وقود مقابل خدمات وسلع... صفقة تبادلية بين بغداد وبيروت

يحصل لبنان بموجب الاتفاق على مليون طن من زيت الوقود العراقي الثقيل

رئيس الوزراء العراقي مشرفاً على توقيع وزير الطاقة اللبناني ووزير المال العراقي على اتفاق توريد النفط لصالح كهرباء لبنان (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء العراقي مشرفاً على توقيع وزير الطاقة اللبناني ووزير المال العراقي على اتفاق توريد النفط لصالح كهرباء لبنان (أ.ف.ب)
TT

وقود مقابل خدمات وسلع... صفقة تبادلية بين بغداد وبيروت

رئيس الوزراء العراقي مشرفاً على توقيع وزير الطاقة اللبناني ووزير المال العراقي على اتفاق توريد النفط لصالح كهرباء لبنان (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء العراقي مشرفاً على توقيع وزير الطاقة اللبناني ووزير المال العراقي على اتفاق توريد النفط لصالح كهرباء لبنان (أ.ف.ب)

وقّع العراق ولبنان أمس (السبت) في بغداد، اتفاقاً لتبادل الطاقة، يمنح العراق بموجبه لبنان، الذي يمرّ بأسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، مادة زيت الوقود الثقيل، مقابل «خدمات وسلع»، كما جاء في بيان لرئاسة الوزراء العراقية.
وأوضح البيان أن لبنان سيتلقى بموجب الاتفاق مليون طن من زيت الوقود العراقي الثقيل.
ويواجه لبنان انهياراً اقتصادياً يهدد استقراره، ولديه احتياطات من العملة الأجنبية تكاد تنفد، كما يواجه نقصاً متزايداً في الوقود والأدوية والسلع الأساسية الأخرى. ويواجه معظم اللبنانيين انقطاع التيار الكهربائي لعدة ساعات في اليوم.
وخلال مؤتمر صحافي، في مطار بيروت لدى عودته السبت من العراق، قال وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية ريمون غجر، إن آلية هذا الاتفاق «معقدة»، موضحاً أن الاتفاق يسمح بـ«شراء مليون طن من الفيول (الوقود) الثقيل من دولة العراق لصالح مؤسسة كهرباء لبنان»، مقابل «خدمات استشارية واستشفائية».
وقال غجر إن الوقود سيُستخدم لتوليد الكهرباء وسيكون كافياً لمدة أربعة أشهر. وأضاف أن قيمته تتراوح بين 300 و400 مليون دولار.
لكن زيت الوقود الثقيل غير صالح للاستعمال مباشرة في معامل الطاقة اللبنانية، ولذلك ستلجأ السلطات اللبنانية إلى التزود بنوع آخر من الوقود من مزودين آخرين، يكون أكثر توافقاً مع المعامل اللبنانية. وأوضح غجر أنه لن يتم الدفع لهؤلاء المزودين بالعملة الصعبة، بل سيجري إعطاؤهم زيت الوقود العراقي في المقابل.
وأضاف: «نحن لسنا أول من يلجأ لذلك التبادل، هناك شركات كثيرة ودول كثيرة تقوم بمثل هذا النوع من عمليات الاستبدال».
وأوضح الوزير أن تلك الكمية تغطي ثلث حاجات مؤسسة كهرباء لبنان من الوقود لفترة معينة، آملاً أن تكون كافية لتغطية «فترة الصيف»، ومضيفاً: «يمكننا أن نعطي خلال فترة أربعة أشهر نحو تسع ساعات أو عشر ساعات من الكهرباء (يومياً) كحدّ أقصى».
وفي أبريل (نيسان) الماضي، وقع البلدان اتفاقاً أولياً ينص على تأمين بغداد النفط للبنان مقابل تقديم لبنان الدعم في مجال الخدمات الطبية والاستشفائية، لا سيما عبر إرسال خبراء لبنانيين وفرق طبية متخصصة للمساعدة في إدارة منشآت طبية جديدة في العراق.
ويعدّ الاتفاق الذي وقّع السبت، حيوياً بالنسبة للبنان الذي يعيش أسوأ أزمة طاقة في تاريخه. فمنذ أكثر من شهر، توقفت محطاته الكهربائية عن العمل في شكل شبه كامل، ما جعل مدة انقطاع الكهرباء تصل إلى 22 ساعة يومياً بسبب الشحّ في الفيول الضروري لتشغيل معامل إنتاج الكهرباء وفي المازوت المستخدم لتشغيل المولدات الخاصة، مع نضوب احتياطي الدولار لدى مصرف لبنان وتأخره في فتح اعتمادات للاستيراد.
أما العراق، وعلى الرغم من أنه ثاني منتج للنفط في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، فإنه يستورد نحو ثلث حاجته من الغاز والطاقة من جارته إيران، لأن قطاع الطاقة فيه متهالك جراء عقود من النزاعات والفساد والإهمال. وغرقت البلاد في الظلمة الشهر الماضي، بعدما أوقفت إيران تزويدها بالطاقة، لأن وزارة الكهرباء العراقية لم تسدّد لها مستحقات تفوق ستة مليارات دولار، بحسب طهران. وعلى غرار اللبنانيين، يعتمد عدد كبير من العراقيين على مولدات الكهرباء.
في المقابل، لطالما اعتبر لبنان «مستشفى العالم العربي»، نظراً لخدماته الاستشفائية المتطورة في القطاع الخاص وكفاءة أطبائه الذين تخرج معظمهم من أوروبا والولايات المتحدة.
لكن القطاع الصحي اللبناني تراجع وغادر مئات الأطباء البلاد على وقع الأزمة العميقة، فيما باتت المستشفيات اللبنانية تفتقر إلى المستلزمات الضرورية لوقف موجات أخرى من وباء «كوفيد - 19»، كما حذر مدير أحد أكبر المستشفيات الحكومية في لبنان السبت.
وقالت المستشفيات هذا الأسبوع إن مولداتها معرضة لخطر نفاد الوقود، ما يعرض مرضى الحالات الحرجة للخطر. ويعتمد كثير من اللبنانيين على المولدات الخاصة التي تستخدم المازوت الذي يشهد أيضاً نقصاً في المعروض.
في غضون ذلك، قال وزير الثقافة والمتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية حسن ناظم، إن الحكومة وافقت في جلسة عقدتها أمس، على قيام وزارة النفط بالتعاقد مع شركة «توتال» الفرنسية لتنفيذ 4 مشاريع كبرى في العراق.
ونقل تلفزيون «العراقية» الرسمي عن ناظم قوله إن المشاريع الكبرى تتمثل في جمع وتكرير 600 مليون قدم مكعب من الغاز في حقل ارطاوي النفطي جنوب البلاد وتنفيذ مشروع حقن الماء العملاق.
وأضاف ناظم أن الشركة الفرنسية ستنفذ أيضاً محطة لإنتاج الطاقة الكهربائية بالطاقة الشمسية بطاقة ألف ميغاواط. واختتم ناظم تصريحاته قائلاً إن الحكومة وافقت أيضاً على مساهمة وزارة المالية في صندوق منظمة «أوبك»، للتنمية الدولية.



شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.