أجل إنهاء انقلاب الحوثيين واستعادة الدولة، وأنه ليس موجهاً ضد أحد من شركاء العمل السياسي.